نيويورك - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن طلب المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمر اعتقال بحق رئيس السودان يُعد خطوة هامة نحو القضاء على الإفلات من العقاب على الجرائم المروعة المُرتكبة في دارفور. وكان المدعى العام بالمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، قد طلب من الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة إصدار أمر اعتقال بحق الرئيس عمر حسن أحمد البشير بناء على اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وقال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدل الدولي في هيومن رايتس ووتش: "اتهام الرئيس البشير في الجرائم المروعة التي وقعت في دارفور يُظهر أن لا أحد فوق القانون". وتابع قائلاً: "ومن مسؤوليات المدعي العام أن يتابع الأدلة إلى حيث تقوده، بغض النظر عن مكانة المسؤول المتورط".
وسوف تراجع الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية المعلومات المذكورة في بيان المدعي لتحديد ما إذا كانت ستُصدر الأمر أم لا. وإذا قضت الدائرة التمهيدية بأن ثمة "أسس معقولة للاعتقاد" بأن البشير ارتكب جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وأن الاعتقال ضروري لمثوله أمام العدالة، فسوف تُصدر الأمر.
ومنذ عام 2003 والقوات الحكومية السودانية مدعومة بميليشيات موالية للحكومة تُعرف باسم "الجنجويد" ترتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على نطاق موسع كجزء من عمليات مكافحة التمرد في دارفور. وقد وجهت القوات والميليشيات هجماتها ضد السكان المدنيين من البر والجو ونفذت عمليات إعدام كثيرة خارج نطاق القضاء، واغتصاب وتعذيب ونهب للممتلكات.
وفي تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2005 بعنوان "تعزيز حالة الإفلات من العقاب: مسئولية الحكومة السودانية عن الجرائم الدولية في دارفور" دعت هيومن رايتس ووتش إلى إجراء تحقيقات مع كبار المسؤولين بالحكومة السودانية، ومنهم البشير، جراء الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وحتى الآن لم يمثل أمام العدالة في السودان أي من كبار المسؤولين جراء ارتكاب هذه الجرائم المروعة. ولم تُظهر الحكومة السودانية أي استعداد لوضع حد للهجمات المتعمدة على المدنيين في دارفور، وهي الجرائم المستمرة حتى الآن.
وقال ريتشارد ديكر: "طلب إصدار الأمر بحق الرئيس البشير هو خطوة إيجابية نحو وضع حد لأجواء الإفلات الكامل من العقاب والمستمر في السودان حتى الآن". وأضاف: "ولا يقلل الأمر على أي نحو من التزامات الحكومة الخاصة بضمان حماية المدنيين وفرض العدالة جراء الإساءات المُرتكبة في دارفور".
وقد دعت هيومن رايتس ووتش السودان إلى الالتزام باتفاقها بنشر قوة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة المختلطة في دارفور كما هو مذكور في قرار مجلس الأمن 1769. وبموجب القانون الإنساني الدولي، فإن السودان مُلزم أيضاً بضمان وصول المساعدات الإنسانية بالكامل وعلى نحو آمن ودون إعاقة إلى من يحتاجون المساعدات في دارفور، خاصة الأشخاص النازحين واللاجئين.
وفي 31 مارس/آذار 2005 أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية. وفي أبريل/نيسان 2007، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول أوامر الاعتقال بحق وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون، وزعيم الجنجويد علي القشيب جراء الدور القيادي لكل منهما في جرائم وقعت غربي دارفور. ورفضت الحكومة السودانية تسليم أول مشتبهين. وفي 16 يونيو/حزيران 2008 طالب مجلس الأمن بالإجماع السودان بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
وفي تقرير المدعي مورينو أوكامبو إلى مجلس الأمن في يونيو/حزيران 2008، أعلن أنه توصل إلى أدلة لـ "خطة إجرامية تستند إلى تحرك جهاز الحكومة بالكامل، بما في ذلك القوات المسلحة والمخابرات والجهات الدبلوماسية والخاصة بالعلاقات العامة ونظام العدالة".
وتعود إحالة مجلس الأمن الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى ما خلصت إليه لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة عن دارفور، وهذا في التقرير رفعته اللجنة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة. وخلص التقرير إلى أن حكومة السودان وميليشيات الجنجويد الموالية لها مسؤولة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، لما يرقى إلى جرائم بموجب القانون الدولي، وأوصى بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأعدت اللجنة قائمة بـ 51 مشتبهاً يجب إجراء تحقيقات إضافية معهم، ومنهم مجموعة من كبار المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين. وتم تسليم القائمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة مصحوبة بتوصية باطلاع الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية عليها.
وقال ريتشارد ديكر: "من المعروف أن القادة الكبار في الخرطوم متواطئون في الدمار الذي لحق بدارفور، لكن من الجدير بالذكر أن طلب توجيه اتهامات جنائية قد تم توجيهه إلى قمة الهرم".