(واشنطن) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رشّح رئيس مجلس إدارة شركة "إكسون موبيل" النفطية ريكس تيلرسون لتولّي منصب وزير الخارجية، وهي فرصة مهمة للإضاءة على المخاوف الحقوقية. تتوقع تقارير إعلامية أن يرشح ترامب السفير السابق إلى الأمم المتحدة جون بولتون لمنصب نائب وزير الخارجية.
بصفته رئيس مجلس إدارة إكسون موبيل، أشرف تيلرسون على صفقات وأعمال مربحة بالشراكة مع حكومات نفطية فاسدة وسيئة، مثل غينيا الاستوائية وأنغولا. تحت إدارة تيلرسون خرقت الشركة القوانين الأمريكية التي تفرض شفافية مالية عالية في مثل هذه البلدان ومعايير حقوقية أعلى للشركات – وهي قوانين تدعمها وزارة الخارجية. يملك بولتون تاريخا حافلا بخروقات قوانين حقوق الإنسان العالمية.
قالت سارة مارغون، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن: "اقترح الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب العديد من السياسات التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. على تيلرسون أن يوضح، في حال الموافقة على ترشيحه، كيف سيتعامل مع التزامات الولايات المتحدة الحقوقية – تحديدا الالتزام بأجندة خارجية تشجع على احترام الحقوق خارج الولايات المتحدة عبر شفافية أكبر وتدابير ضد الفساد".
أضافت مارغون: "بعد تعيينه سفير الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، خلال عطلة مجلس الشيوخ تحت إدارة جورج بوش، بذل بولتون وقته وجهده لانتقاد الأفراد والمؤسسات التي تحمي حقوق الإنسان بدل انتقاد منتهكيها. في ظل عدائه الواضح لقانون حقوق الإنسان العالمي يتعين على بولتون، في حال الموافقة على ترشيحه، شرح كيفية تفادي تكرار سياسات حقوق الإنسان الكارثية في عهد بوش".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الشيوخ، الذي يخضع المرشحون لموافقته، أن يستفيد من جلسات الترشيح ليسأل تيلرسون وبولتون عن قضايا حقوقية أساسية، منها التعذيب واتفاقيات جنيف وسياسات اللجوء. كما على أعضاء مجلس الشيوخ مساءلة المرشحين بخصوص تصريحات ترامب السابقة بأنه سيتعاون بشكل وثيق مع قادة منتهكين للحقوق، مثل الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. عليهم أيضا مساءلتهما عن كيفية ضمان استمرار الولايات المتحدة بإثارة مخاوف حقوقية أساسية بشأن ارتكابات الحكومتين الروسية والسورية.
قالت مارغون: "على مجلس الشيوخ مساءلة تيلرسون وبولتون كيف سيستغلان منصبيهما، في حال الموافقة على ترشيحهما، لضمان التزام الولايات المتحدة بالقوانين الدولية. فمن حق الرأي العام الأمريكي معرفة إن كانت نية إدارة ترامب اللجوء إلى التعذيب، أو انتهاك اتفاقيات جنيف بشكل آخر".
كما يجب مساءلة تيلرسون وبولتون عن مقترحات ترامب بخصوص سياسة اللجوء، بما في ذلك خططه لمنع توطين اللاجئين من بلدان مثل سوريا بالإضافة إلى ترحيل أو "احتجاز" مليوني "أو حتى 3 ملايين" من غير المواطنين الذين لديهم سوابق جنائية في الولايات المتحدة. عمليا، ستفاقم هذه الخطط من أزمة اللاجئين والمهاجرين العالمية المُثقَلة أصلا، ما يستتبع انتهاكات بالجملة منها انتهاك الحق بإجراءات قضائية سليمة وفصل الأطفال عن أهلهم.
أعلن فريق ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني ترشيح الحاكمة نيكي هالي لمنصب سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة.
أعلنت هالي، بصفتها حاكمة ساوث كارولاينا، في رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري بعد هجمات باريس العام الماضي أنها ضد توطين اللاجئين السوريين في ولايتها بسبب مخاوف من عدم قدرة السلطات الأمريكية التدقيق جيدا بوضعهم. ولكنها انتقدت ترامب لاحقا لاقتراحه منع سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة واصفة الاقتراح بالغير الدستوري. مع ذلك تم توطين بعض اللاجئين السوريين في ساوث كارولاينا.
على مجلس الشيوخ مساءلة هالي عن سياسة إدارة ترامب في سوريا، وتحديدا آرائها في كيفية ضمان محاسبة حكومة الأسد والجماعات المسلحة في سوريا على العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبَت منذ 2012. في حال الموافقة عليها ستكون في الخطوط الأمامية لاستصدار قرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة في الأمم المتحدة تتعلق بسوريا.
علاوة على القضايا المتعلقة بتورطه مع عدة قادة مستبدين من أجل صفقات نفطية افتقرت للشفافية أو قامت بالقليل لدعم تدابير ضد الفساد، يجب مساءلة تيلرسون بخصوص بعض مجالات السياسة الخارجية الواردة أدناه. كما على مجلس الشيوخ أن يدقق بسجلات بولتون وهالي.
التعاون مع الأسد وبوتين
يثير إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب، ترامب، نيته التعاون عسكريا مع الأسد وبوتين مخاوف كبيرة في ظل الجرائم الهائلة التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد مدنيّيها والتواطؤ الروسي المحتمل في بعض هذه الجرائم، بالإضافة إلى العديد من جرائم الحرب مؤخرا التي يُظهر بحثنا أن القوات الروسية ارتكبتها.
في السنوات الأربع الأخيرة لجأت الحكومة السورية مرارا إلى تعريف فضفاض للإرهاب ما سمح لها بتبرير هجمات ضد أي مجموعة معارضة أو نشطاء معارضين أو تعتبرهم معارضين للأسد. تبنت الحكومة الروسية هذه النظرة وقدمت إلى الجيش السوري الدعم العسكري والتقني والمالي والبشري لمساعدة الأسد في حملاته الوحشية.
على مدى سنوات الحرب، أدى انتشار الانتهاكات الممنهج للحقوق إلى زعزعة الاستقرار ودعم الإرهاب. في هذه الظروف ستزعزع الشراكة العسكرية مع روسيا الاستقرار أكثر وتزيد من الاعتداءات على المدنيين وتضرب مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة، ما يصعب نجاح المساعي الدبلوماسية. كما أن الشراكة العسكرية مع روسيا وسوريا ستجعل الولايات المتحدة متواطئة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وتعرض الموظفين الأمريكيين إلى المساءلة القانونية.
علاقة أقوى مع مصر
أثار اجتماع ترامب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر/أيلول في نيويورك مخاوف حقوقية كبيرة. بعد الاجتماع صرح ترامب عن "دعمه الكبير لمصر في حربها على الإرهاب، وأن في ظل إدارة ترامب ستكون الولايات المتحدة صديقا وفيا، وليس مجرد حليف، تستطيع مصر الاعتماد عليه في الأيام والسنوات القادمة". غياب أي ذكر لانتهاكات مصر الكثيرة لحقوق الإنسان وضرب الديمقراطية يبعث على القلق.
خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منعت السلطات المصرية الاحتجاجات وأوقفت العديد من المثليين الجنسيين وطاردت الأقليات الدينية واحتجزت عشرات آلاف الأشخاص تعسفيا، وحاكمت آلاف المدنيين في محاكم عسكرية وشنت حملة شديدة القسوة ضد المنظمات غير الحكومية والإعلام. ينبغي ألا تعني العلاقة الجيدة مع مصر أن تتوقف الولايات المتحدة عن الوقوف إلى جانب حماية المنتقدين والنشطاء المعرضين للخطر.
قالت مارغون: "إن كانت الولايات المتحدة ستكوّن علاقة جيدة مع السيسي فعلى تيلرسون استغلال هذه العلاقة لإثارة المخاوف من حملة الحكومة المصرية. الدعم الأمريكي العسكري والأمني لمصر يعطي الولايات المتحدة النفوذ اللازم لذلك".
حقوق النساء خارج الولايات المتحدة
لسنوات، في ظل إدارات ديمقراطية أو جمهورية، أظهرت الولايات المتحدة قيادة قوية لقضايا مثل الزواج المبكر والعنف حسب الجنس والاتجار بالبشر.
على أعضاء مجلس الشيوخ مساءلة تيلرسون إذا كان سيضمن احتفاظ وزارة الخارجية بالهيئات والتمويل اللازم لمعالجة قضايا المرأة العالمية. كما على وزير الخارجية القادم المحافظة على هذا الإرث واختيار شخص مؤهل لقيادة مكتب شؤون المرأة العالمية في وزارة الخارجية وضمان حصول المكتب على التمويل والسلطة الكافيين.
برنامج حماية اللاجئين
الولايات المتحدة رائدة، منذ عقود، في مجال توطين اللاجئين، لذا ينبغي مساءلة تيلرسون بقوة عن اقتراح ترامب إيقاف أو الحد من البرنامج.
قالت مارغون: "قد تؤدي القيود المفاجئة على عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة إلى قلب النظام العالمي لحماية اللاجئين رأسا على عقب. كما أن غياب القيادة الأمريكية للبرنامج قد يثني دولا أخرى عن قبول المزيد من اللاجئين، في وقت يشهد العالم أكبر عدد لاجئين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية".