Skip to main content

يمكن فعل المزيد من أجل السيطرة على العنف المتصاعد في لبنان

نُشر في: Muftah

توسّط شهر يناير/كانون الثاني أسبوعاً من العنف المؤسف في لبنان، اتّسم بالحوادث الأمنية القاتلة المرتبطة بما يجري في سوريا. ففي ساعة مبكرة من صباح الخميس 16 يناير/كانون الثاني انفجرت سيارة مفخخة في مركز بلدة الهرمل الشيعية بوادي البقاع في لبنان ما أسفر عن مقتل ستة من السكان وإصابة أكثر من أربعين، وأعلنت المنظمة الإرهابية جبهة النصرة مسؤوليتها قائلةً إنها ضربت أحد معاقل حزب الله رداً على ما وصفته بأنه "جرائم حزب الله ضد النساء والأطفال السنّة في سوريا".

في اليوم التالي قتل القصف ثمانية سكان في بلدة عرسال الموالية للمعارضة السورية، خمسة منهم من الأطفال وجُرح خمسة عشر أخرون من السكان. ادعت مصادر حكومية أن القصف جاء عبر الحدود، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مسؤوليته قائلاً إنه هاجم أحد معاقل الجيش السوري الحر، ولكن رئيس بلدية عرسال والسكان المحليين ألقوا المسؤولية على حزب الله.

ذكر الصليب الأحمر اللبناني يوم 21 يناير/كانون الثانيأن أربعة أشخاص لقوا حتفهم وأكثر من خمسة وثلاثين أصيبوا بجروح في انفجار سيارة مفخخة في شارع العريض في بيروت في حي حارة حريك الشيعي، وادّعت جبهة النصرة المسؤولية مرة أخرى، وهو تفجير السيارة الثانية في شارع العريض حيث وقع الأول في 2 يناير/كانون الثاني وقتل أربعة وجرح أكثر من خمسة وسبعين وهو الخامس الذي يضرب ضاحية بيروت الجنوبية منذ يوليو/تموز.

وفي الوقت نفسه وفي مدينة طرابلس بشمال لبنان التي لم تنجُ أيضاً من ويلات تفجيرات السيارات المرتبطة بسوريا، أُعلن عن مقتل اثني عشر من السكان على الأقل وإصابة أربعة عشر أخرين بجروح ما بين 16 و23 يناير/كانون الثاني جرّاء القصف والقنص وإطلاق النار في أحدث جولة من العنف بين الأحياء العلوية والسنية كما قُتل جنديان من الجيش اللبناني أيضاً في القتال.

وتعتبر هذه الأرقام مذهلةً حيث قُتل ما لا يقل عن ثلاثين من السكان في أعمال عنف في غضون أسبوع واحد رغم أن لبنان ليس في حالة حرب.

فاقم الصراع السوري التوترات الطائفية في جميع أنحاء البلاد، ولكنه اتخذ شكله الأكثر حدة في طرابلس حيث بدأ العنف المتقطع منذ مايو/أيار 2008 بين حي جبل محسن العلوي الموالي للحكومة السورية والأحياء السُنيّة المحيطة المؤيدة للمعارضة السورية بما في ذلك باب التبانة. سقط مئات من السكان السنة والعلويين ضحايا لهذا الصراع.

ولكن التوترات الطائفية أدت أيضاً إلى المزيد من الهجمات ضد العلويين خارج جبل محسن، بما في ذلك الهجمات ضد العمال العلويين الذين يذهبون للعمل في أجزاء أخرى من لبنان، وحرق وتدمير محلات تجارية علوية، وهجمات ضد حافلات بما فيها الحافلات المدرسية التي تقل ​​السكان العلويين. لم يتسبب العنف فقط في خسارة الأرواح والإصابات بل تعدى ذلك إلى إعاقة الوصول إلى المساعدة الطبية وتسبب بالضرر بالممتلكات وأثّر سلباً على الحياة اليومية وحرية التنقل وتلقي التعليم.

قدمت الحكومة خططاً أمنية لضاحية بيروت الجنوبية وطرابلس، وبذلت جهوداً لاعتقال بعض المقاتلين وغيرهم من المسؤولين عن العنف ضد السكان ولكن الحكومة فشلت بوضوح بمواجهة التحديات الأمنية التي تشكلها أعمال العنف الممتدة من سوريا.

لم يتبق لي غير أن أتساءل مثل كثير من اللبنانيين من الذي سوف يحمينا من هذه الأهوال، التي من المتوقع أن تستمر طالما استمرت الحرب في سوريا المجاورة. يقع ضحايا هذه التفجيرات والقصف وإطلاق النار في حصارٍ بين المقاتلين الذين يشنون معركة في مجتمعاتهم ودولة ضعيفة.

ما الذي يمكن أن نتوقعه من مؤسسات الدولة في حالة عدم وجود حكومة مسؤولة منذ استقال رئيس الوزراء في أوائل 2013، وعندما تتورط الأحزاب السياسية الرئيسية بشكل كبير في سوريا؟ تتذرع الحكومة بمسؤولية تلبية احتياجات أكثر من مليون لاجئ سوري مع عدم وجود دعم دولي كافي وسط الأزمة الاقتصادية المتنامية. حتى قوات الأمن ذاتها تعتريها الحالة الطائفية التي تمنعها من أن تكون حيادية أو أول المستجيبين أو أن تتصرف كقوات لحفظ السلم.

هنالك المزيد مما يمكن القيام به رغم التحديات، فالشرطة والجيش في حاجة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لمصادرة الأسلحة من قذائف الهاون والقذائف الصاروخية والأسلحة الأوتوماتيكية التي استخدِمت لقتل السكان. كما أن هيئات إن هيئاهينفاذ القانون والقضاء يجب أن توجه رسالة واضحة مفادها أنه لن يكون هناك إفلات من العقاب على هذه الجرائم، من خلال الاعتقال والتحقيق وملاحقة المسلحين ومشعلي الحرائق وغيرهم ممن يستهدف السكان بالعنف. يجب الحفاظ على وجود الأمن الحكومي النشط في جميع التجمعات السكانية، ويجب عدم السماح للمجموعات المحلية بملء الفراغات الأمنية.

إلى أن يتم اتخاذ هذه الخطوات وغيرها من الإجراءات الأمنية فسوف نبقى في تساءل عن موعد انفجار القنبلة القادمة وبدء الجولة المقبلة من العنف في لبنان.

لمى فقيه باحثة سوريا ولبنان في هيومن رايتس ووتش. على تويتر @LamaMFakih

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة