تركت 130 ألف امرأة أوطانهن للعمل في عُمان كعاملات منازل وافدات، يقمن بمهام الطبخ والتنظيف ورعاية الأطفال، ويعشن في منازل أصحاب العمل. لكن وراء الأبواب المغلقة، كثير من هؤلاء النساء يتعرضن للضرب والتجويع، ويجبرن على العمل لمدة تصل إلى 21 ساعة في اليوم. تتحدث روثنا بيغوم إلى ستيفاني هانكوك حول تقريرها: "باعوني"، وعن الفظائع التي تجري في هذا البلد الهادئ والجميل، الذي نجا حتى الآن من التدقيق في هذه المسألة.
حوالي ربع الأسر العمانية لديها عاملات منازل وفقا للبيانات العمانية الرسمية، ولكن الرقم قد يكون أعلى بكثير مع توظيف كثير من الناس عاملات بشكل غير قانوني.
هل تعتمد عُمان نظام كفالة أيضا مثل بقية دول الخليج؟
أجل، وهذا يربط تأشيرات العاملات الوافدات بأصحاب عملهن، وهم الكفلاء في الوقت ذاته. لا يمكن للعاملات تغيير وظائفهن أو أصحاب عملهن دون الحصول على إذن من كفلائهن. إذا تعرضت العاملات للتهديد أو الضرب أو حتى التجويع وهربت من صاحب العمل، يمكن اتهامها بـ "الهروب" لتركها وظيفتها وقد تواجه السجن والغرامة والترحيل.
أجل. يعرف أصحاب العمل في عُمان أن العاملات لديهم لا يستطعن ترك العمل دون الخوف من الاعتقال. في عديد من البلدان، بما فيها عُمان، غالبا ما لا يمسيهن أصحاب العمل ووكالات التوظيف حتى عاملات. غالبا ما يشار إليها باسم "خادمات". وجدنا أن بعض أصحاب العمل يتصرفون كما لو كان يحق لهم تأخير أو حتى الامتناع عن دفع الراتب تماما على النحو الذي يروه مناسبا، لأي سبب من الأسباب.
إذن عاملات المنازل الوافدات في عُمان لا يتقاضين رواتبا ملائمة؟
لا بالنسبة لكثير منهن. أخبرنا كثير من النساء إن أجورهن لا تُدفع كاملة، أو لا يحصلن على رواتبهن لعدة أشهر، وأحيانا لا يُدفع لهن على الإطلاق. يصادر بعض أصحاب جوازات السفر، ويحجبون رواتب العاملات لمنعهن من الهرب حسبما يفترضون. قرر عديد من هؤلاء النساء العمل في الخارج لدعم أسرهن في بلادهن، وهذا مأساوي.
وجدنا بعض النساء اللاتي قلن إنهن تعرضن للتعذيب الجسدي. التقيت بنساء قلن لي إنهن تعرضن للضرب بالعصي واللكم والصفع والركل، وحتى الحرق بالماء أو الطعام الساخن. هربت امرأة إندونيسية بعد تعرضها للضرب لكن الشرطة قبضت عليها وأعادتها لصاحب عملها. كانوا غاضبين جدا من هروبها، فضربها صاحب عملها على وجهها وكسر 2 من أسنانها الأمامية.
ماذا عن الاعتداء الجنسي؟
للأسف، هذا يحدث في بعض الأحيان أيضا. قالت امرأة إنها تعرضت للاغتصاب من قبل ابن صاحب عملها البالغ من العمر 27 عاما. قالت امرأة أخرى إنها تعرضت للتحرش الجنسي من قبل 3 أبناء كبار في الأسرة. في نهاية المطاف قالت لوالدتهم: "أبناؤك لا يتركوني وشأني في الليل"، وتوسلت للسماح لها بالمغادرة. رضخت الأم وسمحت لها بالمغادرة، ولكن صاحب العمل الجديد كان مسيئا أيضا وهدد بقتلها.
كثير من عاملات المنازل لديهن أصحاب عمل جيدون ويعملن في ظروف جيدة ويتلقين رواتب لائقة. لكن كثيرات لم يحالفهن الحظ ويجدن أنفسهن محاصرات. من المستحيل أن نعرف مدى انتشار سوء المعاملة، لكننا وجدنا الأنماط الشائعة لسوء المعاملة. على سبيل المثال، كل النساء اللاتي تحدثنا إليهن على سبيل المثال - حتى أولئك اللاتي قلن إن لديهن أصحاب عمل جيدون – قلن إن أصحاب العمل صادروا جوازات سفرهن.
كثير من عاملات المنازل في عُمان يعشن في المناطق الريفية، وليس البلدات. كيف يمكن أن يؤثر هذا عليهن؟
في بعض المناطق، يكون لدى الأسر أراضي وحيوانات تحتاج الرعاية. على بعض العاملات إطعام الأغنام والتعامل مع السماد أيضا، فضلا عن الطبخ والتنظيف ورعاية الأطفال خلال الليل. قالت العاملة الشابة "بابلي" إنها كانت تسقي 16 شجرة مانغو لصاحب عملها كل يوم. ولكن سرعان ما ارتفعت فاتورة مياه للأسرة، فضربها صاحب العمل لإهدار المال. كانت تسقط ثمار المانغو أحيانا، فتعدّها الأسرة للتأكد أن بابلي لا تأكل منها.
