(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الهجمات القاتلة على المستشفيات والعاملين بالمجال الصحي حول العالم لا تزال غير خاضعة للتحقيق أو عقاب، بعد عام من دعوة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات.
في 25 مايو/أيار 2017، من المقرر أن يطلع أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن على تنفيذ القرار 2289 الذي يدين الهجمات على المرافق الصحية خلال الحروب وحث الحكومات على العمل ضد المسؤولين عن الإعتداءات. على غوتيريس أن يلتزم بإبلاغ مجلس الأمن بجميع الهجمات المستقبلية على المرافق الصحية بشكل مستمر لا سنوي.
قال برونو أوغارتي، نائب المدير التنفيذي للمناصرة في هيومن رايتس ووتش: "الهجمات على المستشفيات تتحدى أساس قوانين الحرب، ومن غير المحتمل أن تتوقف طالما استطاع المسؤولون عنها أن يفلتوا من العقاب. الهجمات على المستشفيات فعل خبيث، لأن تدمير مستشفى وقتل العاملين بالمجال الصحي فيها يهدد أيضا حياة الذين سيحتاجون إلى رعايتهم في المستقبل".
وجد تقرير صادر عن "ائتلاف صون الصحة في النزاعات"، وهو ائتلاف من المنظمات الغير الحكومية الدولية، نشر في مايو/أيار، أن الهجمات على المرافق الصحية والعاملين بالمجال الصحي ما زالت تحدث بمعدل ينذر بالخطر في 2016.
يحظر القانون الدولي الإنساني، والمعروف أيضا بقوانين الحرب، الهجمات على المرافق الصحية والعاملين بالمجال الصحي. لتقييم تدابير المساءلة المتخذة لمثل هذه الهجمات، استعرضت هيومن رايتس ووتش 25 هجوما كبيرا على المرافق الصحية بين 2013 و2016 في 10 بلدان. وجدت المراجعة أن 20 حادثة لم يتم التحقيق فيها مطلقا وأن التحقيقات في الخمسة الباقية كانت معيبة بشكل خطير.
لم يواجه أي شخص اتهامات جنائية بسبب دوره في أي من هذه الهجمات التي قد تعتبر 16 منها على الأقل جرائم حرب. شملت الهجمات قوات عسكرية أو جماعات مسلحة من إسرائيل، أفغانستان، أوكرانيا، جمهورية أفريقيا الوسطى، جنوب السودان، روسيا، السعودية، السودان، سوريا، العراق، ليبيا، والولايات المتحدة.
على منظومة الأمم المتحدة، في إطار مبادرة "حقوق الإنسان أولا"، جمع معلومات عن جميع الهجمات على المرافق الصحية والضغط على الحكومات للتحقيق فيها بشكل شامل والتوصية بسبل المساءلة.
أدت الحوادث الـ25 التي تمت مراجعتها إلى مقتل أكثر من 200 شخص، من بينهم 41 عاملا بالمجال الصحي، وإصابة 180 آخرين. كما كان للاعتداءات أثر كبير على الخدمات الصحية حيث أغلقت 16 مستشفى جزئيا أو كليا، أو بشكل مؤقت على الأقل.
في الحوادث الـ20 التي لم يتم التحقيق فيها، تجاهلت الحكومات الهجمات ونفت مسؤوليتها، أو اتهمت أطرافا أخرى دون إجراء تحقيق. ادعت السلطات في عدة حالات أنها بدأت تحقيقاتها، ولكنها فشلت في تقديم أي نتائج أو لم تجر أي تحقيق على الإطلاق.
في أحد الأمثلة على ذلك، لم تعترف أي من القوات العراقية أو قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بضربة جوية في أكتوبر/تشرين الأول 2016 أصابت المرفق الصحي الرئيسي في قرية قرب الموصل في العراق، أدت إلى تدمير نصف العيادة وقتل 8 أشخاص، على الرغم من أن القوات نفسها نفذت غارات جوية بالقرب من الموصل في اليوم ذاته.
في حادث آخر في فبراير/شباط 2016، أصابت الغارات الجوية أكبر مستشفيين يخدمان مدينة معرة النعمان في سوريا مما أدى إلى تدمير أحد المستشفيين وقتل 20 شخصا، من بينهم 11 عاملا بالمجال الصحي. إلا أن روسيا وسوريا، وهما الطرفان الأكثر احتمالا أنهما مسؤولان عن الهجومين، نفيا على الفور مسؤوليتهما وادعتا أن قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة نفذت الضربات. نفت السلطات الأميركية هذا الادعاء. لم يحقق أي من الأطراف في الحادث.
5 من الحوادث الـ 25 التي استعرضتها هيومن رايتس ووتش بدت وكأنما تم التحقيق فيها بشكل ما. لكن هيومن رايتس ووتش خلصت إلى أن السلطات المُحققة إما تركت أسئلة حاسمة حول الظروف دون إجابة أو لم تستخلص استنتاجات مناسبة من النتائج التي توصلت إليها.
على سبيل المثال، استنتج فريق عمل تابع للتحالف بقيادة السعودية، تقصى الانتهاكات المحتملة من قبل قواته في اليمن، إلى أن هجوم أغسطس/آب 2016 على مستشفى في مدينة عبس بمحافظة حجة كان "خطأ". لكن لم يحدد الفريق ما إذا كان الهجوم قد انتهك قوانين الحرب.
بعد هجوم الجيش الأميركي في أكتوبر/تشرين الأول 2015 على مركز معالجة الصدمات في قندوز بأفغانستان، الذي أسفر عن مقتل 42 شخصا وإصابة عشرات آخرين، خلص تحقيق أجرته وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن الهجوم انتهك قوانين الحرب ولكنه لم يكن جريمة حرب لأنه لم يتم استهداف المستشفى عمدا. مع ذلك، فإن نتائج التحقيق الأمريكي تشير إلى الاستهتار الجنائي من قبل القوات الأمريكية، والذي يمكن أن يصل إلى حد اعتباره جريمة حرب.
أدّبت وزارة الدفاع 12 عسكريا، بما في ذلك تخفيض رتبة ضابط، واعتذرت علنا عن الهجوم، وأجرت تغييرات على سياساتها لمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
كانت بعض هذه الحوادث في بلدان مزقتها الحروب دون نظم عدالة فعالة. في بلدان مثل جمهورية أفريقيا الوسطى، جنوب السودان وليبيا، لم تجر أي تحقيقات محلية في أي انتهاكات مزعومة لقوانين الحرب.
في بعض الحالات، قامت اللجان التابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في الحوادث التي تعرضت فيها المرافق الصحية للهجوم، ولكن أقصى ما يمكن أن تفعله هو التوصية بحالات للمقاضاة الجنائية.
في كثير من الحالات، يقع الخيار الوحيد الممكن للمساءلة على عاتق آليات العدالة الدولية، كالمحكمة الجنائية الدولية، أو بموجب قوانين الولاية القضائية العالمية في بلدان أخرى. تولت المحكمة الجنائية الدولية حالتين من الهجمات على المرافق الصحية.
قال أوغارتي:"يحتاج مجلس الأمن الدولي إلى بذل المزيد من الجهد لردع الهجمات على المستشفيات. على مجلس الأمن الرد فورا على كل هجوم خطير على المرافق الصحية، ويتضمن ذلك المطالبة بتحقيقات ومساءلة ذات مصداقية".