Skip to main content

الرسالة عن الاهتمامات الإنسانية في صراع الصعدي في اليمن

 

 

 

جون هولمز

مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية وتنسيق الإغاثة من الأزمات

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

New York, NY

السيد هولمز،

أكتب إليكم على صلة بزيارتكم المرتقبة إلى اليمن لأشاطركم بواعث قلقنا وتوصياتنا بشأن الوضع الإنساني الخاص بالمدنيين المتأثرين بالنزاع المسلح ما بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية شمالي اليمن.

إننا نعرب عن الترحيب بزيارتكم، لا سيما على ضوء الاهتمام الدولي المتواضع بهذا النزاع المستمر من خمسة أعوام. ونأمل أن تساعد زيارتكم على التصدي للتبعات الإنسانية للنزاع ولفت انتباه العالم إليها.

وفيما نُقر بأن مكتبكم بدأ بالفعل في التصدي لبعض هذه المشكلات، فإننا نطرح أدناه ما نرى فيه الأولويات الأهم لكم التي يجب أن تتصدوا لها أثناء الزيارة. وندعوكم على الأخص إلى:

  • تأمين اتفاق من الطرفين للسماح للمدنيين العالقين في منطقة القتال بالانتقال إلى مناطق آمنة، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين الذين ما زالوا داخل منطقة النزاع.
  • دعوة الطرفين إلى احترام الممرات الإنسانية التي ستنشئها الأمم المتحدة والكفيلة بمرور المنظمات الإنسانية خلالها لبلوغ المدنيين المحتاجين للمساعدات في كافة أنحاء منطقة النزاع، لا سيما المناطق النائية منها.
  • دعوة السلطات اليمنية إلى منح وتيسير حق المرور بلا عرقة لمنظمات الإغاثة المحايدة، إلى جميع المدنيين المحتاجين في منطقة النزاع.
  • دعوة السعودية إلى الكف فوراً عن الإعادة القسرية للاجئين المدنيين، بفتحها لحدودها لجميع اللاجئين الفارين من منطقة النزاع التماساً للأمان في الأراضي السعودية، وأن تضع حداً لترحيلها اليمنيين الفارين من النزاع الذين تمكنوا من بلوغ الأراضي السعودية بالفعل.
  • دعوة الطرفين إلى احترام السكان المدنيين بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجب دعوتهما - الطرفين - تحديداً إلى وضع حد للهجمات العشوائية التي لا تميز بين مقاتلين ومدنيين، والهجمات المتعمدة، من أجل تقليص الضرر اللاحق بالسكان المدنيين. ويجب دعوتهم إلى معاملة الأشخاص المشردين داخلياً، بما يتفق مع مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية الخاصة بالمشردين داخلياً.
  • دعوة الحكومة إلى السماح لجهات المراقبة الدولية المستقلة بأن تتحقق بشكل موثوق من درجة التزام الحوثيين والقوات الحكومية، بما يتفق مع الالتزامات القانونية الدولية للطرفين.
  • إبراز مغبة عدم الوفاء بما طلبته الأمم المتحدة من تمويل للمساعدات في صعدة في 2 سبتمبر/أيلول 2009، ودعوة الحكومات المعنية إلى الاستجابة بسخاء لطلب تمويل المساعدات المذكور.

جولة القتال الأخيرة

الجولة الأخيرة من القتال في هذا النزاع المستمر منذ خمس سنوات في شمال اليمن بين الحكومة اليمنية والمتمردين المعروفين باسم الحوثيين، اشتعل مجدداً في 12 أغسطس/آب 2009. وكما كان حال جولات القتال السابقة، كشفت وسائل الإعلام اليمنية عن استخدام الحكومة لطائرات مقاتلة ومروحيات ودبابات ومدفعية في هجمات على مواقع للحوثيين في مناطق ريفية وبلدات كثيفة السكان. وتناقلت التقارير أيضاً استخدام الحوثيين للمدفعية الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات. وفي جولات سابقة من القتال ظهرت تقارير عن استخدام الطرفين للألغام الأرضية. وقد تم الإعلان عن الهدنة لأكثر من مرة، واستمرت لما لا يزيد عن ساعات في كل مرة، ولا توجد مؤشرات تدل على انتهاء القتال الدائر.

