معالي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان
رئيس الإمارات العربية المتحدة
(الإرسال بواسطة الفاكس)
أكتب إليكم مبدياً قلق هيومن رايتس ووتش الجدّي إزاء تعذيب محمد شاه بور، الذي يوجد دليل دامغ على أن أحد أعضاء الأسرة المالكة قد قام بتعذيبه - وهو الشيخ عيسى بن زايد آل نهيان - بمعاونة الشرطة الإماراتية.
والأدلّة - وتشمل تسجيل فيديو مدته 45 دقيقة ظهر في بث إخباري ظهر مؤخراً على شاشة محطة أيه بي سي في 22 أبريل/نيسان 2009 - يبدو منه أن شيخ عيسى آل نهيان قام بتعذيب السيد بور، بمساعدة الشرطة وآخرين، كعقاب له؛ لاعتقاد الشيخ أن تاجر الحبوب الأفغاني هذا قد غشه في صفقة حبوب، وتمت الواقعة على النحو التالي:
- تم إطلاق رصاصات من بندقية آلية حول السيد بور وعلى مقربة منه بحيث راح الضحية يصرخ.
- تم استخدام منخس كهربي للماشية على منطقة العضو الذكري للسيد بور وتم إيلاجه - المنخس - في مؤخرته.
- تم صب سائل قابل للاشتعال على خصيتيّ السيد بور ثم إشعال النار فيها.
- تم خلع سروال السيد بور وتكرر ضربه بمسمار بارز من لوح خشبي. وقام الشيخ عيسى آل نهيان بوضع المسمار إلى جوار مؤخرة السيد بور وأولج المسمار في جلد الأخير.
- تم جلد السيد بور على كل أجزاء جسده، بما في ذلك وجهه.
- تم صب وعاء كبير من الملح على جروح السيد بور وكانت ما زالت تنزف في ذلك الحين.
- تم تمديد السيد بور على رمال الصحراء ثم مرت فوقه سيارة 4X4 عدة مرّات. ويمكن من تسجيل الفيديو تبيُّن صوت ما يبدو أنه تكسر العظام.
وفيما لا يشغل الشيخ عيسى آل نهيان منصباً حكومياً رسمياً، وبصفته عضو بالأسرة المالكة التي تدير الحُكومة الإماراتية، وبصفته شقيق السيد وزير الداخلية؛ فهو يتمتع بنفوذ واسع فيما بين العاملين بالأمن في الدولة. وأعمال الشرطة، التي شملت ربط ذراعي ورجليّ السيد بور لتيسير التعذيب وتقييده أثناء صب الشيخ عيسى آل نهيان الملح على الجروح، تُعادل تواطؤ الدولة في التعذيب، إذ ظهر ضابط في زي شرطي كامل في تسجيل الفيديو، من ثم فأعماله تبدو مشمولة بصفة إنفاذ القانون.
وتُعد هذه الأعمال انتهاكات واضحة للدستور الإماراتي، وكذلك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويضمن الدستور الإماراتي بشكل مُطلق وغير مشروط أن "لا يعرض أي انسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة". وحظر التعذيب من بين القواعد الأكثر أساسية بين قواعد القانون الدولي العرفي، وهو مُلزم للإمارات العربية المتحدة. وعلى الدول كافة التزام ليس فقط بمنع التعذيب، بل أيضاً بإجراء تحقيق نزيه ومستفيض في حالة وقوع التعذيب ومقاضاة المسؤولين عن اقترافه.
