(القدس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على سلطات حماس في قطاع غزة أن تكف عن استدعاء واستجواب نشطاء المجتمع المدني واعتقالهم تعسفا، وأن تكف عن كل المضايقات الأخرى التي يبدو أنها تهدف إلى تخويفهم وإسكاتهم. كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على حماس أن تحترم حقوق هؤلاء النشطاء في حرية التعبير والتجمع.
في 14 أغسطس/آب 2011،قام جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس باعتقال الناشط الشاب محمد مطر المعروف باسم "أبو يزن"،والذي يبلغ من العمر 24 سنة، ولم يسمح لعائلته أو لأحد المحامين برؤيته لمدة 48 ساعة. وكان الأمن الداخلي قد استدعى محمد مطر وناشطة أخرى تُدعى إباء رزق عدة مرات لاستجوابهما حول سفرهما إلى فرنسا في شهر يونيو/حزيران في إطار برنامج تدريبي خاص بوسائل الإعلام الاجتماعية.
وفي 16 أغسطس/آب، فضّت قوات الأمن التابعة لحماس بالقوة مظاهرة صغيرة في غزة كانت تحتج على هجمات النظام السوري التي الفلسطينيين المقيمين في مخيم للاجئين في سوريا، كما قامت باعتقال عدد من المتظاهرين.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا كانت حماس ترغب في أن يتم التعامل معها كسلطة حاكمة ومسؤولة، فعليها الكف عن اضطهاد منتقديها السلميين في غزة".
وقامت قوات الأمن التابعة لحماس باعتقال الناشط محمد مطر عدة مرات خلال السنة الماضية. وقال محمد مطر إن سلطات حماس قامت باستجوابه واعتقاله بعد أن نشر صحبة 7 نشطاء آخرين "بيان شباب غزة" أواخر سنة 2010 والذي انتقد إسرائيل للحصار الذي تفرضه على غزة، وانتقد حماس لقمعها حرية التعبير. وكان محمد مطر أيضا أحد قياديي حركة 15 آذار التي قامت بتنظيم مظاهرات ضد الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حماس وغريمتها فتح في الضفة الغربية.
وفي واقعة بتاريخ 14 أغسطس/آب، قام عناصر الأمن الداخلي باعتقال محمد مطر عندما ذهب إلى المقر المركزي لجهاز الأمن في منطقة الأنصار بعد أن تسلم استدعاءً، وهو ثالث استدعاء يصله خلال هذا الشهر. ومنعته الأجهزة الأمنية من مقابلة أحد المحامين أو عائلته إلى أن تم إطلاق سراحه يوم 16 أغسطس/آب. وقالت أمهلـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن في مجمع الأنصار منعوا العائلة من رؤيته ورفضوا إيصال الأكل إليه. كما قال خليل شاهين لـ هيومن رايتس ووتش، وهو محامي لدى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن أعوان الأمن منعوه أيضا من الالتقاء بمحمد مطر.
وقال محمد مطر لـ هيومن رايتس ووتش أنه لم يتم الاعتداء عليه جسديًا أو إهانته ولكنه سُجن في زنزانة صغيرة جدا ولم يتمكن من الاستلقاء والنوم داخلها، كما وصف الأكل الذي تم تقديمه له بالسيئ جدا إلى درجة أنه تقيّأ عندما حاول أن يأكل منه. وأضاف أن أربعة محققينوجهوا له أسئلة تتعلق برحلته إلى فرنسا ومنظمات المجتمع المدني والمظاهرات التي حاول تنظيمها بما في ذلك المظاهرات الأسبوعية قرب المنطقة العازلة التي تفرضها إسرائيل في المنطقتين الشمالية والشرقية من غزة.
كما قال محمد مطر: "لقد أخذوا مني جميع كلمات السر الخاصة ببريدي الالكتروني وبصفحاتي على فايسبوك وتويتر ولم يُرجعوا لي بعدُ حاسوبي وهاتفي الخلوي" بعد أن قام أعوان الأمن بمصادرتهما خلال استجواب أولي في 7 أغسطس/آب. وتم استدعاء محمد مطر مجددا إلى مجمعالأنصار في 21 أغسطس/آب، ويُضيف: "لم أعد قادرا على إحصاء عدد المرات التي تم فيها إيقافي واستجوابي وفي كل الحالات فان ذلك تكرر لأكثر من 10 مرات منذ مارس/آذار."
وشارك محمد مطر وإباء رزق من 13 إلى 29 يونيو/حزيران في دورة تدريبية في باريس حول أنشطة وسائل الإعلام الاجتماعية نسقتها القنصلية الفرنسية في الضفة الغربية والمركز الثقافي الفرنسي في غزة. وعقب الدورة التدريبية، عاد محمد مطر إلى مصر، التي كان قد سافر منها إلى فرنسا، ولكن السلطات المصرية قامت بترحيله إلى غزة عبر معبر رفح يوم 29 يونيو/حزيران.
وعادت إباء رزق بعد ذلك إلى مصر، ورغم أن السلطات المصرية عادةً ما تقوم بترحيل الفلسطينيين إلى غزة مباشرة من مطار القاهرة، فإنها تمكنت من البقاء مع أقاربها في القاهرة قبل أن تعود إلى غزة في 27 يوليو/تموز. وقالت إباء رزق لـ هيومن رايتس ووتش أن سلطات حماس قامت باستجوابها لمدة ساعتين في معبر رفح ويبدو أنها علمت بأنشطة محمد مطر في باريس أثناء ذلك الاستجواب. كما أفادت إباء رزق بأن سلطات حماس قامت بمصادرة آلة تصويرها وقرص ذاكرة خارجي وكروت ذاكرة وكروت تشغيل هاتف خلوي (سيم كارد) وأغراض أخرى لم تقم بإرجاعها لها إلى حد الآن.
وقام جهاز الأمن الداخلي باستدعاء إباء رزق لاستجوابها في المقر المركزي بمنطقة الأنصار يومي 7 و9 أغسطس/آب وقامت بنفس الشيء مع محمد مطر يومي 7 و8 من نفس الشهر. وشمل الاستجواب أسئلة عن دورهما في حركة 15 آذار الاحتجاجية التي دعت إلى إنهاء الانقسام بين فتح وحماس، وعن نشاطهما على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وما إذا كانا التقيا بإسرائيليين أو "جواسيس" غربيين خلال رحلتهما إلى فرنسا. وقالت إباء رزق إن عناصر الأمن الداخلي منعوا محاميها من حضور الاستجواب وفرضوا عليها ارتداء الحجاب خلال التحقيقات، كما أكدت أنهم جلبوا لها سجادة صلاة لتغطي رجليها لأنها كانت ترتدي سروالا.
وقال محمد مطر وإباء رزق إن سلطات حماس كثفت منذ أشهر من مساءلة سكان غزة الذين يسافرون إلى بلدان غربية. ولم تتهم سلطات حماس محمد مطر وإباء رزق بارتكاب أية جريمة ولم تشر إلى الاشتباه في ضلوعهما في أنشطة إجرامية لكي يتم استجوابهما بهذا الشكل المتكرر. ولا علم لـ هيومن رايتس ووتش بأي دليل يثبت أن محمد مطر وإباء رزق قاما بالدعوة إلى احتجاجات عنيفة.
وفي تطور ذي صلة، التقت هيومن رايتس ووتش في 18 أغسطس/آب بعدد من الطلبة من غزة، يبلغون من العمر 16 سنة، حصلوا على منح من مؤسسة أميديست للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن حماس لم تسمح لهم بمغادرة غزة. وطلب هؤلاء الطلبة عدم ذكر أسمائهم. وأفاد الطلبة، وأكد ذلك بيان صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن وزير التربية في حكومة حماس علّل قرار عدم السماح للطلبة بمغادرة غزة بـ "أسباب اجتماعية وثقافية". وأضاف الطلبة أنهم سوف يخسرون المنح إذا لم تتراجع حماس عن قرارها بحلول 25 أغسطس/آب.
وقال جو ستورك: "يجب على حماس أن تشجع الشباب على البحث عن فرص تعليمية عوض منعهم بشكل تعسفي من السفر إلى الخارج من أجل الدراسة."
كما قامت حماس مساء 16 أغسطس/آب بتفريق محتجين بالقوة أثناء تجمعهم في منطقة الرمال بمدينة غزة ليتظاهروا مساندةً لسكان مخيم للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة اللاذقية السورية. وكان سكان المخيم، الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، قد شملتهم هجمات الحكومة السورية على المحتجين المناوئين للحكومة في المدينة.
ولاحظت هيومن رايتس ووتش قرابة ثلاثين شخصًا في هذا التجمع يرفعون ثلاثة أعلام سورية كبيرة ولكن قوات الأمن التابعة لحماس جاءت بعد ذلك بعشر دقائق واعتقلت العديد من المحتجين وزُجّ بهم في سيارات الأمن التي غادرت المكان. ولم تسجل هيومن رايتس ووتش أي أعمال عنف من قبل المتظاهرين خلال الدقائق القليلة التي سبقت وصول قوات الأمن وتفريق المظاهرة.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أحد المحتجين الموقوفين، طلب عدم ذكر اسمه:
فجأة بدأ أحدهم بضربي من الخلف مستعملا هراوة وأمسكني شرطي ودفعني داخل سيارة. وسألوني عن سبب وجودي في ذلك المكان ولما أعلمتهم أنني كنت أشارك في مظاهرة صفعني أحدهم على وجهي أربع مرات وهم يلعنوني ويشتمون أمي. وبحثوا في أسماء الأشخاص المسجلين في هاتفي الخلوي وطلبوا مني أن أتصل بأحد أصدقائي الذي كان أيضا في المظاهرة وأن أجعله يقول أنه كان فعلا في المظاهرة، ففعلتُ ما طلبوا مني.
أخذوني إلى مركز للشرطة ووضعوني في زنزانة وبعد ذلك بساعتين استجوبني أحد عناصر المباحث حول من كان يشارك في المظاهرة والى أي تنظيم أنتمي ومن هم عناصر هذا التنظيم، فأعلمته أنني فقط سمعت بوجود مظاهرة لمساندة الشعب السوري. وفي النهاية، وقبل أن يطلقوا سراحي، جعلوني أُوقع على التزام بعدم المشاركة في أي مظاهرة غير مرخص لها في المستقبل.
وقال مسؤولون في حماسإن منظمي الاحتجاج لم يحصلوا على ترخيص في لتنظيم المظاهرة. ولكن القانون الفلسطيني ينص فقط على ضرورة أن يقوم منظمو الاحتجاجات بإعلام الشرطة بالمسيرة قبل 48 ساعة من بدايتها.