(بغداد) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") احتلوا مستشفى في الموصل لعامين، وعرّضوا الموظفين والمرضى لخطر هجمات قوات الأمن العراقية، خلال معركة ديسمبر/كانون الأول 2016 لاستعادة السيطرة على الموصل.
سحل مقاتلو داعش 7 جثث لجنود عراقيين في الشوارع بعد معركة حول مستشفى السلام في حي الوحدة. قال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى جثث 3 جنود معلقة في جسر بعد أيام. لم تعد المنطقة تحت سيطرة داعش.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مع تكشّف معركة الموصل، نجد أن داعش يحتلّ المرافق الطبية بشكل ممنهج ويُعرّض المدنيين والموظفين لخطر الهجمات. استعرض مقاتلو داعش انتهاكاتهم في الشوارع بشكل مخز، كما فعلوا مع جثث الجنود."
للمستشفيات وغيرها من المرافق الطبية حماية خاصة، بموجب قوانين الحرب المنطبقة على النزاع المسلح في العراق. على القوات أو الجماعات المسلحة عدم احتلال المرافق الطبية وتقويض وضعها المحمي وتعريض المدنيين والأعيان المدنية للخطر. حتى عند استخدام المرافق الطبية لأغراض عسكرية، فإنها لا يجب أن تكون عرضة للهجوم إلا بعد توجيه إنذار، ووضع مهلة زمنية معقولة، وبعد عدم الاستجابة للتحذير.
بدأت الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، رسميا العمليات العسكرية لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، والتي سيطر عليها مقاتلو داعش في يونيو/حزيران 2014. دخل الجيش في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني أحياء في الجزء الشرقي من المدينة. أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في 24 يناير/كانون الثاني 2017 استعادة شرق الموصل كاملا، بينما بقي النصف الغربي من المدينة تحت سيطرة داعش.
قال موظف في مستشفى السلام في حي الوحدة شرق الموصل إنه عندما سيطر داعش على الموصل، وضع حوالي 10 مقاتلين داخل المستشفى بشكل دائم، وتولى إدارتها.
قال 3 من سكان الحي، منهم عامل في المستشفى، إنه مع وصول جنود "الفرقة التاسعة" إلى مدخل المستشفى في 6 ديسمبر/كانون الأول، استطاع جميع المرضى الفرار. قال 8 سكان في الحي، ومن بينهم العامل، إن القذائف بدأت تستهدف المستشفى. قال عامل المستشفى إنه رأى داعش يحضر نحو 100 مقاتل إضافي. أختبأ بعض موظفي المستشفى وبعض المرضى الذين لم يتمكنوا من الفرار في الطابق السفلي ومكتب إداري، مع احتدام القتال حتى الساعات الأولى من صباح 9 ديسمبر/كانون الأول، عندما انسحبت القوات العراقية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش بعد من التحقق مما إذا أصيب أي مدني في القتال.
قال بعض السكان إنه مع احتدام القتال في 7 ديسمبر/كانون الأول، استخدم مقاتلو داعش مكبر الصوت في المسجد المحلي لدعوة الجيش للاستسلام. قالوا إن مقاتلي داعش استخدموا أيضا مكبر الصوت في المسجد في 9 ديسمبر/كانون الأول، للقول إنه على السكان القدوم إلى المستشفى لـ "رؤية خسائر الجيش العراقي والمرتدين".
قال أحد السكان إنه رأى مقاتلي داعش حوالي الساعة 11 صباح 9 ديسمبر/كانون الأول يقودون شاحنة صغيرة في الشارع الرئيسي المؤدي للمستشفى، تسحل جثث 3 جنود بالزي العسكري من أرجلهم، وعليها ثقوب رصاص لكن دون مؤشرات أخرى على التشويه. جرّت سيارة ثانية 3 آخرين، ودراجة نارية جرّت السابع.
قال أحد السكان: "وقفنا هناك في الشارع، مذعورين وحسب. اعتاد داعش القدوم إلى الحي وإعطاءنا مقاطع فيديو لهذه الإعدامات، ويقول إن علينا مشاهدتها، ولكنا تجاهلنا ولم نفعل ذلك، لأن مشاهدتها أمر فظيع جدا".
قال 5 سكان آخرين إنهم رأوا دراجة نارية تسحب جثة، ولكن ليس السيارتين، إذ أن سائقيهما ذهبا في شوارع مختلفة. قال أحد السكان إنه مع مرور الدراجة النارية قربه، رأى مقاتل من داعش عمره نحو 15 عاما يطلق النار مرتين على الجثة دون أن يصيبها. قال أيضا إنه بعد 4 أيام كان مسافرا عبر حي مجاور، ورأى جثث 3 جنود بالزي الرسمي على رؤوسها ثقوب رصاص، كانت معلقة من الأكتاف على الجسر.
على جميع الأطراف، وفقا لقانون الصراع المسلح، اتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع سلب جثث القتلى. يُعتبر "الاعتداء على الكرامة الشخصية" جريمة حرب، والتي تشمل جثث الموتى.
وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا انتهاكات بسحب جثث مقاتلي داعش في بلدة القيارة وفي مدينة الفلوجة على أيدي أفراد من قوات الأمن العراقية وقوات "الحشد الشعبي" التابعة لقيادة رئيس الوزراء العبادي.
على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما في ذلك عمليات القتل غير القانونية والمعاملة المهينة للجثث من قبل أي طرف في النزاع، بطريقة سريعة وشفافة وفعالة، وصولا إلى أعلى مستويات المسؤولية. يجب محاكمة من تثبت مسؤوليتهم الجنائية بشكل مناسب.
ليست هذه المرة الأولى أيضا التي يتموقع فيها مقاتلو داعش داخل المرافق الطبية في العراق. احتل مقاتلو داعش مستوصفا في بلدة حمام العليل، 30 كم جنوب شرق الموصل، التي تعرضت لغارة جوية دون سابق إنذار في 18 أكتوبر/تشرين الأول، ما أسفر عن مقتل 8 مدنيين على الأقل.
احتل داعش أيضا الطابق الثاني في مستشفى الفلوجة العام لعدة أشهر قبل أن تضرب غارة جوية المستشفى الساعة 10 مساء 25 مايو/أيار، دون سابق إنذار. دمّر الهجوم غرفة الطوارئ وأجزاء أخرى من المنشأة. قال أطباء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان هناك مكاتب أيضا لداعش في مستوصفات في القيارة، 60 كم جنوب الموصل، وفي الجدعة، 65 كم جنوب الموصل، عندما كان يسيطر على تلك المناطق. قال موظف طبي في مستوصف بحمام العليل إن الأطباء في مختلف مرافق الموصل أبلغوه أن لداعش مكاتب في جميع المرافق الطبية التي يعملون فيها، ومن بينها مستشفيات الجمهوري وابن سينا والسلام، ومستشفيات الموصل العامة.
قالت فقيه: "الانتقام بشكل مسيء ليس هو الرد الصحيح على انتهاكات داعش. على قوات الأمن العراقية اظهار التزامها بحماية المدنيين في الخطوط الأمامية، وتحقيق العدالة لضحايا انتهاكات داعش في محاكم تحترم الحق في المحاكمة العادلة".