ومدونة الأمم المتحدة لسلوك مسؤولي إنفاذ القانون تدعو من يمارسون سلطات شرطية إلى حماية "كافة الأشخاص من الأعمال غير القانونية"، وأنه في معرض أداءهم لواجبهم، فعليهم "احترام وحماية الكرامة الإنسانية والحفاظ على حقوق الإنسان وصيانتها بالنسبة للأشخاص جميعاً". وطبقاً للمادة 3 من مدونة السلوك، فإن "لا يستخدم مسؤولو إنفاذ القانون القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وبالدرجة المطلوبة لأداء واجبهم". وورد في مدونة السلوك أيضاً أن "لا يحق لأي مسؤول إنفاذ قانون أن يقترف التعذيب أو يحرض عليه أو يتسامح معه، أو مع أي من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
وأعمال التعذيب هذه التي ارتكبها الشيخ عيسى آل نهيان والشرطة جسيمة للغاية وتتطلب التحرك الفوري من السلطات الإماراتية. وبناء على معلومات تلقيناها حتى تاريخه بشأن رد فعل وزارة الداخلية إزاء الأحداث العنيفة المصوّرة على شريط الفيديو، فإن هيومن رايتس ووتش تعرب عن أسفها لإخفاق الوزارة في التحقيق على النحو الواجب ومقاضاة أو تأديب أي من الجناة الضالعين في هذه الواقعة.
وقد تلقينا نسخة من رسالة الوزارة المُرسلة بتاريخ 8 أبريل/نيسان 2009، وفيها لم تصف الوزارة الإساءات المذكورة بصفة التعذيب، بل أشارت إليها ببساطة على أنها اعتداء وأطرافه (يفترض أنهما الشيخ عيسى آل نهيان والسيد بور) قاما بتسويته "فيما بينهما". وورد في الرسالة:
الأحداث المصورة في شرائط الفيديو المُشار إليها في الشكوى تم التحقيق فيها بالكامل من قبل مركز الشرطة وقت وقوع الحادث. وكما هو مسموح به في قانون إمارة أبو ظبي، فإن أطراف الحادث قاموا بتسوية المسألة فيما بينهما بالاتفاق على عدم التقدم بالشكوى بحق أحدهما الآخر، أي الشكوى من السرقة من طرف، والشكوى من الاعتداء من الطرف الآخر. وانتهت مراجعة الحكومة للواقعة إلى أنه تم اتباع جميع القواعد والسياسات والإجراءات على النهج الصحيح من قبل مركز الشرطة. كما خلصت المراجعة إلى أن الوقائع المصورة في شرائط الفيديو لم تكن ضمن نسق سلوكي عام.
فضلاً عن أن لا الشرطة ولا وزارة الداخلية كشفت علناً عن نتائج مراجعة وتحقيق الشرطة، والأساس الخاص بالاستنتاج بأن الشرطة "اتبعت كافة القواعد والسياسات والإجراءات على النهج الصحيح". ومن المهم على الأخص فهم "القواعد والسياسات والإجراءات" الخاصة بالشرطة الإماراتية، والتي تسمح لدى اتباعها "بشكل صحيح" بمثل أعمال التعذيب هذه.
إن الرد غير مناسب على الإطلاق على ضوء أي مفهوم للإجراءات القانونية السليمة وإنفاذ كل من القانونين الإماراتي والدولي. وليس على الوزارة فقط أن تحقق مع وتقاضي عناصر الشرطة الإماراتية المتورطين في الحادث، بل أيضاً أن تحقق مع الشيخ عيسى آل نهيان وتقاضيه بتهمة التعذيب. وعلى الحكومة الإماراتية ألا تمنح الحصانة القانونية للشيخ عيسى آل نهيان أو لأي شخص قام بالتعذيب لأنه قام بتسوية القضية على انفراد [مع الضحية].. فهذا يعني الحيد عن العدالة، لا سيما أن في هذه الحالة يوجد اختلال كبير في ميزان القوى بين الطرفين، فأحدهما فرد من الأسرة المالكة والآخر تاجر حبوب أجنبي. وعلى ضوء قُرب الشيخ عيسى آل نهيان بشكل خاص من الحكومة، فمن المهم للغاية أن تُظهر الحكومة أن المقربين منها لا يتمتعون بالحصانة من المقاضاة.
وبما أن الوزارة راضية بتحقيقات مركز الشرطة المعيبة، وتعتقد أن المسألة مُغلقة، وتبدو غير مهتمة بالسعي لإحقاق العدالة بحق الجناة في هذه الجريمة المروعة، فإن هيومن رايتس ووتش تدعوكم بكامل الاحترام، بصفتكم رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى التحرك على وجه السرعة لضمان تشكيل لجنة أو هيئة مستقلة. وهذا الكيان المستقل ينبغي أن يحقق في تعذيب السيد بور على يد الشيخ آل نهيان والشرطة و/أو قوات الأمن الحاضرة أثناء الواقعة كما ظهرت على تسجيل الفيديو، وكذلك أن تقوم بالنظر في "مراجعة" وزارة الداخلية والشرطة للواقعة والأسانيد الخاصة بنتائج وزارة الداخلية، التي تتلخص في أن إساءة الشرطة لم تخرق أي قواعد أو سياسات أو إجراءات للإمارات العربية المتحدة. وينبغي لهذه الجهة المستقلة أن:
- تكون تحت إشراف شخص مستقل عن وزارة الداخلية أو أية جهة أمنية حكومية أخرى، وكذلك أن يكون معروفاً بالنزاهة والحياد.
- يتم إمدادها بالموارد المالية وغيرها من الموارد اللازمة لتحقيق ما تُكلف به وفي الإطار الزمني الملائم، بما في ذلك أن تخول سلطة إلزام ضباط الشرطة بالشهادة، وأن تطلع على الوثائق الرسمية في مكاتبهم.
- ضمان قدرة السيد بور على المشاركة بالكامل في التحقيق مع حضور ممثل قانوني عنه.
- عقد جلسات علنية، والكشف عن نتائجها وتوصياتها علناً.
- الخروج بتوصيات فيما يخص تأديب أو مقاضاة أي أشخاص يُعتقد أنهم مسؤولون عن انتهاكات للقانون الإماراتي أو الدولي لحقوق الإنسان جنائياً، وهذا فيما يخص تعذيب السيد بور، وكذلك تعويض السيد بور.
- التقصي بشكل أوسع في مدى انتشار الإساءات والتعذيب في دوائر الشرطة الإماراتية، ودعوة الجمهور إلى تقديم شهادات - مع حفظ سريّة هوية الشهود - عن وقائع مماثلة.
- سن سياسات وإجراءات فيما يخص التحقيق في سلوك الشرطة المسيئ على أن يتم اتباعها في المستقبل.
- تنفيذ برنامج تدريبي واسع النطاق لرجال الشرطة الإماراتيين بشأن منع الإساءات والتعذيب.
ومن الأهمية بمكان أن تُظهر الحكومة لمواطنيها وللمجتمع الدولي - والكثير منهم يعرفون بلا شك بالإساءات التي تعرض لها السيد بور على يدي الشيخ عيسى آل نهيان والشرطة الإماراتية - أن الحكومة لا تتسامح إطلاقاً مع التعذيب. وعلى الحكومة الإماراتية أن تتحرك فوراً إذا هي أرادت استعادة ثقة العامة في نظام العدالة الجنائية في الإمارات، ولكي تُظهر أن سيادة القانون - وليس إفلات الجناة من العقاب - هي سياسة الدولة.
كما ينبغي على الحكومة أن تصدق على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعليها أن تنبذ علناً وبشكل صريح استخدام التعذيب والإساءات البدنية على يد الشرطة وغيرها ممن يشغلون مناصب، أو المواطنين الإماراتيين. وعليها أن تعيد التأكيد على التزامها باتباع أحكام القانون الدولي التي تحظر استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأن تأمر الشرطة بالالتزام بالقواعد الدولية لاستخدام عناصر إنفاذ القانون للقوة، وأن أية واقعة تعذيب ستنتهي بالتحقيق والمقاضاة للجناة. إن ملابسات هذا الحادث تتطلب ما لا يقل عن هذا.
شكراً لكم على اهتمامكم العاجل بهذه المسألة الهامة، ونرحب بردّكم.
مع بالغ التقدير والاحترام،
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
نسخة إلى: السفير يوسف العتيبة، سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن