(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات التحالف الروسي-السوري ارتكبت جرائم حرب خلال حملة قصف جوي لمدة شهر لمناطق تسيطر عليها المعارضة في حلب في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2016.
أكد "مركز توثيق الانتهاكات"، منظمة مراقبة مدنية سورية، أن حملة القصف قتلت أكثر من 440 مدنيا، من بينهم أكثر من 90 طفلا. في كثير من الأحيان كانت الضربات الجوية عشوائية بشكل فادح، استهدفت عمدا منشأة طبية واحدة على الأقل، وشملت استخدام أسلحة عشوائية مثل الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة. صور الأقمار الصناعية التي حللتها هيومن رايتس ووتش تظهر أكثر من 950 موقع انفجار ذخيرة جديد تتفق مع تفجير قنابل كبيرة شديدة الانفجار في جميع أنحاء المنطقة خلال شهر.
قال أولي سولفانغ، نائب مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "من المتوقع أن استخدام هذا القدر من قوة النيران في منطقة يسكنها عشرات، إن لم يكن مئات، الآلاف من المدنيين يقتل مئات المدنيين. يجب أن يحاكَم الذين أمروا بشن هجمات غير مشروعة ونفذوها بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
دعا تحالف عالمي من 223 منظمة غير حكومية في 1 ديسمبر/كانون الأول الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى طلب عقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بوقف جميع الهجمات غير القانونية على المدنيين في حلب وأماكن أخرى في سوريا. طالبت المنظمات بوصول المساعدات الإنسانية فورا ودون قيد، بحيث تصل المساعدات الحيوية إلى جميع المحتاجين. قالت المنظمات إنه ينبغي على الدول الأعضاء أيضا استكشاف السبل الممكنة لتقديم المسؤولين عن الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي إلى العدالة.
يأتي هذا النداء ردا على الفيتو الروسي في 8 أكتوبر/تشرين الأول على مشروع قرار مجلس الأمن الدولي للمطالبة بوقف جميع عمليات القصف الجوي في حلب، وهي المرة الخامسة التي تمنع فيها موسكو تحرك المجلس منذ بدء النزاع في عام 2011. والمرة الأولى التي تمتنع فيها الصين عن التصويت على فيتو روسي يخص سوريا.
في 19 سبتمبر/أيلول أنهت السلطات السورية هدنة مدتها 7 أيام، بذريعة انتهاكات للهدنة ارتكبتها جماعات المعارضة المسلحة. شنت الطائرات الروسية والسورية في وقت لاحق حملة قصف مكثف على المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب، والتي استمرت حتى إعلان روسيا انتهاء الهجمات الجوية في 18 أكتوبر/تشرين الأول. استأنف التحالف الروسي-السوري القصف الجوي لشرق حلب في 15 نوفمبر/تشرين الثاني.
قال سكان محليون ونشطاء إعلاميون وعاملون في المجال الطبي لـ هيومن رايتس ووتش إن القصف لمدة شهر كان من أصعب الفترات منذ بداية النزاع. وقال أحد الصحفيين المحليين "كانت تلك أيام دموية، كان شهرا دمويا. قتلت الغارات الجوية الروسية والسورية العشرات يوميا. كان الشهر الأفظع منذ بداية الحرب".
قال بعض الذين تمت مقابلتهم إن القصف كان مرعبا لا سيما بسبب الاستخدام المتكرر لقنابل قالوا إنهم يروها لأول مرة في مدينة حلب. كانوا يُسمّونها "قنابل مخترقة للتحصينات"، وقالوا في كثير من الأحيان إن هذه الأسلحة كانت قادرة على اختراق وهدم مبان إسمنتية متعددة الطوابق بالكامل، ما يعني أن الاختباء في الأقبية والملاجئ تحت الأرض لم يعد آمنا. بعض الهجمات التي خلّفت أعدادا كبيرة من الإصابات في صفوف المدنيين كانت من الغارات الجوية التي تسببت بانهيار مبانٍ كاملة.
أثّر القصف بشكل كبير على عدة مستشفيات في شرق حلب. سجلت "الجمعية الطبية السورية الأمريكية"، التي تدعم العديد من المستشفيات في حلب، 16 حادثة طال فيها القصف المستشفيات في هذه الفترة. في بعض الحالات، ألقت طائرات أسلحة عشوائية مثل الأسلحة الحارقة والقنابل العنقودية قرب المستشفيات، ما ألحق أضرارا بها. في حالات أخرى، استهدفت الهجمات المستشفيات، ما تسبب في أضرار مباشِرة أكبر بكثير.
بين 28 سبتمبر/أيلول و14 أكتوبر/تشرين الأول، هاجمت طائرات مركز الصاخور الطبي وهو مستشفى معروف في حلب منذ ما قبل الحرب، في 4 مرات مختلفة على الأقل، وأحيانا باستخدام ذخائر متنوعة. تؤكد الصور، ومشاهد الفيديو، وصور الأقمار الصناعية ما نقله شهود هاتفيا عن هذه الهجمات. قالت هيومن رايتس ووتش إن الهجمات المتكررة دليل قوي على أن المستشفى قد استهدف عمدا. توقف المستشفى عن العمل في 1 أكتوبر/تشرين الأول، بسبب الأضرار الكبيرة جراء الهجمات.
في نفس الفترة، استهدفت الهجمات أيضا فرق البحث والإنقاذ، بما في ذلك 4 مراكز يديرها "الدفاع المدني السوري"، مجموعة بحث وإنقاذ عاملة في مناطق المعارضة.
خلال شهر القصف، حاصرت القوات العسكرية السورية شرقي حلب التي تسيطر عليه المعارضة. غادر القليل من الناس رغم أن السلطات السورية والروسية أعلنت أنه بإمكان المدنيين والمقاتلين المغادرة عبر ممرات محددة. اتهمت السلطات السورية والروسية من جهة وجماعات المعارضة المسلحة من جهة أخرى بعضها البعض على ذلك. قالت هيومن رايتس ووتش إنه أيا كان السبب، كان على التحالف الروسي-السوري اتخاذ تدابير وقائية لتجنب الإصابات في صفوف المدنيين عند مهاجمة جماعات المعارضة المسلحة.
قدّرت الأمم المتحدة وجود نحو 275000 مدنيا و8000 مقاتلا في شرق حلب في ذلك الوقت. قال سكان محليون إن معظم هؤلاء المقاتلين كانوا بالقرب من الخطوط الأمامية وليس في الأحياء السكنية داخل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، تقدمت القوات الموالية للحكومة السورية لتسيطر على أحياء أساسية في شرق حلب كانت بيد المعارضة المسلحة، منها حي الصاخور. أجبر آلاف المدنيين على الفرار إلى عمق المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أو إلى المناطق تحت سيطرة الحكومة، أو سيطرة الأكراد مثل الشيخ مقصود.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا هجمات نفذتها جماعات المعارضة المسلحة ضد مناطق تسيطر عليها الحكومة غرب حلب.
الهجمات المتعمدة أو المتهورة ضد المدنيين والمنشآت المدنية، بما في ذلك المستشفيات، بنيّة إجرامية هي جرائم حرب. على أطراف النزاع التأكد دائما أثناء العمليات العسكرية من تجنيب السكان المدنيين و"اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل الخسائر في أرواح المدنيين والأضرار بالمنشآت المدنية، حسب قوانين الحرب. قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لمجلس الأمن في 28 سبتمبر/أيلول، إن الذين يستخدمون الأسلحة العشوائية في حلب "يدركون أنهم يرتكبون جرائم حرب".
أيدت 73 دولة من جميع أنحاء العالم المبادرة الكندية التي تدعو الجمعية العامة إلى التحرك. حث التحالف المؤلف من 223 منظمة مجتمع مدني جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الانضمام إلى المبادرة.
قال تحالف المنظمات: "التقاعس عن العمل ينبغي ألا يكون خيارا. التاريخ سيحكم بقسوة على الذين لا يتحركون".
حملة القصف
وصف سكان محليون ونشطاء إعلاميون وعاملون في المجال الطبي اتصلت بهم هيومن رايتس ووتش هاتفيا قصف حلب لمدة شهر بالأصعب منذ بداية النزاع. كشفت هيومن رايتس ووتش عبر تحليل صور الأقمار الصناعية أكثر من 950 موقع انفجار ذخيرة جديد في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب ما بين 19 سبتمبر/أيلول و18 أكتوبر/تشرين الأول. تتفق مواقع الأثر مع تفجير قنابل كبيرة شديدة الانفجار. توزعت مواقع الضرر على جميع الأحياء تحت سيطرة المعارضة تقريبا.
استخدمت الطائرات الروسية والسورية مجموعة متنوعة من الذخائر التي تسقطها الطائرات غير موجهة بما في ذلك المتفجرة، وذات الانفجار المعزز، والانشطارية، وقنابل اختراق الخرسانة. كانت في كثير من الأحيان من فئة 500 كلغ – ما يعني أن كل واحدة قد تحتوي على ما يزيد عن 200 كلغ من المتفجرات. كما استُخدِمت الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة في هذه الغارات الجوية.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد نوع السلاح المستخدم في الهجمات التي هدمت مبانٍ بأكملها بشكل قاطع، وغالبا ما يشار إليها بين الشهود وفي وسائل الإعلام بأنها "قنابل مخترقة للتحصينات"، بسبب عدم وجود صور أو مقاطع فيديو لبقايا السلاح. إنما إشارة بعض الشهود إلى ارتجاج الأرض وقت وقوع الهجوم والتدمير واسع النطاق، ولكن المحدّد نسبيا، للمباني المنهارة تتفق مع استخدام قنابل مخترقة أو مدمرة للخرسانة مع صمامات تؤخر الانفجار مثل قنابل "بيتاب" (BETAB) أو "فاب-500" (FAB-500) غير الموجهة.
استخدمت قوات التحالف الروسي-السوري نوعَي الأسلحة في سوريا. قال مسؤولون عسكريون روس إنهم يستخدمون قنابل بيتاب ضد الجماعات "الإرهابية" في سوريا. تُظهر لقطات فيديو نُشرَت على موقع يوتيوب استخدام القوات الجوية السورية قنابل بيتاب قبل انضمام روسيا إلى الحرب. يُظهر مقطع فيديو نشرته "وكالة ثقة" الإخبارية على موقع يوتيوب في 17 نوفمبر/تشرين الثاني قنبلة هادمة من نوع "فاب-500 ش إن" (FAB-500ShN) لم تنفجر، قالت الوكالة إنه صُوِّر في شرق حلب.
القتلى المدنيون
وثّق مركز توثيق الانتهاكات، مجموعة رصد محلية، مقتل 446 مدنيا، من بينهم 91 طفلا، في هجمات جوية في شرق حلب ما بين 19 سبتمبر/أيلول و18 أكتوبر/تشرين الأول. جمع المركز أسماء 221 من الضحايا.
في العديد من الحالات، قالت مصادر محلية لـ هيومن رايتس ووتش إن أعداد الإصابات الفعلية أكبر من العدد الذي سجله المركز. على سبيل المثال، وثّق المركز مقتل 39 مدنيا بالغارات الجوية في حي بستان القصر، في11 و12 /أكتوبر تشرين الأول، في حين قال المجلس الثوري في بستان القصر إن الغارات الجوية قتلت 51 شخصا في هذين اليومين.
قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، منظمة مراقبة سورية، إن الهجمات الجوية قتلت 457 مدنيا، من بينهم 85 طفلا، في نفس الفترة.
الكلاسة، 23 سبتمبر/أيلول
قال عضوان في المجلس الثوري في الكلاسة وبستان القصر لـ هيومن رايتس ووتش في حديث هاتفي إن غارة جوية دمرت مبنى سكنيا مكونا من 6 طوابق في حي الكلاسة في وقت مبكر من صباح يوم 23 سبتمبر/أيلول.
قال محمّد نهاد، أحد العضوين، إنه كان هناك عدة طائرات في السماء في تلك الليلة تقصف عدة أماكن:
كنت نائما في المنزل في ذلك الوقت، على بعد 250-300 متر من مكان سقوط الصاروخ تقريبا. سمعته يسقط ويرتطم بالأرض. ولكن الصوت كان غير عادي، لم يكن كانفجار عادي. لحق به زلزال صغير، حتى أقاربي في بستان القصر شعروا به. وصلت إلى موقع الهجوم بعد 15 إلى 20 دقيقة. تفاجأنا لرؤية المبنى منهارا بأكمله. وصل الدفاع المدني السوري ولكن لم يعثر على أي جريح في المكان، مات جميع من كانوا في المبنى. لم نتمكن من إنقاذ أحد. شعرنا بالعجز. استمر الدفاع المدني بالعمل 8 أيام وتمكن من سحب العديد من الجثث.
قال نهاد إن القنبلة سقطت إلى جانب محطة محروقات مجاورة، ثم اخترقت الأرض وانفجرت تحت المبنى، ما أدى إلى انهياره بعد وقت قصير. قال نهاد إن الهجمات أصابت محطة المحروقات نفسها ومبان سكنية أخرى في الفترة نفسها، لكن دون وقوع إصابات بين المدنيين.
العضو الآخر، ياسر، الذي لم يشأ أن يذكر اسمه الكامل، قدم رواية مماثلة.
قال عضوا المجلس إن الهجوم أسفر عن مقتل 23 مدنيا. عدّ نهاد 16 شخصا من 4 عائلات، بينهم 8 أطفال، قُتلوا في الهجوم. وثق مركز توثيق الانتهاكات مقتل 16 مدنيا، جميعهم مجهولين، في الهجمات الجوية في حي الكلاسة في 23 سبتمبر/أيلول.
شارك نهاد صورا من موقع الانفجار تُظهر كومة من الأنقاض من المبنى المنهار. وتُظهِر مقاطع فيديو نُشرت على قناة الدفاع المدني السوري على يوتيوب جرافة تزيل الأنقاض في نفس الموقع. تُظهر الصور ولقطات الفيديو أن الضرر يتفق مع استخدام القنابل التي تخترق الخرسانة أو الهدم.
قال عضوا المجلس إن المبنى كان سكنيا مع محلات تجارية في الطابق الأرضي، وأنه لم تكن هناك مجموعات مسلحة قريبة. قال نهاد إن المجموعات المسلحة المعارضة كانت تقيم نقطة تفتيش قرب محطة المحروقات، لكنها توقفت عن ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. قال إن المحطة كانت متوقفة عن العمل منذ عدة سنوات.
الشعار، 27 سبتمبر/أيلول
عند الساعة 4 تقريبا من بعد ظهر 27 سبتمبر/أيلول وقع هجوم جوي على مبنى سكني من 5 طوابق في حي الشعار، قتل 24 مدنيا على الأقل، بينهم 6 أطفال، وفقا لمركز توثيق الانتهاكات، والدفاع المدني السوري، وكرم المصري، مصور صحفي محلي تحدث إلى هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف من حلب.
قال المصري:
رأيت المبنى مدمرا تماما وطفلة عالقة بين الأنقاض... تنزف دما. والدها الذي كان في العمل وصل بعد نصف ساعة وانهار باكيا. عندما سُحِبَت خارجا، سقط أرضا. لم يسمح الدفاع المدني بأخذها. احتفظ بها قائلا إنها نائمة، مجرد نائمة. لكنه لا يستطيع أن يوقظها. كان ذلك مفجعا.
قال إنه من 3 عائلات احتمت في المبنى، بقي طفل واحد فقط على قيد الحياة، وإن 25 شخصا لقوا مصرعهم. أعلن الدفاع المدني أن الهجوم أسفر عن مقتل 24 مدنيا وجرح 15. وثق مركز توثيق الانتهاكات 24 حالة وفاة بين المدنيين في حي الشعار، في ذلك اليوم، بما في ذلك 6 أطفال، وحصل على أسماء 10 من الضحايا.
