ملخص
أبدأ العمل الساعة 4:30 صباحا، وأنتهي الساعة 1 صباح اليوم التالي. لا يسمحون لي بالجلوس طوال اليوم. أنا دائما منهكة. هناك 20 غرفة وأكثر من طابقين. لا يقدّم لي الطعام. عندما قلت إنني أريد أن أغادر، أجابني: "اشتريتك بـ 1560 ريال عماني (4052 دولار أمريكي) من دبي. أعيديها لي، وبعد ذلك يمكنك الذهاب
-أسماء ك، عاملة منزلية من بنغلادش، عُمان. مايو/أيار 2015
تعتمد كثير من الأسر في عُمان، مثل بقية دول الخليج، على عاملات المنازل الوافدات لرعاية أطفالها، وإعداد طعامها، وتنظيف منازلها. تعمل في البلاد 130 ألف عاملة منزلية وافدة على الأقل، وربما أكثر من ذلك بكثير. الكثير من العاملات يتركن عائلاتهن في آسيا وأفريقيا، بما في ذلك الفلبين وإندونيسيا والهند وبنغلادش وسريلانكا ونيبال وإثيوبيا، بعد أن يعدهن وكلاء التوظيف برواتب مرتفعة وظروف عمل جيدة. تتحقق هذه الوعود بالنسبة للبعض، لكن الواقع كئيب بالنسبة لأخريات. كثيرا ما يجدن أنفسهن بعد وصولهن محاصرات بأصحاب عمل مسيئين، ويُجبرن على العمل في ظروف مزرية، ويواجهن معاناة خفية وراء أبوب مغلقة يستند هذا التقرير بشكل رئيسي إلى مقابلات مع 59 عاملة منزلية في عُمان في مايو/أيار 2015، ويوثّق سوء المعاملة والاستغلال الذي تعرضت له بعض عاملات المنازل الوافدات، خلال التوظيف والعمل، وعدم وجود تعويض عن هذه الانتهاكات. كما يشخص التقرير كيف يُسهل الإطار القانوني العماني هذه الظروف. وصفت عاملات في بعض الحالات انتهاكات ترقى إلى العمل القسري أو الاتجار بالبشر، لا سيما عبر حدود عُمان غير المضبوطة مع الإمارات. لا يدّعي هذا التقرير تقديم معطيات كميّة دقيقة لهذه الانتهاكات، ولكن من الواضح أن الانتهاكات منتشرة على نطاق واسع، وتُرتكب بمنأى عن العقاب.
قالت معظم العاملات اللاتي قابلناهن إن أصحاب العمل صادروا جوازات سفرهن، في ممارسة تبدو شائعة رغم حظر حكومة عمان لذلك. قالت كثيرات إن أصحاب العمل لم يدفعوا لهن رواتبهن كاملة، وأرغموهن على العمل لساعات طويلة دون فترات راحة أو عطلات، أو حرموهن من الطعام والظروف المعيشية الملائمة. قالت بعضهن إن أصحاب العمل أساؤوا إليهن بدنيا، وعدد قليل منهن جنسيا.
تفاقم القوانين والسياسات في عمان تعرّض عاملات المنازل للانتهاكات، بدلا من توفير الحماية لهن. يخوّل الإطار القانوني العماني لأصحاب العمل الانتقام من العاملات اللاتي يهربن من سوء المعاملة أكثر مما يحمي حقوقهن أو يضمن سلامتهن البدنية. يحظر نظام الهجرة في البلاد ترك العاملات المهاجرات لأصحاب عملهن أو العمل لآخرين دون موافقة أصحاب العمل السابقين، ويعاقبهن إن فعلن ذلك. يستثني قانون العمل العماني عاملات المنازل من الحماية، واللاتي يهربن من الانتهاكات لا يحصلن على فرص تذكر للتعويض والإنصاف.
بسبب ظروف العمل القاسية التي تواجهها عديد عاملات المنازل، حظرت بعض الدول، مثل إندونيسيا، مواطناتها من السفر إلى عمان للعمل في المنازل. هذا الحظر الجماعي غير فعال، ويمكن أن يزيد من مخاطر تعرّض النساء للاتجار بالبشر أو العمل القسري لأنهن يحاولن تجاوزه، وكذا تفعل وكالات التوظيف. وضعت عديد من الدول، مثل الفلبين والهند، بعض إجراءات الحماية الأساسية لعاملات المنازل في عُمان، وهي إجراءات غير موجودة في القانون العماني، كتحديد الحد الأدنى للأجور. ولكن هذه الدول ليست قادرة على فرض هذه الحماية بفعالية عند وصول مواطناتها إلى البلاد.
تمنع عُمان أيضا قدوم عاملات من بعض الدول أحيانا. بحسب تقرير اخباري في 2016، حظرت السلطات دخول عاملات من إثيوبيا وكينيا والسنغال وغينيا والكاميرون، على أسس مشكوك فيها لمنع "انتقال الأمراض من هذه الدول الأفريقية إلى عمان"، ولأنه يُعتقد أن العاملات القادمات من هذه الدول "يتورطن في جرائم معينة".
تواجه عاملات المنازل الوافدات أشكالا متعددة من التمييز والسياسات الحكومية التعسفية. ولأنهن عاملات منازل، فهن لا يحصلن على حماية قانون العمل المكفولة للعمال الآخرين. تنصّ اللوائح القانونية على امكانية دفع أجور أقل لهن مقارنة بالعمال الذكور. ولأنهن وافدات، تستند رواتبهن إلى أصولهن لا مهاراتهن وخبراتهن. تنتهك هذه السياسات والممارسات التزامات عمان بمعاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها، بما في ذلك "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، و"الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".
أدخلت عُمان إصلاحات على قانون العمل في السنوات الأخيرة، وتدرس مزيدا من التعديلات بحسب تقارير، وقد تشمل توسيع الحماية الخاصة بعاملات المنازل.
انتهاكات ضد عاملات المنازل
تجرّم عُمان الرق والاتجار بالبشر، ولكن التنفيذ ضعيف. يعاقب قانون العمل في البلاد العمل القسري، ولكنه يستثني عاملات المنازل من الحماية. حاكمت السلطات العمانية عددا قليلا من الأفراد بسبب العمل القسري، ولكن لم يتضح ما إذا كانت أي من هذه القضايا تتعلق بعاملات منازل.
قالت بعض عاملات المنازل لـ هيومن رايتس ووتش إن أصحاب العمل ووكلاء آخرين هرّبوهن من الإمارات إلى عمان، عبر الحدود التي تفصل البلدين. جُلبت عديد من عاملات المنازل إلى عمان عبر الحدود، وفقا لمسؤولين في سفارات عدة دول مرسلة للعمالة للتملص من التعليمات القانونية أو من متابعة السفارات لعاملات المنازل. بالنظر إلى كثرة التقارير المتعلقة بالاتجار بالنساء من الإمارات إلى عمان، لإجبارهن على العمل القسري، تعتبر الملاحقات القضائية والإدانات لمثل هذه الجرائم منخفضة بشكل لافت. حصلت فقط 5 ملاحقات متعلقة بتجارة الجنس في 2015، ولم تحصل أي ملاحقات للاتجار بالبشر.
يعد وكلاء العمل عاملات المنازل بظروف عمل محترمة في عُمان، وتنصّ عديد من العقود على رواتب جيدة قبل مغادرتهن بلدانهن. لكن عند وصولهن، تجد كثير منهن رواتب أقل مما وعدن به، وظروف عمل أسوأ.
تحدثت عديد العاملات عن أوضاع ترقى إلى العمل القسري بموجب القانون الدولي. قالت الكثيرات منهن إن أصحاب عملهن ضربوهن، وحجبوا رواتبهن، وهددوهن بالقتل، واتهموهن بارتكاب جرائم زورا لما طالبوا بالمغادرة، أو انتقموا منهن بالضرب لما حاولن ذلك. قالت عديد العاملات إن أصحاب عملهن تصرفوا كما لو أنهن ملكا لهم، بدعوى أن رسوم الاستقدام التي دفعوها لتأمين خدمات العاملات كانت في الواقع ثمن تملّكهن. يسهل الإطار القانوني العماني سوء معاملة علامات المنازل إلى درجة أن بعضهن يجدن أنفسهن في أوضاع ترقى إلى الاسترقاق بموجب القانون الدولي.
ربع عاملات المنازل تقريبا اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش قُلن إن أصحاب عملهن أساؤوا إليهن بدنيا أو جنسيا، ومنهن عاملة منزلية من بنغلاديش قالت إن صاحب عملها قصّ لها شعرها وحرق قدميها، وأخرى قالت إن ابن صاحب عملها اغتصبها. قالت معظمهن إن أصحاب عملهن أساؤوا إليهن لفظيا، بالصراخ عليهن والتهديد بقتلهن، أو أطلقوا عليهن أسماء مهينة مثل "الكلبة". قالت ماريسا ل، عاملة فلبينية: "تقول السيدة طوال الوقت إني بلا دماغ، وقذرة."
قالت عديد من عاملات المنازل إن أصحاب العمل تأخروا في دفع رواتبهن أو دفعوا أقل من مستحقاتهن. لم يدفع بعضهم أجورهن على الإطلاق. قالت إحدى العاملات إنها لم تتلق أجورها لمدة عام. اشتكت عاملات المنازل كلهن تقريبا من العمل لفترات طويلة تصل إلى 15 ساعة يوميا، وإلى 21 ساعة في الحالات القصوى بدون راحة أو يوم عطلة، حتى في حالات المرض والإصابة. على سبيل المثال، قالت بابلي هـ (28 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إن صاحب عملها جعلها تعمل 21 ساعة في اليوم دون راحة أو يوم عطلة. قالت إنه أساء إليها جسديا ولفظيا، وحجب راتبين شهريين من مستحقاتها. قالت إنها طلبت منه السماح لها بترك العمل، فأجابها: "إذا لم ترجع لي الوكالة مالي، لن أدعك تذهبين."
في بعض الحالات، تعمل العاملات لصالح العائلة الموسعة وفي عدة بيوت. قالت بروين أ، عاملة منزلية من بنغلادش، إنها عملت لأسرة مكونة من 15 شخصا في 4 منازل في مجمع سكني في صحار، مدينة ساحلية شمال عمان. قالت إنها عملت 16 شهرا من الساعة 4 صباحا حتى منتصف الليل دون يوم راحة. قالت إن صاحب العمل دفع لها 50 ريال عماني فقط شهريا (130 دولار)، وهو أقل بـ 20 ريال مما كانت تستحق، وحجب عنها رواتب 4 أشهر.
وصفت عاملات المنازل ممارسات متكررة تبقيهن معزولات عن مصادر الدعم، وخاصة مصادرة جوازات السفر، والقيود الصارمة على الاتصالات، والحبس في المنزل. رغم أن عُمان تحظر على أصحاب الأعمال مصادرة جوازات سفر العاملات، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان القانون يسمح في الواقع بعقوبات جنائية، أو إذا طُبق من قبل.
تلزم الشروط التعاقدية التي تفرضها حكومة عُمان أصحاب العمل بتزويد عاملات المنازل بغرفة ملائمة وطعام كاف. لهذه الأحكام أهمية خاصة، لأن عديدا من عاملات المنازل لا يستطعن مغادرة منازل أصحاب العمل، ولا تُدفع أجورهن كاملة وفي الوقت المناسب، وفي كثير من الحالات، لا يكسبن ما يكفي لتوفير طعامهن وسكنهن. رغم ذلك، قالت بعض عاملات المنازل إن أصحاب العمل لم يقدموا لهن طعاما كافيا أو قدموا لهن طعاما فاسدا، ووبخوهن بشدة أو ضربوهن، إذا طلبن أكثر. قالت ماماتا ب، وهي عاملة منزلية من بنغلادش، إن صاحب عملها عاقبها بعد فرارها إلى الشرطة طلبا للمساعدة لكنهم أعادوها إليه. قالت: "ضربتني السيدة، وحبستني في غرفة 8 أيام، ولم تقدم لي سوى التمر والماء."
تحدثت بعض عاملات المنازل عن ظروف نوم غير لائقة وغير ملائمة في منازل أصحاب العمل، بما في ذلك في المطابخ وغرف المعيشة، أو مع أطفال صغار. قالت أنيسة م، عاملة منزلية من تنزانيا: "أنام في المطبخ، ليس لي غرفة".
معاقبة الفرار وعوائق التعويض والإنصاف
لعاملات المنازل اللاتي يهربن من أصحاب عملهن بسبب سوء المعاملة، عدد قليل جدا من خيارات الحماية البدنية أو القانونية. رغم أن الحكومة توفر عددا قليلا من خدمات الملاجئ الحكومية للنساء اللاتي يتعرضن للاتجار بالبشر، إلا أنها أحالت عددا قليلا جدا من الضحايا إلى هذه الخدمات، لم يتجاوز عددهن 5 نساء في 2015. إضافة إلى ذلك، لم تنشئ السلطات أي مأوى طوارئ رسمي خاص بعاملات المنازل اللاتي يتعرضن لسوء المعاملة. توفر بعض السفارات المأوى والمساعدة لمواطناتها، ولكن عدة سفارات أخرى لا توفر ذلك. حتى تلك التي توفر بعض الخدمات ليس لديها.
القدرة الكافية والظروف الملائمة. قالت بعض العاملات إنهن أبلغن عن الانتهاكات التي تعرضن لها إلى وكالات التوظيف الخاصة بهن، ولكن الوكلاء احتجزوهن وضربوهن، وأجبروهن على العمل لعائلات جديدة دون إرادتهن.
عاملات المنازل اللاتي يرغبن في الحصول على دعم أو في تحقيق العدالة بعد تعرضهن لانتهاكات، يحصلن على قدر ضئيل من المساعدة، وربما يتعرضن للعقاب. قالت بعض عاملات المنازل اللاتي لجأن إلى الشرطة للمساعدة إن الأعوان أجبروهن على العودة لأصحاب عملهن أو لوكالات التوظيف. قلن إن الشرطة لم تتابع الموضوع، وفي عديد من الحالات، تعرضن للضرب من قبل أصحاب العمل.
بعض عاملات المنازل يتجنبن الشرطة تماما، خوفا من الملاحقة القضائية. لهذا الخوف ما يبرره، فأصحاب العمل يُمكنهم الإبلاغ عن عاملات المنازل اللاتي يهربن من حالات إساءة المعاملة ويعتبروهن "هاربات"، وهي جريمة إدارية بموجب نظام الكفالة المسيء في عُمان، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الترحيل وحظر العمل مستقبلا. على سبيل المثال، هربت أديتيا ف، عاملة منزل إندونيسية، من صاحب عملها بعد أن أساء إليها جسديا ولفظيا، ولكن صاحب العمل أبلغ عنها وقال إنها "هاربة". ألقت الشرطة القبض عليها وأعادتها إلى صاحب عملها، الذي ضربها وكسر أسنانها. قالت بعض العاملات إن أصحاب عملهن لفقوا لهن تهما بالسرقة أو هددوا بذلك، عندما سألن عن رواتبهن أو هربن من الانتهاكات.
إجراءات تسوية النزاعات العمالية في عُمان غير كافية، والمحاكم ليست وسيلة عملية لإنصاف عاملات المنازل. قال بعض مسؤولي سفارات الدول المرسلة للعمالة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يشجعوا عاملات المنازل على استخدام هذه الآليات لأنها تستغرق وقتا، ومن غير المرجح أن تنجح، ولأن القانون لا يسمح لهن بالعمل أثناء عملية التسوية. تستسلم كثير من العاملات ببساطة ويعدن إلى بلدانهن دون أجر أو عدالة.
الإطار القانوني
تطبق عُمان، مثل جيرانها في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط – بدرجات متفاوتة – نظام تأشيرة الكفالة سيء السمعة. بموجب هذا النظام، يعتمد جميع العمال الوافدين الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان عُمان، البالغ عددهم 4.4 مليون، على أصحاب العمل لدخول البلاد والعيش والعمل بشكل قانوني لأنهم الكفلاء الذين ضمنوا لهم التأشيرة.
يُسيطر أصحاب العمل بشكل كبير على هؤلاء العمال. لا يستطيع العمال الوافدون العمل لصاحب عمل جديد دون الحصول على إذن من صاحب العمل الأصلي، حتى بعد انتهاء العقد المبرم بينهما، أو عندما يكون صاحب العمل مسيئا. علاوة على ذلك، يمكن لأصحاب العمل إلغاء تأشيرة العامل في أي وقت. يمكن أن يُعاقب العمال الذين يتركون وظائفهم دون موافقة صاحب العمل بغرامات مالية ويواجهون الترحيل وحظر العودة.
أخبرت عُمان "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" عام 2011، أنها "تبحث في نظام بديل لنظام الكفالة، ولكن هذه العملية لم تكتمل بعد". إلا أن الحكومة لم تقدم أي مقترح جدي في السنوات التالية، على حد علم هيومن رايتس ووتش.
أفادت تقارير أن عُمان بصدد النظر في تعديلات لقانون العمل. نقلت صحيفة "تايمز أوف عمان" في مايو 2015 عن مسؤول في وزارة القوى العاملة قوله إن عُمان تدرس توسيع حماية القانون لتشمل عاملات المنازل. يستثني قانون العمل العماني الحالي عاملات المنازل بشكل واضح من الحماية الهامة التي يتمتع بها العمال في قطاعات أخرى، مثل تحديد ساعات العمل وأحكام أجور العمل الإضافي. بدل ذلك، لا تحظى عاملات المنازل إلا بحماية أساسية أضيق بكثير، بموجب لوائح 2004 التي تتعلق بعاملات المنازل بالتحديد.
أصدرت السلطات العمانية عقد عمل موحد لعاملات المنازل عام 2011، ينص على يوم راحة واحد في الأسبوع وثلاثين يوما كإجازة مدفوعة الأجر كل عامين. ومع ذلك، تضمن هذه الأحكام حماية أدنى بكثير من الحماية التي يوفرها قانون العمل العماني. لا تستطيع عاملات المنازل فرض التزامات تعاقدية كبيرة على أصحاب العمل. ينص العقد أيضا على أقل مما توعد به العديد من العاملات في بلدانهن، عند توظيفهن، وأقل بكثير من المعايير الدولية.
ليس لمفتشي العمل تفويضا لمتابعة عاملات المنازل، لذلك لا توجد عمليات تفتيش لأوضاع العاملات في المنازل الخاصة.
مع فشل عُمان في توفير حماية كافية لعاملات المنازل الوافدات، حاولت بعض الدول المرسلة للعمالة مثل الفليبين والهند المساعدة في معالجة هذه الفجوة من خلال تأمين بعض الحماية الأساسية لمواطناتها. على سبيل المثال، وضعت بعض هذه الدول حدا أدنى لأجور رعاياها العاملات في عُمان، واتخذت خطوات لوضع وكالات التوظيف وأصحاب العمل المسيئين في قوائم سوداء. مع ذلك، لا يُمكن لهذه الإجراءات أن تعوّض أي عمل حكومي قوي، فبعض حكومات الدول المرسلة للعمالة لم تبذل أي جهد لحماية مواطناتها على الإطلاق. تبحث بعض وكالات الاستقدام عن عاملات "أرخص" من دول أقل تنظيما لهذه العملية.
التزامات عُمان الدولية
الحكومة العمانية مُلزمة بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ومعاهدات العمل بمعالجة وتعويض الانتهاكات بحق عاملات المنازل الوافدات. ومع ذلك، تخرق عّمان هذه المعايير، مثل بقية دول الخليج، بفشلها في تقديم الحماية الكافية لعاملات المنازل من الاستغلال وسوء المعاملة. يسهّل الإطار القانوني في البلاد سوء المعاملة في بعض النواحي.
دعت "منظمة العمل الدولية" وعديد من خبراء وهيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان دول الخليج، بما فيها عُمان، إلى وضع حد لنظام الكفالة وتمكين عاملات المنازل من الحماية الكاملة المكفولة في قانون العمل.
على عُمان التحرك فورا لإصلاح قانون العمل من أجل توفير حماية متساوية لعاملات المنازل. عليها أيضا إصلاح نظام الكفالة لتوفير حماية كاملة وفعالة لجميع عاملات المنازل الوافدات في البلاد، بما يتماشى مع المعايير الدولية. على عُمان التعاون مع الدول المرسلة للعمالة لمنع انتهاك واستغلال عاملات المنازل، وإجراء تحقيق شامل في الانتهاكات وملاحقة المسؤولين عنها. عليها أيضا التصديق على المعاهدات الدولية الرئيسية، بما في ذلك "اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين" وتعديل قوانينها لتتفق مع أحكام هذه الاتفاقية.
التوصيات الرئيسية
لحكومة عُمان
- يجب إصلاح نظام الكفالة من خلال تعديل "قانون إقامة الأجانب" ولوائحه التنفيذية والقوانين الأخرى بحيث يمكن لعاملات المنازل إنهاء عملهن والانتقال لأصحاب عمل آخرين بإرادتهن ودون موافقة صاحب العمل الأصلي، قبل انتهاء العقد وبعده. يجب إلغاء أحكام "الهروب" من القوانين الحالية
- تمرير قانون يجرّم صراحة مصادرة جوازات السفر من قبل أصحاب العمل والوكلاء.
- التأكد من أن تشمل إصلاحات قانون العمل توسيع نطاق القانون لتشمل جميع إجراءات الحماية عاملات المنازل، وتحديث لوائح عام 2004 بشأن عاملات المنازل لجعلها وقانون العمل متماشية مع اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين.
- تجريم العمل القسري بموجب "قانون الجزاء" بفرض عقوبات مناسبة عليه، وإجراء تحقيق شامل ومقاضاة المسؤولين عن حالات العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالبشر.
- التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمال المنزليين وبروتوكول عام 2014 الملحق باتفاقية المنظمة بشأن العمل القسري لسنة 1930.
- إنشاء ملاجئ ترعاها الحكومة لعاملات المنازل اللاتي يهربن من سوء المعاملة أو توفير الدعم المالي لملاجئ خاصة. تعميم معلومات عن وجود الملاجئ والاتصال بها، وغيرها من المساعدات لعاملات المنازل.
- تدريب عناصر الشرطة على تلقّي شكاوى عاملات المنازل ومعالجتها.
- توجيه عناصر الشرطة لعدم إعادة عاملات المنازل إلى أصحاب عملهن أو وكالات التوظيف رغما عنهن، والتحقيق بدقة في جميع الادعاءات المعقولة بالانتهاكات ضد أصحاب العمل ومكاتب الاستقدام.
- التنسيق مع الإمارات في التحقيق في حالات الاتجار بالأشخاص، مع التركيز بشكل خاص على دور وكالات التوظيف في مدينتي العين والبريمي.
- رفع الوعي لدى عاملات المنازل وأصحاب العمل بشأن الحقوق والمسؤوليات، وإبلاغ أصحاب العمل بانتظام عن عقوبات سوء المعاملة.
لحكومات الدول المرسلة للعمالة
- توفير معلومات لعاملات المنازل بشأن حقوقهن، وعن كيفية فهم والاستفادة من الإطار القانوني العماني، وحول كيفية الوصول إلى الدعم الطارئ والمساعدة القانونية المتاحة لهن في عُمان.
- إعلام السلطات العمانية بوكالات التوظيف وأصحاب العمل الذين يزعم أنهم مسيؤون، حتى تتمكن من التحقيق والمحاكمة عند الاقتضاء.
منهجية التقرير
يعتمد هذا التقرير على بحوث أجرتها باحثة وباحث من هيومن رايتس ووتش في عُمان في مايو/أيار 2015. أجرى الباحثان مقابلات في مسقط، عاصمة عُمان، والسيب، المدينة الساحلية المجاورة، لوجود عدد كبير من وكالات التوظيف والعائلات التي تشغل عاملات منزليات هناك. كما يوجد في هاتين المدينتين عدد كبير من عاملات المنازل الفارات من سوء المعاملة في مناطق أخرى في عمان.
قابل باحثا هيومن رايتس ووتش 59 عاملة منزلية وافدة تتراوح أعمارهن بين 19 و52 سنة، من بنغلادش والهند وإندونيسيا والفلبين وتنزانيا وأوغندا. أجرِيت المقابلات في أماكن متنوعة تشمل الحدائق والمساحات المفتوحة ومراكز التسوق والمقاهي والفنادق والملاجئ غير الرسمية. أجرى الباحثان المقابلات بشكل مباشر، باستثناء واحدة عبر الهاتف.
حرص الباحثان على عدم الاقتراب من العاملات بوجود أصحاب عملهن. تراوح طول وعمق المقابلات بحسب درجة الخصوصية المتاحة في مكان المقابلة. أجرى الباحثان معظم المقابلات بشكل فردي، وكانت بعض المقابلات جماعية.
شرح باحثا هيومن رايتس ووتش لجميع العاملات الغرض من المقابلة، والطرق التي سيتم استخدام المعلومات بها، وطبيعتها الطوعية. لم يقدم أي مقابل مالي أو تعويض للمشاركة في المقابلات. أعلم الباحثان كافة المشاركات بأن لهن الحرية المطلقة في رفض الإجابة عن أي سؤال، وفي إنهاء المقابلة في أي وقت، وحرصا على ألا تُعرّض النساء اللاتي تعرضن لاعتداءات جسدية وجنسية لصدمات إضافية.
أجرى الباحثان المقابلات باللغة الإنغليزية والهندية والبنغالية والعربية. أجريت المقابلات بلغة العاملة نفسها كلما كان ذلك ممكنا، وأحيانا بمساعدة مترجم. قابل باحثا هيومن رايتس ووتش كذلك محامين ومسؤولين من سفارات البلدان المرسلة للعمالة، وعاملين في المجال الاجتماعي طلبوا حجب هوياتهم.
يستخدم هذا التقرير أسماء مستعارة لجميع العاملات، وتم حجب أسماء جميع الأفراد الآخرين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لحماية خصوصيتهم. كما تم حجب أسماء مواقع المقابلات والمعلومات الأخرى التي تدل على المشاركين كلما طلبوا ذلك.
طلبت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع مسؤولين حكوميين عمانيين في مايو/أيار 2015، ولكن "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" أبلغت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة لن توافق على هذه الاجتماعات، وطلبت من هيومن رايتس ووتش عدم إجراء بحوث في عُمان دون اتفاق مسبق مع الحكومة. أرسلت هيومن رايتس ووتش ملخص لنتائج بحوثها، وطلبت الحصول على معلومات حول سياسات العمالة المنزلية وممارساتها، من وزارة القوى العاملة ووزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية ووزارة الشؤون الخارجية، فضلا عن شرطة عمان السلطانية، والسفير العماني في الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو/حزيران 2016. لم تتلقى هيومن رايتس ووتش أي ردود حتى كتابة هذا التقرير.
لا تزعم هيومن رايتس ووتش أنه يُمكن استخلاص نتائج إحصائية حول انتشار ظاهرة العنف ضدّ عاملات المنازل في عمان بالاستناد إلى المقابلات التي أجريت لغرض هذا التقرير.
I. خلفية
أصبحت عُمان، منذ ازدهار قطاع النفط في 1973، من الدول ذات الاقتصاد مرتفع الدخل، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 52.2 مليار دولار عام 2015، ودخلها القومي الإجمالي 18,340 مليار دولار عام 2014.[1] رغم أن عمان ليست ثرية بقدر جيرانها الخليجيين، إلا أنها وجهة رئيسية للمهاجرين من أجزاء كثيرة من العالم، وخاصة جنوب آسيا.[2]
هناك أكثر من 2 مليون شخص غير عماني في البلاد، وفقا لـ "المركز الوطني للإحصاء والمعلومات"، أي نحو نصف عدد سكان البلاد البالغ عددهم 4.4 مليون نسمة.[3] يشكل العمال الوافدون أكثر من 88 بالمئة من القوى العاملة في القطاع الخاص في عُمان، وفقا لتقرير المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2015.[4] عمان واحدة من أكبر 20 دولة يرسل منها الوافدون، بما فيهم عاملات المنازل، تحويلات مالية إلى بلدانهم.[5] بلغت هذه التحويلات 10.3 مليار دولار عام 2014، وتشكل 12.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عُمان.[6]
وفقا لبيانات الحكومة، بلغ عدد العاملات الإناث 130006 من أصل 160998 عاملا منزليا وافدا (أكثر من 80 بالمئة) في عام 2014.[7] ومع ذلك، يُعتقد أن هذا العدد أعلى لأنه لا يشمل عاملات المنازل غير المسجلات. معظم عاملات المنازل في عُمان من دول الفلبين وإندونيسيا والهند وبنغلادش وسريلانكا ونيبال وإثيوبيا وتنزانيا.[8] ومع ذلك، هناك توظيف متزايد لعاملات المنازل من دول شرق أفريقيا في دول الخليج، بما فيها عُمان، حيث تحاول وكالات التوظيف تجنب القيود والحظر الذي فرضته بعض الدول الآسيوية في السنوات الأخيرة على عاملات المنازل الوافدات إلى الخليج.
تسعى النساء إلى الهجرة للعمل في المنازل لأسباب متنوعة. تهاجر كثير من عاملات المنازل – ويغتربن لعقود من الزمن في بعض الحالات – لدعم أفراد أسرهن في أوطانهن. بعضهن هن المعيلات الوحيدات لعائلاتهن، ولديهن فرص عمل ضئيلة في بلادهن. تأمل بعضهن في بناء مساكن لعائلاتهن أو الاستثمار في الأعمال التجارية. بينما ترعى عاملات المنازل أطفال أصحاب العمل، يُحرمن من رؤية أطفالهن لسنوات. قالت روبا ك، عاملة منزلية (52 عاما) من ولاية تاميل نادو بالهند، إنها بدأت العمل لعائلة عمانية منذ 24 سنة، وساعدت على رعاية أطفال الأسرة بينما كبُر أطفالها الثلاثة دونها في الهند، وأصبحوا الآن في الثلاثينات من العمر، ولديهم أطفال، وهي تراهم كل سنتين. لا تزال تعمل في عمان لمساعدة ابنتها على تربية أطفالها الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات، لأن زوج ابنتها كفيف وليس لديه فرص عمل. قالت روبا: "لا بد لي من مساعدتهم". كانت تستثمر أجرها لتمويل بناء منزل لأسرتها عندما قابلتها هيومن رايتس ووتش.[9]
تهاجر أخريات بعد أن يجدن أنفسهن في ضائقة مالية كبيرة. قالت لاتيكا س (30 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إنها هاجرت بسبب الديون الأسرية. قالت: "زوجي مشلول. واضطررت الى دفع 10 آلاف دولار لعمليته الجراحية في بنغلادش. وقعنا في الديون بسبب هذا، ولذا قررت السفر".[10] لا تهاجر بعض النساء هربا من الفقر وحسب، بل ومن العنف أيضا. ماريسا ل (36 عاما)، عاملة منزلية من الفلبين، منفصلة عن زوجها وهي المعيل الوحيد لثلاثة أبناء وبنتين تتراوح أعمارهم بين 8 و21 عاما، قالت: "أجبِرت على الزواج من الرجل الذي اغتصبني. اعتاد على ضربي. جئت الى هنا للعمل ولأجل أطفالي".
تعتمد كثير من الأسر العمانية والوافدة على عاملات المنازل الوافدات. توظف 23 بالمئة من الأسر العمانية و2 بالمائة من العائلات الوافدة عاملات منازل، وفقا لتقرير حكومي عام 2013.[11] قد تكون هذه الأرقام أعلى لأنها لا تشمل الأسر التي لا تحمل صفة الكفيل، ولكنها توظف عاملات منازل لديها.
العمل المنزلي، الذي يعتبر عادة عمل أنثوي بلا مقابل، لا يحظى باحترام كبير، ولا يُنظر له على أنه عمل حقيقي. هذا الموقف المسبق ينعكس بوضوح في الإطار القانوني في عُمان. رغم ذلك تؤدي عاملات المنازل مجموعة واسعة من المهام الهامة للغاية بالنسبة لأصحاب العمل، بما في ذلك تنظيف الغرف والنوافذ والسيارات، وغسيل الملابس والكيّ، وتحضير الطعام، ورعاية الأطفال وكبار السن، أو الأفراد ذوي الإعاقات أو الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى العناية بالحيوانات الأليفة والأغنام والماعز وأعمال البستنة.
II. الانتهاكات بحق عاملات المنازل
يوثّق هذا القسم الانتهاكات والاستغلال الذي ارتكبه عدد كبير من أصحاب العمل ووكالات التوظيف بحق عاملات المنازل في عُمان. يشمل شهادات عاملات منازل تعرضن للعمل القسري وحالات اتجار بالبشر محتملة. يصف التقرير أيضا مجموعة من الانتهاكات الأخرى، بما فيها الاعتداءات الجسدية والجنسية والنفسية، وانتهاكات تتعلق بالأجور، والعمل المفرط، وعدم الراحة، ومصادرة جوازات السفر وانتهاك الحق في حرية التنقل، والحرمان من الطعام أو الاستراحة المرضيّة أو الظروف المعيشية الملائمة.
العمل القسري وحالات استرقاق واتجار بالبشر محتملة
حظرت عمان العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالبشر. ومع ذلك، تُظهر الحالات أدناه أن وضعيات العمل القسري والاتجار بالبشر لا تزال تحدث، وكذلك حالات استرقاق محتملة، تغذيها جزئيا سياسات الهجرة الحكومية، وخاصة الاعتماد على نظام الكفالة. لا يتناول الإطار القانوني العماني هذه التجاوزات وفقا للمعايير الدولية، وتستبعد عُمان عاملات المنازل من حماية قانون العمل. حتى حين تخالف الانتهاكات بحق عاملات المنازل القانون العماني، هناك ندرة واضحة في الملاحقات القضائية أو غير ذلك من سُبل انفاذ القوانين (انظر الفصل الثالث).
العمل القسري
تصف منظمة العمل الدولية العمل القسري أو الجبري (أو السخرة): "كل عمل أو خدمة تؤخذ عنوة من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره".[12]
وصفت كثير من عاملات المنازل اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش في عُمان انتهاكات قد ترقى إلى العمل القسري. قالت معظمهن إن أصحاب العمل صادروا جوازات سفرهن وحجزوها. وصفت بعضهن البدء في العمل المنزلي بشكل غير طوعي أو البقاء في العمل قسرا. قالت بعضهن إن أصحاب العمل أبلغوهن أنه يمكنهن ترك العمل بشرط دفع رسوم التوظيف التي دفعها أصحاب عملهن لتأمين خدماتهن، التي تتراوح بين 1000 و1500 ريال عماني (حوالي 2600-3900 دولار). يستحيل عليهن دفع المبلغ لأن الكثير منهن قلن إن أصحاب عملهن لم يدفعوا لهن أجورهن بالكامل أو في الوقت المناسب.[13]
تحدثت بعضهن عن العمل تحت التهديد بالعقاب، وهو شكل من أشكال العمل القسري. شملت هذه الحالات تهديد أصحاب العمل بتعنيفهن أو قتلهن، أو ضربهن، واحتجازهن في مكان العمل، بالإضافة إلى فرض عقوبات مالية، بما فيها حجب الرواتب بشكل تعسفي، وتهديدهن بإبلاغ السلطات أنهن "هربن" أو انتهكن نظام الكفالة أو القيام بذلك فعلا، وتهديدهن بالترحيل، أو اتهامهن كذبا بارتكاب جرائم.
سافرت لاتيكا س (30عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إلى الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2014، من أجل العمل المنزلي. وهناك، أخذها وكيل إلى وكالة توظيف في العين. وظفها رجل عُماني، بعد فترة وجيزة، وأخذها إلى عُمان للعمل في المنزل. قالت إنه لم يدفع راتبها لمدة 5 أشهر، وكان يضربها عندما تطلب مستحقاتها، وصادر جواز سفرها، وجعلها تعمل 15 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم عطلة. اتهمت زورا بجريمة بعد أن طلبت منه المال. قالت: "طلبت مالي فضربوني، قالت السيدة: غدا سوف نرفع دعوى ضدك". اعتقلتها الشرطة بعد أن اتهمها صاحب عملها بالسرقة. (انظر الفصل الرابع: "اتهامات الهروب وشكاوى أصحاب العمل").[14]
تعرّضت كثير من عاملات المنازل، مثل لاتيكا، لانتهاكات متعددة ترقى لحالات العمل القسري.
وجدت إيفلين س (42 عاما)، عاملة منزلية فلبينية، عملا لدى عائلتين في عُمان بشكل متتال، لنحو شهرين لكل منهما. صادرت العائلتان جواز سفرها وجعلتاها تعمل 16 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم عطلة. حرمتاها من الطعام الكافي، وتراجعتا عن وعودهما بدفع راتبها الشهري البالغ 120 ريال عماني (310 دولار). قالت إن أفراد العائلة الثانية أساؤوا إليها لفظيا وجسديا، بما في ذلك لما كانت تحمل أواني الطعام الساخنة. قالت: "ضربتني أم صاحب العمل، فأوقعت الأواني، واحترقت ذراعي".[15]
قالت بابلي هـ (28 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش: "اشتراني الوكيل بمبلغ 80 ألف تاكا (1020 دولار)". قالت إن صاحب عملها في عُمان صادر هاتفها المحمول وجواز سفرها. جعلها تعمل21 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم عطلة، وأساء إليها جسديا ولفظيا. لم يدفع راتبها لشهرين. قالت إنها عندما طلبت منه ترك العمل، أجابها: "إذا لم يعد الوكيل لي المال، لن أدعك تذهبين". قالت إن صاحب عملها ضربها، وطردها خارج المنزل عندما اكتشف أن فاتورة الماء مرتفعة، بعد أن كانت تروي الحديقة كل يوم، كما أمرها هو بذلك. [16]
حالات استرقاق محتملة
تُميَّز حالات الرق بممارسة "السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها" على شخص ما.[17] تبنّت جميع الدول قوانين تحظر الاسترقاق. تعريف الاسترقاق بموجب القانون الدولي يشمل الحالات التي يكون فيها الشخص قادرا على ممارسة سلطات ملكية بحكم الأمر الواقع على شخص آخر رغم هذا الحظر.[18] أكّدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بأشكال الرق المعاصرة أن الرق يشمل الحالات حين "يدّعي الجناة الحق في ‘امتلاك’ الضحية وفقا للعرف أو الممارسة الاجتماعية أو القانون المحلي".[19] مع ذلك، لا يوجد توافق واضح يحدد ماهي العوامل التي يجب أن تتوفر في حالة ما ليمكن تعريفها على أنها استرقاق، وليست عملا قسريا أو سخرة أو ممارسات شبيهة بالاسترقاق، بموجب القانون الدولي.[20]
أكدت هيومن رايتس ووتش أن الأطر القانونية في بعض الدول تجعل من الممكن تعرّض عاملات المنازل الوافدات لحالات استرقاق، بحكم الأمر الواقع.[21] توجد هذه المخاطر نفسها في عُمان. تعتقد هيومن رايتس ووتش أن الإطار القانوني في عمان، إلى جانب إنفاذ الحكومة المتراخي لقوانين الحماية غير الكافية أساسا في البلاد، يؤديان إلى مخاطر تصاعد حالات الاسترقاق، في ضوء بعض التجارب التي روتها العاملات الوافدات.
يفصّل هذا التقرير كيف يسهل الإطار القانوني العماني إساءة معاملة عاملات المنازل الوافدات. يتسبب هذا الإطار في خلق وضعيات تُحتجز فيها عاملات المنازل الوافدات في المنازل التي يعملن بها، ويحرمن من الأجر، ويتعرضن للإيذاء البدني أو النفسي، ويُقطع اتصالهن بالخارج بشكل كامل، بحيث يصبحن غير قادرات على ضمان الحقوق الأساسية التي يمنحها القانون العماني. بالإضافة إلى كل هذا، قالت العديد من العاملات إن أصحاب العمل تصرفوا أيضا كما لو أنهن مملوكات لهم، بدعوى أن رسوم الاستقدام التي دفعوها لتأمين خدماتهن كانت في الواقع الثمن المدفوع لتملكهن. ورد أيضا أن بعض أصحاب العمل قالوا للعاملات إنهم "اشتروهن"، وأنهم لن يسمحوا لهن بترك عملهن ما لم يتم سداد تلك الاموال.
مجرد التأكيد على حقوق التملك لا يخلق بالضرورة وضعية استرقاق، والقانون العماني لا يعترف بالتملك. لكن هيومن رايتس ووتش وثّقت عديدا من الحالات التيُ زعم فيها أن أفراد الشرطة أعادوا العاملات اللاتي هربن من حالات الحبس والانتهاكات إلى أصحاب عملهن رغما عنهن. كما ذُكر لـ هيومن رايتس ووتش، أن أصحاب العمل في هذه الحالات كانوا قادرين على تأمين تعاون وكالات إنفاذ القانون لضمان الإعادة القسرية للعاملات اللاتي ادعوا ملكيتهن، بما يوحي بوجود ممارسة شبيهة لـ "السلطات الناجمة عن حق الملكية". تقترب حالات مثل تلك المبينة أدناه بشكل كبير من حالات الرق على أقل تقدير.
قابلت هيومن رايتس ووتش عديدا من العاملات اللاتي قلن إنهن هربن من حالات سوء معاملة، ثم طلبن مساعدة الشرطة أو اعتقلتهن الشرطة، وفي الحالتين أعدن إلى أصحاب العمل رغما عنهن (انظر الفصل الرابع: سلوك الشرطة). قالت أخريات إنهن طلبن مساعدة وكالات التوظيف الخاصة بهن فأعادوهن إلى أصحاب عملهن رغما عنهن، أو أجبروهن على العمل لصاحب عمل آخر، إلا إذا استطعن إعادة "الرسوم".[22]
قالت ماماتا ب، عاملة منزلية من بنغلادش، إنها دفعت لوكيل توظيف في بنغلادش 350 ريال عماني (910 دولار) عام 2015، للعمل في الإمارات براتب شهري قدره 200 دولار. بعد أن كشف الفحص الطبي في الإمارات عن وجود اضطراب في الدورة الدموية لديها، قالت إن صاحب عملها أعادها إلى الوكالة التي أخذتها إلى المكتب في مدينة العين، حيث بقيت 25 يوما، ثم أرسلوها للعمل لدى صاحب عمل في عُمان. قالت إنها لم تُرد الذهاب إلى عُمان، ولكن الوكيل أجابها: "إذا موتي هنا"، وقالت إن صاحب العمل الجديد أيضا تجاهل توسلّها بعدم الذهاب، وقال لها: "اشتريتك في دبي".
قالت ماماتا إن صاحب عملها أجبرها على العمل 21 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم عطلة، لأسرة مكونة من 10 أشخاص، بينهم 6 أطفال صغار، وسمح لها بمكالمة هاتفية واحدة فقط كل شهرين، ولم يُقدم لها ما يكفي من الغذاء، وأساء لها لفظيا وجسديا ولم يدفع لها شيئا.
هربت ماماتا إلى الشرطة بعد شهرين. قالت إن الشرطة طلبت عنوان صاحب عملها، ولكنها توسلتهم: "لا أريد أن أعود إليه، سيضربني". قالت إن الشرطة ردت عليها: "لن يضربك". اتصلت الشرطة بصاحب عملها، وأعادوها إليه. قالت إن صاحب عملها ضربها وحبسها في غرفة 8 أيام، ولم يعطيها سوى التمر والماء. قالت إنها هربت مرة أخرى بعد أن ضربتها أيضا صاحبة البيت مرة أخرى بشكل مبرح: "ركلتني، ووقعت على صدري، فسحبتني من شعري. ضربوني بلا رحمة. صرت شبه مشلولة من الضرب".[23]
وصفت عديد النساء كيف ساومهن أصاحب عملهن على ثمن "تحريرهن" من كفالتهم. في بعض الحالات، طلبوا منهن مبالغ أكبر من التي دفعوها كرسوم توظيف. ذكرت صحيفة "تايمز أوف عمان" أن وكيل توظيف قال إن تقاضي المال "لتحرير" العاملات "ممارسة شائعة".[24] في إطار عام يتسم بإكراه وسوء معاملة عاملات المنازل، قد يتسبب هذا الوضع في عمليات "بيع" حقيقية لعاملات المنازل إلى أشخاص آخرين رغما عنهن.
الاتجار بالبشر
قابلت هيومن رايتس ووتش عديد النساء اللاتي وصفن الاتجار بهن في حالات عمل قسري من الإمارات إلى عُمان، وفي كثير من الأحيان عبر الحدود بين مدينتي العين في الإمارات والبريمي في عُمان. قال عدد من مسؤولي سفارات البلدان المرسلة للعمالة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لا يستطيعون متابعة العاملات المهاجرات أو المتاجر بهن إلى عمان عبر هذه الحدود التي يسهل اختراقها (انظر الفصل الثالث)، ولا يمكنهم مساعدتهن على التحقق من العقد أو التزام أصحاب العمل بتوفير التأمين الصحي لهن. قال مسؤول في السفارة الاندونيسية إن كثيرا من عاملات المنازل اللاتي أتين إليهم طلبا للمساعدة وصلوا إلى عمان من الإمارات، وأحيانا في عمليات اتجار بالبشر. قال المسؤول نفسه إن 60 من 100 امرأة لجأن إلى السفارة الإندونيسية في أبريل/نيسان 2015، وصلن إلى عمان عبر الحدود الإماراتية.[25]
سمعت هيومن رايتس ووتش روايات مماثلة أواخر 2013، من مسؤولين في احدى السفارات في الإمارات. قالوا إنه توجد هناك عديد وكالات التوظيف في العين والبريمي، وإن أصحاب العمل العمانيين يسافرون إلى العين يوم الجمعة بحثا عن عاملات المنازل.[26] قال أحد المسؤولين في سفارة دولة مرسلة للعمالة لـ هيومن رايتس ووتش إن كثيرا من النساء اللاتي سافرن إلى الإمارات للعمل في المنازل، احتجزن في مكاتب الوكالات أو حتى "وضعن للعرض" من أجل أصحاب عمل محتملين.[27] أفادت تقارير أن مكاتب هذه الوكالات تمكن أصحاب العمل من عُمان ودول الخليج الأخرى من إيجاد عاملات منازل بسهولة عندما لا يريدون أن يقضوا وقتا في تجهيز سفر عاملات المنازل الوافدات من بلادهن، أو لتجنب قيود أخرى. أشار أحد المسؤولين في دولة مرسلة للعمالة: "في العين، ترى الكثير [من الوكالات] وخصوصا على الحدود. وتشبه التسوق عبر المشاهدة من النوافذ".[28]
قالت أسماء ك إنها دفعت 300 ريال عماني (780 دولار) إلى وكيل في بنغلادش لإيجاد وظيفة في الإمارات. قالت إن وكيل إماراتي أخذها من الشارقة إلى دبي. أضافت: "باعوني لرجل في عمان". صادر صاحب عملها جواز سفرها، واجبرها على العمل 21 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم إجازة، لأسرة مكونة من 15 فردا، وحرمها من الطعام ولم يدفع راتبها، وأساء لها لفظيا وجنسيا. عندما طلبت منه المغادرة، قال لها: "اشتريتك بـ 1560 ريال (4052 دولار) من دبي، أعيديها لي ثم يمكنك الذهاب". بعد أن تحرش بها جنسيا أبناء صاحب العمل البالغون، توسلت إلى الأم: "أبناؤك لا يتركوني وشأني في الليل، أرجوك اسمحي لي بالعودة إلى بلدي". أرسلتها زوجة صاحب العمل إلى الوكيل. ضربها الوكيل نحو 50 مرة بعصا تلك الليلة، وأرسلها للعمل لدى صاحبة عمل أحرى.
لم تكن صاحب العمل الجديدة أفضل. قالت أسماء إنها أجبرتها على العمل 20 ساعة في اليوم بلا راحة أو يوم عطلة. صادرت جواز سفرها، وقدمت لها بقايا الأغذية الفاسدة فقط، لم تدفع لها أجرها، وأساءت إليها لفظيا وجسديا. قالت إنها هربت بعد أن هددتها صاحبة عملها بقتلها: "حاولت جرحي بسكين. توسلت إليها ألا تضربني. قلت لها: "أعيديني إلى الوكالة". قالت: "سوف أرميك في النهر".[29]
تتعرض بعض النساء للاتجار والعمل القسري، دون المرور عبر الإمارات. قالت سوشيلا ر (21 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إنها حصلت على قرض لدفع 100 ألف تاكا (1265 دولار) إلى وكالة للحصول على وظيفة خدمة الزبائن في عمان. ولكن قبل مغادرتها بنغلادش، علمت أن تأشيرتها كانت للعمل في المنازل. قالت إن الوكيل أوضح لها أنها ستنقل أولا إلى منزل، ثم بعد يومين، سيأخذها صاحب عملها إلى متجر للعمل في خدمة الزبائن. قالت إنها أخبرت صاحب عملها بعد وصولها: "من المفترض أن أعمل في متجر"، فقال صاحب عملها: "لا، أنت عاملة منزل ... وإذا لم تعملي هنا، سأضربك، وأعيدك إلى بلدك". قالت إنها هربت من المنزل وذهبت إلى الشرطة. قالت سوشيلا إن الشرطة أرسلتها إلى وكيلها في مابيلا (منطقة ساحلية في مسقط)، فقال لها: "دفعتُ 200 ريال (520 دولار)، أرجعيها لي ويمكنك الذهاب". قالت إنها أجابت:" لا، لأنني دفعت ثمن كل شيء بنفسي". ضربها وحبسها في غرفة مع اثنتين أخريين قالتا إن الوكيل "اشتراهما" أيضا بمبلغ 200 ريال عماني. قالت إنها تمكنت من الهروب بعد أن قفزت من نافذة الطابق الثاني وجرحت قدميها.[30]
الانتهاكات الجسدية والنفسية والجنسية
قالت بعض عاملات المنازل اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش إن أصحاب العمل اعتدوا عليهن بدنيا في كثير من الأحيان، بسبب عدم رضاهم عن الأعمال المنزلية، بما فيه الضرب بالعصي واللكم والصفع والركل، وحرقهن بالطعام الساخن والماء والأدوات المنزلية. كما شدوا شعورهن أو قصوها. لاحظت هيومن رايتس ووتش وجود إصابات أثناء المقابلات مثل فقدان الأسنان والشعر، والكدمات والحروق.
قالت حُسنى ج (20 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، لـ هيومن رايتس ووتش: "تصرخ عليّ السيدة، وعندما لا يعجبها العمل تشدني من شعري، وتسحبني خارج المنزل".[31] كما قالت أسماء ك، من بنغلادش، إن صاحب عملها ينتقدها لعدم سقاية النباتات بشكل صحيح. قالت: "إذا قلت إني فعلت يصفعني مرتين".[32]
أساء أكثر من فرد من الأسرة في بعض الأحيان. قالت شيما أ (50 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إنه خلال الأشهر الستة الأولى من عملها لصاحب عمل عماني عام 2014، ضربها عديد من أفراد أسرته: "أمسكوا ذراعيّ وضربني شخصان. شدت السيدة شعري، وأحرقت ذراعيّ".[33]
قالت عاملات في حالات أخرى إن أصحاب عملهن ضربوهن بسبب "تجاوزات" أخرى، مثل تناول الطعام أو التحدث على الهاتف، والسؤال عن الرواتب، أو طلب ترك العمل. قالت بارافين أ إن صاحبة عملها ضربتها عندما وجدتها تتناول الأرز في المطبخ: "ضربتني. شدت شعري، وضربتني في كل مكان".[34] قالت لاتيكا س إنها عندما سألت صاحب العمل عن راتبها: " تسببت في عاصفة. ضربوني لأنني سألت عن ذلك".[35]
قالت بعض النساء إن أصحاب العمل ضربوهن بشكل أسوأ بعد أن هربن وأرجعتهن الشرطة لهم.
قال أديتيا ف (30 عاما)، عاملة منزلية من جاوة الغربية في إندونيسيا، إن صاحب عملها ضربها وكسر أسنانها بعد أن أعادتها الشرطة إليه عام 2014.[36] قالت لاتيكا س إن الشرطة أعادتها إلى صاحب عملها بعد تبرئتها من تهمة السرقة، فأساء إليها لمدة يومين عند عودتها: "قص شعري وحرق قدمي بالماء الساخن".[37]
قالت معظم عاملات المنازل اللاتي تحدثن إلى هيومن رايتس ووتش إن صاحب العمل أو أفرادا من أسرته صرخوا عليهن وأهانوهن وهددوهن وذلوهن. قالت كثيرات إن أصحاب العمل عاملوهن مثل "الحيوانات"، أو كما لو كن قذرات. قالت مارسيا ل: "السيدة تقول إنه ليس لدي عقل، طوال الوقت، وإني قذرة، ولا أعرف كيف أطهو الطعام. كانوا يُسمونني "عيب".[38]
قالت جوسلين ي (23 عاما)، عاملة منزلية فلبينية، إن أفراد الأسرة الثمانية التي عملت لها صرخوا عليها، ولقبوها بأسماء مثل "الكلبة الفلبينية" و"المجنونة".[39] قالت راحيلا س، عاملة منزلية من بنغلادش، إن صاحب العمل رفض دفع راتبها 3 أشهر وهدد بقتلها عندما سألت عنه. قالت إنه قال لها: "سوف أقتلك وأرميك في البحر".[40]
قابلت هيومن رايتس ووتش 3 عاملات منازل قلن إن أصحاب العمل أو أفراد عائلاتهم اغتصبوهن واعتدوا عليهن جنسيا، أو تحرشوا بهن.
قالت أسماء ك إن 3 من أبناء صاحب عملها البالغين تحرشوا بها جنسيا ليلا. قالت إنهم طلبوا منها أن تذهب إليهم، لكنها رفضت. قالت: "توسلت إلى الأم: أبناؤك لا يتركوني وشأني في الليل. اسمحي لي بالعودة إلى بلدي".[41] أرسلتها الوالدة إلى وكيلها.
قالت ماريسا ل، عاملة منزلية فلبينية، إن ابن صاحب عملها البالغ 21 عاما تحرش بها جنسيا في 2012-2013. قالت إنه كان يثمل ويعرض عليها المال من أجل علاقة جنسية معه. قالت إنه جاء ذات مرة إلى الحمام بينما كانت تنظفه، فلامسها، وقال: "أريد أن أفعل معك هذا".[42]
قالت ماوسومي أ (30عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، إن ابن صاحب عملها اغتصبها عام 2015: "كنت أعمل حتى وقت متأخر من الليل. استيقظت في 3 صباحا لأحضر شيئا. أمسك بي الابن البالغ من العمر 27 عاما واغتصبني".[43]
الانتهاكات المتعلقة بالأجور والعمل المفرط وغياب الراحة
قالت كثيرات من عاملات المنازل اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش إن أجورهن حجبت عنهن، أو لم تُدفع في وقتها، وكانت ناقصة دون مبرر، وإن أصحاب العمل جعلوهن يعملن ساعات إضافية بلا فترات راحة أو أيام عطلة.
الانتهاكات المتعلقة بالأجور
أخبرت بعض عاملات المنازل هيومن رايتس ووتش أن أصحاب العمل لم يدفعوا أجورهن لمدة تتراوح بين شهر وسنة. قالت عديد منهن إن أصحاب العمل قالوا إنهم لن يدفعون لهن إلا بعد عدد معين من الأسابيع أو الأشهر لإجبارهن على البقاء، وحتى بعد ذلك، منهم من دفع أقل من المستحق. تنص لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 في عمان على أن يدفع صاحب العمل الأجور الشهرية خلال 7 أيام من نهاية كل شهر، ويجب أن يوقع الموظف على إيصال بذلك (انظر الفصل الثالث).[44]
قالت أنانديني آ (36 عاما)، عاملة منزلية هندية من أنذرا براديش، إن وكالة التوظيف العمانية أخبرتها أنها ستحصل على 120 ريال عماني (310 دولار) شهريا، ولكن صاحب عملها أعطاها 80 ريال عماني فقط (208 دولار)، وكان يتأخر أسابيع في الدفع. أضافت "عندما كنت أسأل عن الراتب، كان يصرخ ويصرخ".[45] قالت إيفلين س إنها وقعت عقدا في الفلبين للقيام بالعمل المنزلي مقابل 160 ريال عماني (415 دولار)، ولكن كل من العائلتين التي عملت لهما لمدة شهرين على التوالي أخبراها أنهما سيدفعان 120 ريال عماني فقط (310 دولار)، ثم لم يدفعا لها على الإطلاق.[46] قالت ناليني هـ، عاملة منزلية من بنغلادش، إن صاحب عملها دفع لها 60 ريال عماني (155 دولار) شهريا لمدة شهرين، ولكن بعد ذلك توقف عن الدفع لعام كامل.[47]
العمل المفرط وغياب الراحة
قالت معظم عاملات المنازل اللاتي تحدثن إلى هيومن رايتس ووتش، إن أصحاب العمل أرغموهن على العمل لفترات طويلة بشكل مفرط بين 15 و21 ساعة في اليوم، وعلى تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام.
قالت أسماء ك إن صاحب عملها جعلها تعمل من 4:30 صباحا حتى 1:00 ليلا بلا راحة، وقالت: "لم يسمحوا لي بالجلوس، طوال اليوم، كنت دائما منهكة. هناك 20 غرفة وأكثر من طابقين".[48]
قالت ديفيا س (43 عاما)، عاملة منزلية هندية من كيرالا، إنها كانت تبدأ العمل في 5 صباحا وتنتهي بين 10 ليلا ومنتصف الليل. كانت تنظف، وتغسل الملابس، وتطهو وتكوي. قالت ديفيا إن صاحب عملها سمح لها بالعودة إلى مكتب الوكالة العمانية "لأنها عملت كثيرا، بلا راحة".[49]
قالت عديد من عاملات المنازل إن أصحاب عملهن لم يسمحوا لهن بالراحة حتى لو كن مرضى أو مصابات، بما في ذلك جوسلين ي، التي قالت: "أصبت بالأنفلونزا والحمى، لكنهم لم يسمحوا لي بالتوقف عن العمل".[50] قالت ماريسيل ب، عاملة منزلية فلبينية، "مرضت بسبب الإرهاق. [رغم ذلك] سُمح لي بالراحة لمدة ساعتين فقط و[بعدها] عدت للعمل".[51]
قالت بعض عاملات المنازل إن أصحاب العمل سمحوا لهن بانتظام بفترات راحة خلال اليوم أو أيام عطل دورية. قالت 2 فقط إن صاحب العمل سمح لهما براحة أسبوعية. رغم أن العقد الموحد الصادر عام 2011 بشأن عاملات المنازل ينص على أن يسمح أصحاب العمل بيوم عطلة أسبوعي مدفوع الأجر، أو التعويض بدلا من الإجازة،[52] قالت جوسلين ي، إنها كانت تعمل من 5:30 صباحا وحتى 10:30 ليلا، أو بعد ذلك، بلا راحة. قالت: "عندما أنتهي من العمل، يُسمح لي بـ 30 دقيقة لتناول الغداء". لم يسمح لها صاحب العمل بأي يوم عطلة لما يقرب من عام، ثم سمح لها بيوم واحد فقط من كل شهر خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العمل.[53]
تحدثت عديد عاملات المنازل عن مطالبة أصحاب العمل لهن بالقيام بأعمال إضافية. قالت أنانديني أ إنها عملت لأسرة عمانية مكونة من 3 أفراد، ولكن أقاربهم كانوا يزورونهم في كثير من الأحيان، ثم تعمل من أجل 11 شخصا. قالت إنها كانت تعمل من 4 صباحا حتى وقت متأخر من الليل، في التنظيف والطهي ورعاية الطفل ليلا نهارا، بلا راحة أو يوم عطلة". قالت: "هناك صعوبات أكثر من اللازم".[54] قالت بارفين أ إنها عملت لأسرة مكونة من 15 شخصا في 4 منازل في مجمعهم في صحار. قالت إنها عملت لمدة 16 شهرا من 4 صباحا حتى منتصف الليل بلا يوم راحة.[55] عملت عائشة ن (22 عاما)، عاملة منزلية أوغندية، 24 شهرا لعائلة عمانية مكونة من 8 أشخاص، منهم 6 أطفال صغار. قالت إنها عملت من 13 إلى 16 ساعة في اليوم بلا يوم راحة.[56]
مصادرة جوازات السفر والحبس وتقييد الاتصالات
جوازي كان دائما لدى سيدتي.
-روبا ك (52عاما)، عاملة منزلية من الهند، أمضت 24 عاما تعمل لأسرة عُمانية.[57]
وصفت عاملات المنازل في عمان ممارسات مشتركة أثناء عملهن، مثل مصادرة جوازات السفر، والقيود الصارمة على الاتصالات، والحبس في المنزل، ما يعزلهن عن مصادر الدعم الاجتماعي.
قالت كل عاملات المنازل اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش تقريبا، إن وكلائهن أو أصحاب عملهن صادروا جوازات سفرهن. قالت جوسلين ي: "عندما وصلت [إلى عُمان]، أخذت الوكالة جواز سفري وأعطته للسيدة، [التي احتفظت به]".[58] قالت ماريسا ل إن صاحبة العمل العمانية صادرت جواز سفرها لدى وصولها عام 2011. قالت: "قالت لي: أعطني جواز سفرك، وسأعيده لك عند انتهاء مدة عقدك".[59]
مصادرة جواز السفر عنصر أساسي في تحديد حالات العمل القسري.[60]
أكّد تعميم نشرته وزارة القوى العاملة في عمان عام 2006 أنه ليس من حق أصحاب العمل الاحتفاظ بجوازات سفر العاملات دون موافقتهن أو بلا أمر من المحكمة.[61] وضعت شرطة عمان السلطانية إعلانات توعية عامة باللغة الإنغليزية في الصحف المحلية والعربية، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية، عام 2014، لرفع مستوى الوعي بأن مصادرة جواز سفر العمال الوافدين غير قانوني، وأنه يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة والسجن.[62] رغم ذلك لم يوفر تعميم عام 2006 أي عقوبات محددة لعدم الامتثال، ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ما إن أجريت أي محاكمات أو إذا كان القانون العماني يسمح بها حتى.
ذكرت صحيفة "ذي تايمز اوف عمان" أن مصدرا من شرطة عمان السلطانية قال إن "شرطة عمان السلطانية ليست مخولة لفعل أي شيء عندما يتعلق الأمر بجوازات سفر المغتربين في مثل هذه الحالات"، ويؤذن لها التعامل مع مثل هذه الحالات فقط إن كان الأمر يتعلق بجواز سفر عُماني. ذكر المقال أيضا أن وزارة القوى العاملة لا تجيز لأصحاب العمل مصادرة جوازات السفر بشكل مباشر، ونقلت عن مسؤول حكومي قوله "تحاول وزارة القوى العاملة تسوية القضية بين أصحاب العمل والعمال"، وتحال القضية إلى النيابة العامة في حالة فشل ذلك.[63]
ذكر تقرير الولايات المتحدة للاتجار بالأشخاص لسنة 2015 أن وزارة القوى العاملة استلمت 432 شكوى تتعلق بحجز جوازات سفر، "137 حالة منها أحيلت على المحاكم الابتدائية، و126 حُلت بجهود مصالحة، و7 منها أحيلت لفرق تفتيش العمل للتأكد مما فعله أصحاب العمل". لكن التقرير لاحظ أيضا أن الوزارة لم تُحل أي من هذه القضايا للملاحقة الجنائية للتأكد من وجود جرائم اتجار بالبشر. لم يذكر التقرير إن كانت أيّ من هذه الحالات تتعلق بعاملات منازل وما إذا تمت معاقبة أصحاب العمل على حجز الجوازات.[64]
تواصلت هيومن رايتس ووتش مع عديد من الوزارات الحكومية للسؤال عما إذا كانت هناك أية قوانين تستخدم لملاحقة أصحاب العمل الذين يصادرون جوازات سفر عاملات المنازل دون موافقتهن، ولكنها لم تحصل على أي ردّ.
قالت بعض عاملات المنازل أيضا لـ هيومن رايتس ووتش إن أصحاب العمل أخذوا أجهزة هواتفهن ورفضوا السماح لهن باستخدام الهواتف المنزلية أو أجهزة الكمبيوتر. قالت بابلي هـ: "قدم لي الوكيل بطاقة هاتف عمانية بحيث يمكنني الاتصال بابني. ولكن السيدة أخذت هاتفي النقال. توسلت لها: "من فضلك لا تأخذي هاتفي النقال".[65] ولكن صاحبة العمل رفضت.
قالت ناليني هـ إن صاحب عملها ضربها لاتصالها بعائلتها:
بعد شهر لم يعطوني هاتفي. كنت أبكي وأتوسل من أجل أن يعطوني هاتفي. تعرّض أخي لحادث وأصيبت ساقاه. تمكنت من الاتصال بأخي، لكن صاحب العمل قال: "هذا ليس شقيقك"، يعتقدون أن لدي صديق. ثم ضربني صحاب العمل وزوجته وابنتهما بالعصي في جميع أنحاء جسدي.[66]قالت بعض النساء لـ هيومن رايتس ووتش إن أصحاب عملهن لم يسمحوا لهن بمغادرة البيوت التي يعملون فيها، وحبسوهن في الداخل. قالت عاملات منزليات أخريات إنهن لم يكن محبوسات، ولكنهن كُن يشعرن بالعزلة، لا سيما اللاتي يعشن خارج المدن الرئيسية وبعيدا عن سفاراتهن. حتى بالنسبة للعاملات اللاتي يعشن في المدن الكبيرة، لم يكن سهلا عليهن معرفة كيفية الوصول إلى سفاراتهن، أو دفع تكلفة سيارة الأجرة. قالت أسماء ك، عاملة منزلية من بنغلادش هربت من صاحب عملها المسيء، لـ هيومن رايتس ووتش: "خرجت من المنزل ومشيت لساعات. وأنهكت قواي". قالت إنها صادفت عاملا من بنغلادش في نهاية المطاف، أشفق عليها وقدم لها بعض النقود. قالت: "أخذت 4 سيارات أجرة للذهاب الى السفارة. وكلفني ذلك 30 ريال (78 دولار)".[67]
الحرمان من الغذاء والظروف المعيشية غير الملائمة
تحمّل لوائح العمالة المنزلية في عمان لعام 2004 والعقود النظامية أصحاب العمل مسؤولية توفير غرفة لائقة وغذاء ورعاية طبية لعاملات المنازل. قالت بعض عاملات المنازل إنهن لم يحصلن على ما يكفي من الطعام أو النوم.[68]
على سبيل المثال، قالت بعض عاملات المنازل لـ هيومن رايتس ووتش إن أصحاب العمل لم يقدموا لهن الطعام الكافي أو قدموا لهن طعاما فاسدا، وانتقدوهن بشدة أو ضربوهن كلما طلبن أكثر. هذه المشكلة خطيرة بشكل خاص لأن عاملات المنازل اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش افتقرن عموما إلى الوسائل المالية لشراء طعامهن، وفي كثير من الحالات لم يكن لديهن الوقت الكافي لمغادرة العمل، أو حتى حرية الحركة اللازمة للقيام بذلك. قالت عدة عاملات إن أصحاب العمل حرموهن من الغذاء كنوع من العقاب بسبب "أخطاء" في الأعمال المنزلية.
قالت إيفلين س إن صاحب عملها الأول في عمان لم يسمح لها بتناول الغداء. وصفت الوضع مع صاحب العمل الثاني قائلة: "في بعض الأحيان، لا آكل لأن هناك عمل كثير".[69] قالت ماماتا ب إن صاحب عملها عاقبها بعد فرارها إلى الشرطة طلبا للمساعدة لكنهم أعادوها: "حبستني السيدة في غرفة 8 أيام، وأعطتني التمر والماء فقط".[70] قالت بارفين إن صاحب عملها ضربها عندما وجدها تتناول الأرز.[71]
وصفت بعض عاملات المنازل أيضا عدم كفاية ظروف النوم في المنازل التي عملن بها. قالت بعضهن إن أصحاب العمل جعلوهن ينمن في نفس الغرفة مع الأطفال، وأحيانا في نفس السرير إذا كانوا صغارا. قالت إحدى العاملات إنها كانت تنام مع طفل رضيع عمره شهرين، قالت أخرى إنها اضطرت إلى النوم في نفس السرير مع صاحبة عملها البالغة 45 من العمر لأنها كانت "يد السيدة اليمنى".[72] قالت أخريات إنهن نمن في المطابخ أو غرف التخزين أو غرف المعيشة المفتوحة. قالت أنيسة م، عاملة منزلية تنزانية: "أنام في المطبخ، ليس لدي غرفة".[73]
III. الإطار القانوني
تُعزى الإمكانية المرتفعة لسوء معاملة واستغلال أصحاب العمل لعاملات المنازل في عمان إلى الإطار القانوني المعيب جدا. قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالاتجار بالأشخاص عام 2007 إن عاملات المنازل في عمان "المختفيات وراء الجدران الحصينة لبيوت أصحاب العمل" عرضة لسوء المعاملة والاستغلال بسبب نظام الكفالة التقييدي "والإطار القانوني الواهي الذي يحيط بظروف عملهن".[74]
الوضع الذي تواجهه عاملات المنازل في عمان مماثل للوضع في معظم دول المنطقة.[75] إلا أنه هناك أمثلة هامة على بعض التقدم الحاصل في السنوات الأخيرة في بعض هذه الدول. أصبحت الأردن أول دولة في المنطقة، عام 2008، تشمل عاملات المنازل بقانون العمل، واعتمدت لوائح عمل عاملات المنازل الوافدات عام 2009.[76] منذ ذلك الحين، بدأت بعض حكومات الخليج بإجراء إصلاحات، بعد تقارير متكررة عن الإساءة لهن، وشكاوى الدول المرسلة للعمالة، وحظرها أحيانا للهجرة إلى دول الخليج. على سبيل المثال، اعتمدت الكويت عام 2015 قانونا جديدا يغطي حقوق عاملات المنازل تحديدا.[77]
ناقش وزراء العمل في "مجلس التعاون الخليجي" إمكانية وضع عقد إقليمي موحد لعاملات المنازل، لكن المسودة التي نُشرت عام 2013 فشلت في توفير الحماية الأساسية، كالحد الأقصى لساعات العمل.[78] نقلت وسائل إعلام في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 إعلان مسؤول في مجلس التعاون الخليجي عقب اجتماع لوزراء العمل "أن دول مجلس التعاون الخليجي وافقت على عقد موحد جديد لعاملات المنازل". قالت تقرير إنه سيفرض حد أقصى للعمل في اليوم الواحد يُقدّر بثماني ساعات ، ويوم عطلة أسبوعي، وتعويض العمل الإضافي، وإجازة سنوية مدفوعة الأجر، وسيسمح لهن بالعيش بشكل مستقل عن أصحاب العمل.[79] ومع ذلك، اتضح فيما بعد أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تبرم اتفاقا، بل سيقوم الوزراء بالتحقق ما إذا كانت حكوماتهم ستوافق على الأحكام.[80] يبدو أن المبادرة ألغيت فيما بعد.
في حين أن العقد الإقليمي القياسي لا يعوض نقص الحماية المتساوية لعاملات المنازل بموجب قوانين العمل الوطنية في كل بلد من دول مجلس التعاون الخليجي، يمكن أن يكون خطوة في الاتجاه الصحيح إن كان يتماشى مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.[81]
بمعزل عن إمكانيات التعاون الإقليمي، لعمان التزامات بالقانون الدولي لحقوق الإنسان من أجل تحسين الإطار القانوني الخاص بها للتأكد من أنه يحمي حقوق عاملات المنازل، بدلا من التمييز وتسهيل الانتهاكات ضدهن. تحدد الصفحات التالية أكثر المجالات القانونية التي تحتاج للإصلاح.
نظام تأشيرة الكفالة
تعتمد عُمان نظام تأشيرة الكفالة، الذي يضع قدرة العامل الوافد على الدخول والإقامة والعمل القانوني في عمان في يد صاحب عمله والذي يكون أيضا "كفيل" تأشيرته. يمنح هذا النظام أصحاب العمل سيطرة مفرطة على العمال الوافدين، ويقيد بشدة قدرة العمال على التخلص من ظروف العمل السيئة. يحكم هذا النظام "قانون إقامة الأجانب" وتعززه القوانين والأنظمة الأخرى.[82] تطبق شرطة عمان السلطانية، التي تعمل أيضا كسلطة الهجرة في عمان، نظام الكفالة بالإضافة إلى وزارة القوى العاملة.
تعزز لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 في عمان الجوانب المُقيدة لنظام الكفالة. تنص على أنه لا يسمح لعاملات المنازل الانتقال للعمل لصاحب عمل آخر دون انهاء صاحب العمل الحالي، وكفيل التأشيرة أيضا، كفالته وجميع الإجراءات الأخرى المطلوبة.[83] يتجذر قانون العمل، الذي ينطبق على أنواع أخرى من العمال الوافدين، أيضا في نظام الكفالة وينص على عقوبات إضافية لأصحاب العمل والعمال الذين ينتهكون قيوده.[84]
لا يمكن لعاملات المنازل اللاتي يرغبن في ترك أصحاب العمل المسيئين قبل نهاية عقودهن (سنتين عموما)، الانتقال إلى صاحب عمل آخر دون إذن صاحب العمل الحالي.[85] يتطلب الأمر "عدم ممانعة" أو "تصريح"، توافق عليها المديرية العامة للعمل في وزارة القوى العاملة.[86] منحت السلطات 119 تأشيرة نقل كفالة لعاملات منازل عام 2014، وفقا لبيانات رسمية.[87] يُعتبر هذا العدد قليل نظرا لوجود 160 ألف عاملة منزلية في عمان، وكثير منهن قد يرغبن في تغيير أصحاب العمل قبل انتهاء العقد المبرم أو بعد انتهائه.[88] انتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالاتجار بالأشخاص هذه العملية، مشيرة إلى أن: "المعضلة تكمن في وجوب الحصول على موافقة الشخص نفسه الذي يتمنى العامل الخلاص منه وربما يسبب ظروف التعسف والاستغلال".[89]
تتطلب لوائح وزارة القوى العاملة أن يدفع أصحاب العمل رسوم تصاريح العمل والإجراءات والتي تقدر بـ 141 ريال عماني (365 دولار)،[90] وتتقاضى وكالات التوظيف الخاصة رسوما إضافية، بما في ذلك تذاكر الطيران والفحوصات الطبية للعاملة.
لا يسمح للعاملات الوافدات اللاتي يغادرن عمان بعد انتهاء فترة العقد المبرم، بدخول عمان للعمل لمدة عامين.[91] تضطر في هذه الحالة عاملات المنازل الوافدات، اللاتي يرغبن في مواصلة العمل، ولكن لصاحب عمل آخر، للبقاء في عمان من أجل الانتقال إلى صاحب عمل جديد. حتى في هذه الحالات، عليهن أيضا الحصول على "خطاب عدم ممانعة" من صاحب العمل السابق.[92]
روت عدد من عاملات المنازل كيف طلب أصحاب عملهن تسديد رسوم الاستقدام، بما في ذلك رسوم تصاريح العمل، أو طلبوا مزيدا من المال مقابل موافقتهم على نقلهن. ذكر مقال في صحيفة "تايمز أوف عمان" في مارس/آذار 2016 قول مسؤول في وزارة القوى العاملة إن هذه الممارسة "غير قانونية"، ولكن المقال ذاته نقل عن مسؤول في وكالة توظيف أنها "ممارسة شائعة".[93] لم تكشف أبحاث هيومن رايتس ووتش أي قانون صريح يحظر هذه الممارسة. راسلنا عددا من الوزارات الحكومية في محاولة للتأكد من ذلك ولكن لم يصلنا أي رد.[94]
يمكن لصاحب العمل إلغاء تصريح إقامة العاملة المنزلية في أي وقت، عن طريق الشروع في إجراءات الترحيل.[95] لا تنصّ لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 سوى أنه على أصحاب العمل تقديم إشعار قبل شهر واحد.[96] ومع ذلك، عندما تترك العاملة كفيلها قبل انتهاء العقد دون إذن، تُعتبر "هاربة" طالما أنها لا تزال في عمان، ويمكن أن تعاقب بالحبس والغرامة والإبعاد، والحظر (انظر الفصل الرابع: اتهامات الهروب). يمكن أن يعاقب الكفيل أيضا لعدم إبلاغه عن "هروب" عماله.[97] تنص لوائح العمالة المنزلية العمانية لعام 2004 على أنه يمكن للعاملة المنزلية إنهاء العمل "إذا ثبت أنها تعرضت لاعتداء من قبل صاحب العمل أو أحد أفراد أسرته". ولكن حتى في هذه الحالة، لا يمكن لعاملات المنازل تغيير أصحاب العمل دون إذن الكفيل، ويواجهن عوائق للحصول على المساعدة بعد الاعتداء الجسدي (انظر الفصل الرابع).
يخلق نظام الكفالة حوافز أدت إلى انتشار السوق السوداء غير الرسمية المعروفة باسم نظام "التأشيرة الحرة"، الذي يسمح الكفلاء لعاملاتهم من خلاله العمل لأصحاب عمل آخرين، وفي المقابل، تدفع العاملة للكفيل الأصلي "رسوما". قالت كاني س، عاملة منزلية إندونيسية، إنها دفعت لكفيلها 300 ريال عماني (780 دولار) في السنة، وتعيش الآن بشكل مستقل وتعمل لشهرين أو ثلاثة، وتكسب دخل إضافيا قدره 260 ريال عماني (675 دولار) شهريا.[98]
أشار أحد العاملين في المجال الاجتماعي إلى أن بعض الكفلاء يستغلون نظام "التأشيرة الحرة" بفرض رسوم عالية، والاحتفاظ بجوازات سفر عاملاتهم كوسيلة ضغط. قال أيضا إن بعض الكفلاء يبلغون عن "هروب" العاملات دون علمهن، حتى إذا اكتشفت العاملة تعمل لأسرة أخرى، لا يعاقب الكفيل الأصلي.[99]
ساهم نظام الكفالة التقييدي أيضا في ترك عشرات الآلاف من الرعايا الأجانب المقيمين، بلا وضع قانوني في عمان. تمنح السلطات العمانية دوريا عفوا للسماح لهم بمغادرة عمان دون عقوبة. بعد عفو عام 2015، على سبيل المثال، انتهز أكثر من 20 ألف من الرعايا الأجانب الفرصة لمغادرة البلاد.[100]
عبّرت عمان عن رغبتها في إصلاح نظام الكفالة. خلال "الاستعراض الدوري الشامل" لعمان عام 2011 في "مجلس حقوق الإنسان" في الأمم المتحدة، أشارت الحكومة إلى أنها "تبحث بديل لنظام الكفيل، ولكن هذه العملية لم تكتمل بعد".[101] ليست هيومن رايتس ووتش على علم بأي مقترحات ملموسة ظهرت لهذه العملية في السنوات الأخيرة. أعربت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري عام 2016، عن قلقها إزاء نظام الكفالة الذي يضع العمال الوافدين "في علاقة تبعية عالية مع أرباب العمل،" ودعت عُمان إلى إلغائه.[102]
غياب الحماية في قانون العمل
لا يشمل قانون العمل العماني عاملات المنازل. تستبعد المادة 2 (3) عاملات المنازل من نطاق القانون صراحة، وبالتالي من الحماية التي يوفرها.[103] ذكرت تقارير أن عمان تدرس تعديل قانون العمل، ليشمل عاملات المنازل.[104] نقلت صحيفة "تايمز أوف عمان" في أبريل/نيسان 2016 عن سالم السعدي، مستشار وزير القوى العاملة، أن عمان "لديها خطط لإضفاء الشرعية على حقوق العمالة المنزلية وتوفير حماية أفضل لها"، وسوف يكون "إما في قانون عمل جديد أو كفصل مستقل".[105]
توفر لوائح العمالة المنزلية في عمان لعام 2004 بعض القواعد الفضفاضة بشأن ظروف عمل عاملات المنازل.[106] فهي تتطلب من أصحاب العمل تقديم الأجور الشهرية لعاملات المنازل خلال 7 أيام من نهاية كل شهر، وغرفة وطعام ورعاية طبية كافية، وتكاليف العودة جوا عند إنهاء صاحب العمل للعقد، وتكاليف السفر جوا من وإلى بلدانهن خلال أيام العطلة المعتمدة.[107]
مع ذلك، تخلو لوائح 2004 من الحقوق والحماية المنصوص عليها للعمال في القطاعات الأخرى بموجب قانون العمل العماني. على سبيل المثال، لا تضع اللوائح معايير لساعات العمل، وأيام الراحة الأسبوعية والإجازات السنوية، أو تعويض العمل الإضافي. كما أنها لا تذكر حق عاملات المنازل في تشكيل نقابات أو الانضمام إليها، وهو حق يتيحه قانون العمل العماني للعمال في القطاعات الأخرى.[108] علاوة على ذلك، لا تستفيد عاملات المنازل من نظام تفتيش العمل المنصوص عليه في قانون العمل واللوائح الأخرى، ولا من "نظام حماية الأجور" الذي يتطلب الدفع المباشر للأجور في حسابات مصرفية، بعكس العمال الوافدين في القطاعات الأخرى.[109] لا تنصّ الأنظمة على أي عقوبات لمخالفات صاحب العمل لأحكامه خلافا لقانون العمل. تشير اللوائح إلى أن هناك قسما في وزارة القوى العاملة يمكنه التعامل مع نزاعات عقود عمل عاملات المنازل، ولكن كما هو موضح في الفصل الرابع، هناك مشاكل مع هذا النوع من تسوية النزاعات.[110]
اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين صوتت عُمان لصالح إقرار اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 لسنة 2011 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، التي دخلت حيز التنفيذ في 5 سبتمبر/أيلول 2013.[111] رغم اظهار هذا التأييد للاتفاقية، إلا أن عُمان مازال لم يصادق بعد عليها.[112] تلزم الاتفاقية الحكومات بتزويد العمالة المنزلية بتدابير حماية مماثلة لتلك التي يتمتع بها العمال في بقية القطاعات، بحيث تغطي ساعات العمل، والحد الأدنى للأجر، والتعويض عن العمل الإضافي، وفترات الراحة الأسبوعية واليومية، والتأمين الاجتماعي، وحماية الأمومة. كما تضع الاتفاقية على عاتق الحكومات التزاما بحماية العمالة المنزلية من العنف والانتهاكات، وبتنظيم وكالات الاستقدام ومعاقبتها على الانتهاكات، وضمان الرصد الفعال وإنفاذ قواعد العمل المتعلقة بالعمالة المنزلية.
|
تستثني عمان فئة كاملة من العمال، وغالبيتهم من النساء، من حماية قانون العمال، وهي بذلك تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي تنص على القضاء على التمييز ضد المرأة في كافة المجالات، بما في ذلك العمل.[113]
رغم أنه من المفترض أن قانون العمل يستثني عاملي المنازل من الجنسين، إلا أنه من الواضح أن النساء يتأثرن سلبا وبشكل غير متناسب نتيجة لهذا الاستبعاد. تشكّل الأحكام أو الممارسات المحايدة التي تضع الأشخاص من جنس واحد في وضع غير مناسب مقارنة مع أشخاص من الجنس الآخر، تمييزا غير مسموح به وغير مباشر، ما لم يتم تبريرها موضوعيا بهدف مشروع، وأن تكون وسيلة تحقيق هذا الهدف مناسبة وضرورية.[114] لا يوجد هدف مشروع في استبعاد عاملات المنازل من الحماية القانونية في عمان.
نظرا إلى أن عاملات المنازل من الرعايا الأجانب، دعت "لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري" عمان لإدراج عاملات المنازل في قوانين العمل لديها.[115]
بالإضافة إلى ذلك، تنص اللوائح العمانية على أن يدفع أصحاب العمل أجرا أكبر لعاملي المنازل الذكور مما يدفعوه للعاملات. يظهر "دليل الخدمات" الحكومي أن على صاحب العمل العماني الراغب في توظيف "غير عمانيين" للعمل في المنزل، ألا يقلّ دخله الشهري عن 350 ريال عماني (910 دولار) لإثبات أنه يستطيع دفع رواتب عاملة واحدة. ولكن بالنسبة للعمال الذكور، يجب ألا يقل دخل صاحب العمل عن 1000 ريال عماني (2600 دولار).[116] يبرز هذا إلى أن السلطات العمانية تتوقع أن راتب العامل المنزلي الذكر سيكون أعلى بكثير من راتب العاملة.
تواجه عاملات المنازل الوافدات أيضا التمييز في الأجور على أساس الأصل القومي. حدد مجلس الوزراء (الحكومة) الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص للمواطنين العمانيين فقط،[117] واستبعد العمال الوافدين. نظرا لعدم وجود حد أدنى لأجور عاملات المنازل، وضعت بعض الدول المرسلة للعمالة حدا أدنى لأجور العمالة المنزلية، والتي تحاول السفارات التحقق من أنها موجودة في عقود العمل قبل أن يُسمح للعمال بالسفر. تتراوح الرواتب بين 70 و160 ريال عماني (180 و415 دولار) (انظر القسم أدناه: آليات الحماية التي توفرها الدول المرسلة للعمالة). تحدد وكالات التوظيف بدورها في كثير من الأحيان معدلات الأجور الدنيا على أساس جنسية عاملات المنازل بدلا من التركيز على الخبرات والمهارات، أو طبيعة العمل.[118] هذه الممارسة شائعة في دول خليجية أخرى أيضا.[119] أشار مسؤول من دولة مرسلة للعمالة أنه في بعض الحالات، حتى الوكالات تعلن عن رواتب أقل من الحد الأدنى للرواتب التي وضعتها الدول المرسلة للعمالة.[120] لا يخالف هذا الأمر القانون لأن القانون العماني لا ينص على حد أدنى لرواتب العمالة المنزلية. ترقى هذه الممارسة إلى التمييز، باعتبارها عدم مساواة غير مبررة، وبلا هدف مشروع. تمارس السلطات العمانية ذلك بشكل علني، فقد سهلت هذا النوع من التمييز بعدم وضع حد أدنى لأجور جميع العاملين في المنازل، وهو انتهاك لالتزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.[121]
عقد موحّد لعاملات المنازل
عاملات المنازل ملزمات بالحصول على عقد بموجب لوائح عام 2004.[122] أصدرت وزارة القوى العاملة عام 2011، عقد عمل موحد لعاملات المنازل.[123] يتضمن العقد أحكاما من لوائح 2004 متعلقة بالدفع المنتظم للرواتب والغذاء والسكن والنفقات الطبية وتكلفة العودة عندما ينتهي العقد.[124] ينص العقد الموحد، بالإضافة إلى اللوائح، على أن يسمح صاحب العمل بإجازة يوم في الأسبوع مدفوعة الأجر، وكذلك إجازة لمدة 30 يوما (بما في ذلك رحلات العودة) كل سنتين، أو تعويض عنهما.[125] لكنه لا يحدد معدل الأجور التي يجب دفعها لعاملات المنازل.
يساعد العقد القياسي في عمان بلا شك في بعض النواحي لتعزيز حقوق عاملات المنازل. ولكن كما هو موضح في الفصلين الثاني والرابع، غالبا ما تُخرق هذه الحقوق التعاقدية، دون وجود سُبل انتصاف. علاوة على ذلك، لا يصلح العقد الموحد مشكلة توقيع عاملات المنازل لعقد بشروط أفضل في بلدانهن، وتجاهلها في عمان. قالت كثير من عاملات المنازل الفلبينيات، على سبيل المثال، لـ هيومن رايتس ووتش إن العقد الأولي الذي وقعنه في الفلبين ينص على راتب شهري قدره 160 ريال عماني (415 دولار)، ولكن لدى وصولهن، قال أصحاب عملهن إنهن سيحصلن على أجور أقل، وفي كثير من الأحيان بحدود 90-120 ريال عماني (243-310 دولار).
علّق مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالاتجار بالأشخاص على مشاكل عقود عاملات المنازل في عمان، مشيرا إلى أن السلطات "تعزف عن التدخل في العلاقة التعاقدية بين خادمات البيوت وأصحاب عملهن لأن هذه العلاقة تعتبر شأنا أسريا، ويُنظر إلى أي تدخل على أنه اعتداء على حق الأسرة في حرمة الحياة الخاصة. إلا أن نقص الحماية هو اعتداء على حماية وحقوق عاملات المنازل".[126]
لا توقّع عاملات المنازل اللاتي يغيّرن أصحاب عملهن في عمان عقدا مع صاحب العمل الجديد قبل أن ينتهي عقدها الأول ومدته سنتين، في كثير من الأحيان، وفقا لمحامي.[127] السبب الرئيسي لذلك هو أن إجراءات النقل إلى صاحب عمل جديد لا تتطلب توقيع عقد موحد معه.[128]
آليات الحماية التي توفرها الدول المرسلة للعمالة
نظرا لعدم وجود حماية لعامات المنازل في القانون، باستثناء حماية تنظيمية دنيا، حاولت حكومات الدول التي يهاجر مواطنوها إلى عمان للعمل المنزلي، التدخل لتعزيز الحماية. ومع ذلك، فهذه التدابير ليست فعالة دائما.
تشترط عديد من الدول المرسلة للعمالة، مثل الفلبين، أن يوافق أصحاب العمل ووكالات التوظيف على الحد الأدنى لأجور العاملة وظروف العمل قبل أن يؤذن لها بالسفر. تتطلب هذه العملية من سفارات هذه الدول في عمان "التحقق" من عقود عاملات المنازل ثم التحقق من أن صاحب العمل وافق على الحد الأدنى للأجور وغيره من شروط التوظيف. واعتمادا على ذلك تمنح العاملة تصريح خروج من بلدها.
يتفاوت الحد الأدنى للأجر الشهري الذي تطلبه الدول المرسلة للعمالة. كانت الأجور الدنيا التي سنتها بعض الدول الرئيسية المرسلة للعمالة عام 2015، كالتالي: الفلبين 160 ريال عماني (415 دولار)، إندونيسيا 120 ريال عماني (310 دولار)، سريلانكا 85 ريال عماني (220 دولار)، الهند 75 ريال عماني (195 دولار)، بنغلادش 75 ريال عماني (195 دولار)، تنزانيا 70 ريال عماني (180 دولار).[129]
بالإضافة للتحقق من الحد الأدنى للأجور، تشترط بعض هذه الدول على صاحب العمل توقيع تعهدات إضافية مع سفاراتها بشأن ظروف العمل اللائقة، مثل حد 8 ساعات عمل في اليوم.[130] لبعضها أيضا تدابير ترمي إلى تعزيز حقوق عاملات المنازل وسلامتهن. فالهند، على سبيل المثال، تطلب من أصحاب العمل توفير هاتف محمول مسبق الدفع للعاملة المنزلية.[131] كل من سفارتي الهند وبنغلادش تطلبان من أصحاب العمل استصدار تأمين طبي محدد لعاملات المنازل.
ولكن مع وصول العاملة المنزلية إلى عمان، تفقد الدول المرسلة قدرتها تقريبا على فرض هذه الشروط. إحدى التدابير العملية القليلة التي يمكن أن تقوم بها هذه الدول هي وضع الوكالات وأصحاب العمل، الذين يعتقد أنهم أساؤوا أو استغلوا العاملات، في "القائمة السوداء".[132] إذا وضعت السفارة وكالة أو كفيل في "القائمة السوداء" فإنها في المستقبل لن تتعامل مع أي عقود لعاملات في المستقبل قد يأتين عبر هذه الوكالة أو الكفيل.
تعاقب الفلبين أيضا على أراضيها الوكالات التي تعتبرها مسيئة أو مخادعة في توظيف عاملات المنازل الوافدات من الفليبين.[133] يمكن للعاملات تقديم شكاوى ضد وكالات التوظيف الفلبينية لدى عودتهن إلى الوطن، رغم أن مثل هذه العمليات قد تستغرق شهورا أو حتى سنوات. توفر إندونيسيا أيضا آليات لإعانة عاملات المنازل الوافدات للحصول على تعويض من خلال خطط التأمين، وآليات تسوية النازعات الإدارية أو المحاكم. ومع ذلك، يقوض عدد من الحواجز مثل هذه العمليات، ما يمنع العاملات من الوصول إلى العدالة.[134]
تحاول سفارات بعض هذه الدول، بما فيها الهند وسريلانكا، ضمان دفع رواتب عاملات المنازل، باشتراط توفير الكفلاء مبلغ تأمين.[135] عندما ينتهي عقد العمل، تقابل السفارات عاملات المنازل للتحقق ما إذا تم دفع أجورهن، قبل أن تعيد مبلغ التأمين إلى صاحب العمل.[136]
إلا أنه لا يمكن لهذه الدول توفير هذه الحماية عندما تهاجر عاملات المنازل أو يتم الاتجار بهن في عمان من خلال قنوات غير منظمة، وفي كثير من الأحيان عن طريق الإمارات. بالإضافة إلى ذلك، لا تستفيد عاملات المنازل من هذه الحماية، إن لم يكن لدولهن سفارة أو قنصلية في عمان، مثل أوغندا. إثيوبيا التي لديها عدد كبير من عاملات المنازل في عمان، لديها قنصلية فخرية، لكنها ليست بعثة دبلوماسية كاملة يمكنها توفير هذه الآليات لحماية مواطناتها العاملات.[137]
منعت دول أخرى، مثل إندونيسيا مواطنيها من الهجرة إلى بلدان معينة للعمل المنزلي، بما في ذلك عمان، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحالات المتكررة لسوء المعاملة.[138] ومع ذلك، مثل هذا الحظر غير فعال، ويمكن أن يضع هؤلاء النسوة في خطر متزايد للاتجار أو العمل القسري أثناء محاولتهن أو محاولة وكلاء التوظيف الالتفاف على الحظر.[139] قال مسؤول إندونيسي إنه رغم الحظر، لا تزال هناك عاملات منازل إندونيسيات في عمان. قال إنه يشتبه في أن حوالي نصف عاملات المنازل الإندونيسيات في عمان وصلن عن طريق الإمارات.[140]
لم تمنع السلطات العمانية، خلافا لبعض دول الخليج الأخرى، الدول المرسلة للعمالة من إجراءات التحقق والعقود، والتدابير الأخرى لحماية مواطناتها العاملات.[141] أشار مسؤولون في سفارة بلد مرسل للعمالة إلى أن السلطات العمانية تتعاون معهم في بعض الأحيان. على سبيل المثال، لاحظ مسؤول بالسفارة الإندونيسية أنه منذ منعت الحكومة الاندونيسية مواطنيها من الهجرة إلى عمان للعمال في المنازل، أوقفت السلطات العمانية إجراءات تأشيرات عاملات المنازل الإندونيسيات.[142]
تمنع عمان أيضا عاملات المنازل من بلدان معينة، في بعض الأحيان للأسف. أصدرت السلطات العمانية حظرا في 1 فبراير/شباط 2016 على عاملات المنازل من خمس دول أفريقية هي أثيوبيا وكينيا والسنغال وغينيا والكاميرون وفقا لوسائل إعلام في عمان. ذكرت "مسقط ديلي" أن مسؤولا كبيرا في شرطة عمان السلطانية قال إنهم أصدروا حظرا لـ "منع انتقال الأمراض من الدول الأفريقية إلى عمان"، ولأنهم يعتقدون أن هؤلاء العاملات "يتورطن في جرائم معينة".[143] إذا كانت هذه سياسة الحكومة، فالسلطات العمانية تعمل على تغذية التمييز العنصري ضد العاملات من هذه الجنسيات، بوصفهن "مريضات" ومستعدات لارتكاب جرائم.
تجريم ومحاكمة العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالبشر
حظرت عمان العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالبشر، وتقدم للضحايا بعض الخدمات الاجتماعية. مع ذلك، لم تفعل شيئا يذكر لمعالجة العوامل الهيكلية الرئيسية التي تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان التي تواجهها عاملات المنازل، وهي نظام الكفالة واستبعاد عاملات المنازل من قانون العمل. ولم تقم بما يكفي أيضا لضمان المساءلة أو التعويض عن هذه الانتهاكات، بل توجد نساء تعرضهن للعقاب بسبب هروبهن من سوء المعاملة، التي بلغت درجة العمل القسري والاتجار، مثلما تظهر الحالات في الفصلين الثاني والرابع.
العمل القسري والاسترقاق
يحظر "النظام الأساسي للدولة" (دستور البلاد) في سلطنة عمان العمل القسري.[144] كما يحظر قانون العمل المعدل لعام 2006، العمل القسري، ولكن العقوبة هي السجن لشهر واحد أو غرامة قدرها 500 ريال عماني (1300 دولار)[145] ومع ذلك، فإنها لا تنطبق في حالة عاملات المنازل، لأن قانون العمل يستثني عاملات المنازل، ولا تذكر لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 شيئا عن العمل القسري.
تفسير العمل القسري والرق في القانون الدولي اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 29 بشأن السخرة، تعرّف السخرة أو العمل القسري على أنه "جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره".[146] كما فرضت اتفاقية لاحقة لمنظمة العمل الدولية، هي "اتفاقية تحريم السخرة" لسنة 1957 (رقم 105)، قيودا إضافية على الاوضاع التي يجوز فيها اعتبار العمل القسري المفروض من الدول مسموحاً به. حدّث بروتوكول منظمة العمل الدولية لعام 2014 الخاص بـ "اتفاقية السخرة" لسنة 1930 هذه المعايير. ينص البروتوكول على أن تتخذ الحكومات إجراءات للتعرف على ضحايا السخرة وإطلاق سراحهم وتقديم المساعدة لهم، إضافة إلى حمايتهم من الانتقام.[147] صوتت جميع الدول الأعضاء بمنظمة العمل الدولية تقريبا لصالح تبني البروتوكول، إلا أن عمان امتنعت عن التصويت. يعرّف الرق بموجب "اتفاقية إبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق" لسنة 1926 (اتفاقية الرق) أنه "حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها".[148] يرد أكثر تعريفات الرق معاصرة، بموجب القانون الدولي، في صك أركان الجرائم الملحق بـ "نظام روما الأساسي" (المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية) والذي ينص على "أن يمارس مرتكب الجريمة إحدى أو جميع السلطات المتصلة بالحق في ملكية شخص أو أشخاص كأن يشتريهم أو يبيعهم أو يعيرهم أو يقايضهم أو كأن يفرض عليهم ما ماثل ذلك من معاملة سالبة للحرية".[149] ويضيف أن "هذا الحرمان من الحرية قد يشمل، في بعض الحالات، السخرة أو استعباد الشخص بطرق أخرى، حسبما نص عليه في الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والنظم والممارسات الشبيهة بالرق".[150] تُعرف الممارسات الشبيهة بالرق في اتفاقية الأمم المتحدة التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بحيث تشمل، من بين أمور أخرى، ارتهان الدَين والقنانة.[151] |
يجرّم قانون الجزاء (قانون العقوبات) العماني الرق وتجارة الرقيق، ولكن ليس العمل القسري. تنص المادة 260: "كل من استعبد شخصاً أو وضعه في حالة تشبه العبودية" يمكن أن يعاقب بالسجن من 5 إلى 15 سنة.[152] تنص المادة 261 أن كل من "أدخل الى الأراضي العمانية أو أخرج منها انساناً بحالة العبودية أو الرق أو تصرف به على أي وجه كان، أو استلمه أو حازه أو اكتسبه أو أبقاه على حاله" يمكن أن يسجن من 3 إلى 5 سنوات.[153]
لا يحدد قانون الجزاء وقانون العمل وغيرهما من القوانين عناصر الرق والعمل القسري. صادقت عمان على المعاهدات الدولية بشأن العمل القسري، ولكن قوانينها لا تتطابق مع تعريفات القانون الدولي (انظر النص المؤطر أدناه).[154] كما أنها لم تصادق على المعاهدات الدولية المتعلقة بالرق.
الاتجار بالبشر
تبنّت عُمان قانونا لمكافحة الاتجار بالبشر عام 2008، يحظر الاتجار ويحدد عقوبات من 3 إلى 15 سنوات في السجن وغرامات مالية.[155] ينص القانون على أن كل شخص يقوم عمدا وبغرض الاستغلال بارتكاب أمر مما يلي، يكون مذنبا بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر:
- أ) استخدام أو نقل أو إيواء أو استقبال شخص عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو باستغلال حالة استضعاف أو باستعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
- ب) استخدام حدث أو نقله أو إيوائه أو استقباله، ولو لم تستخدم الوسائل المنصوص عليها في البند السابق.[156]
يعرف القانون "الاستغلال غير المشروع" على أنه يشمل، من بين أمور أخرى، العمل القسري (السخرة) والاسترقاق، والممارسات الشبيه بالرق.[157] هذا التعريف أضيق من تعريف القانون الدولي.
"بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال" (المعروف أيضا بأحد بروتوكولات باليرمو)، هو مصدر القانون الدولي بشكل أساسي بشأن الاتجار بالأشخاص. ويعرف الاتجار بالأشخاص على النحو التالي:
"يقصد بتعبير "الاتجار بالأشخاص" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء".[158]
أنشأت عمان "اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر" عام 2009، برئاسة المفتش العام للشرطة والجمارك.[159] نشرت اللجنة خطة وطنية لمساعدة ضحايا الاتجار بالأشخاص، بما في ذلك السماح لهم بالبقاء في عمان حتى إتمام جميع الإجراءات القانونية.[160] ومع ذلك، فإنه لا يزال لا يسمح لهن بالعمل لدى صاحب عمل آخر، بما يتعارض مع بروتوكول باليرمو الذي يدعو الدول الأطراف إلى النظر في اتخاذ تدابير لتوفير أحكام فرص العمل.[161]
تتولى دائرة قضائية خاصة في محكمة الاستئناف في مسقط القضايا المتعلقة بالاتجار، وفقا لتقرير الاتجار بالبشر لوزارة الخارجية الأمريكية عام 2015.[162] مع ذلك، هناك عدد قليل فقط من المحاكمات والإدانات للاتجار بالبشر. في الواقع، افتُقدت المحاكمات نوعا ما في السنوات الأخيرة. أعلنت الحكومة العمانية على ما يلي ووفقا لتقرير الاتجار بالبشر:[163]
- عام 2012، حاكمت السلطات 15 حالة اتجار بالجنس، وأدانت اثنتين.[164]
- عام 2013، حققت السلطات في 6 حالات اتجار بالجنس وحالة واحدة للعمل القسري. حاكمت السلطات 5 حالات اتجار بالجنس، وحكمت على 4 من التجار المدانين بالسجن.[165]
- عام 2014، حققت السلطات في 5 حالات اتجار بالأشخاص. حاكمت حالتين، شملت 11 مشتبها، وأدانت المحكمة اثنين من المتهمين وحكمت عليهم بالسجن 7 سنوات وغرامة 10 آلاف ريال عماني (26 ألف دولار). برّأت المحكمة 7 متهمين لعدم كفاية الأدلة، و2 في انتظار المحاكمة في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير.[166]
- عام 2015، حققت السلطات في 5 حالات اتجار بالبشر، لكن لم تحقق في أي حالة عمل قسري. بدأت السلطات 3 محاكمات لتسعة متهمين ولكنها لم تُدن أي منهم[167]
أفاد تقرير الاتجار بالبشر لعام 2014 أن الحكومة لم تحاكم أو تدين أي من مخالفات العمل القسري منذ عام 2010، كما ذكر تقرير 2016 أنه لم تحصل أي محاكمات أو إدانات في قضايا العمل القسري في 2015.[168] نوّه أيضا إلى أن الحكومة العمانية ومسؤولون من الدول المرسلة للعمالة صرحوا أن حالات انتهاكات العمالة التي قد ترقى إلى العمل القسري، كانت تُصنف في كثير من الأحيان على أنها "شكاوى إدارية"، وكانت "نادرا ما يحقق فيها بتهمة الاتجار أو تُحول إلى المحكمة الجنائية".[169]
تقرير الولايات المتحدة للاتجار بالأشخاص تصدر وزارة الخارجية الأمريكية تقريرا سنويا يعرف باسم "تقرير الاتجار بالأشخاص". يراقب التقرير الدول ويصنفها استنادا إلى حجم الجهود المبذولة من حكوماتها للامتثال لـ "المعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر" حسب قانون "حماية ضحايا الاتجار بالبشر" الأمريكي لعام 2000. تُصنف الدول من الأفضل إلى الأسوأ، في المستوى 1 والمستوى 2 والمستوى 2 – قائمة المراقبة، والمستوى 3. يمكن أن تخضع الدول في المستوى 3 لبعض القيود في المساعدات الثنائية. صنّف التقرير عمان في المستوى 3 عامي 2007 و2008، لعدم امتثالها الكامل للمعايير الدنيا لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولأنها "لا تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك". منذ ذلك الحين، حافظت عمان على ترتيبها في المستوى 2، وهذا يعني أنها لا تمتثل تماما للحد الأدنى للمعايير، ولكنها تبذل جهودا كبيرة لتحقيق الالتزام بها. ذكرت "رويترز" أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية قالوا لصحفي إنهم قرروا في أبريل/نيسان 2015 خفض تصنيف عمان إلى "المستوى 2 – قائمة المراقبة ". مع ذلك، حافظت عمان على تصنيفها في المستوى 2 عندما نُشر التقرير في أواخر يوليو/تموز، بعد حوالي 5 أسابيع من وقت نشره في السنوات السابقة. قال مسؤول إن النشر تأخر بسبب خلافات داخل وزارة الخارجية حول تصنيف عمان، وفقا لـ رويترز. حافظت وزارة الخارجية على تصنيفها في المستوى 2. في يونيو/حزيران، خفضت ترتيب عمان إلى المستوى 2 – قائمة المراقبة، لأن الحكومة العمانية "لم تثبت أنها زادت من جهود مكافحة الاتجار بالأشخاص في الفترة السابقة". كما لاحظ التقرير بوجه خاص "تراجع التحقيقات ومحاكمات الاتجار بالبشر مقارنة بالفترة السابقة، ولم تُدن أي متورطين. تعاملت الحكومة مع حالات الاتجار بالبشر بأسلوب فض النزاعات الذي تشرف عليه المحاكم. مازالت إجراءات تحديد الضحايا ضعيفة لأن الحكومة لم تتبنى تدابير رسمية لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر ضمن المجموعات الضعيفة، واعتمدت على تقارير التبليغ التلقائي من قبل الضحايا ".
|
VI. معاقبة الهروب وحواجز الإنصاف
مصادر دعم عاملات المنازل اللاتي يهربن من أصحاب العمل المسيئين في عمان محدودة. تلجأ عاملات المنازل إلى وكالات التوظيف أولا من أجل المساعدة. ومع ذلك، يولي بعض الوكلاء الربح أهمية أكبر من سلامة العاملات، ويعيدون النساء إلى أصحاب العمل المسيئين أو لأصحاب عمل جدد ضد إرادتهن. قالت 3 نساء إن الوكلاء الذين التجأن إليهم حبسوهن واعتدوا عليهن. تُخصص ملاجئ الحكومة لضحايا الاتجار بالبشر تحديدا، وليس لعاملات المنازل اللاتي يعانين من انتهاكات أخرى. تقدم بعض السفارات الملاجئ، ولكن ليس كل شيء. يمكن أن يعاقب فعل الفرار من الانتهاكات على أنه "هروب" بموجب القوانين العمانية.
تعيق مجموعة من العقبات تأمين التعويض عن الاعتداء، إضافة إلى عدم وجود دعم. من بين هذه العقبات وأكثرها أهمية، رفض الشرطة تلقي الشكاوى من العاملات المنزليات، وإعادتهن الى أصحاب العمل المتهمين بسوء المعاملة. قد يكون من الصعب على عاملات المنازل تقديم أدلة لدعم ادعاءاتهن، لأن الاعتداء يحدث في منزل صاحب العمل في كثير من الأحيان. عدد قليل من العاملات لديهن المال الكافي لتوكيل محام، وخاصة إذا كانت شكواهن عن عدم دفع الأجور. إن تحركت القضية، فالعملية قد تستمر لأشهر أو أكثر. عاملة المنزل الوافدة التي تترك كفيلها لا يمكنها العمل خلال هذه الفترة.
انتهاكات وكلاء التوظيف
تتوجه عديد من العاملات اللواتي يواجهن صعوبات إلى الوكالات التي وظفتهن، وهي بمثابة نقطة الاتصال الأولى لهن في عمان. قد يحاول بعض وكلاء التوظيف مساعدة عاملات المنازل في محنتهن، إلا أن البعض الآخر يهددوهن أو يعتدون عليهن.
ليس من مهام وكالات التوظيف إيواء العاملات المصابات بصدمات نفسية وسوء معاملة. علاوة على ذلك، لديهم حافز مالي لإرسال العاملات إلى أصحاب العمل المسيئين، أو إعادة توظيفهن في أسرع وقت ممكن. يُطلب من وكالات التوظيف بموجب العقد الموحد في بعض الحالات، دفع تكاليف رحلة العودة لعاملات المنازل اللاتي يتركن العمل في غضون 180 يوما (حوالي 6 أشهر).[170]
أفادت بعض العاملات أن الوكلاء عاملوهن بشكل سيء عندما طلبن المساعدة. قالت بعضهن إن الوكلاء احتجزوهن في مكاتبهم، وحرموهن من الغذاء أو المأوى الملائم، وضربوهن أو هددوهن، أو أرغموهن على العودة إلى أصحاب العمل المسيئين، أو العمل لعائلات جديدة، أو رفضوا السماح لهن بالعودة إلى بلادهن.
قالت ديفيا س إنها طلبت المساعدة من وكيلها بعد أن جعلها صاحب عملها تعمل فوق طاقتها، وتأخر في دفع راتبها. أمضت أسبوعين في وكالة التوظيف، في غرفة واحدة مع حوالي 8 عاملات منازل، ثم هربت. قالت إنه في بعض الحالات لم يكن لديهن "طعام أو ماء". قالت إن أحد الوكلاء حاول الاعتداء عليها جنسيا.[171] هربت ديفيا وتحدث إلى هيومن رايتس ووتش قبل مغادرتها عمان. قالت أسماء ك إنها طلبت المساعدة من وكيلها بعد ان تحرش بها أبناء صاحب عملها الكبار. لكن وكيلها ضربها بعصا، ووظفها لدى صاحب عمل آخر. كان صاحب العمل الثاني مسيئا أيضا، وهدد بقتلها (انظر الفصل الثاني: الاتجار بالبشر). هربت ومشت عدة ساعات، حتى التقت شخصا قدم لها بعض النقود لسيارة أجرة إلى السفارة.[172]
قالت سوشيلا ر إنها عندما طلبت المساعدة من وكالة التوظيف الخاصة بها في مابيلا (منطقة ساحلية في مسقط)، قال لها الوكيل، "دفعت 200 ريال (520 دولار). إذا دفعت لي هذا المبلغ، يمكنك الذهاب". حبسها مع امرأتين قالتا أيضا إن الوكيل "اشتراهما"، بمبلغ 200 ريال عماني. قالت: "ضربني، وحبسني في الغرفة. قفزتُ من نافذة على ارتفاع طابقين"، وطلبت المساعدة من سفارة بلدها بعد فترة وجيزة.[173]
عدد محدود من الملاجئ
افتتحت شرطة عمان السلطانية مأوى دائم لضحايا الاتجار عام 2011. يستوعب هذا المأوى حوالي 50 من الرجال والنساء والأطفال من ضحايا العمل القسري أو الاتجار بالجنس.[174] لا يُحال الضحايا إلى الملجأ إلا بأمر من النيابة العامة، ولا يستطيعون مغادرته دون مرافق.[175] يوفر الملجأ السكن الأساسي، والمشورة النفسية والخدمات القانونية والرعاية الطبية.[176]
ذكر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالاتجار بالأشخاص لعام 2015 أن الملجأ كان غير مستخدم بشكل كاف بسبب ضعف جهود الحكومة في تحديد الضحايا.[177] ذكرت الحكومة العمانية لوزارة الخارجية الأمريكية إنها أحالت 9 ضحايا اتجار بالبشر إلى المأوى عام 2013 و10 عام 2014 و5 عام 2015.[178] وليس هناك معلومات حول ما إذا كان أي منهم عاملات منازل.
أعلنت الحكومة العمانية في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عام 2014، أنها ستفتح ملجأ جديدا لضحايا الاتجار بالبشر في المنطقة الداخلية، لكن من غير الواضح ما إذا كانت وفت بهذا الالتزام. نوّهت عمان أيضا إلى أن لها ملاجئ أخرى لضحايا الاتجار بالبشر تديرها الحكومة بالتعاون مع منظمات غير حكومية.[179] إلا أن عاملين في المجال الاجتماعي قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لا يعرفون شيئا عن ملاجئ الحكومة. قال مسؤول في سفارة إن ملجأ الاتجار الرئيسي "لا يتصل بالسفارة ليقول لنا إذا كان لديهم أي شخص".[180]
عديد من سفارات الدول المرسلة للعمالة لديها ملاجئ في مسقط، إلا أن مسؤولي السفارات قالوا إنها غالبا ما تكون غير قادرة على الاستيعاب. على سبيل المثال، قال مسؤول بالسفارة الإندونيسية لـ هيومن رايتس ووتش: "الحد الأقصى لطاقة استيعاب الملجأ 20 شخصا، ولكننا نتلقى 5 أشخاص يوميا. كان لدينا 100 امرأة [عاملة منزلية] في الملجأ الشهر الماضي". لا تستطيع العاملات مغادرة الملجأ إلا مع موظفي السفارة لمتابعة الإجراءات القانونية. لا توفر بعض السفارات أو القنصليات المأوى للعاملات اللاتي يتعرضن لسوء المعاملة، ولا وجود دبلوماسي دائم لبعض الدول المرسلة للعمالة في عمان. عاملات المنازل من هذه الدول على وجه الخصوص عرضة لسوء المعاملة.
اتهامات الهروب وشكاوى أصحاب الأعمال
يمكن لعاملات المنازل اللاتي يهربن من الانتهاكات أن يواجهن اتهامات بـ "الهروب"، واتهامات جنائية ملفقة، بناء على الاتهامات التي يوجهها أصحاب العمل. لا يعزز هذا معاقبة الهروب وحسب، بل يعيق التعويض والانصاف. العاملات اللاتي يواجهن تهمة "الهروب" أو غيرها بعد هروبهن من انتهاكات أصحاب العمل، غالبا ما يكنّ على استعداد لإسقاط الدعاوى المرفوعة ضد أصحاب العمل ليتمكن من العودة إلى بلادهن.
تعتبر عاملات المنازل اللاتي يتركن صاحب العمل دون موافقته قبل نهاية عقودهن "مختفيات". تواجه العاملات "الهاربات" السجن والغرامات المالية والترحيل والمنع من العمل في المستقبل. تعمل جريمة "الهروب" على منع عاملات المنازل الوافدات اللاتي يرغبن في البحث عن عمل بديل باختيارهن، من ترك علاقات العمل التي تقيدها بموجب نظام الكفالة. يسمح هذا البناء القانوني المسيء بطبيعته لأصحاب العمل استخدام تهمة الفرار للانتقام من عاملات المنازل اللاتي يهربن من الانتهاكات، أو لتأمين عودتهن القسرية.
على صاحب العمل نشر إشعار حول العاملة في صحيفة محلية في غضون أسبوع من "هروبها"، وإخطار وزارة القوى العاملة.[181] تخطر الوزارة شرطة عمان السلطانية بعد ذلك. يمكن للعاملة الوافدة الطعن في تقرير الفرار، في غضون أسبوعين، ويمكن لوزارة القوى العاملة الفصل فيه.[182] يمكن لأصحاب العمل أيضا إبلاغ حالة "هروب" العاملة إلى شرطة عمان السلطانية، ويمكن لصاحب العمل أن يأخذ تقرير الشرطة إلى وزارة القوى العاملة.[183]
يمكن أن يعاقب الكفيل لعدم إبلاغه عن العاملات اللاتي "هربن". وتستطيع السلطات أن تطلب من الكفيل الكشف عن مكان وجود المكفول، وإذا فشل الكفيل في ذلك في غضون شهر، يمكن أن يعاقب بغرامة تصل إلى 500 ريال عماني (1300 دولار).[184]
يمكن أن تواجه عاملات المنازل مجموعة من العقوبات بسبب "الهروب". عندما تعتبر العاملة الوافدة "مختفية" تلغي السلطات تصريح إقامتها وتواجه العاملة الترحيل. تخضع أي وافدة تم ترحيلها لحظر إعادة الدخول لمدة سنتين، ويتطلب الأمر ترخيصا من المفتش العام لإعادة الدخول.[185] علاوة على ذلك، إذا بقيت الوافدات في عمان بعد انتهاء صلاحية تأشيرة إقامتهن، يمكن أن يسجنّ لمدة تصل إلى 3 سنوات، أو يدفعن غرامة تصل إلى 500 ريال عماني (1300 دولار).[186] يمكن أيضا الحكم على الأجانب الذين يفشلون في تجديد تأشيرات إقاماتهم في الوقت المحدد بالسجن أو الغرامة.[187]
يقدم بعض أصحاب العمل شكاوى جنائية ضد عاملات المنازل بعد أن يهربن من الانتهاكات. قد تشمل الاتهامات على سبيل المثال، مزاعم سرقة أو اتهامات بتورط العاملات في الزنا (العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، للمتزوجين وغير المتزوجين).[188] تنتهك الاتهامات بالزنا القانون الدولي من خلال تجريم العلاقات الجنسية التي تتم بين بالغين بالتراضي.[189]
قد لا تتلقى العاملات اللاتي يواجهن تهما جنائية أي مساعدة قانونية أو قنصلية عند الاستجواب. أشار أحد المسؤولين في دولة مرسلة للعمالة إلى أنه عندما تعتقل الشرطة عاملة أجنبية لا يبلغون سفارة دولة العاملة بشكل مباشر تلقائيا. قال المسؤول أيضا إن وزارة الشؤون الخارجية تزود السفارات بالمعلومات المتعلقة بالاعتقالات، إلا أن هذا يمكن أن يستغرق شهورا. أضاف المسؤول أنه في بعض الأحيان لا تعرف السفارة عندما تحال قضية إحدى مواطناتها للمحاكمة.[190]
قالت راحيلا س إن صاحب عملها ضربها وهدد بقتلها وطردها خارج المنزل. طلبت المساعدة في المستشفى، حيث اتهمها مسؤول في الشرطة بـ "الهروب"، واتصل بصاحب عملها ليأخذها. أعادها صاحب العمل وضربها.[191] هربت أديتيا ف من الاعتداء الجسدي واللفظي من صاحب عملها، وأبلغ صاحب عملها أنها "هربت". ألقت الشرطة القبض عليها وأعادتها إلى صاحب عملها، الذي ضربها وكسر أسنانها.[192]
قالت لاتيكا س إنها عندما سألت صاحب العمل عن أجرها الذي لم يدفعه لمدة 5 أشهر ضربها، وقال: "سأرفع قضية ضدك". قالت إن صاحب عملها اتصل بالشرطة واتهمها بالسرقة. احتجزتها الشرطة في السجن المركزي في سمائل لنحو 3 أسابيع. قالت إنها عندما ذهبت إلى المحكمة أسقطت السلطات اتهام السرقة لأن صاحب عملها لم يشهد تحت القسم. مع ذلك، أعادتها المحكمة إلى صاحب عملها الذي ضربها وحرقها.[193]
سلوك الشرطة
كما تبين الحالات الموثقة في الفصل الثاني من التقرير، قالت بعض عاملات المنازل اللاتي أبلغن عن انتهاكات أصحاب العمل للشرطة، إن الشرطة لم تشجعهن على تقديم شكاوى رسمية، وأعادتهن إلى أصحاب العمل المسيئين، الذين انتقموا باعتداءات جسدية أشد من قبل.
قالت ماماتا ب إنها أخبرت الشرطة في أبريل/نيسان 2015 أن صاحب عملها كان يضربها ورفض أن يدفع لها راتبها لمدة شهرين. طلبت الشرطة من ماماتا الاتصال بصاحب عملها. ناشدتهم: "لا أريد أن أذهب إلى هناك، سوف يضربونني"، لكنها قالت إن الشرطة أجابتها: "لن يضربوك". اتصلت الشرطة بصاحب عملها، الذي أعادها وضربها "بلا رحمة"، وحبسها في غرفة 8 أيام. هربت مرة أخرى، ولكن لم تذهب إلى الشرطة، وطلبت المساعدة من سفارة بلدها.[194]
واجهت العاملات أيضا مشاكل "اثبات" وقوع الاعتداء. هينا ر (32 عاما)، عاملة منزلية من بنغلادش، وصلت إلى عمان في مارس/آذار 2015، أفادت أن صاحب العمل وابنه ضرباها واغتصباها. هربت في الشهر التالي وأبلغت الشرطة بالاعتداء، ذهبت الشرطة إلى المنزل لجمع الأدلة من الملابس الداخلية، ولكن الثياب لم تكن موجودة. رغم شهادتها، اعتبرت السلطات أنها لا تستطيع "إثبات" الاغتصاب، ولم تُحل القضية للمحاكمة. قالت إنها تستطيع المطالبة فقط بمبلغ 250 ريال عماني (650 دولار) لدفع ثمن تذكرتها للسفر إلى وطنها.[195]
مشاكل في حلّ النزاعات والمحاكم
تواجه عاملات المنازل اللاتي يعانين من انتهاكات عقبات كبيرة عند التماس الإنصاف في المحاكم أو لحل النزاعات مع وزارة القوى العاملة.
