صاحب السمو،
نكتب إليكم بخصوص أكثر من مائة ألف مقيم بدون جنسية في بلدكم (ممن يسمون عادة بـ البدون)، فلطالما كان استضعاف البدون قانونياً واجتماعياً واقتصادياً من بواعث القلق بالنسبة لمنظماتنا وللحكومات في أرجاء العالم.
إلا أن معاملة الحكومة الكويتية للبدون، منذ بدء التظاهرات في 2011، تدهورت لدرجة أنها جرفت في طريقها قدرة الكويت على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
ومن هنا شعورنا بضرورة نقل بواعث قلقنا إلى سموكم مباشرة.
في مجال الحقوق المدنية والسياسية، لا يعامل البدون على قدم المساواة أمام المحاكم، وما زالوا محرومين من الحماية التي توفرها الجنسية والإقامة، كما أنهم تعرضوا لانتهاكات وتمييز متكرر.
- بدلاً من التدخل بحسم للفصل في المطالبات بالجنسية، أدى "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير شرعية"، أو "لجنة البدون"، أدى إلى زيادة الطين بلة في في الربع الاول من هذا العام باقتراح تصنيف السكان البدون إلى أربع فئات، تتمتع كل فئة بحقوق مختلفة تقوم على أساس عوامل يتم تحديدها تعسفياً، من قبيل مشاركة العائلة في تعداد 1965 أو الخدمة في الجيش أو الشرطة. ينبغي الاعتراف بكافة البدون المولودين في الكويت كمواطنين، كما ينبغي لمن أقام في البلاد مدة معقولة من الزمان أن يتأهل لطلب الجنسية واكتسابها إذا كان سيظل بلا جنسية لولا هذا، في أعقاب عملية قانونية نزيهة وشفافة؛
- في مخالفة لالتزامات الكويت بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، أقدمت الحكومة على تقليص ملحوظ لحقوق البدون في حرية التعبير، وبخاصة القدرة على التجمع، والتظاهر السلمي، والانتقاد العلني لسياسة الحكومة. كما وجهت الحكومة إنذارات متكررة إلى بعض أفراد مجتمع البدون للتحذير من تنظيم احتجاجات سلمية، بزعم أن المواطنين الكويتيين وحدهم لهم الحق في التظاهر. والقوات الأمنية الكويتية الآن موضع الاتهام باستخدام القوة المفرطة ضد متظاهري البدون السلميين في 2011 و2012، كما اشتكى البدون المحتجزون من انتهاكات الشرطة. لم يتحقق الوعد بالتحقيق في تلك الانتهاكات.
إلى جانب هذا فإن التقدم في تأمين الحقوق الاجتماعية والثقافية للبدون قد أصيب بالركود في الأشهر الأخيرة.
لم يجر تنفيذ المزايا الـ11 للبدون التي وعدت بها الحكومة في أبريل/نيسان 2011، مما ترك الكثير من البدون بلا منفذ إلى التوظف والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات العامة الحيوية، وكذلك الوثائق من قبيل شهادات الميلاد. والتصرف الفادح بصفة خاصة هو استبعاد الحكومة لأطفال البدون من التعليم الابتدائي والثانوي ـ المشكلة التي فاقمها حظر الحكومة مؤخراً للتبرعات الخيرية، بما فيها التبرعات للإنفاق على التعليم، لأفراد البدون ومنظماتهم.
طوال عقود ظل نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان الكويتيون والعرب والأجانب، علاوة على هيئات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ظلوا يدعون الحكومة إلى تنفيذ سياسات من شأنها إخراج البدون من محنتهم.
وغياب مثل تلك السياسات، المتجذرة في معايير حقوق الإنسان، يمثل وصمة على سمعة البلاد الدولية، فهو يحرم آلاف الأسر من حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأساسية، ويمنعها من المساهمة الكاملة في المجتمع الكويتي.
ونحن نعتقد عن يقين أنه مما يصب في مصلحة سموكم أن تعالجوا هذه المسألة بحسم، ونناشد سموكم اتخاذ مبادرة من خمس خطوات من أجل:
- تمكين المقيمين البدون من اللجوء للمحاكم للطعن على القرارات التي تتخذها لجنة البدون وعرض قضيتهم للاعتراف بهم كمواطنين كويتيين؛
- تقديم أوراق الجنسية الثبوتية دون إبطاء إلى الأفراد البالغ عددهم 34,000 والذين اعترفت لجنة البدون بأنهم مواطنون كويتيون، وبدء عملية تحكيم نزيهة وشفافة لطلبات الجنسية الـ80,000 الأخرى المعلقة، بما فيها توفير الحق في الاستئناف؛
- ضمان الحق في التجمع السلمي للبدون، وإنهاء استخدام القوة المفرطة كرد على الاحتجاجات السلمية المطالبة بحقوق البدون، والتحقيق في مزاعم انتهاكات الشرطة ومعالجتها، وضمان الإفراج عن البدون المحتجزين أثناء التظاهرات، أو تقديم محاكمات نزيهة وشفافة وسريعة لهم إذا تم اتهامهم بجريمة؛
- إلغاء التشريعات التي تعمل بشكل تمييزي على الحد من تمتع البدون بالتوظف والخدمات العامة، خاصة فيما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية؛
- إلغاء القواعد التي تمنع الأفراد والمنظمات الخاصة من التبرع لأفراد البدون أو منظماتهم.
مع بالغ التقدير والاحترام،