قال المصري إن المبنى كان في شارع غالبا ما يشار إليه باسم "شارع الموبايلات" أو "شارع الألبسة" بسبب كثرة المحلات التجارية فيه، وإنه لم يكن هناك أي وجود مسلح بالقرب من موقع الانفجار. قال صحفيان محليان آخران أيضا إنه لم يكن هناك أي وجود مسلح في حي الشعار، وكان هناك الآلاف من المدنيين، والعديد من الأسواق الهامة، و4 مستشفيات في الحي.
تُظهِر الصور، ومقاطع الفيديو لموقع الارتطام بناء من عدة طوابق منهارا تماما في حين لا تزال المباني المجاورة سليمة نسبيا، ما يتفق مع استخدام قنابل هدّامة أو مخترقة للخرسانة. كما تُظهِر الصور ومقاطع الفيديو جثة محاصرة بين الطوابق المنهارة بينما يعمل منقذون على سحبها.
بستان القصر، 11 أكتوبر/تشرين الأول
أصابت غارات جوية مبنيَين سكنيَّين على الأقل في حي بستان القصر يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول. أحمد ك.، أحد السكان المحليين، قال لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إنه شعر بالقلق حين لم ترد حماته على الهاتف يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول. توجه إلى بيتها.
كان المبنى قد سوِّي بالأرض؛ لم يعد موجودا. كان الأمر مؤلما. تعلم بوجود مكان ما ثم يختفي. عشت هناك في بداية زواجي. لم يعد هناك أي شيء. اختفى المبنى. كان المبنى مؤلفا من 5 طوابق وتحته قبو عمقه 5 أمتار. حطمت القنبلة المبنى بأكمله، ودفنت من كان بداخله.
قال أحمد إن الدفاع المدني السوري وجد جثتي أخويّ زوجته في اليوم الثامن، وجثتي والدة زوجته وأختها في اليوم العاشر. أضاف أن الهجوم على منزل عائلة زوجته قتل 24 مدنيا من 5 عائلات.
قال أحمد إن غارة أخرى أصابت مبنى سكنيا على بعد 100 متر تقريبا في الوقت نفسه، وقتلت حوالي 30 مدنيا.
المصري، المصور الصحفي، قال إنه كان بين أول الواصلين إلى موقع غارة بستان القصر يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول :
غطى الغبار المكان. بالكاد كنت أرى. لذا اقتربت. نظرت – اختفى المبنى، لم يكن هناك. اختفى. سمعت الناس يصرخون من تحت الأنقاض. حاول سكان المباني الأخرى المساعدة. اتصلوا بالدفاع المدني الذي وصل بعد نصف ساعة، كان هناك العديد من الضربات ذلك اليوم. عندما وصل، كان الصراخ من تحت الأنقاض قد توقف. اختنق الناس وماتوا.
قال المصري إن 35 شخصا قتلوا في المبنى الذي شهد انهياره. نشر المجلس الثوري بالكلاسة وبستان القصر قائمة لـ 51 شخصا، بينهم 5 أطفال قتلوا في الغارات الجوية على بستان القصر في 11 و12 أكتوبر/تشرين الأول. وثق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا أن الغارات الجوية قتلت 39 مدنيا، بينهم 4 أطفال، في بستان القصر في 11 أكتوبر/تشرين الأول، دون معلومات عن 12 أكتوبر/تشرين الأول.
وصف أحمد المنطقة بأنها حي سكني مزدحم حيث تعيش عدة عائلات في كل مبنى. قال إنه لم تكن توجد أي قواعد عسكرية أو نقاط تفتيش في المنطقة.
المرجة، 17 أكتوبر/تشرين الأول
ألقت طائرات صبيحة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول عدة قنابل على منطقة سكنية في حي المرجة، ما أسفر عن مقتل 13 مدنيا على الأقل وفقا لاثنين من السكان المحليين، والدفاع المدني السوري، ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا، ولقطات فيديو نشرت على موقع يوتيوب.
قال زكريا عرب، أحد السكان المحليين في حي المرجة لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إنه سمع الطائرات في السماء صبيحة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول. قال إن قنبلة ضربت منزلا مجاورا حوالي الساعة 5:15 صباحا، يعود لوالده:
انهار المنزل. قضينا 3 ساعات نحفر بأيدينا لسحب والدي باستخدام أدواتنا الخاصة. لا توجد مجموعات مسلحة في مكان قريب، ولا جنود. هناك مسجد ومنازل ومحلات تجارية ومدارس وعيادات. إنه حي سكني.
أرانا عرب مقطعي فيديو لجهود الإنقاذ وصورة لجثة والده.
قال عرب إن قنابل أخرى سقطت على منزل ابن عمه في نفس الحي، ما أسفر عن مقتل 14، بينهم امرأتان و8 أطفال. أعلن الدفاع المدني السوري أن الهجمات قتلت رجلا يبلغ من العمر 60 عاما و12 فردا من عائلة القبس، بينهم 9 أطفال، 8 منهم في عمر 8 سنوات فما دون. وثق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا أن الهجمات الجوية في المرجة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول قتلت رجلا يدعى تركي عرب و12 من أفراد عائلة القبس، بينهم 9 أطفال. نشرت "شبكة أخبار حلب" مقاطع فيديو على يوتيوب تظهر جثث 8 أطفال صغار، قالت إنه من هجوم 17 أكتوبر/تشرين الأول على المرجة.
قال ساكن محلي آخر: "حولت القنابل الشوارع المجاورة الى رماد. سُحقت الحجارة، كأنها ملح. كان الدمار عظيما. كأنك تعرف مكانا ثم تراه رمادا". نشرت "وكالة أنباء قاسيون" لقطات الفيديو تظهر منازل دمرت كليا بجوار مئذنة.
قال كلا الساكنَين المحليين إن عمال الإنقاذ لم يصلوا المنطقة قبل ساعات لأن الطائرات واصلت الهجوم.
مركز الصاخور الطبي
بناء على مقابلات هاتفية مع 3 موظفين بالمستشفى وشهود عيان، إضافة إلى تحليل للصور، ومقاطع فيديو، وصور الأقمار الصناعية، تأكدت هيومن رايتس ووتش من أن الغارات الجوية أصابت مركز الصاخور الطبي خلال 4 أيام على الأقل بين 28 سبتمبر/أيلول و14 أكتوبر/تشرين الأول.
قال سكان محليون وعاملون في المستشفى إن جماعات المعارضة المسلحة لم يكن لديها أي قواعد في مكان قريب، ولم تكن هناك جماعات مسلحة أو أسلحة في المستشفى. قال أحمد سعيد، ممرض جراحة في المستشفى في حلب، لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف:
جلبت سيارات الإسعاف المدنيين والمقاتلين الجرحى، لم يكن يوجد عسكري داخل المستشفى أو خارجها. لا يُسمَح بدخول الأسلحة إلى المستشفى. نحن صارمون جدا بشأن ذلك.
28 سبتمبر/أيلول
أصابت الغارات الجوية المستشفى حوالي الساعة 4 صباح يوم 28 سبتمبر/أيلول. قال الدكتور سعد، الجراح العام في مستشفى الصاخور والذي رفض الكشف عن اسمه الكامل، إن ذخيرة، برميل متفجر على ما يعتقد، ضربت جدار المستشفى، وألحقت أضرارا جزئية بجناح الجراحة ووحدة العناية المركزة. قال في مقابلة هاتفية مع هيومن رايتس ووتش: "امتلأ المستشفى بالأوساخ والغبار، ولكن لحسن الحظ لم تكن هناك وفيات أو إصابات".
تظهر الصور التي نشرها موقع الإنترنت المتخصص في التحقيقات "بيلينغكات" أضرارا ناجمة عن انفجار في الجزء الغربي من مجمع المستشفى.
صحفي سوري من "إن بي سي نيوز" الأسترالية التقط صورا لبقايا سلاح قرب المستشفى بعد الهجوم. شاركت إن بي سي نيوز الصورة مع هيومن رايتس ووتش، التي حددت البقايا على أنها ذخيرتين صغيرتين ملقاة جوا روسيتي الصنع من طراز "ش أو إيه بي-0.5" (ShOAB-0.5).
علقت المستشفى خدماتها مؤقتا بسبب الأضرار الناجمة عن الهجوم.
1 أكتوبر/تشرين الأول
قال عاملون في المستشفى إن طائرتين هاجمتا المستشفى مجددا حوالي الساعة 11 صباح يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول. على مدى ساعة ونصف، أصابت عدة ضربات المستشفى أو بالقرب منه.
قالوا إن غارة أصابت مرفقا ثانويا يستخدم لحالات المرضى غير الحرجة قبالة شارع ضيق من المستشفى. أخرجت الضربة المنشأة من الخدمة. كما دمرت الغارة سيارة إسعاف، يمكن رؤيتها في صور وشرائط فيديو لآثار الدمار. قالت ممرضة إن ضربة ثانية، بعد 5-7 دقائق، أصابت الشارع أمام المستشفى حيث تصطف سيارات الإسعاف. وأصابت ضربة ثالثة مكانا قريبا للجهة الأمامية للمستشفى.
عندما بدأت الهجمات، لجأ العاملون في المستشفى والمرضى، نحو 200 شخص وفقا لأحد الأطباء، إلى الطابق السفلي. قال الدكتور سعد:
أصيب الجميع بالذعر. كان الأمر فظيعا حقا. كان الناس في العيادات وكذلك النساء والأطفال، امتلأت أجنحة الإفاقة بالمرضى، جميعهم من المدنيين... النساء كُنّ يبكين والأطفال يصرخون. بدا وكأن الموت يتساقط علينا من السماء. لم نعرف ما قد يلقى علينا لاحقا. كدنا نختنق من الدخان، والأوساخ، ورائحة البارود.
قال ممرض الجراحة أحمد سعيد:
كان الغبار في كل مكان. المرضى كانوا يصرخون: النساء والأطفال وحتى الرجال! شعرنا أنها نهاية العالم. لم نكن نعرف ما يجب القيام به. هل نختبئ؟ هل نحاول إنقاذ الناس في الطابق العلوي؟ علمنا أننا لم نكن في مأمن لاستخدامهم القنابل المخترقة للمخابئ. لم يخطر لنا ألا نكون آمنين تحت الأرض.
لقطات الفيديو التي التقطتها "أون ذا غراوند نيوز"، منظمة للصحفيين النشطاء، بجانب المستشفى ونشرت على يوتيوب، تظهر سيارة إسعاف مدمرة وحفرة بعرض عدة أمتار في الأسفلت خارج مدخل المستشفى.
قال الدكتور سعد أيضا إن الطائرة أسقطت قنبلتين عنقوديتين على المستشفى. وأضاف: "استمروا في القصف لمدة 30 ثانية".
