Skip to main content

إسرائيل: يجب تمديد الحظر المفروض على الاستيطان

تجدد أعمال البناء له تداعيات جسيمة على حقوق الإنسان

(القدس، 26 سبتمبر/أيلول 2010) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على إسرائيل أن تفرض حظراً تامّاً وشاملاً على أعمال البناء في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية. بناء إسرائيل للمستوطنات والبنية التحتية لهذه المستوطنات يخرق التزاماتها كقوة احتلال ويخرق حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك الحدّ ظلماً من قدرة الفلسطينيين على بناء المنازل والوصول إلى الأراضي، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

تجميد إسرائيل الجزئي على أعمال البناء الجديدة في المستوطنات – لا سيما أعمال البناء في القدس الشرقية أو باقي أجزاء الضفة الغربية، وهي الأعمال التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2009 – من المقرر أن ينتهي في 26 سبتمبر/أيلول 2010.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "القيادات الإسرائيلية تشير إلى التجميد المحدود على الاستيطان بصفته بطاقة تفاوض سياسية، بينما الإنشاءات الاستيطانية هي في واقع الأمر غير قانونية بموجب قوانين الاحتلال". وتابعت: "الاستيطان بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية مصدر كبير للمعاناة اليومية، والاستمرار في التوسع الاستيطاني لن يؤدي إلا لزيادة هذه المعاناة".

وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطط من شأنها السماح للمستوطنين ببناء 13 ألف وحدة سكنية جديدة ما إن ينتهي الحظر على الإنشاءات في المستوطنات، بما في ذلك 2066 وحدة سكنية على الأقل بدأت الأعمال التحضيرية الخاصة بها، وأصدرت لها السلطات البلدية بالفعل تصاريح البناء، طبقاً لصور ووثائق رسمية وثقتها منظمة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية. أغلب المستوطنات لا تنشر معلومات عن تصاريح البناء الممنوحة لها.

في مستوطنة بيتار إيليت، على سبيل المثال، بدأت الأعمال التحضيرية، أو منحت سلطات التخطيط تصاريح بناء 150 وحدة سكنية – بحسب ما أوردت منظمة "السلام الآن". بيتار إيليت من بين المستوطنات الأكبر والأسرع نمواً في الضفة الغربية. بين عاميّ 2001 و2009، اتسعت رقعة المباني في المستوطنة بواقع 55 في المائة، من 127 إلى 198 هكتاراً، طبقاً لتحليل للصور الفوتوغرافية الملتقطة من الجو، أجرته منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية.

بيتار إيليت مبنية فوق تلة تشرف على قرية نحالين الفلسطينية، وتعدادها نحو سبعة آلاف نسمة. ومع توسع بيتار إيليت، منعت القيود الإسرائيلية عملاً قرية نحالين من التوسع لمدة 15 عاماً، مما حال دون توفر المساحة اللازمة لمواكبة النمو السكاني واحتياجات الإسكان الجديدة.

بموجب "اتفاقات أوسلو" بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، يمكن للسلطات الفلسطينية إصدار تصاريح بناء فقط للمباني داخل منطقة نحالين، على حال مبانيها حتى عام 1995، والستمائة هكتار المحيطة برقعة المباني، من الأراضي الزراعية التي يملكها سكان القرية، تقع تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة. قال سكان القرية لـ هيومن رايتس ووتش إنه من المستحيل الحصول على تصاريح إسرائيلية ببناء البيوت خارج منطقة بنايات نحالين الحالية، وأن أرض المباني لم تعد كافية لاستيعاب الإنشاءات السكنية الجديدة. وقامت السلطات العسكرية الإسرائيلية بإزالة إنشاءات "غير قانونية" من قبل سكان بالقرية وأمرتهم بإزالة التحسينات الطارئة على الأراضي الزراعية، مثل المسالك المُمهدة وسط المزروعات والأسوار والأشجار، وإلا تعرضوا لإجراءات الهدم والغرامات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "نسمع كثيراً من القيادات الإسرائيلية عن احتياجات "النمو الطبيعي" للمستوطنين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة، لكن لا نسمع كلمة واحدة عن الرفض القائم لاستيعاب احتياجات النمو الطبيعي للفلسطينيين في المنطقة". وأضافت: "العائلات الفلسطينية مُضطرة إلى العيش في مساكن مزدحمة، ويُجبرون أحياناً على مغادرة قراهم، بينما يشاهدون المستوطنات القريبة منهم تتوسع بلا حدود".

فضلاً عن أن إحصاءات الحكومة الإسرائيلية أظهرت أن جزءاً كبيراً من النمو السكاني الاستيطاني ناتج عن هجرة اليهود إلى المنطقة وليس "النمو الطبيعي". في عام 2008، زاد تعداد سكان المستوطنات بنسبة 5 في المائة، بينما النسبة داخل إسرائيل كانت 1.8 في المائة. وطبقاً لمنظمة "السلام الآن"، فإن المهاجرين بلغوا 37 في المائة من النمو الاستيطاني في عام 2007.

قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق تلويث صرف مجاري حي جنوب بيتار إيليت لأحد منابع المياه العذبة في نحالين، وقتله لأشجار الزيتون والكروم. إجمالاً، طبقاً لبتسيلم، فإن المستوطنات تنتج 5.5 مليون متر مكعب من مياه الصرف غير المُعالج سنوياً، مع إضرار الصرف غير المعالج الخاص بالمستوطنين بالمجتمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية.

وقام مستوطنون آخرون بتقييد حرية الفلسطينيين في التنقل والوصول إلى أراضٍ يعتمدون عليها في كسب الدخل. على سبيل المثال، في مستوطنة تالمون، منحت السلطات الإسرائيلية تصاريح بناء لسبعين وحدة سكنية ووافقت على خطط بـ 488 وحدة أخرى، طبقاً لمنظمة "السلام الآن".

إنشاءات "تالمون" نفسها قطعت الطريق الواصلة بين قرية فلسطينية قريبة تُدعى الجانيه، إلى مدينة رام الله، حيث يعمل الكثير من السكان ويبيعون منتجاتهم الزراعية. سكان القرية الممنوعين من دخول المستوطنة، يسلكون الآن مساراً غير مباشر إلى رام الله، يستغرق أكثر من ضعفيّ الوقت الذي يستغرقه الطريق المباشر.

وفي عام 2000 قامت مستوطنة تالمون بضم جزء من الطريق – يستخدمه الفلسطينيون من الجانيه الآن لبلوغ أشجار الزيتون – إلى زمام المستوطنة وإحاطته بسور وإغلاقه ببوابة. للارتحال على هذه الطريق، أصبح مطلوباً من السكان تصريحاً خاصاً من الجيش الإسرائيلي، ولا يُمنح إلا خلال أسابيع محدودة كل عام. الجيش الإسرائيلي يمنع سكان القرية من الوصول إلى نحو 73 هكتاراً من أراضيهم الزراعية القريبة من تالمون وحدودها دون تصريح خاص. وقال بعض سكان القرية لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان من المستحيل زراعة وحصاد أشجار الزيتون أثناء المدد القصيرة التي تخرج بها التصاريح. منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية رفعت قضية من أجل منع تالمون من التوسع أكثر. ويُنطق بالحُكم في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن القيود الإسرائيلية غير المبررة على قدرة الفلسطينيين على بناء مساكن جديدة أو تحسين قدرتهم على بلوغ أراضيهم الزراعية – بما في ذلك السياسات التمييزية المُشجعة للمستوطنين على البناء في نفس هذه المناطق – تخرق حقوق الفلسطينيين في السكن وفي حرية التنقل

بالإضافة إلى خرق حقوق الفلسطينيين الإنسانية جراء التوسع الاستيطاني في حد ذاته، فإن البنية التحتية التي بنتها إسرائيل لتوفير الخدمات للمستوطنين ولحمايتهم، أضرت بالفلسطينيين كثيراً.

أكبر مستوطنة في الضفة الغربية، مودين إيليت، تعتبر بدورها من أسرع المستوطنات نموّاً. بين عاميّ 2001 و2009 اتسعت رقعة المباني فيها بنسبة 78 في المائة، من 129 هكتاراً إلى 229 هكتاراً. ومنحت السلطات الإسرائيلية تصاريح البناء بالفعل وبدأ التحضير للبناء لصالح 260 منزلاً جديداً في مودين إيليت.

مودين إيليت تقع غربيّ قرية بلعين الفلسطينية مباشرة، وقد شيّد الجيش الإسرائيلي عازلاً بين المستوطنة والقرية. مجلس القرية طعن في مسار الجدار في المحكمة، إذ منع سكان القرية عن بلوغ نصف أراضيهم. وفي عام 2007 قبلت المحكمة الإسرائيلية العليا بحجة الحكومة بأن الاستيطان يحتاج الحواجز لحمايته من الهجمات الفلسطينية المحتملة، لكن رأت أن مسار الجدار يفرض ضرراً "غير متناسب" على سكان القرية، وأمرت السلطات الإسرائيلية بتغيير مساره.

ولم ينفّذ الجيش الإسرائيلي الحُكم وقام في مناسبات عديدة باحتجاز فلسطينيين من بلعين إدارياً، ثم أدانهم بشكل غير عادل، ومنهم نشطاء مثل عبد الله أبو رحمة، الداعم للتظاهر غير العنيف ضد مصادرة الأراضي.

ومنحت إسرائيل المستوطنين 43 في المائة من أراضي الضفة الغربية، طبقاً لبيانات إسرائيلية رسمية حصلت عليها منظمة بتسيلم. الأغلبية العظمى من هذه المساحة هي أراضٍ غير مبنية، لكنها مشمولة في "المناطق المخصصة" الخاضعة لمجالس الاستيطان المحلية والإقليمية. وتقيد السلطات الإسرائيلية كثيراً من أي أعمال بناء للفلسطينيين المقيمين بالفعل في هذه المناطق، وتمتنع على طول الخط عن إصدار تصاريح البناء للفلسطينيين وتلجأ لهدم البنايات "غير المصرح بها"، منها البنايات السكنية وحظائر الحيوانات، وشبكات الري الزراعية، وقنوات المياه والأفران التقليدية المشيدة تحت الأرض.

بينما المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، بما أنها تعمل على نقل سكان مدنيين من إسرائيل إلى الأراضي المحتلة؛ فإن السلطات الإسرائيلية أخفقت في تطبيق القوانين الإسرائيلية حتى على أغلب أنشطة الإنشاء الاستيطانية، مما يزيد من خرق حقوق الفلسطينيين. على سبيل المثال، رغم أن السياسة الإسرائيلية لا تسمح ببناء المستوطنات في أراضي الضفة الغربية المملوكة لأفراد فلسطينيين، فإن 21 في المائة من الرقعة المبنية من المستوطنات هي أراضٍ تقر إسرائيل بأنها ملكية فلسطينية، طبقاً لبيانات إسرائيلية جمعتها منظمة بتسيلم في عام 2009.

السلطات الإسرائيلية، ومنها المحاكم، لم تقر بعدم قانونية المستوطنات، أو هي وفرت التبرير الكافي لمعاملة المستوطنين الإسرائيليين بشكل مختلف عن السكان الفلسطينيين. عندما يُطلب من السلطات الإسرائيلية توضيح سبب المعاملة المختلفة، فهي إما لا تقدم أي تفسير أو تبرر الأمر على أساس احتياجات تأمين المستوطنين، دون الحديث عن الاحتياجات الأمنية للفلسطينيين.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.