(بيروت)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عقوبات الإعدام الجماعية الجديدة الصادرة عن محكمة في مصر الوسطى يوم 28 أبريل/نيسان 2014 بعد محاكمة شديدة الإيجاز، هي انتهاك بيّن وأساسي للحق في المحاكمة العادلة الذي يكفله الدستور المصري والقانون الدولي.
قام القاضي سعيد يوسف بإحالة أوراق 683 شخصاً، بينهم المرشد الأعلى للإخوان المسلمين محمد بديع، إلى المفتي، تمهيداً للإعدام، على صلة باعتداءات وقعت في أغسطس/آب 2013 على مركز شرطة العدوة بمحافظة المنيا في مصر الوسطى.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "السلطات المصرية تُنزل أحكام الإعدام بالناس كأنها توزع الحلوى. هذه الأحكام المروعة دليل إضافي على مدى تحطم نظام القضاء المصري".
في حكم منفصل في 28 أبريل/نيسان أيد القاضي نفسه حكم إعدام 37 شخصاً من بين 529 شخصاً أحال أوراقهم إلى المفتي في 22 مارس/آذار على صلة باعتداء في أغسطس/آب على مركز شرطة مطاي بالمنيا، مع تخفيف أحكام البقية إلى السجن المؤبد. ولقد بدأ النائب العام المصري – وهو مستقل عن قضاة المحاكمة في المنيا – في إجراءات الطعن على حكم قضية مطاي بالكامل، بدعوى قلقه على "إدارة العدالة بالشكل الملائم" مع الإشارة إلى أن الطعن إجراء متبع دائماً في قضايا الإعدام.
الرجال الـ 683 الذين حُكم عليهم في 28 أبريل/نيسان لم يحضروا جلسة المحاكمة الوحيدة أو هم حضروا النطق بالحكم. تم اتهامهم بالقتل ومحاولة القتل وتهديد النظام العام وإحراق مركز شرطة العدوة والانتماء إلى جماعة محظورة – الإخوان المسلمين. قاطع المحامون محاكمة العدوة بعد أن صدر حُكم مطاي إثر جلسة قصيرة مشابهة، بناء على اتهامات مماثلة، وأثناء تلك الجلسة تناقلت التقارير رفض القاضي النظر في الأدلة المقدمة من الدفاع أو الاستماع إلى شهادات شهود الدفاع.
حدثت الواقعتان وسط أعمال شغب اندلعت إثر هجوم قوات الأمن المميت في 14 أغسطس/آب 2013 على اعتصامين في القاهرة كانا قد تم تنظيمهما احتجاجاً على قيام الجيش في 3 يوليو/تموز بعزل محمد مرسي من الرئاسة.
ما إن ينتهي مفتي الجمهورية من مراجعة أحكام الإعدام الجماعية الأولية المحالة إليه تلك، فسوف يصدر القاضي حكمه النهائي، والمؤكد أن المدعى عليهم والنيابة العامة سيطعنون عليه.
ورد في المادة 96 من الدستور المصري أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه". والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر دولة طرف فيه، يحد من الحالات التي يمكن فيها للدولة فرض عقوبة الإعدام. وقد قالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة المنوطة تفسير مواد العهد الدولي، إن "في حال المحاكمات المؤدية إلى فرض عقوبة الإعدام، فمن الأهمية بمكان مراعاة الاحترام الكامل والصارم لضمانات المحاكمة العادلة".
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام من حيث المبدأ بصفتها عقوبة قاسية بطبيعتها ولاإنسانية.
تصدر عقوبات الإعدام في سياق حملة قمع أدت إلى سجن عشرات الآلاف من المصريين منذ يوليو/تموز. كانت حملة الاعتقالات كاسحة وليس عليها متابعة كبيرة، ومن ثم فإن حجمها الحقيقي ما زال غير معلوم. قدرت مصادر أمنية تحدثت للإعلام دون ذكر أسماء، أن المعتقلين لا يقل عددهم عن 16 ألف شخص، وذلك بين يوليو/تموز 2013 ومارس/آذار 2014. تقدر منظمات حقوقية مصرية مستقلة احتجاز أكثر من 21 ألف شخص خلال الفترة المذكورة، وهو تقدير ذات مصداقية.
أدت أحكام الإعدام إلى إدانات حادة وسريعة من الحكومات والهيئات الدولية. قال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن النائب العام "قلق" من الأحكام، مضيفاً أن هذه الأحكام "يُرجح أن تقوض فرص الاستقرار على المدى البعيد". وطلبت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من مصر تجميد حُكم الإعدام الجماعي الأول.
وقالت سارة ليا ويتسن: "ما هي العدالة التي تتحقق في جلسة لم تزد عن 15 دقيقة ولم يحضرها محام واحد؟" وتابعت: "إن إدانة المئات والحُكم عليهم بالإعدام جميعاً دون النظر لأية أدلة أو السماح للمتهمين بأية فرصة للدفاع عن أنفسهم، هو أمر يُظهر استخفافاً مزعجاً بالحياة الإنسانية".