Skip to main content

اليمن – قوات الأمن والميليشيات تسيئان للمُحتجين

يجب إنهاء حظر التظاهر ومُحاسبة المنتهكين

(صنعاء) – إن قوات الأمن اليمنية والميليشيات اعتدت بالضرب على متظاهرين سلميين وأساءت معاملة من تم إلقاء القبض عليهم خلال المظاهرات في العاصمة، صنعاء، منذ أواخر يناير/كانون الثاني 2015. وعلى الحكومة القادمة مُحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة، ورفع الحظر المفروض، لأجل غير مُسمى، على المظاهرات غير المصرح بها؛ والصادر في 8 فبراير/شباط.

في الفترة من 25 يناير/كانون الثاني، إلى 11 فبراير/شباط، قامت قوات الأمن اليمنية ورجال يبدو أنهم أعضاء في حركة الحوثيين المُسلحة؛ والمعروفة كذلك باسم أنصار الله، قامت مراراً بالاعتداء بالضرب على متظاهرين سلميين باستخدام العصي وأعقاب البنادق، بحسب شهود عيان. كما قاموا باحتجاز 46 متظاهراً على نحو تعسفي، وإن كان تم إطلاق سراح أغلبهم في اليوم نفسه، بحسب مُنظمات حقوقية محلية. وكانت الميليشيات قد احتجزت 10 أشخاص على مقربة من أماكن التظاهرات لمدد وصلت إلى 13 يوماً. وفي 11 فبراير/شباط، قامت ميليشيا أنصار الله باحتجاز ثلاثة رجال حاولوا الانضمام إلى المتظاهرين وعرضتهم للتعذيب، بحسب ما أخبر اثنان منهما هيومن رايتس ووتش. وكان الضحية الثالث قد مات في وقت لاحق.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "على السلطات اليمنية أن تبعث برسالة واضحة إلى قوات الأمن التابعة لها، ومن بينهم أعضاء ميلشيا أنصار الله، مفادها أنها لن تتسامح مع ضرب وسوء معاملة المُتظاهرين السلميين. للناس حق في التظاهر، ويجب رفع الحظر الشامل المفروض على الاحتجاجات فوراً".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات أن تتصرف على نحو مسؤول، وأن تحاسب كل من انتهك حقوق المتظاهرين.

وقد فرضت جماعة أنصار الله؛ وهي جماعة مُسلحة تتمركز شمالي البلاد، سيطرتها التامة على العاصمة صنعاء منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وهو ما أدى إلى استقالة الرئيس عبد ربه هادي منصور وحكومته في 22 يناير/كانون الثاني2015. وتسبب هذا في اندلاع الاحتجاجات منذ يوم 25 يناير/كانون الثاني، وحتى يوم 11 فبراير/شباط؛ الذي يواكب الذكرى السنوية لانتفاضة 2011. وفي 8 فبراير/شباط، أصدرت وزارة الداخلية أمراً ينطوي على تعليمات إلى شرطة صنعاء بمنع المظاهرات غير المُصرح بها "نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد".

وكانت هيومن رايتس ووتش قد أجرت مقابلات مع 31 مُتظاهراً وشهود آخرين؛ من بينهم 10 أشخاص تعرضوا للاحتجاز، وتابعوا المظاهرات أيام 25، 26، 27، 31 يناير/كانون الثاني. شارك في تلك المظاهرات من 30 إلى 80 شخصاً في كل يوم من تلك الأيام. وكانت قوة إنفاذ القانون تتكون من مُسلحين يرتدون أزياء الشرطة والقوات المسلحة، إلى جانب رجال يرتدون ثياباً مدنية ويضعون شعارات جماعة أنصار الله على بنادقهم، ويرفعون لافتات تحمل شعار أنصار الله: "الله أكبر/الموت لأمريكا/الموت لإسرائيل/اللعنة على اليهود/النصر للإسلام".

وقائع العنف بحق المتظاهرين، في الفترة من 25 يناير/كانون الثاني، إلى 11 فبراير/شباط 2015.

25 يناير/كانون الثاني
أخبر غمدان السامعي، 30 عاماً، وهو صحفي شهد المُظاهرات، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه في نحو الساعة 09:30صباحاً، تجمع المُتظاهرون في ساحة التغيير، أمام مدخل جامعة صنعاء، من أجل التظاهر ضد جماعة أنصار الله. احتج المتظاهرون على التواجد المُسلح للجماعة في عدة مدن، وقيامها بمصادرة الأسلحة من مخازن الجيش، وفرض سيطرتها على الأملاك العامة، والقيود التي فرضتها على الحكومة والرئيس. وبحلول الساعة 11 صباحاً، استعد 40 مُتظاهراً على الأقل للانطلاق في مسيرة إلى مبنى البرلمان، الذي شهد انعقاد جلسة بشأن الأحداث الأخيرة. 

لاحظت هيومن رايتس ووتش وجود 20 شرطياً على الأقل، وأربعة رجال يبدو أنهم أعضاء بجماعة أنصار الله، وجميعهم مُسلحون بأسلحة هجومية من طراز كلاشينكوف، ويقفون على أحد أطراف الساحة، إلى جوار 7 عربات مدرعة؛ لا تحمل اثنتان منهما لوحات معدنية. وكان أغلب الضباط يحملون بنادق عليها مُلصقات تحمل شعارات جماعة أنصار الله. وفي الناحية المقابلة لساحة التغيير، شاهدت هيومن رايتس ووتش ضابطين من القوات المسلحة، يحملان بنادق من طراز كلاشينكوف، إضافة إلى ضابط ثالث يحمل بندقية قاذفة للقنابل.

وأخبر شهود هيومن رايتس ووتش أن ضباط الشرطة اقتربوا من الحشد، وانهالوا بالضرب بغتة على المتظاهرين السلميين باستخدام أعقاب البنادق والهراوات. وقاموا بإلقاء القبض على 22 متظاهراً، من بينهم صامد محمد، 23 عاماً، طالب جامعي ومُحرر بصحيفة العُلا؛ وهو من أخبر هيومن رايتس ووتش. قام الضباط بتكديسهم داخل عربات مُدرعة وانطلقوا بهم إلى مركز شرطة الجديري.

قال حسين الحذيفي، 24 عاماً، وهو كاتب كان متواجداً هناك: "اتسم جميع المتظاهرين بالسلمية، كانوا يحملون كتباً وأقلاماً فقط"، وأضاف أنه حاول منع الضباط من دفع زميلته إلى الأرض. أحاط به 5 ضباط، وضربه اثنان منهم على رأسه بأعقاب البنادق، ثم سحبوه على الأرض في اتجاه عربتهم المدرعة. ورفضوا الاستجابة لطلبه بالحصول على رعاية طبية، ثم اقتادوه إلى مركز شرطة الجديري.

قال مُتظاهر آخر، هو محمد العمدة:

 
قام الضباط بتوجيه أسلحتهم صوب رؤوسنا، وهم يدفعوننا إلى داخل العربات المدرعة، وسمعت أحد الضباط يقول لزميله: "أذا حاول أحدهم الهرب، أطلق عليه الرصاص!". كانوا جميعاً يضعون على بنادقهم مُلصقات جماعة أنصار الله، رغم ارتدائهم زياً رسمياً، وكان الرجال الذين قاموا باستجوابنا، في ما بعد، ينتمون إلى حركة أنصار الله –رأيت الملصقات على أغلب أسلحتهم- وبدا أنهم أصغر سناً من رجال الشرطة في العادة. 
 
أخبر العديد من الشهود هيومن رايتس ووتش أنه بعد نحو 15 دقيقة من تفريق حشد المُتظاهرين في ساحة التغيير، اقتحم قرابة 15 ضابطاً على الأقل، ورجال يرتدون زي قوات الأمن الخاصة، بوابات جامعة صنعاء. قاموا بإطلاق النار فوق مستوى الرأس تجاه نحو 15 إلى 20 طالباً كانوا يلتمسون تأجيل الاختبار بسبب الأوضاع التي تشهدها المدينة، ولم يُصب أي منهم.

26 يناير/كانون الثاني
في الساعة التاسعة صباحاً، اتجه عشرات الذين يبدو أنهم من أعضاء حركة أنصار الله، وكذلك أفراد من الشرطة وقوات الأمن الخاصة، اتجهوا في مسيرة من دوار القادسية إلى ساحة التغيير، التي تقع على مسافة 2 كيلو متراً، حيث تجمع المتظاهرون. قام مؤيدو حركة أنصار الله بإغلاق البوابة الرئيسية لجامعة صنعاء، ليمنعوا المُتظاهرين والطلاب على السواء من المرور عبرها. 

قال صلاح المحمدي، 34 عاماً، وهو ناشط وأحد المُشاركين في المظاهرة، إنه في غضون نصف ساعة، تجمع نحو 80متظاهراً خارج بوابة الجامعة، وهم يعتزمون الانطلاق في مسيرة إلى المقر الرئاسي. وصلت العربات المدرعة التي تغطيها مُلصقات حركة أنصار الله في نحو الساعة العاشرة وخمسين دقيقة صباحاً، وقامت بإغلاق الطرق المؤدية إلى ساحة التغيير. أضاف المحمدي أن العشرات من مؤيدي حركة أنصار الله وصلوا في مركبات، وقاموا بتهديد المتظاهرين، والاعتداء عليهم، كما قاموا بطعن أحدهم.

أخبر 6 متظاهرين هيومن رايتس ووتش عن المشهد الذي قام فيه مؤيدو حركة أنصار الله بضربهم مُستخدمين قبضات أيديهم، وعصي، وحجارة. وقال أحمد الذبحاني، 21 عاماً، وهو طالب وناشط، قال إنه رأى الضباط ومن يبدو أنهم أعضاء في حركة أنصار الله وهم يضعون أربعة مُتظاهرين في عربات مدنية.

كما أخبر خالد عبد الهادي، وهو صحفي بصحيفة المصدر، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه في نحو الساعة 10:45 صباحاً، وقبل عدة دقائق فقط من اعتداء المُسلحين على المتظاهرين في الساحة، رأى بضع رجال يرتدون زي الشرطة وقوات الأمن الخاصة وهم يُصدرون التوجيهات إلى مجموعتين من الرجال في ثياب مدنية، ويحملون عصياً خشبية في أيديهم. 

قال الذبحاني إنه جرى برفقة ابنة عمه بعيداً عن المنطقة عندما قام المُسلحون بالاعتداء على أفراد من الحشد. دخل الاثنان بوابة منزل خاص، وشرحا موقفهما لصاحب المنزل، الذي استدعى قوات الأمن. حضر رجال شرطة ومسلحون آخرون واقتادوا الذبحاني بعيداً، إلا أنهم تركوا ابنة عمه. وقال الذبحاني:

 
تم احتجازي على يد مُسلحين، بعضهم يرتدون زي قوات الأمن، والبعض الآخر يرتدون ثياباً [يمنية] تقليدية، نحو الساعة 11 صباحاً وضعوني في المقعد الخلفي لسيارة مدنية وأنا معصوب العينين، وكانوا يضربونني طوال الوقت بأيدهم وباستخدام خناجر الجنبية. قادوا السيارة إلى ساحة فندق هيلتون مهجور، على مقربة من ساحة الحرية –تمكنت من معرفة المكان في وقت لاحق- ووضعوني في غرفة قذرة، مع أحد الزملاء [تم حجب اسمه] المُشاركين دوماً في الاحتجاجات.
 