تدعم الصور ولقطات الفيديو روايته. مقاطع الفيديو التي التقطتها أون ذا غراوند نيوز تظهر بقايا من عمود فتيل إشعال من قنبلة عنقودية وما يبدو أنها بقايا ذخائر صغيرة متفجرة من طراز "بيتاب-1 إم" (PTAB-1M). شاركت أون ذا غراوند نيوز مقاطع فيديو غير منشورة لبقايا الذخيرة مع هيومن رايتس ووتش، وأكدت أن اللقطات صُورت بالقرب من مستشفى الصاخور بعد هجوم 1 أكتوبر/تشرين الأول. تظهر صورا لبقايا سلاح من الهجوم شاركها صحفي محلي مع هيومن رايتس ووتش بشكل قاطع بقايا من قنبلة عنقودية روسية/سوفيتية الصنع من طراز "آر بي كي-500"
(RBK-500) الملقاة من الجو مع الذخائر الصغيرة بيتاب 1-إم.
قال عاملون طبيون وصحفيان أيضا إنهم يعتقدون أن الطائرات أسقطت القنبلة التي تحتوي على الكلور لأنهم وجدوا بقايا آثار صفراء حيث ارتطمت القنبلة بالأرض. رغم توثيق هيومن رايتس ووتش استخدام الكلور في هجمات في حلب سابقا، لم تكن قادرة على تأكيد استخدامه في هذا الهجوم.
قال محمد أبو رجب، رئيس إدارة المستشفى، في مقابلة عبر الهاتف إن الهجوم بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول أضر بمبنى المستشفى، وخصوصا المختبر. قال إن الهجوم دمر وحدة العناية المركزة مرة أخرى، وجناح المرضى، ودمر المولدات الكهربائية. وقدم زهير الشمالي، صحفي زار المستشفى بعد الهجوم، رواية مشابهة. قال الدكتور أبو رجب إن الهجمات قتلت شخصين على الأقل وجرحت 10. قال ممرض الجراحة أحمد سعيد، إنه رأى 4 جثث ملقاة خارج المستشفى بعد الهجوم.
في فيديو نشرته الـ "بي بي سي"، كان الدكتور أبو رجب يمشي داخل المستشفى، ليظهر الدمار الذي خلفه الهجوم، ولا سيما للمعدات الطبية. وتظهر لقطات الفيديو أيضا أن سيارة إسعاف دمرت في الهجوم.
3 أكتوبر/تشرين الأول
حوالي الساعة 3:30 بعد ظهر يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول، أصابت غارة جوية مجددا الشارع المقابل للمستشفى، بالقرب من مكان سقوط إحدى القنابل في 1 أكتوبر/تشرين الأول.
تظهر مقاطع فيديو من 4 كاميرات مراقبة في المستشفى، نشرته بيلينغكات على يوتيوب، لحظة الغارة الجوية، بما في ذلك رجل يُدفن تحت الأنقاض. قال الدكتور سعد:
كان المستشفى خارج الخدمة، لكن بعضنا بقي لإعادة تأهيله والقيام بأعمال الصيانة. اهتزت الأرض، ودُفن المستشفى تحت الأنقاض. ما تبقى هو حفرة كبيرة بعمق يقارب 4 أمتار وعرض 15 مترا.
قال موظفو المستشفى إن الهجوم قتل 3 أشخاص كانوا يعملون على إصلاح المستشفى على الأقل وأصاب ممرضا وسائق سيارة إسعاف.
14 أكتوبر/تشرين الأول
يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول، ضربت قنابل – قال أحد الأطباء إنها كانت 4 – مجددا بالقرب من المدخل الأمامي للمستشفى، مخترقة الطابق السفلي حيث تم تخزين اسطوانات الغاز المضغوط. انفجرت القنابل وأشعلت الحرائق. في الحريق الذي أعقب الانفجارات، عانى مدير المستشفى وموظف آخر من حروق خطيرة، وفقا لممرض الجراحة.
الهجمات السابقة
أفاد سكان محليون ووسائل إعلام أن هجمات ضربت مستشفى الصاخور عدة مرات أيضا قبل حملة القصف الأخيرة لمدة شهر. في مايو/أيار 2015، ذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أن الغارات الجوية أصابت مستشفى الصاخور عدة مرات في غضون أيام قليلة، مما اضطره للإغلاق. لقطات فيديو من كاميرا مراقبة على موقع يوتيوب تظهر أن قنبلة سقطت على الشارع أمام المستشفى في أغسطس/آب 2016.
النفي الروسي
نفت السلطات العسكرية الروسية مزاعم بأن الغارات الجوية أصابت مستشفى الصاخور. في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، قدّم الفريق سيرغي رودسكوي إيجازا عسكريا، نُشر تسجيل فيديو له على قناة يوتيوب التابعة لوزارة الدفاع الروسية. وقدم صورتي أقمار صناعية قال إنهما التقطتا يومي 24 سبتمبر/أيلول و22 أكتوبر/تشرين الأول على التوالي، قائلا إنه لم تكن هناك اختلافات بين الصورتين. وخلص إلى أن الاتهامات الموجهة الى القوات الجوية الروسية كانت "محض خداع".
