Skip to main content
تبرعوا الآن

ليبيا ـ مؤسسات الحكومة معرضة للانهيار

ينبغي أن يتصدر إصلاح الأمن ونظام العدالة جدول أعمال مؤتمر روما الوزاري

(طرابلس) ـ في أعقاب المؤتمر الوزاري الدولي بشأن ليبيا، المنعقد في 6 مارس/آذار 2014، إن على المجتمع الدولي الموافقة على تقديم المساعدات إلى نظام ليبيا القضائي المتهالك. وينبغي للمساعدات أن تشمل تدريب الشرطة القضائية اللازم على نحو عاجل، وأفراداً مدربين لمساعدة ليبيا على إنهاء جريمة الاحتجاز الجماعي التعسفي. كما أن عليهم مراجعة حالات آلاف الأفراد المحتجزين في ليبيا دون اتهامات، والذين امتد احتجاز بعضهم حتى 3 سنوات.

يتعين على المجتمع الدولي أيضاً معالجة استمرار التهجير القسري غير المشروع لليبين، بمن فيهم سكان بلدة تاورغاء برمتهم. وينبغي لاجتماع روما الضغط من أجل المحاسبة، بما في ذلك فرض جزاءات على المسؤولين عن جرائم ضد الإنسانية ومنهم قادة المليشيات. وكخطوة مؤقتة، يتعين على المجتمع الدولي اختيار شخصية ذات مكانة دولية لدعوة المليشيات إلى إنهاء عقابها الجماعي لهذا التجمع السكاني، وتسهيل العودة الآمنة لنازحي تاورغاء إلى منازلهم.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تراجعت ليبيا إلى مؤخرة اهتمامات المجتمع الدولي بينما كانت تنزلق نحو ما يشبه الفوضى. وما لم يركز المجتمع الدولي على حاجة نظامي العدالة والأمن إلى مساعدات عاجلة فإن ليبيا معرضة لخطر انهيار مؤسساتها الضعيفة بالفعل، وحدوث المزيد من التدهور في الأوضاع الحقوقية للبلاد".

جمع مؤتمر روما بين كبار المسؤولين الليبيين ووزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية، وكذلك ممثلي الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى. وسوف يركز جدول أعماله على دعم التحول الديمقراطي في ليبيا والاحتياجات الأمنية.

قالت هيومن رايتس ووتش إن ليبيا، بعد مرور ما يزيد على العامين على الانتفاضة، تواجه العديد من التحديات في فرض القانون والنظام. ورغم التزام الحكومة المعلن بتعزيز حقوق الإنسان ووضع حد للانتهاكات إلا أن هيومن رايتس ووتش قد وثقت العشرات من حالات اغتيال القضاة، وأفراد النيابة، والنشطاء، وأعضاء القوات الأمنية على أيدي معتدين مجهولين، في إفلات مطلق من العقاب. كما وثقت هيومن رايتس ووتش حالات اختطاف وتعذيب وإخفاء قسري.

وتدهور الأمن في عدة مناطق من البلاد، وزادت بشدة انتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل الاحتجاز التعسفي، والقتل غير المشروع، والاحتطاف والتعذيب. وتمضي الانتهاكات، التي يرتكب أفراد المليشيات معظمها، دون التصدي لها.

أما العملية الديمقراطية فقد تعطلت بعد أن أفسد العنف انتخابات 21 فبراير/شباط لانتخاب مجلس لصياغة الدستور، وأصيب عدد من المشرعين بجراح جراء طلقات نارية أثناء أحداث عنف في المؤتمر الوطني العام في 2 مارس/آذار. ولم تعلن لجنة الانتخابات حتى الآن عن نتائج انتخابات 21 فبراير/شباط لأن العنف المصاحب لها ومقاطعة بعض الأقليات منعتها من تحديد الفائزين بـ16 من أصل 60 مقعداً.

منذ انتهاء الانتفاضة تم اغتيال ما لا يقل عن سبعة من القضاة وأفراد النيابة، وفي آخر الحوادث، في 8 فبراير/شباط، اغتيل عبد العزيز الحصادي، أول نائب عام في حكومة ما بعد القذافي، في بلدة مسقط رأسه درنة.

قال وزير العدل صلاح المرغني لـ هيومن رايتس ووتش في محادثة هاتفية يوم 2 مارس/آذار إن المحاكم بمدينة درنة الشرقية توقفت عن العمل منذ شهور، حيث خرجت المدينة عن سيطرة الحكومة. وقال إن محاكم بنغازي قامت مؤخراً بتعليق العمل بها بعد اغتيال قاض آخر هناك، وإن الحكومة تعمل على نقل القضاة وأفراد النيابة من بنغازي ودرنة لحمايتهم.

أعلن المجتمع الدولي عن خطط لتدريب أفراد المليشيات وغيرهم لدمجهم في الجيش، وينبغي أيضاً تقديم دعم دولي فوري وقوي للشرطة القضائية، التي توفر الأمن في مراكز الاحتجاز، وللقضاة وأفراد النيابة والشهود، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قالت سارة ليا ويتسن: "ينبغي أن يدق ناقوس الخطر في روما بسبب هذا التوقف الخطير للأعمال الأساسية للقضاء والنيابة في بنغازي وغيرها في ليبيا. إذا عجزت الحكومة الليبية عن أداء هذه الوظائف الأساسية في أجزاء لا يستهان بها من البلاد فإن من شأن آخرين تولى أعمال ’العدالة‘ بأيديهم".