تفيد لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 أن للإدارة المختصة (وزارة القوى العاملة) صلاحية النظر في الخلافات حول عقود عاملات المنازل، ويجب أن تحاول حلها في غضون أسبوعين.[196] مع ذلك، أوضح أحد المحامين أن النظام يمكن أن يستغرق وقتا أطول بكثير من أسبوعين.[197] علاوة على ذلك، أعرب مسؤولون في السفارة عن عدم ثقتهم في نظام تسوية النازعات هذا. قال مسؤول في السفارة الاندونيسية، "نحن لا نكترث لعملية تسوية النزاع لأن وزارة القوى العاملة لا تصدقهن [عاملات المنازل]". قال إن السفارة تطلب من وكالة التوظيف الاتصال بأصحاب العمل، بدلا من ذلك، لاسترداد جواز سفر العاملة على سبيل المثال.[198] قال مسؤول آخر في دولة مرسلة للعمالة إن المسؤولين "يغضون الطرف" عن انتهاكات أصحاب العمل، حتى أن وجود المحامين لا يساعد. أشار كذلك إلى أن "دائرة تسوية النازعات ليس لديها أي سلطة".[199]
يمكن للقضايا المعروضة على المحاكم المدنية أو الجنائية ضد أصحاب العمل أن تستغرق شهورا. قال أحد المحامين إن القضايا المعروضة على المحكمة الابتدائية يمكن أن تستغرق فترة تصل إلى 6 أشهر.[200] رغم أن هذه الفترة لا تمثل بالضرورة تأخيرا لا مبرر له، إلا أنها تخلق مصاعب حقيقية لعاملات المنازل لأنهن ممنوعات من العمل خلال هذا الوقت. يصعّب هذا التأخير عليهن البقاء في عمان لمتابعة هذه العملية.[201] قال أحد المحامين إن العاملة لا يمكنها العمل خلال هذه الفترة، ولذلك "فمن الأفضل أن تأخذ راتبها وتعود".[202]
تابعت أديتيا ف قضية جنائية ضد صاحب عملها. قالت أديتيا إنها هربت من صاحب عملها من قبل لأنه كان يضربها، فأبلغ عنها وقال إنها "هربت". وبعد ذلك لم يُلغ التهم الموجهة إليها بعد أن قبضت عليها الشرطة وأعادتها له، بل ضربها وكسر أسنانها. استغرقت القضية الجنائية ضد صاحب العمل أكثر من عام للنطق بالحكم. رغم أنه ليس لدى هيومن رايتس ووتش ملفات المحكمة لتأكيد هذه الحالة، إلا أن مسؤول في السفارة أفاد أن القاضي حكم ببراءة صاحب العمل لأن القاضي لم يُثبت أنه ضربها، لأنه كان يوجد تقرير "هروب" سابق.[203]
يفحص القسم كذلك كيفية استحالة الفصل بين تنمية آرييل وسياسات إسرائيل في مصادرة الأراضي، بما في ذلك المصادرة المستمرة للأراضي الفلسطينية الخاصة. ويلقي أحد ملاحق التقرير نظرة على القيود ذات الصلة، المفروضة على وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحيطة بآرييل، وتكلفة هذا على أرزاقهم.
V. التوصيات
لمجلس الوزراء، ووزارة الشؤون القانونية، وشرطة عمان السلطانية
- يجب إصلاح نظام تأشيرة الكفالة في عمان:
- إلغاء أو تعديل كافة المواد واللوائح التنفيذية لقانون إقامة الأجانب وغيره من القوانين التي تمنح أصحاب العمل سلطة على وضع عاملات المنازل من حيث الهجرة، وحرية التحرك، وحرية إنهاء التعاقد.
- إقرار ضمان مالي يدفعه جميع أصحاب العمل ويردّ عند حصول العاملات على أجورهن الكاملة وغير ذلك من المزايا التي ينص عليها القانون.
- إقرار أساس قانوني يتيح للعاملات إنهاء عقد العمل بإرادتهن ودون اشتراط موافقة صاحب العمل، ويتيح تغيير العمل بإرادتهن قبل وبعد انتهاء العقد، ودون اشتراط موافقة صاحب العمل.
- إلغاء حظر الدخول لمدة عامين التلقائي للعمال الذين يغادرون سلطنة عمان بعد انتهاء العقد.
- إلغاء المواد المتعلقة بـ "الهروب" في القوانين والأنظمة القائمة، واستبدالها بعقوبات إدارية معقولة ومتناسبة لانتهاكات التأشيرة التي لا تمنع العمال من مغادرة أصحاب العمل المسيئين.
- إلغاء أحكام "الهروب" في القوانين واللوائح القائمة، واستبدالها بعقوبات إدارية معقولة ومتناسبة لمخالفات التأشيرة، بما لا يمنع العاملات من ترك أصحاب العمل المسيئين.
لشرطة عمان السلطانية
- التحقق من عاملات المنازل الوافدات اللاتي يسعين أو أصحاب عملهن لإلغاء تأشيرات إقامتهن أو قبل مغادرتهن عمان لدعاوى عالقة أو غير محلولة بحق أصحاب العمل أو وكالات الاستقدام أو غيرهم، وضمان فهمهن لحقوقهن وحصولهن على فرصة واقعية لمتابعة الدعاوى.
- وضع لوائح تفرض على الشرطة تلقي الشكاوى والتحقيق بدقة فيها، وعدم إعادة العاملات إلى وكلائهن أو أصحاب عملهن ضد إرادتهن، وضمان متابعة العاملات اللاتي يخترن العودة إلى أصحاب العمل أو الوكلاء.
- تدريب أعوان الشرطة على استقبال شكاوى عاملات المنازل والتعامل معها.
- توجيه المسؤولين بعدم إعادة عاملات المنازل إلى أصحاب العمل أو وكالات التوظيف رغما عنهن، والتحقيق بدقة في جميع الادعاءات المعقولة بالإساءة الموجهة ضد أصحاب العمل ومكاتب الاستقدام.
- تدريب أعوان الشرطة ومسؤولي الهجرة على تحديد حالات العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالأشخاص بجميع أشكاله، وإحالة هذه الحالات إلى السلطات القضائية.
- التحقيق في حالات العمل القسري والاسترقاق والاتجار بالأشخاص وإحالة القضايا إلى السلطات القضائية.التنسيق مع الإمارات للتحقيق في الاتجار بالأشخاص مع التركيز بشكل خاص على دور وكالات التوظيف في مدينتي العين والبريمي.
لوزارة القوى العاملة، ومجلس الوزراء، ووزارة الشؤون القانونية
-
التأكد من أن إصلاحات قانون العمل تشمل جميع إجراءات الحماية لعاملات المنازل، وتحديث لوائح عام 2004 بشأن العاملين في المنازل لجعلها، بالإضافة إلى قانون العمل، تتماشى مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، وينبغي أن تشمل ما يلي:
-
تحديد ساعات العمل، وفترات الراحة اليومية ويوم عطلة أسبوعي، وتعويض العمل الإضافي، وإجازة سنوية مدفوعة الأجر متساوية مع العمال الآخرين.
-
تعيين حد أدنى قياسي للأجور بموجب القانون لجميع عاملات المنازل، ومكافحة التمييز في الأجور بحق عاملات المنازل على أساس الجنسية أو الجنس. تعديل القواعد التي تسمح بتوظيف العاملات بأجر يقلّ عن أجر العمال الذكور، لتصبح الأجور متساوية.
-
إلغاء أو تعديل جميع الأحكام القانونية، بما في ذلك قانون العمل ولوائح العمالة المنزلية لعام 2004، وعقد عاملات المنازل لعام 2011، التي تمنح أصحاب العمل سيطرة على وضع الهجرة لعاملات المنازل، وحرية تنقلهن، وحرية إنهائهن العمل. التأكد من أن أي تشريع جديد لا يعزز نظام الكفالة، وأنه يزيل السلطة المطلقة للكفلاء.
-
التأكد من أن جميع عاملات المنازل، بما فيهن اللاتي ينتقلن إلى أصحاب عمل جدد، لديهن عقد مع صاحب العمل.
-
-
إصلاح لوائح العمالة المنزلية لعام 2004 لتعزيز وتسريع تسوية شكاوى عاملات المنازل من خلال:
-
إلزام صاحب العمل بالمشاركة في تسوية النازعات وفرض عقوبات على أولئك الذين لا يلتزمون.
-
إحالة الشكاوى التي لا تصل إلى حل عادل لنظام المحاكم.
-
السماح للعاملات بالبحث عن عمل بديل بينما يتابعن مطالباتهن القانونية.
-
-
تمرير قانون يجرّم صراحة مصادرة جوازات السفر من قبل أصحاب العمل والوكلاء.
لمجلس الوزراء ووزارة الشؤون القانونية
-
التصديق على الاتفاقيات الدولية للعمل وحقوق الإنسان الخاصة بالعمالة المنزلية، بما فيها اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية، وبروتوكول 2014 المكمل لاتفاقية منظمة العمل الدولية لسنة 1930 بشأن تحريم السخرة، والاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق و"الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم".
-
تجريم العمل القسري في قانون الجزاء، وسن عقوبات مناسبة.
-
إلغاء تجريم العلاقات الجنسية التي تتم بين بالغين بالتراضي في قانون الجزاء.
لوزارة القوى العاملة
-
يجب تشكيل فريق عامل معني بالعمل المنزلي لمراقبة ظروف العمل والامتثال للقانون في هذا القطاع:
-
تفتيش أماكن العمل التي تتقدم عاملاتها المنزليات بمزاعم عن انتهاكات. يجب أن يكون ممكنا إجراء عمليات التفتيش بموافقة صاحب العمل، أو بحكم قضائي إن لزم الأمر.
-
إتاحة خطوط هاتفية أو خدمات رسائل قصيرة ساخنة تتيح للعاملات المحبوسات في منازل أصحاب العمل الإبلاغ عن الإساءات بأمان.
-
لتنسيق مع سلطات العمل المحلية أو مسؤولي السفارات لإجراء مكالمات دورية مع عاملات المنازل للاطمئنان على ظروف عملهن.
-
التحقيق في جميع مزاعم عاملات المنازل ذات المصداقية بشأن سوء المعاملة من قبل أصحاب العمل، ومعاقبة انتهاكات أصحاب العمل.
-
إحالة الحالات ذات المصداقية التي يتورط فيها أصحاب العمل والوكلاء بانتهاكات جنائية إلى الشرطة وسلطات النيابة العامة.
-
-
فرض حظر على مصادرة جوازات سفر العاملات. معاقبة أصحاب العمل ووكلاء التوظيف الذين يخالفون هذا الحظر أو، إن لزم الأمر، الشروع في عملية تمرير قانون جديد يسمح بمثل هذه العقوبات.
-
توسيع نظام حماية الأجور الإلكتروني ليشمل عاملات المنازل، ومعاقبة أصحاب العمل الذين يفشلون في دفع رواتب العاملات.
-
رفع الوعي لدى عاملات المنازل وأصحاب العمل بالحقوق والمسؤوليات، وإبلاغ أصحاب العمل بانتظام عن العقوبات تجاه سوء المعاملة.
لوزارة العدل
-
ضمان وصول عاملات المنازل إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعالة في المحاكم فيما يتعلق بشكاوى قانون العمل والقانون الجنائي.
-
تدريب مسؤولي النيابة العامة على تحديد والتحقيق في حالات العمل القسري والاسترقاق والإتجار بالبشر بكافة أشكاله. إيلاء الأولوية للتحقيق مع أصحاب العمل والوكلاء المتورطين في هذه الجرائم وملاحقتهم.
-
التحقيق ومحاكمة أصحاب العمل والوكلاء الذين ينتهكون نظام العدالة الجنائية بتقديمهم اتهامات جنائية ملفقة بحق عاملات المنازل.
لوزارة التنمية الاجتماعية
-
تحسين توفير ملاجئ الطوارئ والمساعدات الأخرى:
-
إنشاء ملاجئ ترعاها الحكومة لعاملات المنازل الهاربات من الانتهاكات، أو تقديم الدعم المالي للملاجئ الخاصة.
-
نشر معلومات عن وجود الملاجئ وطرق الاتصال بها بين عاملات المنازل. جعل هذه المعلومات متاحة باللغات التي تتحدث بها عاملات المنازل في عمان.
-
لحكومات الدول المرسلة للعمالة، بما فيها الفلبين وإندونيسيا والهند ونيبال وبنغلادش وسريلانكا وإثيوبيا وتنزانيا
-
التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية، وبروتوكول 2014 المكمل لاتفاقية منظمة العمل الدولية لسنة 1930 بشأن تحريم السخرة، وعلى اتفاقية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بالنسبة للدول التي لم تفعل ذلك.
-
ضمان أن تفي اللوائح الخاصة بوكالات الاستقدام بالمعايير المنصوص عليها في اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، وفرض رقابة مدققة على ممارسات الاستقدام وفرض عقوبات ملموسة على الانتهاكات.
-
وضع معايير محددة بوضوح على الرسوم وممارسات الاستقدام لتجنب أعمال الاحتيال للحصول على مبالغ أعلى أو الخداع من جانب الوسطاء المحليين أو الوكلاء، ومعاقبة المخالفين.
-
إنشاء آليات تمكن عاملات المنازل من التقدم بمزاعم انتهاكات أصحاب العمل والوكلاء، في عملهن بالخارج وحين عودتهن.
-
-
اشتراط قيام الوكلاء المحليين بتقديم اسم وكالة الاستقدام في عمان، التي ستتولى تشغيل العاملات، وبيانات الاتصال بها إلى العاملات وعائلاتهن.
-
التعاون مع الدول الأخرى المرسلة للعمالة ومع السلطات العمانية للتوصل إلى عقد موحد، وجعله قابلاً للإنفاذ في عمان وفي البلد المرسل للعاملة.
-
توفير المعلومات لعاملات المنازل فيما يتعلق بحقوقهن، وكيفية فهم والاستفادة بشكل فعال من الإطار القانوني العماني، وحول كيفية الوصول إلى الدعم الطارئ والمساعدة القانونية المتاحة لهن في عمان.
-
تعزيز قدرات البعثات الدبلوماسية في عمان على مساعدة عاملات المنازل الوافدات من خلال:
-
إنشاء أو صيانة الملاجئ.
-
زيادة أعداد الموظفين المدربين لمساعدة عاملات المنازل في الإجراءات القانونية، وترتيب التمثيل القانوني عندما لا تقدمه الحكومة العمانية.
-
تسهيل سرعة تقديم وثائق سفر مؤقتة في حالة عجز العاملات المنزليات عن استعادة جوازات سفرهن.
-
تبادل المعلومات عن أصحاب العمل ووكالات التوظيف المصنفة في القائمة السوداء مع البعثات الدبلوماسية للدول الأخرى.
-
-
إبلاغ السلطات العمانية عن مزاعم انتهاكات أصحاب العمل ووكالات التوظيف، لتتمكن من التحقيق والمحاكمة عند الاقتضاء.
-
جمع المعلومات حول وكالات التوظيف في دولة الإمارات من العاملات المهربات من هناك إلى عمان، عندما تتقدم العاملات بشكاوى للبعثات الدبلوماسية في عمان أو عند عودتهن إلى بلادهن. التنسيق مع البعثات في الإمارات لضمان أن هذه البعثات تضع الوكالات التي تاجرت بالعاملات من الإمارات إلى عمان على قائمة سوداء. إبلاغ السلطات الإماراتية عن هذه الوكالات حتى تتمكن من التحقيق والمقاضاة.
لحكومة الولايات المتحدة
-
يجب الحفاظ على ترتيب عمان في تقرير الاتجار بالأشخاص في "المستوى 2 – قائمة المراقبة" إلى أن تتوفر أدلة واضحة على ارتفاع جهود الحكومة في التحقيق وملاحقة حالات الاتجار بالبشر، وكذلك بذل جهود لمكافحة الاتجار، بما يشمل اصلاح نظام الكفالة وتمكين عاملات المنازل من إجراءات الحماية التي توفرها القوانين الحالية.
لأعضاء مجلس التعاون الخليجي
-
تبني التزام واسع على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لتوسيع نطاق حماية قوانين العمل الوطنية لتشمل عاملات المنازل، وإصلاح أنظمة الكفالة، وتحسين رقابة التوظيف، وزيادة فرص الحصول على الخدمات والإنصاف.
-
التنسيق مع السلطات العمانية بما يخص جميع أشكال الاتجار بالأشخاص عندما تتعلق بدولة أخرى في مجلس التعاون الخليجي.
-
التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية، وبروتوكول 2014 المكمل لاتفاقية منظمة العمل الدولية لسنة 1930 بشأن تحريم السخرة، واتفاقية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
IV. شكر وتنويه
كتبت التقرير روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. اعتمد التقرير على بحوث أجرتها كاتبة التقرير بالتعاون مع فاراز صانعي، الباحث السابق في هيومن رايتس ووتش.
راجع التقرير كل من جانيت والش، نائبة مدير قسم حقوق المرأة، وتارا سبهري فر، باحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونائب مدير في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكريس ألبن لاكي، مستشار قانوني أول، وتوم بورتيوس، نائب مدير مكتب البرامج.
قدمت مساعدة في المراجعة والإخراج أناريك سماك، منسقة أولى بقسم حقوق المرأة، وسركيس بلخيان، منسق قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وساعدت أيضا في الإخراج غريس تشوي وفتزوري هبكنز. قدمت نادين النبلي، المتدربة بقسم حقوق المرأة، مساعدات بحثية قيمة.
صممت الرسوم روسيتاراليفا وأنتجتها ماريا ستانيشيفا.
تنوه هيومن رايتس ووتش إلى امتنانها للدعم المالي المقدم من بيث وآندي بيرغس ومؤسسة فورد.
تتوجه هيومن رايتس ووتش بالشكر للأفراد الذين وافقوا على إجراء المقابلات من أجل هذا التقرير، وللنساء اللاتي وافقن بشجاعة على مشاركتنا تجاربهن في عُمان.