قاموا بعصب عيني مرة أخرى بعد ساعتين، واقتادوني إلى حاوية شحن مُعدلة في إحدى الساحات؛ بها الكثير من تلك الحاويات التي اعتاد حرس [الرئيس] هادي على استخدامها قبل استيلاء أنصار الله على المقر الرئاسي. قام رجلان يرتديان زي الشرطة باستجوابي في حاوية بها العديد من الغرف. كانوا يحتجزون متظاهرين اثنين آخرين في الغرف الأخرى، هما مروان الصبري وخالد الداعرا. قام رجلا الشرطة بلكمي وصفعي، واتهامي بأنني جاسوس لدى الاستخبارات المركزية الأمريكية. واستمرا في توجيه سؤال لي عن المبلغ المالي الذي يدفعه الأمريكيون لي ولغيري من المُتظاهرين.  

وفي النهاية، بصمتُ بإبهامي قسراً على تعهد بعدم المشاركة في أي مظاهرات. جاء في التعهد على وجه التقريب: "أنا أحمد، أقر كتابياً أنني لست أداة من أدوات الاستخبارات الأمريكية، وأنني لا أتبع توكل كرمان [الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وعضو بارز في حزب الإصلاح] وأنني أنبذ مبادئي السياسية والثورية في مُقابل إطلاق سراحي". وقاموا بإطلاق سراحي في الساعة العاشرة مساءً، في تلك الليلة.  
 

قال توفيق القاوري،32 عاماً، وهو ناشط ومُشارك في الاحتجاج، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن رجلاً يرتدي ثياباً مدنية اتهمه بدعم داعش، وهدده "بإخفائه". وقال إن مُسلحين تمركزوا في جميع الأزقة والطرق المؤدية إلى الخروج من ساحة التغيير.

29 يناير/تشرين الثاني
في الساعة العاشرة وخمسين دقيقة صباحاً، شاهدت هيومن رايتس ووتش نحو 50 شخصاً يتجمعون أمام بوابة جامعة صنعاء احتجاجاً على حركة أنصار الله. انطلقوا في مسيرة ووصلوا إلى دوار الكرامة في نحو الساعة الحادية عشر صباحاًفي شارع الدائري. توقف جندي يقود سيارة بلوحات معدنية مدنية أمام الحشد. وخرج أربعة رجال من السيارة، اثنان منهما يرتديان زي الشرطة، واثنان يرتديان ثياباً مدنية. قام أحدهم بالإمساك بعبد الرحمن نعمان، 33 عاماً، رجل أعمال كان يقود المسيرة، وكان قد تم إلقاء القبض عليه في مظاهرات يوم 25 يناير/كانون الثاني. أجبره الثلاثة الآخرون، كانوا يحملون بنادق من طراز كلاشينكوف، على الصعود إلى السيارة، ثم انطلقوا مُسرعين. أخبر نعمان هيومن رايتس ووتش في وقت لاحق، أنهم احتجزوه في حاوية شحن مُعدلة وأطلقوا سراحه في تلك الليلة.

31 يناير/كانون الثاني
تجمع نحو 30 شخصاً في احتجاج مُناهض لحركة أنصار الله في الساعة 10:15، في ساحة التغيير. لاحظت هيومن رايتس ووتش مجموعة مكونة من 25 فرداً على الأقل، يحملون لافتات أنصار الله وهم يقتحمون الساحة، ثم تبعهم 3 عربات مدرعة على الأقل، و3 سيارات شرطة. قالت فريدة اليريمي، متظاهرة تبلغ من العمر 53 عاماً، إن تلك المجموعة قامت بالاعتداء على العديد من المتظاهرين، وضربوهم بالعصي، وووجهوا لهم اللكمات والصفعات لمدة تناهز 15 دقيقة حتى تفرق الحشد. وقالت إن أحد المتظاهرين أصيب بجرح قطعي في جبهته. وقال متظاهر آخر إنه رأى مُسلحين يرتدون ثياباً مدنية وقد أمسكوا بأحد النشطاء المعروفين وانهالوا عليه ضرباً بالعصي وبأيديهم، وهم يهتفون بشعارات أنصار الله.

كما أخبر فؤاد الحمداني؛ 34 عاماً، وهو ناشط سياسي على صلة بحزب الإصلاح، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه كان يسير مُبتعداً عن موقع المظاهرة مع إحدى الناشطات في الساعة 11 صباحاً. أمسك بهما 6 رجال يرتدون زياً رسمياً، ودفعوا بهما إلى داخل سيارة جيب دون لوحات معدنية. كانت السيارة تحمل شعار أنصار الله، وبداخلها صورة لزعيم الحركة؛ عبد الملك الحوثي، وهي دلالة على كونهم أعضاء في ميليشيا أنصار الله. طلب الحمداني منهم إطلاق سراح السيدة، فقاموا بإخراجها من السيارة بعد بضع دقائق. وبينما هم يبتعدون بالسيارة، قال له أحدهم أنهم سوف يقتلون كل من يُعارض أنصار الله.

أخبر الحمداني هيومن رايتس ووتش أن الرجال اقتادوه إلى مركز شرطة المواليمي. كما أخذوا منه هاتفه الخلوي، وفتحوا سجل المكالمات؛ كي يتأكدوا من وجود مكالمات متبادلة بينه وبين توكل كرمان، وغيرها من السياسيين المُناهضين لحركة أنصار الله. وجهوا إليه اتهاماً بقيادة المظاهرة، وحبسوه في زنزانة. وفي الساعة 6 مساءً، وضعوه في سيارة سوداء ليس لها لوحات معدنية، وعلى جانبيها شعارات أنصار الله، ثم اقتادوه إلى غرفة حراسة بجوار القصر الرئاسي:

 
بعض الرجال هناك كانوا يرتدون أزياء شرطة أو جيش، بينما ارتدى آخرون ثياباً مدنية، وقاموا باستجوابي حتى منتصف الليل. وفي اليوم التالي، في الساعة الرابعة ظهراً، اقتادوني بالسيارة إلى فندق هيلتون مهجور، قرب ساحة الحرية، وحبسوني هناك في مرحاض قذر بعيداً عن الفناء لمدة 4 أيام دون كهرباء أو مياة نظيفة، ولم أحصل منهم على طعام يُذكر. وقال لي أحد الحراس: "كنا سنطلق سراحك، إلا أننا تأكدنا أنك أحد القيادات الخطيرة، فتراجعنا عن إطلاق سراحك. نريد منك العمل معنا كعضو في اللجنة الشعبية لحركة أنصار الله"، ولكنني رفضت هذا العرض.
 
قاموا باحتجازه في ذلك المكان حتى 12 فبراير/شباط، حتى عاد من ألقوا القبض عليه، وعصبوا عينيه، واقتادوه بالسيارة إلى جامعة الإمام، وهي أحد الأهداف الرئيسية لحركة أنصار الله خلال عملياتها العسكرية في صنعاء في شهر سبتمبر/أيلول2014. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، قام 4 حراس بشد وثاقه وعصب عينيه، وربطه إلى منضدة معدنية، وقاموا بضربه على وركه باستخدام حبل سميك؛ بينما قام أحدهم بتغطيه أنفه وفمه ليمنعه من التنفس لفترة قصيرة. وقال الحمداني إنه عند لحظة مُعينة هتف أحد الحراس قائلاً: "انتبه، سوف يموت إن واصلت تغطية أنفه!"، فأجاب الآخر: "دعه يموت". وقاموا بتصوير الاستجواب كاملاً على شريط فيديو، وقال الحمداني لـ هيومن رايتس ووتش:
 
وبعد أن قاموا بضربي، أجبروني على كتابة مذكرة تفيد بأن توكل كرمان إرهابية، وأنها تتلقى تمويلاً من السفارة الأمريكية، وعدد قليل آخر من الاتهامات. وقالوا إنهم سوف يقتلونني إذا شاركتُ في مظاهرات مرة أخرى، وحينها اقتادوني بالسيارة إلى ناصية أحد الشوارع في منتصف الليل تقريباً، ودفعوني إلى خارج السيارة.
 
7 فبراير/شباط 2015
أخبر غمدان الصمدي، 30 عاماً، ويعمل صحفياً، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه شاهد محتجين مُناهضين لحركة أنصار الله، وهم يتجمعون في ساحة التغيير في الصباح. وصل أكثر من عشرين ضابط شرطة ومعهم مُسلحين في ثياب مدنية، وشرعوا في توجيه اللكمات إلى المتظاهرين وضربهم بالعصي. ألقت الشرطة القبض على 11 متظاهراً. أخبر الذبحاني؛ الذي تم احتجازه أثناء مظاهرة 25 يناير/كانون الثاني، أخبر هيومن رايتس ووتش أنهم قاموا بإطلاق سرح 9 متظاهرين في غضون 24 ساعة، إلا أنهم أطلقوا سراحه، هو ومتظاهر آخر؛ رشاد المخلافي، بعد 5أيام.

11 فبراير/شباط
اتجه صالح البشري، 33 عاماً، بشاحنة صغيرة إلى مظاهرة صنعاء في  11 فبراير/شباط، برفقة زميلين؛ هما على طاهر الفقيه، 33 عاماً، وعبد الجليل الصباري، 38 عاماً، وصديق هو منصور النظامي، 33 عاماً، ومعهم نحو 10رجال يجلسون في الصندوق الخلفي للشاحنة. استوقفهم رجال يرتدون زياً رسمياً في حي عسير بصنعاء، على مقربة من المظاهرة، فنزل الرجال من صندوق الشاحنة. أجبر أربعة رجال يرتدون أزياً رسمية مختلفة، ويضعون شارات حركة أنصار الله على أكتافهم، أجبروا البشري على مواصلة قيادة الشاحنة، ومعه الرجال الثلاثة، حتى منطقة فج عطان بصنعاء. قام المسلحون بعد ذلك بعصب عيونهم، واقتادوهم بالشاحنة إلى مكان غير معلوم، وقاموا باحتجازهم حتى صباح يوم 14 فبراير/شباط.

أخبر الفقيه هيومن رايتس ووتش أن مُحتجزيهم قاموا بوضعهم في حجرة واحدة كبيرة، إلا أنهم فصلوهم عن بعضهم البعض يوم 13 فبراير/شباط:

 
في الساعة الثامنة مساءً، وضعونا في غرف منفصلة، وشدوا وثاق يديّ وقدميّ. حضروا إلىّ بعد عدة ساعات، وشرعوا في ضربي على وركي باستخدام قضيب حديدي، وأنا مُمدد على الأرضية. فقدت الوعي بعد نصف ساعة. وفي نحو الساعة الثانية صباح اليوم التالي، اقتادوني إلى سيارة؛ وجدت فيها أصدقائي. كان البشري يصرخ ألماً، ولا يستطيع الوقوف. وسمعتُ أحد المُسلحين يقول: "يمكن أن نعود به، ونضربه لمدة خمس ساعات أخرى". أخبرني الصباري أنهم ضربوه لمدة 15 دقيقة. وقال النظامي أنهم لم يعتدوا عليه بالضرب. قادوا شاحنة البشري بنا ونحن معصوبو الأعين حتى شارع الزبيري، وفي نحو الساعة الثانية والنصف صباحاً، غادروا الشاحنة وتركونا بها.
 
اتجهوا بالشاحنة إلى مستشفى الأهلي. وأخبر الفقيه هيومن رايتس ووتش أنه رغم تحذير الطبيب للبشري من عدم السفر، إلا أن الخوف انتاب الرجال الأربعة من عودة أنصار الله لهم مرة أخرى، فقرروا المُغادرة. ومات البشري أثناء رحلة العودة إلى قريته نحو الساعة الخامسة صباحاً. وقد شاهدت هيومن رايتس ووتش شريط فيديو يُظهر العديد من الكدمات على وركيه.