الوضع الإنساني وإعلان الأمم المتحدة عن الحاجة لتمويل المساعدات

نظراً لاقتصار قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى منطقة النزاع، فقد اقتصرت معرفة هذه المنظمات بالاحتياجات الإنسانية للمدنيين العالقين في النزاع لأقصى حد. وتقدر الأمم المتحدة أن النزاع الدائر أسفر عن تشريد 150 ألف نسمة، ومنهم 60 في المائة مشردين داخل محافظة صعدة، مع فرار البقية إلى عمران المجاورة، وإلى حجة والجوف. وثمة أعداد غير معروفة تحديداً التمست اللجوء في السعودية، ثم تم توقيفها لدى نقاط الحدود وأعيدوا إلى اليمن في خرق للالتزام القانوني الدولي بعدم الإعادة القسرية.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ذكرت أن في محافظة صعدة نحو 7000 شخص التمسوا اللجوء في ثلاثة مخيمات أساسية في بلدة صعدة، وهي المركز السكاني الرئيسي بالمحافظة، وفيها وجدوا القليل من المساعدة نظراً لعدم قدرة المنظمات الدولية على الوصول إليهم. والمشردون الخمسون ألفاً المتبقون يعيشون مع عائلات مضيفة أو في حظائر أو مبان عامة، مثل المدارس والعيادات وتحت الجسور وتحت السماء المفتوحة على جانبي الطريق. وهم بدورهم لا تصلهم مساعدات لأن منظمات الإغاثة لا يمكنها بلوغهم.

وفي أغسطس/آب الماضي، أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن محافظة صعدة تواجه "عجزاً كبيراً في الغذاء". وأفادت منظمات تعمل على مساعدة 3000 مشرد داخلي في مخيم مزرق بمحافظة حجة في مطلع سبتمبر/أيلول بأن واحد من كل خمسة أطفال تحت سن خمسة أعوام يعاني من سوء التغذية الحاد بحسب المعايير العالمية، وأن نحو 10 في المائة من المشردين يعانون من سوء التغذية. وفي 16 سبتمبر/أيلول أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أسعار الوقود والغذاء في محافظة صعدة تضاعفت أربعة أضعاف وأن في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً سيواجه المشردون قيوداً مشددة على المياه القليلة بالفعل، مما سيؤدي إلى "ندرة خطيرة" للمياه النظيفة.

وفي 2 سبتمبر/أيلول، أصدرت الأمم المتحدة إنذاراً بوجوب جمع أموال للمساعدات بمبلغ 23.7 مليون دولار، للتصدي لاحتياجات المدنيين المتأثرين بالنزاع. وحتى 24 سبتمبر/ايلول، قدمت ثلاث حكومات مانحة مبلغ 2.9 مليون دولار، ليبقى هنالك عجز يزيد على 20 مليون دولار من المطلوب.

إتاحة دخول منظمات الإغاثة الإنسانية

تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 بعنوان "المدنيون غير المرئيين: التحديات التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية في سياق حرب اليمن المنسية" يوثق المعوقات التي تواجه المنظمات الإنسانية قبل الجولة الخامسة من القتال في عام 2008 - وكذلك أثناء وبعد تلك الفترة - وتحول بينها وبلوغ المشردين وغيرهم من المدنيين المحتاجين للمساعدات. وأثناء القتال الحالي، لم تتمكن المنظمات من بلوغ الأغلبية العظمى من المشردين داخل منطقة النزاع بمحافظة صعدة. ورغم أن المنظمات لديها بعض القدرة على الوصول إلى بضعة ألاف من المشردين في عمران وحجة والجوف، فإن القيود الحكومية المفروضة مؤخراً منعت المنظمات مجدداً من تنفيذ عملها في الجوف. وفي دعم لنتائجنا عن الجولة الخامسة للقتال في عام 2008، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أواسط سبتمبر/أيلول 2009 بأن خطوط الهاتف في صعدة لا تعمل إلا لبضع ساعات يومياً، وأن مسؤولي المساعدات والصحفيين لا يمكنهم السفر إلى هناك من العاصمة، مما يؤدي عملاً إلى حجب الاتصالات، وهو ما يضيف من إعاقة عمل المنظمات.

وفي 23 سبتمبر/أيلول، قدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن 25 في المائة ممن يقدر عددهم بمائة وخمسين ألف مشرد يمكن الوصول إليهم بشكل متفرق، وانتهت إلى أنه رغم قدرة الوصول المقتصرة للغاية على أعداد قليلة من المشردين في بلدة صعدة، فإن محافظة صعدة بأسرها "مقطوعة عن بقية العالم" وتواجه أزمة تراجع سريع في مخزون الغذاء. ومن الأمثلة على أعداد الأشخاص الكبيرة الذين لا يمكن الوصول إليهم إطلاقاً أثناء الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول، هناك 15 ألفاً إلى 30 ألفاً منهم أطفال ونساء حوامل ومسنين، قالت المفوضية السامية أنهم "عالقون" في بلدة صعدة، وفي منطقة باقويم المجاورة للسعودية، مع توفر أقل الأغذية والمياه لديهم.

وتمكنت المنظمات الإنسانية من بلوغ نحو 3000 شخص مشرد في مخيم مزرق للاجئين في محافظة حجة، لكن لأسباب تخص ملكية الأرض لمواقع المخيمات المقترحة الجديدة، فلم يتسن الوقوف على إعداد مخيم في خيوان والمشري في محافظة عمران. كما كانت قدرة المنظمات مقتصرة على بلوغ مناطق أخرى من عمران وحجة، رغم أن فرصاً ضئيلة أتحيت تمكنت معها من تسجيل وتوفير المساعدات لعدة آلاف من المدنيين المشردين.

وأثناء الأسبوع الثالث من سبتمبر/أيلول، قالت السلطات اليمنية لثلاث منظمات دولية غير حكومية، هي وكالة التنمية والإغاثة ADRA ووكالة الإغاثة الإسلامية وأطباء بلا حدود - سبق لها أن أتيح لها الوصول إلى جيوب من المشردين في محافظة صعدة في أغسطس/آب ومطلع سبتمبر/أيلول، قالت إن على المنظمات المذكورة الانسحاب إلى مناطق آمنة، ولم تسمح إلا للمنظمات اليمنية المحلية بالبقاء بدلاً منها. وفي 22 سبتمبر/أيلول أفادت اليونسيف بأنها لا يمكنها بلوغ ثلاثة من أربعة مخيمات كانت ناشطة بها فيما سبق.

الدعوات إلى فتح ممرات إنسانية

حتى الآن لم ترد الحكومة اليمنية أو المتمردون الحوثيون على دعوات الأمين العام للأمم المتحدة والهيئات الأممية الأخرى بإنشاء ممرات إنسانية للسماح للمدنيين بالفرار بأمان إلى مناطق آمنة، ولكفالة الضمانات للمنظمات الإنسانية بالمرور الآمن من أجل بلوغ المدنيين، بمن فيهم المشردين الذين بقوا في مناطق النزاع. وفي أواسط سبتمبر/أيلول، أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن العديد من المشردين الذين فروا من محافظة صعدة، ومنهم النساء والأطفال الجرحى والمتعبين، قالوا إن نقاط التفتيش على الطريق والقتال المعمم بالقرب من الطرق الرئيسية أجبرتهم على السير لمدة خمسة أيام في منطقة جبلية قاحلة للفرار وبلوغ الملاذ الآمن.

إعادة السعودية اللاجئين اليمنيين قسراً

ذكرت عدة منظمات أنه منذ 12 أغسطس/آب قامت السعودية بأعمال إعادة قسرية (الإعادة غير القانونية للأشخاص المضطهدين أو المعرضين لموقف يهدد حياتهم أو حريتهم) بحق لاجئين يمنيين، وهذا بمنعهم من عبور الحدود إلى الأراضي السعودية من المعابر الحدودية، وترحيل من تمكنوا منهم من عبور الحدود الطويلة التي يصعب السيطرة عليها، دون أن يراهم أحد. ودعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السعودية إلى "فتح حدودها لاستقبال اللاجئين اليمنيين".

مزاعم بانتهاكات لقوانين الحرب

في تقريرنا بعنوان "مدنيون غير مرئيين" (مرفق طيه)، وثقنا انتهاكات القانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) ودعونا الطرفين إلى وقف الهجمات المتعمدة والعشوائية على المدنيين وضمان أن قواتهم تتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة لتقليص الضرر اللاحق بالسكان المدنيين. وفي فاكس وصلنا بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2009، قبل جولة القتال الأخيرة، قال زعيم المتمردين عبد المالك الحوثي لـ هيومن رايتس ووتش إن قواته ستحترم بالكامل قوانين الحرب.

هيومن رايتس ووتش تعرب عن عميق قلقها إزاء احتمال ارتكاب الطرفين لانتهاكات جسيمة لقوانين الحرب أثناء جولة القتال السادسة الحالية. وثمة تقارير موثوقة بأن القوات الحوثية نشرت قواتها في مناطق مأهولة بالمدنيين، وعرضت المدنيين بشكل غير قانوني لخطر لا ضرورة له.

وربما انتهكت القوات الحكومية بدورها قوانين الحرب في ثلاث وقائع أسفرت عن وقوع خسائر في صفوف المدنيين. في 12 أغسطس/آب زعم المتمردون الحوثيون أن 15 مدنياً ماتوا حين قصفت طائرة حكومية سوقاً بالقرب من بلدة حيدان في صعدة. موقع Aleshtiraki.net، التابع للحزب الاشتراكي المعارض، ذكر أن القتلى المدنيين بلغ عددهم 20 شخصاً، بناء على إحصاءات من منظمة ثقافية في صعدة حددت الرقم بناء على ما قالت إنه أقوال شهود عيان وصور لآثار الهجوم المذكور.

المركز اليمني لحقوق الإنسان أفاد في 14 سبتمبر/أيلول بأن الطائرات العسكرية اليمنية قصفت سوقاً مزدحمة في الطلح في محافظة صعدة، مما ألحق الخسائر بـ"عشرات" المدنيين. موقع اشتراكي أفاد بأن 34 شخصاً، أغلبهم نساء وأطفال، قُتلوا في الهجوم، فيما أفادت وكالة الأنباء الحكومية اليمنية الرسمية Saba.net بأن قوات الحكومة قتلت 12 مقاتلاً حوثياً في مناوشات. وذكرت وكالة الأنباء أن الحكومة دعت إلى فتح التحقيق في تلك الواقعة.

وطبقاً لمصادر مستقلة على الأرض، ففي 16 سبتمبر/أيلول، لقي 87 شخصاً على الأقل مصرعهم، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، في غارة جوية حكومية في عدي، شرقي بلدة حرف سفيان، في محافظة عمران. وقال شاهد على الهجوم إن الطائرات اليمنية نفذت أربع غارات ودونما إنذار قصفت مجموعة من الأشخاص المشردين كانوا يأوون إلى منطقة مفتوحة بالقرب من إحدى المدارس. وطبقاً للشاهد، فلم تكن هنالك مصادمات مسلحة أو متمردين في المنطقة في ذلك التوقيت، رغم أن المنطقة قريبة من طريق يطرقه الحوثيون أحياناً. وفي 18 سبتمبر/أيلول قالت السلطات اليمنية إنها بادرت بالتحقيق في الحادث.

ندعوكم سيد هولمز إلى تناول هذه القضايا أثناء وبعد زيارتكم ويسرنا كثيراً الاجتماع بكم لدى عودتكم.

مع بالغ التقدير والاحترام،

جو ستورك

نائب المدير التنفيذي

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.