(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات حماس في غزة أن توقف العمل بموجب جميع أوامرها التي تنتهك الحريات الشخصية، ومنها فرض قواعد للزي الشرعي على الطالبات.
وقد تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير من سكان غزة تفيد بأنه منذ بدء العام المدرسي في أواخر أغسطس/آب، راحت إدارات المدارس تُبعد الطالبات اللاتي لا يرتدين الحجاب أو الرداء التقليدي، بناء على أوامر جديدة غير رسمية صادرة للمدارس من سلطات حماس. ويُقال لهن إن عليهن ارتداء جلباب، وحجاب. فيما سبق كان الزي الرسمي المطلوب لطالبات المدارس العامة هو تنورة طويلة وقميص. الأوامر الجديدة يبدو أنها صادرة بلا أي سند قانوني.
وقالت نادية خليفة، باحثة حقوق المرأة المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يجب ألا يُجبر أي أحد على ارتداء زي ديني معين، بما في ذلك الحجاب، مقابل أن يتلقى التعليم". وأضافت: "هذه الأوامر الجديدة هي ببساطة متعسفة".
وذكر مركز البحوث والاستشارات القانونية الخاص بالمرأة في غزة إن سلطات حماس أعطت الأوامر لإدارات المدارس والمدرسين بالانتباه إلى ملابس الفتيات، لا سيما في المدارس الثانوية. وقالت المديرة التنفيذية للمركز، زينب غنيمي، لـ هيومن رايتس ووتش، إن مديرة إحدى المدارس صفعت طالبة أمام زميلاتها لأنها لا ترتدي الحجاب.
وقالت نادية خليفة: "الاعتداء بدنياً على الطالبات وإهانتهن أمام قريناتهن هو ببساطة أمر غير مقبول، أيا كان السبب، لا سيما إذا كان السبب إجبارهن على ارتداء ثياب دينية معينة في انتهاك لحرياتهن الدينية".
ويبدو من فكرة أن هذه القواعد تستهدف الطالبات حصراً، أنها قواعد تمييزية وتنتهك الحريات الدينية أيضاً، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. كما أنها لا تستقيم مع القانون الأساسي الفلسطيني، الذي يكفل حرية الفكر والوجدان والتعبير. وقد انتقدت أسما جاهانجير، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الدين أو المعتقد، ومن سبقها، عبد الفتاح آمور، انتقدا القواعد التي تطالب بارتداء زي ديني معين في الأماكن العامة.
وفي يوليو/تموز 2009، بادر مسؤولو حماس بما أطلقوا عليه حملة "الفضيلة"، قائلين إنهم قلقون على السلوك "غير الأخلاقي" المتزايد في غزة. وقال أحد سكان غزة لـ هيومن رايتس ووتش إن شرطة حماس راحت تستجوب النساء اللاتي يختلطن بالرجال في الأماكن العامة، لمعرفة ما إذا كان الرجال أقاربهن. وقال أحد السكان الآخرين لـ هيومن رايتس ووتش إنه ليلة 9 يوليو/تموز، ضربت شرطة حماس ثلاثة رجال لأنهم سبحوا دون قمصان.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان واصفاً هذه الحملة: "ثمة مؤشرات على التدخل في الحياة الشخصية للأفراد". وقال أحد سكان غزة إن حملة "الفضيلة" يبدو أنها انتهت أواخر أغسطس/آب، لكن حماس نقلت تركيزها إلى الزي الرسمي "الفضيل" لفتيات المدارس.
وقد انتقدت هيومن رايتس ووتش حكومات ألمانيا وفرنسا وتركيا جراء انتهاكها للحريات الدينية، بمنع الرموز الدينية من المدارس ورفضها منح النساء المسلمات الحق في ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات. ومن نفس المنطلق، فإن النساء والفتيات يجب أن يكنّ أحراراً في عدم ارتداء الزي الديني. آمور، المقرر الخاص السابق، دعى إلى ألا يصبح الملبس عرضة للتنظيم السياسي. وجاهانجير، المقررة الخاصة الحالية، قالت إن "استخدام أساليب منطوية على الإكراه وعقوبات على الأفراد الذين لا يريدون ارتداء الزي الديني أو ما يفيد برمز معين يُرى بناء على الدين أنه شيء مقدس "يشير" إلى أن الإجراءات القانونية والإدارية المُطبقة غير مستقيمة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان".
والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يضمن للأفراد حقهم في حرية الدين، بما في ذلك ما ورد فيه من أن "لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره". وبصفة حماس هي السلطة الحاكمة فعلياً، فقد ألزمت نفسها مراراً باحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك في شهر مارس/آذار 2007، في برنامج حكومة الوحدة الوطنية.
وقالت نادية خليفة: "للنساء نفسهن، وليس للدولة، تقرير ما يرتدين". وأضافت: "يمكن للمدارس أن تفرض زياً رسمياً معيناً، لكن فقط في حالة ذكر القواعد كتابةً بوضوح، وفي حالة ما لم تكن تعسفية أو لا تحترم حرية الطلاب في المعتقد الديني".