روسيا / سوريا ـ هجمات يومية بالذخائر العنقودية

Click to expand Image

(بيروت) قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن العملية العسكرية السورية الروسية المشتركة في سوريا استخدمت ذخائر عنقودية محرّمة دوليا في 14 هجمة على الأقل في خمس محافظات منذ 26 يناير/كانون الثاني 2016. قتلت الهجمات 37 مدنيا على الأقل، بينهم 6 نساء و9 أطفال، وجرحت العشرات.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على "مجموعة دعم سوريا الدولية" – المتكونة من17 دولة و3 منظمات، والتي من المقرر أن تجتمع في 11 فبراير/شباط – أن تضع حماية المدنيين ووقف الهجمات العشوائية، بما في ذلك الذخائر العنقودية، على رأس أولوياتها.

Click to expand Image

قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "أي حل للأزمة السورية يحتاج إلى معالجة الهجمات العشوائية المستمرة. قد يكون التزام روسيا وسوريا بوقف استخدام القنابل العنقودية بداية جيدة".

ارتفع استخدام الذخائر العنقودية في العمل العسكري الروسي - السوري المكثف لفرض السيطرة على مناطق استراتيجية رئيسية في محافظات حلب ودمشق وإدلب وحمص وحماة. دفع الهجوم الأخير حول حلب 20 ألف شخص على الأقل إلى الفرار باتجاه الحدود التركية. وقعت 7 هجمات على الأقل أيضا بينما كانت الحكومة والقوات المناهضة لها تجتمع لإجراء محادثات سلام في جنيف، والتي عُلّقَت في 3 فبراير/شباط.

Click to expand Image

في الحالات الموثقة الأربعة عشرة، قابلت هيومن رايتس ووتش إن مصدرا محليا واحدا على الأقل في كل منها، كان شاهدا على الهجوم أو الفترة التالية له مباشرة، كما حددت نوع الذخائر العنقودية التي استُخدِمت من خلال مراجعة صور أو مقاطع فيديو. تستند أرقام الضحايا على قوائم أسماء قدّمها عاملون في المجال الطبي وشهود محليون وصحفيون.

قالت هيومن رايتس ووتش إن العدد الحقيقي لهجمات الذخائر العنقودية يُرجّح أن يكون أكبر. أفاد نشطاء محليون بوقوع ما لا يقل عن 8 هجمات إضافية منذ 26 يناير/كانون الثاني، وقدّموا صورا ومقاطع فيديو لآثار الهجمات، ولكن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول إلى شهود عيان على تلك الهجمات.

وقعت بعض الهجمات بالذخائر العنقودية في الأسابيع الأخيرة شمال محافظة حلب ، بالقرب من بلدتي نبل والزهراء، حيث حاولت الحكومة والقوات الموالية لها كسر الحصار المفروض من قبل جماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك "جبهة النصرة" على البلدتين ذاتا الأغلبية الشيعية.

في عندان، التي تبعد 7 كلم عن الزهراء، استُخدِمت الذخائر العنقودية وغيرها من الأسلحة في هجوم جوي ضرب أيضا مستشفى ميدانيا في 27 يناير/كانون الثاني، مما أسفر عن مقتل ممرضة، بحسب اثنين من المسعفين وناشط اعلامي محلّي. أظهر تقرير لمحطة تلفزيون محلية أضرارا كبيرة وإطارات مسطحة في سيارة إسعاف وحافلة صغيرة – ما يشير إلى استخدام ذخائر عنقودية، وكذلك بقايا قنابل عنقودية صغيرة من نوع "إيه أوه 2.5 آر تي-آر تي إم" (AO-2.5 RT/RTM).

وقعت هجمات بالذخائر العنقودية أيضا في جيوب  سيطرت عليها المعارضة داخل مناطق خاضعة للحكومة. على سبيل المثال، قال 3 شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إن طائرة ألقت ذخائر عنقودية على كفر لاها في 27 يناير/كانون الثاني، وهي بلدة في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة قرب مدينة حمص، التي تحيط بها قوات الحكومة السورية.

قال صحفي يعمل مع مركز إعلامي تابع للمعارضة لـ هيومن رايتس ووتش إنه هرع إلى المنطقة على الفور بعد وقوع الهجوم. قال: "رأيت أشخاصا قُطِعت أرجلهم. فقد أحد الأشخاص عينه. كان عديد الأشخاص بين الحياة والموت. الجرحى معظمهم من النساء والأطفال. أصيب جميعهم بشظايا ذخائر عنقودية، في عيونهم ورؤوسهم وظهورهم. كان مشهدا قاسيا جدا".

أرسل الصحفي لـ هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء الضحايا. شملت القائمة 6 أشخاص، بينهم امرأة وطفلان قتلوا في الهجوم، و59 شخصا من بينهم 13 امرأة و27 طفلا، أصيبوا بجروح.

أكد شهود آخرون، منهم مسعف، مقتل 6 أو 7 أشخاص. قال الشهود الثلاثة إن القتلى والجرحى هم من المدنيين. أظهر مقطع فيديو قاسي نشره "مركز حمص الإعلامي" على موقع يوتيوب الجرحى، وبينهم عدد من النساء والأطفال، بينما يتم احضارهم إلى مستشفى مؤقت لتلقي العلاج.

استلمت هيومن رايتس ووتش صورا من سكان محليين تظهر بقايا قنبلة مسترسلة من نوع "آر بي كي 500" (RBK-500) وحمولتها المتكونة من ذخائر صغيرة من نوع "ش أو إيه بي 0.5" (ShOAB-0.5). قال 3 شهود إنه لم يكن هناك مسلحون أو أهداف عسكرية بالقرب من المنطقة المستهدفة.

Click to expand Image

الذخائر العنقودية تُطلَق من الأرض بواسطة المدفعية أو الصواريخ، أو تُسقَط من الطائرات وتحتوي على عدة ذخائر أصغر حجما. حظرت 118 دولة الذخائر العنقودية لأنها تسبب ضررا كبيرا وقت الهجوم، ولأن الذخائر الصغيرة غالبا لا تنفجر وتهدد المدنيين والعسكريين على حد سواء، حتى يتّم تطهيرها وتدميرها. قالت هيومن رايتس ووتش إن على سوريا وروسيا الانضمام إلى "اتفاقية حظر الذخائر العنقودية".

وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا ما لا يقل عن 20 هجمة بالذخائر العنقودية نفّذتها العملية الروسية السورية المشتركة بين 30 سبتمبر/أيلول 2015، عندما بدأت الطائرات الروسية عملياتها العسكرية في سوريا، و14 ديسمبر/كانون الاول.

اسقِط نوعان من الذخائر العنقودية التي استُخدِمت في الهجمات الأخيرة من الجو، ونوعان آخران انطلقا من الأرض. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ما إذا كانت الطائرات التي أسقطت الذخائر العنقودية روسيّة أو سوريّة أو من كلا البلدين.

Click to expand Image

نفى اللواء إيغور كوناشنكوف المتحدث باسم الجيش الروسي، في مؤتمر صحفي في موسكو في 23 ديسمبر/كانون الأول، المزاعم المتعلقة بتخزين سلاح الجو  ذخائر عنقودية في سوريا، مشيرا إلى أن "الطيران الروسي لا يستخدمها" و " لا يوجد مثل هذه الأسلحة في القاعدة الجوية الروسية في سوريا ". ومع ذلك حدّد "فريق استخبارات الصراع"، وهي منظمة بحثية مفتوحة المصدر، وجود ذخائر عنقودية في الصور والفيديو التي التقطتها وسائل اعلام روسية ووزارة الدفاع الروسية منذ بداية الحملة الجوية الروسية في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا. بناء على تحليل الخصائص الفيزيائية المميزة للأسلحة، تعرفت هيومن رايتس ووتش على قنابل عنقودية مسترسلة من نوع "آر بي كي" (RBK) مُحمَّلة على طائرة تقلع من القاعدة. نشرت وزارة الدفاع الروسية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، صورة من عمليتها في سوريا تظهر طائرة حربية من نوع "سو 25" (Su-25) في الجو وتبدو ذخيرتها واضحة للعيان. حدد خبير أسلحة في هيومن رايتس ووتش الذخيرة باعتبارها قنابل عنقودية "آر بي كي 500 من نوع ش أو إيه بي-0.5".

بعد دقائق من الهجوم بالذخائر العنقودية على كفر لاها في 27 يناير/كانون الثاني باستخدام قنبلة آر بي كي 500 بذخيرة من نوع ش أو إيه بي-0.5 ، صوّر شاهد عيان على الأرض طائرة عسكرية قال إنها كانت تحلق بالقرب من موقع الهجوم. قدّم الصورة لـ هيومن رايتس ووتش وحُددت الطائرة على أنها سو-25. قال المصور إن هذه الطائرة كانت الوحيدة التي رآها في الجو عند وقوع الهجوم. ليست طائرة سو 25 جزءا من القوات السورية وفقا للمعلومات المتاحة للعموم. نشرت القوات الروسية ما لا يقل عن 12 طائرة سو 25 في قاعدتها الجوية في سوريا.

Click to expand Image

هيومن رايتس ووتش مؤسس مشارك في "الائتلاف المناهض للذخائر العنقودية" وتشغل منصب الرئيس فيه. في 1 أكتوبر/تشرين الأول، حذرت الحملة العالمية روسيا من استخدام أي من الذخائر العنقودية في سوريا بسبب خطرها المنظور والقابل للمنع الذي يتعرض له المدنيون.

قال نديم حوري: "سواء أسقطت روسيا هذه الذخائر العنقودية أم لم تسقطها، هي تعمل بالاشتراك مع الحكومة السورية، ولذلك فعليها مسؤولية التأكد من أن العمليات الروسية السورية لا تستخدم الأسلحة العشوائية. على روسيا ضمان عدم استخدام الذخائر العنقودية مطلقا مرة أخرى في سوريا، سواء كانت هي المستخدم أو القوات السورية".

وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام 4 أنواع من الذخائر العنقودية منذ 26 يناير/كانون الثاني، وهي مدرجة في الجدول أدناه.