مع ذلك، بالإضافة إلى إفادات الشهود، والصور، ولقطات الفيديو من الغارات الجوية الأخيرة، تظهر عدة مجموعات من صور الأقمار الصناعية بوضوح حللتها هيومن رايتس ووتش أن المستشفى تعرض لأضرار كبيرة ما بين 30 سبتمبر/أيلول و10 أكتوبر/تشرين الأول. تظهر الصور حفرة كبيرة أمام المستشفى حيث انفجرت القنابل في 1 و3 و14 أكتوبر/تشرين الأول. وتظهر الصور أيضا الضرر الناجم عن الهجوم بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول الذي دمر سيارة الإسعاف ووضع أحد مرافق العيادات الخارجية خارج الخدمة. تتوافق الأضرار التي لحقت المستشفى مع التعرض لقصف الغارات الجوية.
الاستخدام غير القانوني للأسلحة المحظورة والمقيّدة
الأسلحة الحارقة
الأسلحة الحارقة تنتج الحرارة والنار من خلال تفاعل كيميائي لمادة قابلة للاشتعال، ما يسبب حروقا مؤلمة لا تطاق ويصعب علاجها. كما تسبب الأسلحة حرائق التي يصعب إطفاؤها، وتدمر الممتلكات المدنية والبنية التحتية.
"البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية" يحظر استخدام الأسلحة الحارقة الملقاة جوا في المناطق ذات "تجمعات المدنيين". روسيا دولة طرف في بروتوكول الأسلحة الحارقة واعترفت "بالضرر الإنساني الكبير" الناجم عن الأسلحة الحارقة في سوريا، الذي عزته إلى "الاستخدام غير السليم"، في رسالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 إلى هيومن رايتس ووتش.
لم تنضم سوريا للبروتوكول الثالث، ولكنها ما تزال ملزمة بموجب القانون الإنساني الدولي العرفي، الذي يحظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد. الأسلحة الحارقة المستخدمة في شرق حلب نشرت ذخائر صغيرة حارقة على مساحة واسعة.
هيومن رايتس ووتش وثقت استخدام الأسلحة الحارقة سابقا في سوريا، بما في ذلك في المناطق التي توجد فيها تجمعات المدنيين.
الشعّار، 30 سبتمبر/أيلول
بين الساعة 5:30 و6 صباحا من يوم 30 سبتمبر/أيلول، ضربت الأسلحة الحارقة حي الشعار، مشعلة النيران بالعديد من المباني، بما في ذلك 3 مستشفيات.
قال صحفي من موقع أون ذا غراوند نيوز والذي كان في حي الشعار خلال الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف:
رأيت طائرة تحلق بالأعلى. ثم رأيت سحابة من الدخان في الهواء والعديد من الأجسام الطائرة في اتجاهات مختلفة. سقط أحد الأجسام خلفي. كان مادة مشتعلة تشبه الفحم. احترق لمدة 5 أو 6 دقائق، ثم تحول إلى رماد متوهج، كما تكون النار عندما تُخمد.
شارك الصحفي صورا من الأجسام المحترقة وغيرها من البقايا، والتي حددت هيومن رايتس ووتش أنها قنبلة حارقة من طراز "آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إمم" (RBK-500 ZAB-2.5SM) ملقاة من الجو.
قال 3 موظفين في 2 من المستشفيات، قابلتهم هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف، إن الذخائر ضربت المستشفيات وأضرمت فيها النيران. قال الدكتور أبو المعتصم: "هبطت إحدى القذائف فوق المستشفى وأخرى في نهاية شارعنا. اعترانا الخوف والفوضى والذعر. حاولنا إخماد الحرائق باستخدام التراب".
شارك الدكتور أبو المعتصم الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها مع هيومن رايتس ووتش، وهي أظهرت حرائق صغيرة مشتعلة بشكل مكثف، مع علامات للأسلحة الحارقة. شارك موظفا المستشفى الآخران الصور ولقطات الفيديو التي التقطها زملاؤهما والتي تظهر حرائق مماثلة.
قال الصحفيون والعاملون الطبيون إن أحدا لم يُقتل أو يُصب في الهجوم، ولكن العديد من المباني، بما في ذلك المستشفيات الثلاث، أصيبت بالأضرار.
لم تستطع هيومن رايتس ووتش تحديد ما إذا كانت المستشفيات الهدف المقصود من الهجوم، لكن الهجمات ضربت المستشفيات الثلاث في الماضي، بما في ذلك في 23 يوليو/تموز 2016.
هجمات أخرى باستخدام الأسلحة الحارقة
ذكر نشطاء إعلاميون وعمال إنقاذ محليون وسائل إعلام محلية ومسعفين في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الهجمات باستخدام أسلحة حارقة خلال القصف الذي امتد لشهر. بالنسبة للتواريخ والأحياء التالية، راجعت هيومن رايتس ووتش صورا أو لقطات فيديو نشرت على الانترنت يبدو أنها تثبت استخدام الأسلحة الحارقة:
التاريخ |
الحي |
التأكيد البصري |
25/09/16 |
المشهد |
|
23/09/16 |
الأصيلة |
|
22/09/16 |
الكلاسة وبستان القصر |
الذخائر العنقودية
الذخائر العنقودية يمكن أن تُطلق عبر المدفعية والصواريخ أو تسقطها الطائرات. عادة ما تنفجر في الهواء وتنشر العديد – في بعض الأحيان المئات – من القنابل الصغيرة أو الذخائر الصغيرة على مساحة بحجم ملعب كرة القدم. غالبا ما لا تنفجر الذخائر الصغيرة لدى الاصطدام الأول، مما يحول القنابل إلى ألغام أرضية تشكل خطرا حتى يتم تطهيرها وتدميرها.
حظرت ما مجموعه 119 بلدا الذخائر العنقودية بسبب تأثيرها العشوائي على نطاق واسع وقت الاستخدام، والخطر طويل الأمد على المدنيين. رغم أن روسيا وسوريا ليستا من الدول الأعضاء في "اتفاقية الذخائر العنقودية"، إلا أنهما ما تزالان ملزمتين بموجب القانون الإنساني الدولي العرفي، الذي يحظر الهجمات العشوائية.
باستعراض الصور ولقطات الفيديو، حددت هيومن رايتس ووتش نوعين من الذخائر العنقودية روسية الصنع التي تسقطها الطائرات من التي استخدمت خلال حملة القصف لمدة شهر: القنبلة العنقودية آر بي كي-500 مع الذخائر الصغيرة ش أو أيه بي-0.5 والقنبلة العنقودية آر بي كي-500 مع الذخائر الصغيرة بيتاب-1إم.
في العديد من الهجمات، من بينها هجمتان على مركز الصاخور الطبي، ألقت طائرات ذخائر عنقودية مع أنواع أخرى.
وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام الذخائر العنقودية سابقا على نطاق واسع في سوريا.
الكلاسة وبستان القصر، 24 سبتمبر/أيلول
يوم 24 سبتمبر/أيلول، استُخدمت الذخائر العنقودية في هجمات على حيي الكلاسة وبستان القصر، وفقا لشهود عيان، والمجلس الثوري المحلي، وصور ولقطات فيديو لبقايا الذخائر.
المصري، الصحفي، الذي كان في حي الكلاسة في ذلك اليوم، أخبر هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف أن قنبلة عنقودية سقطت على الحي في الصباح، لكنها لم تنشر ذخائر صغيرة. كما قام بأخذ صور لقنبلة عنقودية كانت عالقة على الأرض، نشر منها صورتين على حسابه على "تويتر". شارك الدفاع المدني السوري لقطات فيديو وصورة لنفس البقايا. حددت هيومن رايتس ووتش بأنها بقايا قنبلة عنقودية آر بي كي-500 مع ذخائر صغيرة من نوع ش أو أيه بي-0.5
وفي حوالي الساعة 11 صباحا أو 12 ظهرا، ضربت قنبلة عنقودية أخرى بستان القصر، وهو حي مجاور للكلاسة. وصل المصري لموقع سقوط القنبلة بعد وقت قصير من الهجوم وقال إن الهجوم ضرب منطقة فيها مئات المصطفين بالقرب من متجر للّبن.
كان الناس مرميّين على الأرض. اختلطت الدماء باللبن والخبز. كان الدم يتدفق لمسافة 15 مترا. كان نهرا من الدم. كان أمرا لا يصدق. أينما ذهبت وجدت مصابا. لم ينجُ أحد، حتى من اختبأ في المباني. رأيت بأم عينيّ ما لا يقل عن 60 مدنيا مصابا في المستشفى. كانت المستشفيات مزدحمة بحيث لا يمكن التعامل مع جميع الإصابات. بصراحة، كان ذلك أسوأ يوم لي خلال 2016. مجزرة!
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد عدد الضحايا النهائي. قال المصري إن الهجوم أسفر عن مقتل 30 شخصا وجرح أكثر من 200. المجلس المحلي لحيي الكلاسة وبستان القصر قال في منشور على فيسبوك إن الهجوم أسفر عن مقتل 15 شخصا وجرح العشرات. المركز الإعلامي في حلب نشر مقاطع فيديو لمصابين يتلقون العلاج في مركز طبي، وقال الشرح إن الهجوم أسفر عن مقتل 13 وجرح 75. وثق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا أسماء 5 مدنيين قتلوا في غارات جوية في بستان القصر في 24 سبتمبر/أيلول بينهم طفل، لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تحديد ما إذا كان الخمسة قد قتلوا في هجوم بالقذائف العنقودية.
صلاح الدين، 25 سبتمبر/أيلول
بين الساعة 2 و3 من ظهر يوم 25 سبتمبر/أيلول، ألقت طائرات ذخائر عنقودية قرب دوار سيف الدولة في حي صلاح الدين في حلب. صلاح الدين هو حي سكني بالقرب من الخطوط الأمامية، وفقا للسكان المحليين.
قال زهير الشمالي وهو صحفي محلي، لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة عبر الهاتف، إن 4 مدنيين قتلوا في الهجوم. قال: "كنت أعرف أولئك الذين قتلوا. يمتلك أحدهم متجرا قريبا، وآخر يدير مولدا كهربائيا. كما يعيش الآخران في مكان قريب". وأكد صحفي آخر لـ هيومن رايتس ووتش أن والد صديقه قتل في الهجوم. أعلن الدفاع المدني السوري على صفحته على فيسبوك أن الذخائر العنقودية قتلت 3 مدنيين وجرحت 20.
نشر الدفاع المدني السوري لقطات فيديو لعمليات نقل الجرحى من موقع الاصطدام وتلقيهم العلاج في مركز طبي، وصورا لإطفاء النار في حافلة. نشرت وكالة الأنباء ثقة لقطات فيديو من مكان الحادث، تظهر حافلة مشتعلة.
زود الشمالي هيومن رايتس ووتش بصورة التقطها لبقايا الذخائر العنقودية نشرها أيضا على تويتر. بينما تظهر الصورة حاوية قنابل عنقودية، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد نوع الذخائر الصغيرة التي استخدمت في الهجوم.