تهرب عديد من النساء بلا مال، وفي كثير من الأحيان بملابسهن فقط، ودون زجاجة مياه. حتى النساء اللاتي يعيشن في المدن الكبيرة أو بالقرب منها، عليهن المشي أحيانا أميالا عديدة في حرارة مرتفعة جدا لطلب المساعدة. تواجه اللاتي يعشن في المناطق النائية جدا بعيدا عن العاصمة عقبات أكبر حتى، ويمكن أن يهربن رغم أنه لا وسيلة واضحة لديهن للوصول إلى سفاراتهن أو أي مصدر آخر للمأوى أو المساعدة. لكن بعض النساء يخشين حقا من القتل على يد أصحاب عملهن، ويشعرن أن لا خيار لديهن سوى محاولة الهرب.
ما الذي يحدث لمن يهربن؟
قالت النساء اللاتي ذهبن إلى الشرطة إنهن كن محبطات من تقديم شكوى رسمية وإعادتهن إلى أرباب عملهن. في بعض الحالات، اتصل ضباط الشرطة بالأسر لتأتي وتأخذ العاملات ببساطة. لا يكتبون شهاداتهن في تقارير للشرطة ولا يتصلون بالأسر للتحقيق. قالت "ماماتا" إنها توسلت كيلا تعاد إلى كفيلها بعد ذهابها إلى الشرطة طلبا للمساعدة. لكنهم تجاهلوها. قالت ماماتا إن صاحب عملها ضربها "بلا رحمة" عندما أعيدت إلى بيته.
تعتقد كثير من النساء أن الوكيل الذي استقدمهن من بلادهن يقف بصفّهن. لكن ليس للوكلاء حافز مالي لمساعدة النساء على ترك وظائفهن، كما أنهم قد يضطرون إلى إعادة الرسوم التي تقاضوها عن العاملات. في إحدى الحالات، أرسلت الشرطة امرأة هربت من صاحب عملها إلى الوكالة التي استقدمتها. قال لها الوكيل الذي كان عليه إعادة الرسوم لصاحب العمل: "دفعت 200 ريال (520 دولار) إذا دفعت لي هذا المبلغ، يمكنك الذهاب". لكن لم يكن لديها المال، فحبسها في غرفة وضربها. هربت بعد فترة وجيزة من خلال القفز من نافذة الطابق الثاني، وأخيرا وصلت إلى المطار، رغم جراح قدميها.
هل وصلت أي من حالات إساءة معاملة العاملات إلى المحكمة؟
نادرا ما حدث ذلك. في الواقع، قال لي بعض مسؤولي سفارات بلدان الدول المرسلة للعمالة في عُمان إن ثقتهم متدنية بنظام العدالة – حيث قال أحد المسؤولين إن سفارته تنصح مواطنيها في الواقع بعدم متابعة الإجراءات القضائية. إذا أردت فعلا أخذ صاحب عملك إلى المحكمة، يمكن أن تستمر القضية لسنوات طويلة، لا يسمح للمرأة خلالها بالعمل لأي شخص آخر، لذلك هو قرار مكلف جدا مع عدم وجود ضمان للعدالة. لم تتابع المرأة التي ضربها صاحب العمل وكسر أسنانها قضيتها، ولكن بعد عام، حين أقامت في ملجأ بلا دخل، تمت تبرئة صاحب عملها وغادرت إلى بلدها بلا عدالة.
نعم صحيح. وضعت معظم البلدان التي تأتي منها عاملات المنازل حدا أدنى لأجور مواطناتها كإجراء حماية، فللفيليبينيات 400 دولار في الشهر، و220 للسريلانكيات و180 للتنزانيات، الخ. لذلك يمكن لأصحاب العمل تطوير صورة نمطية للعاملات، مثل التفكير أنه يمكنهم توظيف فلبينية مقابل 400 دولار في الشهر لأنهم يعتقدون أنه يمكنها التحدث باللغة الإنغليزية، أو أنه يمكنهم توظيف إثيوبية براتب أقل لأنهم يعتقدون أنها أكثر انقيادا، وأنه يمكنهم إجبارها على العمل لساعات أطول. بما أنه لا يوجد حد أدنى لأجور العمال الأجانب في عُمان، فلا عواقل على أصحاب العمل إن دفعوا للنساء نصف ما وعدن به. بسبب نظام الكفالة، يعرفون أن العاملات محاصرات، ولا يمكنهن تركهم للعمل لشخص يقدم راتبا أعلى دون إذنهم.
عديد من دول الخليج لديها نظام الكفالة المسيء. هل الأمور أسوأ في عُمان مقارنة مع دول الخليج الأخرى؟
حتى الآن، هربت عُمان إلى حد كبير من التدقيق في هذه المسألة. ولكن ما وجدناه حول مواقف الشرطة ونظام العدالة هناك، يبدو الوضع سيئا كما هو الحال في أي بلد مجاور، وربما أسوأ من بعض جيرانها. على سبيل المثال، كان للنساء اللاتي تحدثت إليهن في الإمارات مواقف سيئة وجيدة تجاه نظام العدالة. قال بعضهن إن الشرطة حاولت المساعدة أو شجعتهن على قديم شكوى جنائية، ورأت أخريات أن دائرة الهجرة تستمع لهن. لم أسمع قصص إيجابية عن الشرطة أو آلية تسوية المنازعات في عُمان. هذا سيء جدا.
لماذا على عُمان التغيير إذا كانت البلدان الأخرى مثل السعودية والإمارات ترفض ذلك؟
عمان بلد مضياف جدا، وكما هو معروف أنها أكثر تسامحا وانفتاحا من غيرها في المنطقة. صحيح أن عمان لديها تاريخ في تجارة الرقيق، حيث كانت تجلب الرقيق من الساحل الشرقي لأفريقيا منذ قرون. لكن عندما ألغيت العبودية في القرن العشرين، حصل كثير من المستعبدين السابقين على الجنسية العمانية. ندعو عُمان إلى ضمان حقوق الفئات المهمشة، وسوف تفتخر بذلك.