Skip to main content
تبرعوا الآن

العراق: حملة قمع حرية التعبير والتظاهر تشتد

ما زال المشهد العراقي تعذيب وسجون سرية وهجمات على المتظاهرين

(بغداد) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في تقريرها العالمي لسنة 2012 إن السلطات العراقية شنت حملة قمع أثناء عام 2011 على حرية التعبير وحرية التجمع، إذ أرهبت وضربت واحتجزت النشطاء والمتظاهرين والصحفيين.

في فبراير/شباط أماطت هيومن رايتس وتش اللثام عن مركز احتجاز سري تسيطر عليه قوات أمن نخبوية مسؤولة من مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي مباشرة. نفس الوحدات النخبوية تسيطر على كامب أونور، وهو منشأة منفصلة في بغداد يُعذب فيها المحتجزين في ظل الإفلات من العقاب.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "العراق ينزلق سريعاً إلى الدولة السلطوية القمعية مع إساءة قواته الأمنية إلى المتظاهرين ومضايقتها للصحفيين. رغم تطمينات الحكومة الأمريكية لأنها ساعدت على تهيئة نظام ديمقراطي مستقر، فالواقع يقول إن العراق في طور بدايات الدولة البوليسية".

التقرير العالمي لسنة 2012 الذي جاء في 676 صفحة تقيم فيه هيومن رايتس ووتش التقدم الذي تم إحرازه على مسار حقوق الإنسان خلال العام الماضي في أكثر من 90 دولة، بما في ذلك الثورات الشعبية في العالم العربي، التي لم يتوقعها الكثيرون. نظراً لمقاومة قوات الأمن بعنف لـ "الربيع العربي"، فعلى المجتمع الدولي دور هام يلعبه كي يساعد على ميلاد نظم ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان في المنطقة، على حد قول هيومن رايتس ووتش في التقرير.

في الأسابيع السابقة على مغادرة آخر قافلة للقوات الأمريكية للعراق في 18 ديسمبر/كانون الأول، أوقفت قوات الأمن العراقية مئات العراقيين المتهمين بأنهم من حزب البعث السابق وتم احتجازهم، وأغلبهم ما زالوا رهن الاحتجاز بلا اتهامات. زلزلت البلاد أزمة سياسية وسلسلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت المدنيين قبل أسابيع من انسحاب القوات الأمريكية.

أثناء مظاهرات عمّت جميع أنحاء العراق احتجاجاً على الفساد وللمطالبة بقدر أكبر من الحقوق المدنية والسياسية في فبراير/شباط، فرقت قوات الأمن المتظاهرين باستخدام العنف، فقتلت 12 متظاهراً على الأقل في 25 فبراير/شباط، وأصابت أكثر من مائة آخرين. ضربت قوات أمن بغداد صحفيين ومتظاهرين عُزل في ذلك اليوم، وحطمت الكاميرات وصادرت بطاقات الذاكرة منها.

في يونيو/حزيران، في واحدة من أسوأ الحوادث، قام بلطجية بدعم من الحكومة، يحملون ألواحاً خشبية وأسلحة بيضاء ومواسير حديدية، بضرب وطعن متظاهرين سلميين والتحرش جنسياً بمتظاهرات، مع وقوف قوات الأمن بلا حراك حول المكان، وأحياناً كان أفراد الأمن يضحكون على الضحايا.

في مايو/أيار وافق مجلس الوزراء على قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي، الذي يصرح للمسؤولين بتقييد حرية التجمع من أجل حماية الصالح العام، ومصالح النظام العام والآداب العامة. ما زال القانون ينتظر الموافقة البرلمانية عليه حتى يصدر.

لم يكن حظ حرية التعبير افضل، إذ أساءت قوات الأمن بشكل ممنهج للصحفيين الذين يغطون المظاهرات، واستخدمت التهديدات والاعتقالات التعسفية والضرب والمضايقات وصادرت ودمرت معداتهم. في 8 سبتمبر/أيلول، قام معتدي مجهول بإطلاق النار على هادي المهدي فأرداه قتيلاً، وهو إذاعي شهير، بعد أن انتقد الفساد الحكومي وانعدام المساواة في المجتمع، وذلك في بيته في بغداد. قبل موته مباشرة، كان المهدي قد تلقى عدة مكالمات هاتفية ورسائل نصية تهدده بألا يعود إلى ميدان التحرير ببغداد، وكان قد أصبح نقطة تجمع هامة للمظاهرات الأسبوعية. قبل ذلك، بعد حضوره "يوم الغضب" العراقي في 25 فبراير/شباط، اعتقلته قوات الأمن وعصبت عينيه وضربته ضرباً مبرحاً مع ثلاثة صحفيين آخرين أثناء الاستجواب الذي تلى الاعتقال.

في يناير/كانون الثاني 2012 رصدت هيومن رايتس ووتش قيام السلطات العراقية بشل حركة التظاهر في ميدان التحرير، إذ أغرقت التظاهرات الأسبوعية بمناصرين للحكومة وعملاء أمن في ثياب مدنية. وقال أغلب النشطاء والصحفيين المستقلين إنهم لم يعودوا يشعروا بالأمان أثناء حضور المظاهرات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "بعد أكثر من ستة أعوام من الحُكم الديمقراطي، أصبح العراقيون الذين يعبرون عن آرائهم يفعلون ذلك في ظل التعرض لأخطار داهمة". وتابعت: "قتل المهدي يلقي الضوء على كيف ما زالت مهنة الصحافة قاتلة في العراق".

وكانت مشكلة القسوة في السجون – بما في ذلك التعذيب في منشآت الاحتجاز – مشكلة كبرى على مدار العام. في فبراير/شباط 2011 كشفت هيومن رايتس ووتش عن وجود مركز احتجاز سري داخل قاعدة كامب جاستس العسكرية في بغداد، تديرها قوات أمن نخبوية مسؤولة مباشرة من مكتب المالكي العسكري. بدءاً من أواخر 2010 نقلت السلطات العراقية أكثر من 280 محتجزاً إلى تلك المنشأة التي تسيطر عليها الفرقة 56 من الجيش ووحدة مكافحة الإرهاب.

نفس الوحدات النخبوية كانت تسيطر على كامب أونور، وهو منشأة منفصلة في بغداد تعرض فيها المحتجزون للتعذيب مع الإفلات من العقاب. وهناك أكثر من 12 محتجزاً سابقاً في كامب أونور ذكروا لـ هيومن رايتس ووتش إن المحتجزين هناك يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في ظروف لاإنسانية، لشهور في بعض الأحيان. قال المحتجزون إن المحققين دأبوا على ضربهم وتعليقهم في وضع مقلوب لساعات، وصعقهم بالكهرباء على مختلف أجزاء الجسد، بما في ذلك منطقة العضو التناسلي، وتكرر وضع أكياس بلاستيكية فوق رؤوسهم إلى أن يفقدوا الوعي من الاختناق.

قالت سارة ليا ويتسن: "قوات الأمن في العراق، لا سيما في مراكز الاحتجاز، تنتهك الحقوق مع تمتعها بالإفلات من العقاب، وكثيراً ما تشيح الحكومة بوجهها عما يحدث". وأضافت: "على الحكومة أن تضمن وجود تحقيقات جنائية فعالة وملاحقات جنائية لأي شخص مسؤول عن التعذيب أو غيره من الانتهاكات".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة