Skip to main content

العراق

أحداث عام 2011

ما زالت حالة حقوق الإنسان في العراق سيئة للغاية، لا سيما على الصحفيين والمحتجزين ونشطاء المعارضة. قام آلاف المتظاهرين العراقيين – بإلهام من الانتفاضات السلمية في المنطقة – إلى الشوارع للمطالبة بخدمات أفضل وللمناداة بوضع حد للفساد. قامت قوات الأمن وعصابات في ثياب مدنية باستخدام العنف والتهديدات ضدهم.

استمرت تقارير التعذيب للمحتجزين في أماكن احتجاز غير قانونية خارج نطاق وزارة القضاء. في أواخر يونيو/حزيران ومطلع يوليو/تموز سلمت القوات الأمريكية آخر 192 محتجزاً عراقياً كانوا في حيازة الولايات المتحدة حتى نهاية عام 2010، للعراق، وبينهم بعض العناصر من حكومة صدام حسين. أسفرت الهجمات من الجماعات المسلحة عن مقتل مئات المدنيين وعناصر الشرطة. استمرت الولايات المتحدة في سحب قواتها تنفيذاً لجزء من اتفاق عام 2008 الذي نص على انسحاب كامل للولايات المتحدة بنهاية عام 2011 من العراق.

حرية التجمع

بعد أن خرج الآلاف إلى الشوارع في فبراير/شباط احتجاجاً على تفشي الفساد وللمطالبة بحقوق مدنية وسياسية أكبر، قامت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بالرد باستخدام العنف.

في 21 فبراير/شباط وقفت الشرطة العراقية بلا حراك أثناء قيام عشرات المعتدين – بعضهم يحملون الأسلحة البيضاء والهراوات – بطعن وضرب 20 متظاهراً على الأقل كانوا ضمن من يرعون مخيماً في ميدان التحرير في بغداد العاصمة. أثناء تظاهرات شملت جميع أنحاء العراق في 25 فبراير/شباط، قتلت قوات الأمن 12 متظاهراً على الأقل وأصابت أكثر من 100 آخرين. قامت قوات أمن بغداد بضرب الصحفيين العُزل والمتظاهرين ذلك اليوم، وحطمت كاميرات وصادرت كروت الذاكرة الخاصة بالكاميرات الإلكترونية.

بدأت التظاهرات المعارضة للحكومة في كردستان في 17 فبراير/شباط. حتى كتابة هذه السطور قتلت قوات الأمن 10 متظاهرين ومارة على الأقل واصابت أكثر من 250 آخرين. في 6 مارس/آذار قام معتدون مقنعون بمهاجمة متظاهرين في ساحة سارة – مركز الاحتجاجات اليومية في السليمانية – وأحرقوا خيام المتظاهرين، لكن أخفقوا في إخلاء المتظاهرين من المكان. في 18 أبريل/نيسان سيطرت قوات الأمن على الميدان لمنع التظاهرات. في 27 أبريل/نيسان أعلنت حكومة إقليم كردستان عن  تقرير من 19 صفحة خلص إلى أن قوات الأمن والمتظاهرين مسؤولين عن العنف، وأن قوات الأمن "لم تكن جاهزة للسيطرة على الموقف".

وفي 10 يونيو/حزيران في بغداد، قام معتدون موالون للحكومة مسلحون بألواح خشبية وسلاح أبيض ومواسير معدنية وغير ذلك من الأسلحة، بضرب وطعن المتظاهرين السلميين وتحرشوا جنسياً بالمتظاهرات فيما وقفت قوات الأمن تراقب من بعيد، وكان رجال الأمن يضحكون أحياناً على الضحايا.

كما استخدمت السلطات سبلالً قانونية لشل حركة التظاهر. في 13 أبريل/نيسان أصدر المسؤولون العراقيون أنظمة ولوائح جديدة تحظر التظاهر في الشوارع مع السماح بها فقط في ثلاث ملاعب كرة، ولم يتم تطبيق هذه الأنظمة بعد. في مايو/أيار وافق مجلس الوزراء على "قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي" وفيه يُسمح للمسؤولين بتقييد حرية التجمع من أجل حماية المصلحة العامة، ولصالح حماية النظام العام والآداب العام. ما زال القانون ينتظر الموافقة من البرلمان حتى كتابة هذه السطور.

حرية التعبير

في عام 2011 ظل العراق من أخطر البلدان في العالم على الصحفيين. قامت جماعات مسلحة ومجهولون بقتل خمسة صحفيين على الأقل وأحد العاملين بالإعلام، طبقاً للجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك. كما استمرت ادعاءات الصحفيين عن اجتراء قوات الأمن العراقية وقوات حكومة إقليم كردستان عليهم بشكل زائد.

في 20 فبراير/شباط، هاجم العشرات من الرجال المقنعين راديو ناليا – وهو إذاعة خاصة – ومحطة تلفزة إن آر تي في السليمانية. قاموا بإطلاق النار على معدات البث واصابوا أحد الحراس. ثم قاموا برش البنزين في المكان وأشعلوا النار في المبنى، طبقاً للعاملين في المحطة. بدأ تلفزيون إن آر تي بثه التجريبي بتغطية للتظاهرات قبل يومين من الهجوم.

في 23 فبراير/شباط داهمت قوات الأمن في بغداد مقر مرصد الحريات الصحفية، وهو مجموعة حريات صحفية. عملية التفتيش التدميرية لقوات الأمن دامت لأكثر من ساعة، وصادروا حواسب آلية وأقراص ذاكرة خارجية وهواتف نقالة وأقراص كمبيوترية ووثائق وكذلك معاطف وخوذات مكتوب عليها "صحافة".

قال أكثر من 20 صحفياً يغطون التظاهرات في كردستان إن قوات الأمن ووكلاء الأمن هددوا الصحفيين بشكل متكرر، وعرضوهم للاعتقالات التعسفية والضرب والمضايقات ومصادرة وتدمير المعدات. بعد قمع التظاهرات اليومية في السليمانية في شهر أبريل/نيسان، قام مسؤولو حكومة إقليم كردستان من تمديد نطاق قمع الصحفيين بأن رفعوا قضايا تشهير ولجأوا لأعمال الضرب والاحتجاز والتهديد بالموت. أدت تهديدات القتل والاعتداء إلى اختباء بعض الصحفيين.

في 8 سبتمبر/أيلول قام معتدون مجهولون بقتل هادي المهدي رمياً بالرصاص، وهو صحفي إذاعي شهير كثرت انتقاداته للفساد الحكومة وعدم المساواة الاجتماعية، وذلك في بيته ببغداد.  وقالت وزارة الداخلية إنها ستحقق في وفاته، لكن حتى كتابة هذه السطور لم يُنسب الاتهام لأحد في هذه القضية. وقبل موته مباشرة كان المهدي قد تلقى مكالمة هاتفية ورسالة نصية بتهديده بألا يعود إلى ميدان التحرير. وقبل ذلك، بعد أن حضر "يوم الغضب" في 25 فبراير/شباط في بغداد، قامت قوات الأمن باعتقاله وتغمية عينيه وضربه بشدة ومعه ثلاثة صحفيين آخرين تم القبض عليهم، وذلك أثناء استجوابهم.

في أبريل/نيسان وافق البرلمان العراقي على قانون حماية الصحفيين، والمقصود به حماية العاملين بالإعلام وتعويضهم على الإصابات التي تلحق بهم أثناء العمل. يقول المعارضون إن القانون لم يوفر الحد الكافي لضمان الحماية الملائمة للصحفيين.

في مايو/أيار وافق مجلس الوزراء على مشروع "قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي" ويضم مواد تجرم بعض أشكال التعبير بعقوبات تصل إلى السجن عشر سنوات. بموجب المادة 13 من القانون فأي شخص يهاجم معتقد أو طائفة دينية أو يُظهر الازدراء لطقوسها، أو يهين علناً رمزاً أو شخصاً موضع تقديس أو احترام من طائفة دينية، يتعرض للسجن لمدة أقصاها عام وغرامة بحد أقصى 10 ملايين دينار عراقي (8600 دولار). لا ينص القانون على أدلة إرشادية عما يُعتبر إهانة غير قانونية.

السجون السرية والتعذيب

في فبراير/شباط أماطت هيومن رايتس ووتش اللثام عن مركز احتجاز سري داخل مخيم العدالة (قاعدة عسكرية في بغداد) يسيطر عليه قوات أمن نخبوية مسؤولة مباشرة من المكتب العسكري لرئيس الوزراء نوري المالكي. بدءاً من 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، نقلت السلطات العراقية أكثر من 280 محتجزاً إلى تلك المنشأة، ويسيطر عليها اللواء 56 من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب.

نفس الفرق النخبوية الأمنية تسيطر على كامب أونور، وهو منشأة منفصلة في بغداد، حيث تم تعذيب المحتجزين في ظل الإفلات من العقاب. وهناك أكثر من 12 محتجزاً من كامب أونور أخبروا هيومن رايتس ووتش كيف تم وضع المحتجزين في الحبس بمعزل عن العالم الخارجي في ظروف لاإنسانية، لشهور عديدة في بعض الحالات. قال المحتجزون إن المحققين قاموا بضربهم وتعليقهم في وضع مقلوب لساعات في كل مرة، وكيف تعرضوا للصعق بالكهرباء على مختلف أجزاء الجسم، بما في ذلك منطقة العضو الذكري، وتكرر لف رؤوسهم بأكياس بلاستيكية حتى فقدان الوعي تأثراً بالاختناق. في 14 مارس/آذار أعلنت وزارة العدل أنها ستغلق كامب أونور بعد أن خلصت لجنة تحقيق برلمانية لوجود أدلة على التعذيب أثناء عملية تفتيش للمنشأة. بعد ذلك تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات موثوقة بأن القوات النخبوية المذكورة ما زالت تحتجز وتستجوب المحتجزين في كامب أونور.

وقت كتابة هذه السطور كانت السلطات لم تلاحق قضائياً أي مسؤولين عن التعذيب في كامب أونور.

حقوق النساء والفتيات والعنف ضد المرأة

يطبق العراق قانون للأسرة والأحوال الشخصية يستند إلى قانون الأحوال الشخصية لعام 1959. القانون يميز ضد المرأة إذ يمنح الرجل وضعاً متميزاً في شؤون الطلاق والمواريث. القانون يميز أيضاً ضد المرأة إذ يسمح للرجال العراقيين بتعدد الزوجات، حتى 4 زوجات في الوقت نفسه.

في 6 أكتوبر/تشرين الأول أصدر البرلمان العراقي تشريعاً برفع تحفظات العراق على المادة 9 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. المادة 9 تمنح للمرأة المساواة في الحقوق مع الرجل فيما يخص حيازة وتغيير والاحتفاظ بالجنسية وتمريرها للأبناء.

استمر العنف ضد النساء والفتيات وهو مشكلة جسيمة في شتى أنحاء العراق. قالت ناشطات لحقوق المرأة إنهن في عرضة لاعتداءات المتطرفين، الذين يستهدفون أيضاً السيدات المشتغلات بالسياسة والموظفات والصحفيات. جرائم "الشرف" والإساءة الأسرية ما زالت تهدد النساء والفتيات، والمعرضات أيضاً لخطر الإتجار بالبشر بغرض الاستغلال الجنسي والدعارة الإجبارية، بسبب انعدام الأمان والنزوح والمصاعب المالية، والتفسخ الاجتماعي، وتفسخ سيادة القانون وسلطة الدولة.

يُمارس تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بالأساس في مناطق كردستان شمالي العراق، وتقدر عدة دراسات رسمية وغير حكومية انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في أوساط نساء وفتيات كردستان العراق بنسبة لا تقل عن 40 في المائة. في 21 يونيو/حزيران أصدر البرلمان في كردستان قانون العنف الأسري، الذي يضم عدة مواد تجرم هذه الممارسة، وكذلك الزواج الجبري وزواج الأطفال، والانتهاكات الشفهية والبدنية والنفسية للنساء والفتيات.

الاعتداء على المدنيين

أسفرت هجمات الجماعات المسلحة عن مقتل مئات المدنيين وعناصر الأمن. يستهدف المعتدون المجالس البلدية والمسؤولين الحكوميين ونقاط التفتيش والأسواق والمساجد. في أحد أسوأ الهجمات، أسفرت سلسلة من 40 هجمة منسقة في 17 مدينة يوم 15 أغسطس/آب عن مقتل أكثر من 90 شخصاً، منهم رجال مدنيين عُزل وعناصر من قوات الأمن.

الهجمات القائمة – بالإضافة إلى الإصابات نتيجة الألغام والذخائر العنقودية غير المنفجرة – أسفرت عن ارتفاع أعداد المصابين بإعاقات بدنية ونفسية، والكثير منهم لم يحصلوا على إعادة التأهيل أو العم بغرض الدمج بمجتمعاتهم. في 17 أغسطس/آب عقد البرلمان العراقي جلسة ثانية لمناقشة قرار التصديق على اتفاقية حقوق الأفراد أصحاب الإعاقة. هناك مشروعان لقوانين للإعاقة من شأنهما إنشاء هيئة وطنية للإشراف على قضايا المعاقين. لكن القوانين المقترحة فيها عدة مثالب تشمل صياغات غير متفقة مع اتفاقية حقوق الأفراد أصحاب الإعاقة.

الأطراف الدولية الرئيسية

أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حكمان هامان في 7 يوليو/تموز 2011 قضيا بالتزام بريطانيا بتنفيذ ما عليها من التزامات تخص حقوق الإنسان، بما ارتكبت من مخالفات في العراق، وأن بريطانيا خرقت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إذ أخفقت في التحقيق على النحو الملائم في مقتل خمسة عراقيين على يد القوات البريطانية في العراق، وأن احتجاز القوات البريطانية لعراقيين قد رقى لمستوى الاحتجاز التعسفي.

في 8 سبتمبر/أيلول خلص تحقيق بريطاني قائم منذ ثلاث سنوات في وفاة بهاء موسى، وهو عامل استقبال في فندق قُتل أثناء احتجازه طرف القوات البريطانية إثر تعرض الجنود البريطانيين له بانتهاكات، خلص إلى إدانة إجراءات الاحتجاز وإخفاقات القيادة وضعف التدريب وعدم الالتزام بالانضباط العسكري وضعف "الشجاعة الأدبية" في أوساط الجنود فلم يبلغوا عن الانتهاكات. أدين جندي بريطاني واحد فقط بجريمة على صلة بعملية القتل هذه، وحُكم عليه بالسجن لمدة عام.

في سبتمبر/أيلول أصدرت ويكيليكس آلاف الرسائل السرية من السفارة الأمريكية في بغداد، إحداها سلطت الضوء على نتائج تحقيق أمريكي عسكري في حادث وقع عام 2006 وفيه ربما قام جنود أمريكيون بتقييد وإعدام 10 مدنيين عراقيين على الأقل.

في يوليو/تموز، صوّت مجلس الأمن على تمديد ولاية بعثة مساعدة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) لمدة عام آخر. تقرير يونامي لعام 2010 عن حقوق الإنسان في العراق، الصادر في أغسطس/آب 2011، خلص إلى أن "ما زالت قوات الأمن وإدارة العدالة تعانيان من مشكلات كبرى، لا سيما فيما يخص توفير واحترام حقوق إجراءات التقاضي السليمة، والمحاكمات العادلة"، وأن "ما زالت حوادث الانتهاكات والتعذيب كثيرة".