(بيروت) – إن السلطات اللبنانية، في انتهاك لالتزاماتها الدولية، أعادت مئات السوريين المسافرين – عبر مطار بيروت – إلى سوريا، قبل أن تقدر خطر تعرضهم للأذى لدى عودتهم. على السلطات اللبنانية وقف الإعادات القسرية للسوريين الفارين من الصراع القاتل في بلدهم.
في 8 يناير/كانون الثاني 2016، أعادت قوات الأمن اللبنانية على الأقل 200 وربما أكثر من 400 سوري إلى سوريا، قبل أن تتخذ الإجراءات الملائمة لتقدير إن كانوا سيتعرضون هناك للاضطهاد، أو المعاملة اللاإنسانية، أو غير ذلك من الأضرار الخطيرة. لم يتمكن 400 سوري كانوا يعتزمون السفر إلى تركيا من إكمال رحلتهم، بسبب الشروط الجديدة للحصول على تأشيرة دخول الأراضي التركية للسوريين الذين يصلون عن طريق الجو أو البحر. علمت هيومن رايتس ووتش من خلال جهات فاعلة في المطار، يوم 8 يناير/كانون الثاني، أن بعض المسافرين أعربوا عن مخاوفهم من العودة إلى سوريا، لكن السلطات اللبنانية أعادتهم رغم ذلك.
قال نديم حوري نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "إعادة أشخاص إلى سوريا دون تقدير إن كانوا معرضين للخطر كما يدعون، تجاهل تام لحقوقهم وسلامتهم وينتهك القانون الدولي. على السلطات اللبنانية أن تتأكد أولا من دراسة ادعاءات كل من يقول إنه يخشى الاضطهاد في بلده قبل إعادته إليه".
وصل مئات السوريين إلى مطار بيروت الدولي، يوم 7 يناير/كانون الثاني، على أمل السفر إلى تركيا لكن لم تتوفر فيهم المتطلبات التركية الجديدة للحصول على تأشيرة. في اليوم التالي، أرغم "الأمن العام" اللبناني، الذي ينظم دخول وخروج الأجانب، مئات المسافرين على العودة إلى دمشق في 3 رحلات جوية.
رغم عدم تصديق لبنان على "اتفاقية العام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين" أو بروتوكولها للعام 1967، إلا أنه ملزم بموجب القانون الدولي العرفي على عدم الإعادة القسرية للاجئين إلى أماكن تتهدد فيها حياتهم أو حريتهم. في ظل غياب قانون لبناني خاص باللاجئين، أو إجراءات تنظيمية لطالبي اللجوء في لبنان، على السلطات اللبنانية توفير إمكانية الوصول دون قيود إلى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، ليتسنى لها ممارسة اختصاصها في تحديد وضع اللاجئ لأي سوري يعبر عن الخوف من الاضطهاد، إذا عاد إلى سوريا، حتى إذا لم يكن مسجلا لدى المفوضية وقت احتجازه. يوجد مكتب وبرامج فاعلة للمفوضية في لبنان.
صدّق لبنان على "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" الأممية، التي تحظر الإعادة القسرية لمن يواجه خطر التعرض للتعذيب. تنص الاتفاقية على أن "تراعي السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدول المعنية". تقارير "لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية" تظهر، بجلاء، أن هذه الانتهاكات متفشية في سوريا اليوم.
رغم أن السلطات اللبنانية أكدت مرارا التزامها بـ "عدم ترحيل" الأشخاص إلى سوريا، لم يكن هذا واقع الحال دائما في الممارسة العملية. وثقت هيومن رايتس ووتش، من قبل، الإعادة القسرية لـ 4 مواطنين سوريين إلى سوريا يوم 1 أغسطس/آب 2012، ونحو 30 فلسطينيا إلى سوريا يوم 4 مايو/أيار 2014. كما وثقت هيومن رايتس ووتش الإعادة القسرية لمواطن سوري إلى سوريا، في 2014، والاشتباه في ترحيل 2 آخرين في ذلك العام.
قال حوري: "على حلفاء لبنان وأنصار اللاجئين هناك مواصلة الضغط على الحكومة كي تفي بالتزاماتها القانونية الدولية".