يجري احتجاز آلاف الأشخاص في ليبيا في غياب تدابير الحماية الأساسية المتمثلة في الإجراءات القانونية السليمة، من قبيل التواصل مع محامين والاتهام بجرائم محددة والعرض على قاض. قال وزير العدل إن وزارته تحتجز 5500 شخص، كما يجري احتجاز عدد غير معروف من الأشخاص خارج عهدة الحكومة. ورغم بعض التقدم إلا أن وزارة العدل عجزت عن الالتزام بآخر موعد نهائي حددته، ألا وهو 2 مارس/آذار،  لنقل كافة المحتجزين إلى عهدة الحكومة بموجب قانون العدالة الانتقالية.

وكانت حكومات ليبيا المؤقتة قد أطلقت العديد من الوعود والمواعيد النهائية والقوانين منذ 2011 لإنهاء الاحتجاز الجماعي التعسفي، بما في ذلك على أيدي المليشيات، لكن التقدم الفعلي محدود.

وعلى المجتمع الدولي تقديم أفراد مدربين يمكنهم الشروع فوراً في مراجعة ملفات قضايا المحتجزين لتحديد أساس احتجازهم. ويجب الإفراج الفوري عن أي شخص محتجز دون أساس قانوني. ومن شأن هذه المراجعات أن تزيل أي عذر باق لمواصلة احتجاز أشخاص دون اتهام، بحسب هيومن رايتس ووتش.

أخفقت ليبيا أيضاً في منح الحقوق الأساسية في سلامة الإجراءات إلى سيف الإسلام القذافي وغيره من مسؤولي حكومة القذافي السابقين المحتجزين، بمن فيهم رئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي. ونجل القذافي والسنوسي متورطان في قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بدورهما المزعوم في محاولة قمع انتفاضة 2011.

ويبقى عشرات الآلاف من الأشخاص نازحين داخلياً في ليبيا، بمن فيهم ما يقرب من 35 ألف شخص من تاورغاء. وترقى الطبيعة الممنهجة لهذا التهجير القسري، بما في ذلك رفض السماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم، ترقى إلى مصاف جريمة ضد الإنسانية، ومن شأن المسؤولين عنها، بمن فيهم أولئك الذين ساعدوا على التهجير القسري أو تواطأوا فيه، وقادة القوات المسؤولة الذين كانوا يعلمون بالجريمة وأخفقوا في منعها، أن يتحملوا المسؤولية الجنائية أيضاً بموجب القانون الدولي.

يتهم زعماء مصراتة ومليشياتها سكان تاورغاء بارتكاب جرائم خطيرة بحق أشخاص من مصراتة أثناء انتفاضة 2011، بما فيها جرائم قتل غير مشروع، واغتصاب وتعذيب.

وتتسم أجهزة الأمن الليبية بالتشتت والاضطراب، فقد أخفقت الحكومة في إنفاذ قانونين تم اعتمادهما في 2013، وهما القانون 27 والقانون 53، لحل المليشيات ودمج أفرادها في الأجهزة الأمنية للدولة. كما أخفقت الحكومة في نزع سلاح تلك المليشيات ومحاسبة المسؤولين منها عن جرائم خطيرة منذ انتفاضة 2011.

وكذلك مر موعد نهائي [ينذر] بامتناع وزارة الدفاع عن دفع المرتبات لأفراد المليشيات المنتسبين إلى الحكومة بنهاية 2013 دون أن يحقق هدفه. وقال نائب وزير الدفاع خالد الشريف لـ هيومن رايتس ووتش أثناء اجتماع في 20 يناير/كانون الثاني 2014 إن الأمر سيتطلب ستة أشهر أخرى على الأقل حتى تتمكن الوزارة من تسجيل المجندين، واقترح استمرار دفع الرواتب في تلك الفترة.

وفي هذه الأثناء تتصرف المليشيات وأفراد الجماعات المسلحة، المنتسبون في بعض الحالات إلى الحكومة أو المفوضون من البرلمان لأداء مهام معينة، بإفلات تام من العقاب، وقد اتخذ بعضهم إجراءات متطرفة تشمل اختطاف رئيس الوزراء علي زيدان لمدة وجيزة.

قالت سارة ليا ويتسن: "كلما طال تسامح السلطات الليبية مع تحرك المليشيات في إفلات من العقاب، سيزداد تحصنها ويقل استعدادها للتنحي. وتأجيل المواعيد النهائية المتكررة لحلها ونزع سلاحها لا يعمل إلا على إطالة أمد الفوضى التي تنشرها في أنحاء البلاد".

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وتركيا عن خطط لتدريب 15-18 ألفاً من المجندين وأفراد المليشيات السابقين في الخارج، بغرض إنشاء قوة للأغراض العامة يلتحق أفرادها بالجيش الليبي بعد دورة تدريبية مدتها 6 شهور على التقريب. وقد قال دبلوماسيون لـ هيومن رايتس ووتش إن إيطاليا وتركيا بدأتا في تقديم التدريب.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة فرز أفراد المليشيات استناداً إلى المعايير الدولية قبل دمجهم في قوات الأمن، فلا ينبغي السماح بالخدمة لأفراد ارتكبوا جرائم خطيرة، بما فيها التعذيب والقتل غير المشروع.

وعلى المجتمع الدولي وأصدقاء ليبيا، وبخاصة هؤلاء الذين أيدوا تدخل الناتو فيها، إدانة انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والمستمرة من جانب كافة العناصر في ليبيا. كما أن عليهم استخدام الآليات الدولية، مثل مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، لتوثيق الانتهاكات المرتكبة وإصدار التقارير العلنية عنها، بحسب هيومن رايتس ووتش.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة