Skip to main content

زار الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز واشنطن أوائل هذا الشهر، مباشرة عقب إعلان أن السلطات الإسرائيلية قد صدّقت على بناء المزيد من الوحدات السكنية للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية. خلال أسبوع توقفت فيه الولايات المتحدة لتأمل واستدعاء ذكرى اغتيال د.مارتن لوثر كينج، فلربما قام الرئيس بيريز بالتفكير في رسالة كينج - نهاية الفصل العنصري - ولماذا يبقى نظام كهذا من التفرقة العنصرية قائما في مكانه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

عودة إلى 1968، حين قُتل د.كينج، كان الجدل حول التمييز حيا وحقيقيا. توقفت معظم الحكومات منذ وقت طويل عن محاولات فصل الناس بناء على العرق أو الأصول القومية، سواء كان ذلك لمخاوف أمنية ظاهرية، مثل اعتقال اليابانيين الأمريكيين أثناء الحرب العالمية الثانية، أو تعصب قديم واضح، مثل قوانين جيك كرو في الجنوب الأمريكي.

حتى الآن في مناطق من الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث نقلت إسرائيل قرابة نصف مليون "مستوطن" يهودي، لا تكتفي إسرائيل بسن قوانين وسياسات تفصل بحسم اليهود عن الفلسطينيين، إنهم يتعمدون حرمان الفلسطينيين من معظم احتياجاتهم الأساسية، ويطردونهم في حالات كثيرة خارج مجتمعاتهم. بنظرة سريعة على التفرقة العنصرية الصارخة في سياساتها، تمد إسرائيل المستوطنين اليهود بالماء، والكهرباء، والمدارس، والمستشفيات والطرق، بينما تقيد بشدة وصول هذه الاحتياجات للفلسطينيين تحت حكمها. في الثالث من أبريل/نيسان، صدّقت إحدى لجان التخطيط على إنشاء 942 وحدة استيطان سكنية شرقيّ القدس وصدّق وزير الدفاع إيهود باراك على خطط إنشاء خمس مستوطنات أخرى.

دع جانبا الآن أن هذه المستوطنات غير قانونية وفقا لاتفاقيات جنيف لأنها على أراض محتلة. في ستين بالمائة من الضفة الغربية المعروفة "بالمنطقة ج" وفي القدس الشرقية، تحافظ إسرائيل على التحكم في حياة المستوطنين والفلسطينيين. في هذه الظروف، ينبغي على إسرائيل، وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أن تعامل الشعبين بمساواة. باستثناء اعتبار حقوق التصويت في إسرائيل، من المحظور أن تميز ضد الفلسطينيين لأنهم، بخلاف المستوطنين، لا يحملون المواطنة الإسرائيلية. حتى في القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل من طرف واحد ولم تعترف بذلك أي دولة أخرى، تُعرّض إسرائيل الفلسطينيين لسياسات وقوانين غير متكافئة بشكل صارخ - ليست فقط منفصلة، لكن غير متكافئة بشكل مزعج.

تبرر إسرائيل سياساتها بدوافع أمنية: أنه يجب عليها حماية المستوطنين. السلطات الإسرائيلية عليها بالفعل واجب حماية المواطنين - جميع المواطنين، أيا كان عرقهم أودينهم. لكن المخاوف الأمنية لا تسوغ معاملة كل رجل، وامرأة وطفل فلسطيني كتهديد. والمخاوف الأمنية لا تبرر الفصل المنظم للفلسطينيين عن اليهود، بالأكواخ والطرق القذرة لأحدهما، والفيلات الفسيحة وحمامات السباحة والطرق السريعة المرصوفة للآخر.

تقيد إسرائيل وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية إذا كانت قريبة من مستوطنة وتحدد مقدار ما يمكنهم تصديره. وهي تمنع الفلسطينيين من البناء أو توسيع منازلهم وتهدم تلك التي تم بناؤها دون تصريح - 430 مبنى العام الماضي فقط. وهي ترفض أن تتيح لهم فرص استخدام الماء الواقع تحت أرضهم،، أو شبكة الكهرباء، أو حتى الإذن بإنشاء ألوح شمسية؛ تنكر عليهم الحق في بناء مدارس أو عيادات طبية. لا شىء من هذا مسموح به في قرى فلسطينية عمرها قرن والتي تعيد إسرائيل تعريفها بأنها "مناطق عسكرية مغلقة"

مبررات إسرائيل الأمنية أقل بكثير من معايير القيود الضيقة والمحددة للغاية للمعاملة التفضيلية المسموح بها في ظل القانون الدولي بين الناس من أعراق مختلفة أو أصول قومية مختلفة.لا ينبغي للدولة أن تطبق هذه الوسائل بشكل قاطع ضد مجموعة سكانية كاملة ويجب أن تحصرها على أفراد محددين يشكلون تهديدا إن وُجد.

في الاستطلاعات الحديثة، تبين أن 63 بالمائة من اليهود الإسرائليين يدعمون توسع الاستيطان المستمر و34 بالمائة من اليهود الأمريكيين يعارضون تفكيك المستوطنات. حتى الآن كيف يمكن للإسرائيليين، الفخورين بالقيم الديمقراطية لدولتهم، أن يحتملوا نظام الاستيطان والذي ازدهر في تمييز عفا عليه الزمن وفقد مصداقيته ضد شعب يعيش جوارهم؟ ولماذا يدعم اليهود الأمريكان، والذين لديهم تاريخ من الارتباط العميق بحركة الحقوق المدنية الأمريكية بناء المستوطنات وفق هذه الأصناف من القوانين والسياسات في إسرائيل؟ يمكن أن تحدث اتفاقية سلام، أو لا، لكن في الوقت ذاته فإن معاملة إسرائيل التمييزية غير المتكافئة للفلسطينيين واليهود تسبب أذى ومعاناة هائلة في حياة كل فلسطيني يعيش تحت الحكم الإسرائيلي.

يمكن للمرء أن يتذمر ويتجاهل الموضوع برمته، لكن تورط المجتمع الدولي في نظام إسرائيل التمييزي يجعل من الصعب عليه أن يتغاضى عن المسئولية عن الإذلال والأذى الذي يفرضه هذا النظام على الفلسطينيين. عندما يستورد الاتحاد الأوروبي بضائع معفاة من الضرائب من الصوبات الزراعية في المستوطنات، والتي تستخدم ماء وأرضا لا يمكن للفلسطينيين الوصول إليها، ولا تدع المستهلكين يعرفون حتى مصدر هذه البضائع، فإنها تدعم هذا النظام. عندما تستثمر الشركات في زراعة وإنشاء المستوطنات على حساب حرمان الفلسطينيين من الموارد الأساسية، فإن هذه الشركات تساعد النظام على الازدهار. عندما تمنح حكومة الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية لإسرائيل، فإنها تعطي اعتمادات إسرائيلية للمستوطنات؛ عندما تمنح إعفاءات ضريبية للأعمال الخيرية التي تمول توسع الاستيطان، فهي تقوض معارضة الولايات المتحدةلسياسات التمييز والمستوطنات.

لهذا طالبت هيومن رايتس ووتش، التي وثّقت بشكل مستفيض هذه الممارسات التمييزية، الاتحاد الأوروبي بأن يسمي بوضوح بضائع منتجات المستوطنات، والشركات أن تُراجع نشاطاتها في المستوطنات، والولايات المتحدة أن تقتطع مساعدات عن إسرائيل تساوي ما تنفقه إسرائيل على المستوطنات وأن تقوم بفحص الإعفاءات الضريبية للجمعيات الخيرية المعنية بالاستيطان.

نحن لا نَفِي بوصية كينج عندما ندعم سياسات تكرس للتمييز العنصري والفصل، لا يهم كونها في أي مكان في العالم. المبادئ الكونية للمساواة أمام القانون واحدة وجميع الشعوب، اليهود أوالفلسطينيين، في الولايات المتحدة أو الإسرائيليين، يستحقون أن يتمتعوا بها.

 

سارة ليا ويتسن هي المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة