في أحدث تقرير له عن الضحايا المدنيين، قال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق إنه بعد مراجعة "المعلومات المتوفرة" لا توجد أدلة كافية على تضرر مدنيين بسبب غارة جوية نفذها في أبريل/نيسان 2017 على حي السكك في الموصل. لكن "هيومن رايتس ووتش" سبق أن وثقت أن الضربة قتلت 13 مدنيا.
تساءلتُ ما هي "المعلومات المتاحة" التي استُعرضت. كتبتُ نيابة عن هيومن رايتس ووتش إلى المكتب الإعلامي في التحالف، فطرحتُ السؤال، وعرضتُ تقديم المعلومات التي بحوزتنا – معلومات الاتصال بشاهد عيان على الضربة، وهو رجل كان يعرف الضحايا شخصيا، وأسماء 13 مدنيا قال لنا إنهم قُتلوا.
رد متحدث باسم التحالف عبر البريد الإلكتروني، دون أن يجيب على عرضنا للمعلومات، مدعيا أنهم نظروا في "جميع الأدلة المتاحة بشكل معقول".
أشارت الرد إلى انتهاكات "داعش" و"النظام المدعوم من روسيا" في سوريا، مضيفا أنه "خلافا لداعش، يعمل التحالف على نطاق واسع للحد من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون على الأرض."
نعم، من الواضح أن التحالف أكثر شفافية. ولكن متى أصبح داعش هو المعيار الذي تستخدمه دول التحالف لقياس أفعالها؟
للأسف، لا يفعل التحالف كل ما في وسعه للتحقيق في الأضرار التي لحقت بالمدنيين في عملياته العسكرية ضد داعش؛ أصبحت هذه التحقيقات أسهل الآن بعد إخراج داعش من الموصل.
الشهر الماضي، خلصت دراسة متعمقة أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن 1 من كل 5 ضربات لقوات التحالف أسفرت عن مقتل مدنيين، وهو 31 ضعفا لما اعترف به التحالف. وجد الصحفيون أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة تخلّف على الدوام عن التحقيق الملائم في المزاعم أو الاحتفاظ بسجلات تمكّن من التحقيق فيها. الأسبوع الماضي، قام مارك غارلاسكو، وهو محلل عسكري ومحقق في جرائم الحرب لدى الأمم المتحدة عمل سابقا في هيومن رايتس ووتش، بإلقاء نظرة أعمق على هذه المسألة. عزا ذلك إلى أن "فريق التحقيق الأمريكي الصغير نادرا ما يتحدث إلى الناس على الأرض". لاحظ أيضا أن الولايات المتحدة لم تعد تعطي الأولوية للتحقيق في الإصابات المدنية، أو توفر الموظفين اللازمين لهذه التحقيقات أو تجريها على نوح ملائم.
لا تتطابق منهجية التحالف للتحقيق في إصابات الغارات الجوية المدنية مع ما تم في العمليات السابقة. لا يكفي القول "نحن أفضل من داعش" أو "أفضل من روسيا". على صناع القرار في دول التحالف أن يأخذوا عدد القتلى المدنيين على محمل الجد، كما كانوا يفعلون في الماضي، توفير الموارد والالتزام بضمان إجراء تحقيقات ذات مغزى، وتعويض المدنيين المتضررين من الضربات غير القانونية على نحو عاجل ومناسب.