في مقال افتتاحي نُشر في 21 يناير/كانون الثاني بعنوان "هل تريدون مقاطعة الضفة الغربية؟ الإجابة: لا. هل تريدون وسم منتجات المستوطنات؟ الإجابة: نعم"، عارضت جين إيزنر نداء "هيومن رايتس ووتش" للشركات بالانسحاب من المستوطنات الإسرائيلية لأن ذلك في رأيها "قد يقضي على الأنشطة الاقتصادية، ما سيؤذي المواطنين العاديين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، وقد يرتقى إلى "عقاب جماعي". هذا التقييم لا يصمد أمام التحليل.
هناك نظامان اقتصاديان منفصلان في الضفة الغربية. الأول هو الاقتصاد الفلسطيني، وهو في طريق الاضمحلال في ظل السياسات الإسرائيلية التمييزية التي تمنع الفلسطينيين من البناء في أي مكان ما عدا 1٪ من مساحة الضفة الغربية التي هي تحت سيطرة الإدارة الإسرائيلية، وتسمى المنطقة (ج). هذه السياسات تصادر الأراضي الفلسطينية وتقيد وصول الفلسطينيين إليها، وتحد بشكل صارم من حصولهم على الماء والتراخيص لاستخراج مواردهم الطبيعية. أما الاقتصاد الثاني فهو اقتصاد المستوطنات المزدهر، الذي توفر له الحكومة الإسرائيلية حوافز مالية، وتمنحه تراخيص البناء وتراخيص استغلال الموارد الطبيعية.
تزعم إيزنر أن وقف الأعمال في المستوطنات سيوقف النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية، وفي ذلك تجاهل للاقتصاد الفلسطيني، الذي سينمو، وفقا لبيانات البنك الدولي، بمقدار الثلث إذا رفعت إسرائيل قيودها على الأنشطة الاقتصادية الفلسطينية في المنطقة (ج).
إضافة إلى ذلك، الضفة الغربية ليست أرضا "متنازعا عليها" كما تزعم إيزنر، بل هي تحت الاحتلال العسكري. حتى المحكمة العليا الإسرائيلية تطبق القانون الدولي الإنساني هناك. تشكل المستوطنات في الأراضي المحتلة انتهاكا لحظر القانون الإنساني الدولي لنقل القوة المحتلة لمواطنيها إلى الأراضي المحتلة. النظام التمييزي في الضفة الغربية يُخالف التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، الذي يؤكد على ضرورة حماية الحياة المدنية والاقتصادية لسكان الأراضي المحتلة، ويمنع استغلال الأراضي لفائدة اقتصاد الدولة المحتلة.
تقول إيزنر، في تجاهل للوضعين القانونين المختلفين للفلسطينيين والمستوطنين، إن انسحاب الشركات من المستوطنات قد يشكل عقابا جماعيا للمستوطنين. ولكن ما كان ينبغي لهذه الشركات، في المقام الأول، أن توفر الخدمات للمستوطنات غير القانونية. شركات المستوطنات تساهم حتما في خروقات إسرائيل من خلال تسهيل عملية الاستيطان والمساهمة في مصادرة الأراضي الفلسطينية وغيرها من الموارد. كما أنها تُرسخ هذا النظام التمييزي وتستفيد منه.
لا ينبغي أن يُسمح لشركات المستوطنات بالتنصل من مسؤولياتها تحت ذريعة أن توقيف أنشطتها من شأنه أن يجعل الحياة في المستوطنات أصعب. سينتج عن إنهاء نشاط الشركات داخل المستوطنات التزامها بمسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان. سيتحقق ذلك عبر الحد من مساهمتها في انتهاكات إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، التي استمرت لما يقرب من 50 عاما.