(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن اعتزام المؤسسة العسكرية المصرية السيطرة على التحقيق في واقعة استخدام القوة ضد متظاهرين أقباط عُزل ليلة المصادمات في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2011 يثير المخاوف إزاء محاولة إخفاء حقيقة ما حدث. وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة – الحاكم العسكري لمصر – أن يحيل التحقيق في الواقعة من النيابة العسكرية إلى جهة تحقيق مستقلة ومحايدة تماماً، لتحقق في مقتل المتظاهرين العُزل على يد قوات من الجيش. أدى العنف إلى مقتل نحو 24 متظاهراً وماراً وإلى مقتل عنصر واحد على الأقل من الجيش.
قابلت هيومن رايتس ووتش 20 شخصاً شاركوا في المظاهرة كانت شهاداتهم متسقة، ومفادها أنه بين الساعة السادسة والسابعة من مساء 9 أكتوبر/تشرين الأول، قامت عربتان مدرعتان على الأقل بالسير بتهور وسط حشود المتظاهرين، وفي بعض الحالات على ما يبدو في محاولة متعمدة لمطاردة المتظاهرين. كانت تظاهرة آلاف الأقباط سلمية إلى تلك اللحظة، وكان رد الفعل العسكري بعد ذلك غير متناسب مع الحدث. قامت عربات مدرعة ثقيلة وضخمة بدهس وقتل 10 متظاهرين على الأقل، كما تبين من تقارير الطب الشرعي بعد ذلك.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا يمكن للجيش أن يحقق مع نفسه بأدنى قدر من المصداقية. كانت هذه بالأساس مظاهرة سلمية إلى أن استخدم الجيش القوة المفرطة وإلى أن دهست عربات عسكرية المتظاهرين. الأمل الوحيد لتحقيق العدالة للضحايا هو إجراء تحقيق مستقل ومدني، يتعاون معه الجيش تماماً ولا يتسنى له السيطرة عليه ويؤدي إلى الملاحقة القضائية للجناة والمسؤولين عما حدث".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن حتى الآن لم تتم محاكمة واحدة لأي من ضباط الجيش المسؤلين عن عشرات الحالات من التعذيب وثقتها هيومن رايتس ووتش هذا العام، وسبع حالات لسيدات خضعن لكشوفات العذرية على يد الجيش في 9 مارس/آذار، والاستخدام المفرط للقوة من قبل الجيش في السيطرة على التظاهرات. شملت هذه الوقائع حالات موثقة للتعذيب واستخدام مفرط للقوة أثناء السيطرة على التظاهرات، واعتداءات جنسية على محتجزات من خلال ما يُعرف باسم "كشف العذرية".
وقال اللواء عادل المرسي، رئيس القضاء العسكري في 13 أكتوبر/تشرين الأول إن النيابة العسكرية ستحقق في أحداث عنف 9 أكتوبر/تشرين الأول، عندما خرج الأقباط في مسيرة إلى مبنى التلفزيون الحكومي المعروف باسم ماسبيرو، احتجاجاً على إخفاق السلطات في معاقبة المسؤولين عن الهجوم على الكنائس. أكد مكتب النائب العام أن النيابة العامة لن تلعب أي دور في أي تحقيق. القضاء العسكرى لا يتمتع بالاستقلال لأن أعضاء النيابة العسكرية والقضاة العسكريون هم ضباط في الجيش ومن ثم فهم يخضعون لسلسلة القيادة العسكرية، ومن ثم فهم يتلقون أوامرهم من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع المشير طنطاوي، الذي يُعتبر صاحب السلطة التنفيذية الأعلى في مصر. المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس العسكري في 12 أكتوبر/تشرين الأول، وفيه أنكر اثنان من لواءات المجلس أي استخدام للذخيرة الحية أو وجود التعمد في دهس المتظاهرين، أظهر لماذا يُرجح أن التحقيق على يد الجيش – الخاضع لسلسلة القيادة العسكرية – سوف يؤدي إلى إفلات عناصر الجيش من العقاب، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
في المؤتمر الصحفي أعلن اللواء محمود حجازي واللواء عادل عمارة عن رواية الجيش لأحداث ماسبيرو، وقاما بتبرئة الجنود وأصر اللواء عمارة على أن القوات المسلحة لا يمكنها أبداً ولن تقوم أبداً بإطلاق النار على الشعب، وزعم اللواءان أن متظاهرين مسلحين هاجموا الجنود.
وقال اللواء عمارة إن الجنود الذين كانوا يقودون العربات المدرعة حاولوا تفادي المتظاهرين الذين راحوا يلقون عليهم قنابل المولوتوف، مضيفاً أن الجنود كانوا في حالة نفسية غير مسبوقة.
وأضاف: "لا يمكنني أن أنكر تعرض بعض الأشخاص للإصابة، لكن ليس بشكل منهجي".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن شهادات الشهود المتسقة فيما بينها والموثوقة وكذلك التغطيات الإعلامية المستقلة ومقاطع الفيديو الخاصة بالحدث تتعارض تماماً مع رواية الجيش للأحداث.
قبض الجيش على 28 شخصاً على الأقل، كلهم تقريباً من الأقباط، على صلة بالمصادمات، وأحيلوا إلى النيابة العسكرية. أمرت النيابة باحتجازهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات.
وتحت إصرار محاميّ حقوق الإنسان الذين يتعاونون مع أسر الضحايا، أجرى أطباء شرعيين من وزارة الصحة 24 عملية تشريح في 10 أكتوبر/تشرين الأول، وانتهوا في تقاريرهم المبدئية إلى أن 8 أشخاص ماتوا برصاصات و13 على إثر إصابات وكسور سببها الدهس بالعربات. الجثمان الثامن عشر مصاب بجرح قطعي بسكين كبير. لم يتم إجراء التشريح على أجساد 8 ضحايا آخرين، كانوا في مشارح مختلفة في ذلك التوقيت وتم دفنهم بعد ذلك.
بدأت مسيرة 9 أكتوبر/تشرين الأول حوالي الرابعة عصراً من حي شبرا شمالي القاهرة، ويسكنه الكثير من الأقباط، وخرج في المسيرة الآلاف من المتظاهرين الأقباط باتجاه مبنى الإذاعة والتلفزيون على نهر النيل. كانت هذه ثاني مظاهرة في ظرف أسبوع لأقباط احتجاجاً على إخفاق السلطات في التحقيق في إحراق كنيسة في الماريناب بمحافظة أسوان جنوبي مصر. كما طالب المتظاهرون بإقالة محافظ أسوان، الذي بدا أنه يبرر تدمير الكنيسة بعد أن صرح بأنها قد بُنيت بلا تصريح.
قام بعض السكان أثناء تحرك المسيرة برمي المتظاهرين بالحجارة، ورد عليهم بعض المتظاهرين، بإلقاء الحجارة أيضاً. في النهاية وصل المتظاهرون إلى مقصدهم، عند ماسبيرو، على الكورنيش. انضمت إليهم مجموعة أخرى من المتظاهرين كانت هناك بالفعل، تحاصرها الشرطة العسكرية والأمن المركزي. في ذلك التوقيت، حوالي السادسة مساءً، على حد قول الشهود، تم إطلاق أعيرة نارية في الهواء وعلى المتظاهرين، وإن لم يتمكن الشهود من معرفة المصدر تحديداً. وبدأت عربات مدرعة ناقلة للجنود تتحرك على امتداد شارع الكورنيش، وأحياناً ما تحركت فوق الأرصفة، لتدهس المتظاهرين أثناء سيرها.
داهم ضباط الجيش قناتين فضائيتين مستقلتين وأوقفوا بثها، هما قناة الحرة وقناة 25، ومقر كل من القناتين إلى جوار مبنى التلفزيون الحكومي. كانت القناتان تبثان تغطية للمصادمات.
وفي الوقت نفسه، أذاعت القناة الأولى المصرية وقناة النيل للأخبار وإذاعة راديو مصر، تقارير تزعم أن المتظاهرين الأقباط المسلحين أطلقوا النار على الجيش وقتلوا 3 جنود ودعوا "المواطنين الشرفاء" إلى "الدفاع عن الجيش من الهجوم". وقالت هيومن رايتس ووتش إن المواطنين نظروا إلى هذه الدعوات على أنها إشارة لمهاجمة الأقباط، ومن ثم فهي ترقى لمستوى التحريض على التمييز والعنف ضد الأقباط.
وقال حسام بهجت – مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – لـ هيومن رايتس ووتش إن بعد فترة قصيرة من بث القنوات الحكومية لهذه التقارير، صادف مجموعات من الرجال المسلحين في ثياب مدنية من حي بولاق، المجاور لماسبيرو، قالوا إنهم سمعوا أن الأقباط المسلحين يهاجمون الجيش. وقال بهجت لـ هيومن رايتس ووتش إنه شهد على هجمات على الأقباط تلك الليلة، من قبل أشخاص في ثياب مدنية.
بموجب القانون الدولي، يحق للجيش – بصفته جهة لإنفاذ القانون – أن يعتقل الأشخاص الذين يرتكبون أعمال العنف أو يعتدون على ضباط الشرطة أو الجيش. ويمكنه أيضاً استخدام القوة، لكن فقط بالقدر الضروري والمتناسب مع الحدث، من أجل السيطرة على الحشود. الأدلة الظاهرة من مقاطع الفيديو وشهادات الشهود لا تشير إلى وجود أي مبرر لاستخدام هذه القوة من قبل الجيش. تعمد استخدام الأسلحة النارية أمر قانوني فقط في حال كونه "لا بديل عنه لإنقاذ الأرواح"، وهو معيار يصعب تحققه، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
كما دعت هيومن رايتس ووتش إلى إجراء تحقيق في محاولات الجيش ووزارة الإعلام السيطرة على التغطية الإعلامية ووقف بث قناتين ، وكذلك تصريحات المذيعين بالتلفزيون التي ربما ترقى لكونها تحريض على العنف.
كما ينبغي على السلطات المصرية البحث في الأسباب الكامنة وراء تظاهرة 9 أكتوبر/تشرين الأول، وأن تعالج المظالم المشروعة للأقباط، على حد قول هيومن رايتس ووتش. تشمل هذه الشكاوى التمييز في حقهم في العبادة وعدم معاقبة الجناة والمحرضين على الهجمات على الكنائس وأشكال أخرى من العنف الطائفي. لقد بحثت هيومن رايتس ووتش في ثلاث وقائع عنف طائفي شملت هجمات لمسلمين على مسيحيين وكنائس، منذ خلع الرئيس حسني مبارك في فبراير/شباط 2011، ومرت هذه الوقائع دون عقاب.
وقع هجوم في 30 سبتمبر/أيلول على كنيسة مارجرجس في الماريناب، بمحافظة أسوان، أدى إلى مسيرة 9 أكتوبر/تشرين الأول. وكما حدث في وقائع سابقة، أخفقت الشرطة والنيابة العامة في التحقيق وأصرت على أنه يمكن تسوية الاختلافات عن طريق الجلسات غير الرسمية بين الطرف المشتبه به والطرف الواقع به الضرر.
إن الإخفاق في التحقيق والملاحقة القضائية هو استمرار لسياسات مبارك الرسمية، عندما كانت السلطات لا توفر الإنصاف والتعويض لضحايا العنف الطائفي، وتلجأ إلى التسويات البعيدة عن القنوات القانونية لتسوية الخلافات، وتقلل من شأن حوادث العنف الطائفي المتكررة وتشير إليها على أنها خلافات شخصية لا علاقة لها بالاختلافات الدينية.
إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر دولة طرف فيه، يُلزم الدول بتوفير التعويض والإنصاف الفعالين على انتهاكات حقوق الإنسان. لابد من إجراء التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة بشكل فوري ومستقل ومحايد.
وقال جو ستورك: "يبدو أن الجنرالات يُصرون على أن يحققوا هم وحدهم في أحداث ماسبيرو، وذلك لضمان عدم إجراء تحقيق جاد". وتابع: "لقد حاول الجيش بالفعل السيطرة على الرواية الإعلامية للأحداث، ويجب ألا يتسنى له تغطية وإخفاء ما حدث في 9 أكتوبر/تشرين الأول".
مذبحة ماسبيرو
قابلت هيومن رايتس ووتش 20 شاهداً من المتظاهرين. وأكدت شهاداتهم – بالإضافة إلى مقاطع فيديو عديدة من مصادر إعلامية مستقلة مثل قناة التحرير والعربية ويورونيوز والسي إن إن ومقاطع فيديو من تصوير المتظاهرين – أن عربتين اثنتين على الأقل من عربات نقل الجنود المدرعة دخلت في وسط الحشد ودهست متظاهرين.
قال ريمون حناوي – ممثل – إنه ومتظاهرين آخرين كانوا يقتربون من ماسبيرو من الجهة الجنوبية للكورنيش، عندما تقدم منهم جنود يحملون الهراوات ليدفعوهم إلى الخلف، وأطلق جنود آخرون النار في الهواء. ثم قام المتظاهرون بمهاجمة عربتان عسكريتان خاليتان من الركاب كانتا متوقفتان إلى جوار النيل، بالعصي الخشبية والقضبان المعدنية. قال حناوي: "تقدم الجنود المجاورون لماسبيرو إلى جانب الطريق وتركوا عربتان مدرعتان تتقدمان. تقدمت العربتان بسرعة كبيرة نحونا. الأقرب إلى النهر صعدت الرصيف وراحوا [من هم داخل العربة] يطلقون النار على المتظاهرين. رأيت شخصاً يُصاب".
قال حناوي إن الحشد قام بعد ذلك بمهاجمة عربة أخرى راحت تقترب على الكورينش، وأشعلوا تحتها عبوة وقود فاشتعلت فيها النيران. هرب الجنديان اللذان كانا داخلها. ضرب المتظاهرون أحدهما، وأنقذه أحد القساوسة. فر الآخر باتجاه ماسبيرو. قال حناوي لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى عربة عسكرية تضرب رجلاً بالقرب من الكوبري، ثم رأى أربع جثث راقدة في مدخل بناية على الكورنيش.
هاني كمال، محامي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه وصل إلى فندق هيلتون رمسيس جنوب ماسبيرو مباشرة، حوالي الساعة السادسة مساءً. قال: "رأيت عربتان مدرعتان تجريان بجنون بسرعة عالية جداً. رأيت أن فوق أحدها جندي يطلق النار من مدفع آلي على المتظاهرين. أول جسد أراه كان لرجل حُطم رأسه تماماً. راح الناس يصرخون: مخه خرج، مخه خرج... جريت نحو شارع الجلاء وهناك رأيت جثماناً ثانياً. كان الناس يرفعونه على أكتافهم. لا أعرف إن كان السبب رصاصة أو أن سيارة مرت عليه".
قال ميلاد إبراهيم لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى الجنود فوق عربة مدرعة يطلقون النار على شقيقه، مينا، في الجزء العلوي من صدره. قال إبراهيم إن المشاكل بدأت عندما اقترب متظاهرو شبرا من شارع رمسيس، نحو وسط البلد، من ماسبيرو. قال: "ألقى المدنيون الحجارة [على المتظاهرين] من فوق الأسطح. كما ألقى جنود الأمن المركزي الحجارة علينا. عندما وصلنا ماسبيرو وجدنا المدرعات تدهس الناس بجنون وتعبر الرصيف من اتجاه إلى الاتجاه الآخر، إلى حيث يقف الناس. جري مينا نحو واحدة من هذه العربات لكن تم إطلاق النار عليه".
لبنى درويش، باحثة علم نفس، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن نحو السادسة مساءً تقدمت صفوف من جنود الجيش والأمن المركزي سيراً على الأقدام في اتجاه المتظاهرين أمام ماسبيرو، وأطلقوا الرصاص في الهواء. قالت: "بدأ إطلاق النار يتحول إلى التصويب باتجاه الأجساد. بدأت أجري لأرى أين أصدقائي، لكن كل الناس كانوا يجرون وجنود الجيش والأمن المركزي يحيطون بنا من كل الاتجاهات. فجأة راح الناس يصرخون فينا أن نقف على الرصيف. رأيت مدرعات تجري بسرعة كبيرة في شارع ممتلئ بالناس، تتقدم إلى الأمام وتعود للخلف في خط سير متعرج، تعبر الرصيف من اتجاه للآخر وتسحق الناس. رأيت أطفالاً في سن 14 و15 عاماً يختبئون وراء سيارة مركونة، فتقدمت عربة مدرعة من هذه السيارة فسحقتها وسحقت أحد الصبية بينما هرب الآخرون".
قالت لبنى درويش إن ثلاثة عربات مدرعة فرت، لكن عندما أبطأت واحدة تجمع الناس حولها وألقوا عليها الحجارة وكشافات المرور المكسورة وأشعلوا فيها النار. وقالت: "بعض الناس راحوا يصرخون: وقفوا الطوب.. اخرجوا، اخرجوا، اخرجوا.. للجندي داخل المدرعة. عندما خرج ضربه الناس. فيما بعد رأيت هذا الجندي يهرب في حماية اثنين من الرجال الكبار". قالت إن الجنود أطلقوا الغاز المسيل للدموع على الكورنيش.
وقالت لبنى درويش إنها رأت قنبلة مولوتوف تُلقى من الكوبري لكن لم تر من يرميها. قالت إنها رأت جثة رجل في الشارع مصاب بطلقات عديدة في صدره. وداخل بناية قريبة رأت جثة أخرى مصابة في الصدر وجثتان على الأرض، واحدة لرجل بالغ مصاب في صدره والأخرى لصبي تعرض رأسه وصدره للسحق. قالت إنها رأت فيما بعد رجلاً يُصاب بعيار ناري في الشارع مع إلقاء المتظاهرين الحجارة على الجنود الواقفين على الكوبري القريب.
وقالت درويش لـ هيومن رايتس ووتش إنها تقدمت من امرأة تبكي أصيب زوجها برصاصة في صدره. وصلت سيارة إسعاف وأعلن المسعفون أنه مات. فيما بعد، صادفت لبنى مجموعة من الرجال في ثياب مدنية يحملون ما وصفته بأنه سيف، ويرددون شعارات مناهضة للمسيحيين.
سارة كار، صحفية، وصفت المسيرة من البداية إلى النهاية. كتبت في المصري اليوم (الطبعة الإنجليزية) أنه مع اقتراب المتظاهرين من تقاطع الكورنيش مع هيلتون رمسيس، "ووجهوا على الفور بإطلاق النار في الهواء".
وكتبت: "فجأة، ظهرت موجة كبيرة من الناس الذين راحوا ينسحبون إلى الخلف... بدأت عربتان مدرعتان في التحرك بسرعة مخيفة وسط المتظاهرين، الذين رموا أنفسهم بعيداً عن مسارها. كان هناك جندي فوق إحدى العربات وفي يده بندقية، وراح يديرها في كل الاتجاهات بجنون، مطلقاً النار بشكل عشوائي. صعدت عربة مدرعة الرصيف الذي يتوسط الشارع، كحيوان جن جنونه. رأيت مجموعة من الناس يختفون، تشفطهم المدرعة تحتها. مرت فوقهم. لم أتمكن من رؤية ما حدث لهم لأنها بدأت تتقدم في اتجاهي".
وقال أكرم قرقر، الذي أظهر لـ هيومن رايتس ووتش إصابة في ذراعه، إنه انضم للمسيرة من شبرا إلى ماسبيرو في الساعة الخامسة مساءً. "وصلت إلى ماسبيرو في السادسة وما إن وصلنا حتى بدأ الجيش في الصياح: مجرمين، كفرة.. لا أعرف كيف بدأ الموضوع. فجأة رأيت أحد العسكريين يطلق النار علينا، ثم بدأوا في الجري خلفنا بعصيهم. ثم بدأت العربات المدرعة تتحرك بسرعة عالية لتدهس المتظاهرين".
بيشوي رمزي، وكان يحمل العكازات بسبب كسر سابق في فخذه الأيسر، قال إن المتظاهرين لجأوا إلى الرصيف، وأن المرور كان يسير بشكل طبيعي في الشارع، ثم قام رجال في ثياب مدنية يحملون ما وصفه بأنها سيوف وسلاح أبيض، بمهاجمة المتظاهرين في ميدان عبد المنعم رياض، أمام فندق هيلتون رمسيس، على مسافة مربع واحد تقريباً من ماسبيرو. قال: "كنا نردد الشعارات ونصفق بأيدينا، ثم فجأة بدأ الجيش في إطلاق النار علينا. ركضوا خلفنا بالعصي. أصيب الناس بالهلع. سقطت على الأرض بسبب التدافع. أحاط بي 15 جندياً وسقط إلى جواري 4 رجال آخرين. ضربني الجنود على رأسي وساقي وفخذي بالعصي. تقدم متظاهرون آخرون وأخذونا بعيدا عنهم. أخذوني إلى مقهى مجاور لماسبيرو. رحت أنزف بغزارة من ساقي اليسرى". في التاسعة مساءً، ألقت قوات الأمن غاز مسيل للدموع وصل دخانه للمقهى، على حد قول رمزي. نقله صديق على متن دراجة بخارية إلى المستشفى القبطي في شارع رمسيس.
عاطف، متظاهر قبطي لم يرغب في ذكر اسمه بالكامل، قال إن الجنود أطلقوا النار في الهواء لدى وصول المتظاهرين إلى ماسبيرو، وأنه سمع أحد الجنود يصيح من داخل مدرعة: "لن أترك أحداً منكم حياً يا مسيحيين، يا ولاد الكلب". قال: "جرينا مبتعدين لكن استمر آخرون في السير ثم بدأ إطلاق النار. فجأة تقدمت منا مدرعات مسرعة ودهست الكثيرين منا ثم عبرت الرصيف إلى الاتجاه الآخر. بدأنا نجري نحو عبد المنعم رياض، لكن البلطجية هناك كان معهم سيوف وجروا خلفنا. رأيت ضابط جيش يمسك بفتاة كانت معنا في المظاهرة، ويرميها على الرصيف، ويضربها على خصرها. كانت قوات الأمن المركزي مجاورة للهيلتون. لم يتورطوا في أي عنف. فعل الجيش كل شيء".
سامي، متظاهر قبطي آخر لم يرغب في ذكر اسمه كاملاً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يسير في الطريق الواقع خلف هيلتون رمسيس، عندما اندلع العنف وبدأ الجنود في الاعتداء على المتظاهرين بالعصي. قال: "ثم سمعت أعيرة نارية، لم أعرف من أي اتجاه. تحركنا عائدين إلى الهيلتون ثم راحت تلك العربات المدرعة تتقدم بسرعة منّا على الكورنيش، وتقدمت بخط متعرج في محاولة لمطاردة الناس. بعض الشباب حاولوا الاختفاء وراء سيارة، لكن تقدمت منهم مدرعة وسحقت العربة".
القانون الدولي الخاص بالتحقيقات العسكرية الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان
في مسودة مبادئ القضاء العسكري التي تبنتها لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ورد في المبدأ رقم 9 أن: "في كل الظروف، لابد أن يُنحى جانباً اختصاص المحاكم العسكرية لصالح الاختصاص القضائي للمحاكم الطبيعية في إجراء التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، مثل أعمال القتل بمعزل عن القضاء، والاختفاء القسري والتعذيب، وأن يُلاحق ويُحاكم الأفراد المتهمين بهذه الجرائم أمام القضاء الطبيعي".
وكان موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هو أن المحاكمات أمام القضاء العسكري تثير الشكوك في تحقق العدالة. في قضية "فيندلي ضد بريطانيا" رأت المحكمة أن حُكم القضاء العسكري لم يكن مستقلاً أو محايداً لأن أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم هم مرؤوسون للضابط الخاضع للمحاكمة، وله سلطة تغيير أي قرار تتوصل إليه المحكمة. في قضية "السكيني وآخرون ضد بريطانيا" كان قرار المحكمة:
حتى يكون التحقيق في القتل غير القانوني من قبل موظفي الدولة فعالاً، فمن الضروري أن يكون الأشخاص المسؤولين عنه وعن تنفيذه خارج نطاق التحقيق، كي يكون التحقيق مستقلاً عن المتورطين في الأحداث. هذا لا يعني فقط التأكد من عدم وجود صلة بهرم القيادة أو صلة مؤسسية في التحقيق، بل أن يكون التحقيق مستقلاً بشكل حقيقي.
وفي قضية "سليمان ضد السودان"، رأت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن القضاء العسكري غير محايد، وأكدت على أن المحاكم العسكرية لابد ألا يُتاح لها سوى "النظر في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية الخالصة التي يرتكبها عناصر من الجيش" و"يجب ألا تتعامل مع الجرائم التي تعتبر خاضعة للقضاء الطبيعي".
خلفية عن التظاهرة: إحراق كنيسة مارجرجس في الماريناب، إدفو، في 30 سبتمبر/أيلول 2011
في 30 سبتمبر/أيلول، قامت مجموعة من السكان المسلمين لقرية الماريناب، بالقرب من أدفو فى جنوب مصر ، بإحراق كنيسة مارجرجس أثناء إعادة بناءها، مما ألحق الدمار بجدرانها وقبابها وأعمدتها. المشاركون في الهجوم يرون أن هذا المكان "استراحة" وأن المسيحيين ليس معهم التصريح بالعبادة فيها، واعترضوا على ارتفاع برج المبنى الذي كان عليه صليباً وجرساً.
إلا أن "لجنة العدالة" التي عينتها الحكومة في أعقاب العنف الطائفي في إمبابة بالقاهرة في شهر مايو/أيار الماضي، أكدت أن السلطات الكنسية المحلية لديها ترخيص كنيسة لهذا المبنى. وأكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي قالت إنها فحصت الوثائق التي تُظهر حصول الأقباط على تصريح حكومي ببناء الكنيسة.
قابلت سلطات الكنيسة المحلية سكان مسلمين بتشجيع من مسؤول أمني، واتفقوا على خفض ارتفاع البناية وإنزال الصليب والجرس، على حد قول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. لكن قبل انتهاء التعديلات، قامت تجمعات من الأفراد بمهاجمة الكنيسة.
وبدا مصطفى السيد – المحافظ المُعين من المجلس العسكري لمحافظة أسوان – أنه يبرر هجوم المسلمين، كون المبنى لم يكن في الأصل كنيسة بل مركز خدمة للمسيحيين في المنطقة. لجنة العدل الوزارية أجرت بعثة تقصي حقائق في إدفو وقدمت تقريرها للحكومة في 4 أكتوبر/تشرين الأول، أوصت فيه بإقالة المحافظ ومقاضاة المسؤولين عن تدمير الكنيسة، وإعادة بناء الكنيسة على نفقة الدولة. لم يتم اتخاذ أي إجراءات.
نمط من الإفلات من العقاب على جرائم العنف الطائفي
العنف الطائفي ليس بالظاهرة الجديدة في مصر. على مدار الفترة من يناير/كانون الثاني 2008 حتى يناير/كانون الثاني 2010، وثقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 53 حالة عنف طائفي، في 17 من محافظات مصر الـ 29. أغلبها كانت هجمات من مجموعات من المسلمين على مسيحيين وكنائس أو ممتلكات مسيحية. أغلب هذه الهجمات – على حد قول المبادرة – كانت إما اعتداءات على مسيحيين بسبب ممارستهم لشعائرهم الدينية أو انتقام جماعي مزعوم من تعديات حقيقية أو مُتصورة يُحمّل المجتمع المسيحي بأكمله مسؤوليتها. وأشارت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "الكثير من مسؤولي الدولة، من ضباط الأمن والمشرعين، ينكرون وجود العنف الطائفي في مصر"، مضيفة أن هناك آخرين يقللون من شأن هذه الظاهرة.
ومنذ خلع الرئيس حسني مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، يستمر إنكار الحكومة المزمن وسوء إدارتها للعنف الطائفي الذي اتسم به نظام مبارك. وكانت مظاهرات الجماعات الإسلامية على بناء الكنائس وتجديدها مصدراً أساسياً للاحتكاك والعنف. بموجب القانون القائم، لابد أن يحصل المسيحيون على موافقة من الرئيس وتصديق من المجتمع المسلم المحلي قبل البدء في تجديد أو بناء الكنائس. في 8 مايو/أيار، إثر حادث دموي في إمبابة خلف 12 قتيلاً، تعهد وزير العدل عبد العزيز الجندي "بالضرب بيد من حديد" على من يسعون للتلاعب بأمن الوطن. وقال إن الحكومة ستتحرك على الفور وبشكل حازم لتنفيذ القوانين التي تجرم الهجمات ضد أماكن العبادة والتي تكفل حرية المعتقد الديني.
وفي 11 مايو/أيار أعلنت الحكومة عن مجموعة إجراءات للتصدي لمشكلة الطائفية في مصر. شملت هذه الإجراءات وعداً بالتحقيق في الهجمات على الكنائس في صول وأطفيح، وسن قانون لتجريم التمييز، وتغيير القوانين التي تميز ضد المسيحيين في مجال بناء الكنائس، وإنشاء لجنة خاصة للتصدي لمشكلة العنف الطائفي.
كما قال الجندي إن النيابة سوف تستخدم القانون الطبيعي ولن تلجأ لقوانين استثنائية أو قانون الطوارئ، في معرض التصدي للعنف الطائفي. ورغم تصريحاته، ففي القضيتين اللتين حققت فيهما الحكومة، تمت إحالة المشتبه بهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، التي لا تفي بالمعايير الخاصة بالمحاكمة العادلة، أو تسمح بالحق في الاستئناف. ورغم وعوده، أخفقت النيابة في التحقيق في تدمير كنيسة الماريناب في 30 سبتمبر/أيلول، والتي أشعلت شرارة تظاهرة 9 أكتوبر/تشرين الأول في القاهرة.
وتبينت هيومن رايتس ووتش أنه رغم الوعود من أعلى المستويات بإنهاء الإفلات من العقاب على العنف الطائفي، فإن في بعض القضايا في فترة ما بعد مبارك لم تستجوب النيابة العامة المشتبهين، وفي حالات أخرى تم اللجوء لجلسات صلح غير رسمية بدلاً من اللجوء للإجراءات القانونية. اتفاقات الصلح عادة ما تنتهي بموافقة الضحية على التنازل عن الشكوى القضائية مقابل تعويض مالي.
وفي حالتين، تعاملت محاكم أمن الدولة طوارئ في القضية، وهيومن رايتس ووتش تعارض بقوة هذه المحكمة لأنها مُشكلة بموجب قانون الطوارئ الذي لا يفي بمعايير المحاكمة العادلة ولا تنص على الحق في الاستئناف.
أطفيح، 4 مارس/آذار
في 4 مارس/آذار قام حشد من الناس بمهاجمة وإحراق كنيسة الشهيدين في بلدة أطفيح، 15 ميلاً جنوب القاهرة. بعد يومين، أمر المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بإعادة بناء الكنيسة على نفقة الحكومة.
وقال محاميان يعملان لصالح الكنيسة لـ هيومن رايتس ووتش إنهما قدما في 7 مارس/آذار أسماء نحو 100 مشتبه بهم وأدلة على مقاطع فيديو تدل على الإحراق، لمكتب النيابة العامة في الصف. قالا إن الفيديو يُظهر أشخاص يمكن التعرف عليهم، يحرضون وينفذون عملية التدمير، على حد قول المحاميين. قالا إنه لم تتم ملاحقة أحد قضائياً.
وقال أحد المحاميين: "ليست هذه من القضايا التي لا تُتاح فيها للنيابة معلومات. لقد رفض النائب العام ببساطة اتخاذ قرار فيها".
المقطم، 8 مارس/آذار
في 8 مارس/آذار نظم المسيحيون في ضاحية المقطم شرقي القاهرة مسيرة احتجاجاً على إحراق كنيسة أطفيح. أوقفوا الطريق الرئيسية التي تمر بحيهم السكني لمدة ساعتين. هاجم حشد من الأشخاص المتظاهرين، واندلعت أعمال القتال وإطلاق النار. مات 13 شخصاً، طبقاً لصحيفة الأهرام الحكومية، وطبقاً لوزارة الصحة. من هاجموا المتظاهرين أشعلوا النار في عدة بيوت ومتاجر مسيحية.
حاصر السكان المسيحيون 11 رجلاً مسلماً حاولوا إحراق أحد المتاجر وسلموا الرجال لضابط من الجيش كان في مسرح الأحداث. في 15 مارس/آذار قال محامو الكنيسة إنهم قدموا قائمة بالرجال المسلمين الـ 11 لمكتب نيابة القاهرة وتقدموا بشكوى رسمية. لم يتم استدعاء أي منهم للاستجواب حتى شهر مايو/أيار، على حد قول المحامين.
قنا، 20 مارس/آذار
في 20 مارس/آذار قام مجهولون بإشعال النار في شقة يملكها هاني أنور متري، مُدرّس، كان قد أجّرها لثلاث نساء. بعد إطفاء الحريق، أمضى متري يومه في حالة من الحذر البالغ، على حد قوله لـ هيومن رايتس ووتش. قال إن ثلاثة رجال تعرف فيهم على أنهم سلفيين قاموا بزيارته، واتهموه بتأجير الشقة لعاهرات. بعد ذلك دخل 20 رجلاً الشقة وضربوه وقطعوا أذنه.
تقدم متري بهذه الرواية للحادث للشرطة في اليوم التالي. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المعتدين المزعومين بدأوا وقتها في تهديد أقاربه كي يغير روايته. قال وكيل النيابة لمتري إن المعتدين المزعومين سيتم استدعاءهم للتحقيق، لكن متري ومحاميه قالا إن هذا لم يحدث.
وفي غياب أي خطوات من قبل السلطات للقبض على الجناة، وخوفاً من الانتقام، حضر متري جلسة صلح مع ممثلين عن الـ 12 رجلاً الذين اعتدوا عليه، وحضرها أيضاً قساوسة من الأقباط. وقال متري: "كان الصلح باختصار أن أتنازل عن الاتهامات لكن لا أحصل على تعويض في المقابل". وقد وافق على الصلح من واقع الخوف، كما قال.
وفي 27 مارس/آذار سافر متري إلى القاهرة لمقابلة أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر، أهم مؤسسة إسلامية في مصر، الذي وعده بسداد نفقات الجراحة اللازمة لعلاج أذنه. قال متري لـ هيومن رايتس ووتش إنه قرر العودة إلى قنا وتمويل عمليته الجراحية بنفسه لأنه "لا أعتقد أن المستشفى كان جيداً".
هجمات تم النظر فيها أمام محكمة أمن الدولة
إمبابة، 7 مايو/أيار
قام سكان مسلمون – عرفتهم الصحافة وتقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأنهم سلفيون – بمهاجمة كنيسة مارمينا وكنيسة العذراء في إمبابة يوم 7 مايو/أيار. قامت المجموعة بإحراق كنيسة العذراء وألحقوا بها الضرر البالغ. وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن قوات الأمن "كانت تعرف مقدماً أن هناك مجموعات من السلفيين مجتمعة أمام مارمينا في إمبابة، لكن لم تتوقع الأحداث – رغم وجود أدلة توحي باحتمال بدء العنف".
انتهت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن الشرطة المكلفة بحماية كنيسة العذراء "هربت لدى وصول المعتدين". وقالت المبادرة إنه طبقاً لأدلة جمعتها: "تركت قوات الشرطة في مسرح الأحداث المسؤولية في التدخل للجيش بالكامل، الذي أخبر الضحايا أن دوره يقتصر على تأمين الكنيسة، والأوامر الصادرة له لا تشمل الاشتباك مع السكان". تم تخريب العديد من البيوت والمتاجر المسيحية أيضاً.
ما يبدو أنه سبب اشتعال شرارة الحادث هو زعم بعض السكان المسلمين في إمبابة بأن هناك امرأة مسيحية تحولت إلى الإسلام ومحتجزة رغم إرادتها داخل كنيسة مارمينا. أمر المجلس الأعلى بإعادة بناء كنيسة العذراء ودفع نفقات إعادة البناء. وتم وضع 48 مشتبهاً على ذمة المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ.
أبو قرقاص، 19 أبريل/نيسان
في 19 أبريل/نيسان في مدينة أبو قرقاص 120 ميلاً جنوبي القاهرة، نشب خلاف بين سائق ميني باص مسلم وحرس لبيت شخصية سياسية مسيحية بارزة، تصاعد إلى أعمال عنف شارك فيها العشرات من المسلمين، على البيت وعلى متاجر يملكها مسيحيون. اندلعت أعمال الشغب وتم إحراق العشرات من بيوت ومتاجر المسيحيين. طبقاً للأهرام، مات في هذه الاضطرابات شخصان.
تفاصيل الحادث وملابساته مُختلف حولها. هناك محامي لمدعى عليه مسيحي في القضية، قال إن من قُتلوا كانوا مسلمين وأنهم ضحايا تبادل لإطلاق النار بين المسلمين تم إلقاء اللوم عليه فيما بعد على الحرس الأمني المسيحيين.
تجري الآن محاكمة عشرة مسلمين وثمانية مسيحيين، بينهم رجل السياسة المسيحي علاء رضا رشدي، صاحب البيت، أمام محكمة أمن الدولة طوارئ.