وأخبر الصباري هيومن رايتس ووتش أن ثلاثة أو أربعة من مُحتجزيه قاموا بشد وثاقه، وعصب عينيه، وإجباره على الجلوس على ركبتيه، ثم انهالوا عليه بالضرب لمدة 15 دقيقة. وكانوا يسألونه، أثناء قيامهم بضربه، عن المبالغ التي تدفعها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية إلى المُتظاهرين، ووجهوا إليه اتهاماً بكونه أمريكياً وصهيونياً، وقاموا بتهديده بمزيد من العقاب حال استمراره في المُشاركة بالمظاهرات، قائلين: "ما حدث لك الآن هو مجرد قطرة في بحر".

قال عبد الدايم البخاري، وهو متظاهر يبلغ 31 عاماً، إنه في يوم 28 يناير/كانون الثاني، "صاح أحد المُسلحين قائلاً إننا عملاء أمريكا وإسرائيل. وتنتشر الكدمات على ساقيّ جراء اعتداء أحدهم علىّ بالضرب مُستخدماً عصا".

أخبر المُتظاهرون هيومن رايتس ووتش أن مُسلحين تعرضوا لهم بالضرب وسوء المعاملة، ومن بينها الاحتجاز. وقال من تم احتجازهم إن الذين احتجزوهم قاموا بتهديدهم "بوضعهم في مكان غير معلوم". كما قالوا إن كلاً من الضباط النظاميين، وأعضاء جماعة أنصار الله قاموا بتوجيه السباب للمُحتجزين، واتهامهم بدعم تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف كذلك باسم داعش)، والولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل. ولم ترصد هيومن رايتس ووتش أي دلائل على قيام أي من المُتظاهرين بحمل السلاح، أو مثلوا تهديداً لضباط إنفاذ القانون بأية وسيلة.

وقال أحد الشهود إنه خلال مظاهرة 11 فبراير/شباط، قام رجال، حدد هويتهم بأنهم ينتمون إلى جماعة أنصار الله، قاموا بطعن مُتظاهرين اثنين في الرقبة باستخدام الجنبية، وهو الخنجر التقليدي الذي يحمله الرجال في اليمن. وقال اثنان من المُحتجين لـ هيومن رايتس ووتش إن مُسلحين يرتدون ثياباً مدنية قاموا بضربهما بالعصي وأعقاب البنادق حتى فقدا الوعي، حين حاولا الاقتراب من المُظاهرة، كما قاموا باحتجاز خمسة مُتظاهرين.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه قد تم منع صحفيين محلين من تغطية المظاهرات. وكانت مؤسسة الحرية، وهي منظمة حقوقية ترصد حرية الصحافة، قد أبلغت عن 25 حالة اعتداء على صحفيين خلال أول مظاهرتين في أواخر شهر يناير/كانون الثاني. وكان الاختطاف، والاحتجاز، والضرب، ومُصادرة المعدات من بين تلك الاعتداءات، التي وقعت في المظاهرات أو على مقربة منها.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحظر المفروض لأجل غير مُسمى على الاحتجاجات العامة ينتهك الحق في التجمع السلمي.وتسمح المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه اليمن عام 1987، يسمح بفرض قيود على حق التجمع السلمي لصيانة الأمن القومي والنظام العام، إذا كانت مُحددة بدقة، ومتناسبة مع الخطر المُهدد، وقاصرة على التدابير الضرورية.

وعلى السلطات اليمنية أن تلتزم كذلك بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانبالمسؤولين المُكلفين بإنفاذ القانون، والتي تنص على ضرورة لجوء قوات الأمن إلى أساليب غير عنيفة قبل اللجوء إلى القوة، كلما أمكن ذلك. وعليهم ألا يستخدموا الأسلحة النارية ضد الناس إلا في حالة التعرض الوشيك إلى خطر الموت أو إلى إصابة خطيرة. 

قال جو ستورك: "نظراً للتغيرات السياسية الكبيرة التي تشهدها الساحة اليمنية في الأسابيع الأخيرة، سيرغب الناس في التعبير عن آرائهم. وعلى السلطات توفير الحماية لمن يرغبون في التعبير سلمياً، بدلاً من الاعتداء عليهم بالضرب، وانتهاك حقوقهم". 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.