Skip to main content

رسالة الى الرئيس جلال طالباني عن قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة و العدالة

ونكتب إلى مجلس الرئاسة بشأن قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، الذي تمت الموافقة عليه بتاريخ 3 فبراير/شباط 2008. ولأن هيومن رايتس ووتش حققت في الفظائع المُرتكبة في ظل الحكم البعثي وقامت بتوثيقها؛ فنحن ندعم جهود العراق لمساءلة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم ومنعهم من الحصول على مناصب عامة.

كما أن هيومن رايتس ووتش ترحب بجهود العراق إزاء معاجلة عيوب سياسة اجتثاث البعث التي تبنتها سلطة الائتلاف المؤقتة، ونشير إلى أن جهود الزعماء السياسيين العراقيين الذين نفذوا هذه السياسات تسببت في عقاب عدة أشخاص بناء على العضوية الجماعية دونما اعتبار لما ارتكب الأشخاص من تجاوزات. كما أن عمليات نزع الاستحقاق هذه كان يتم فرضها عادة على نحو يحرم الأشخاص من تدابير الحماية الأساسية الخاصة بإجراءات التقاضي السليمة.

إلا أننا قلقون من أن التشريع الجديد قد لا يكون كافياً للتصدي للعيوب العديدة الواقعة ضمن إجراءات اجتثاث حزب البعث، وهو التشريع الذي يُفترض أن يحل محل هذه الإجراءات. فالقانون الجديد يحافظ على مبدأ العقاب بناء على الانتماء الجماعي، على الرغم من أنه يسمح لأعضاء الحزب السابقين الذين سبق أن تعرضوا للفصل، بأن يعودوا إلى التوظيف لدى الدولة.

وفيما يسن القانون آلية للطعن في القرارات؛ فهو لا يمد المفصولين من التوظيف أو المُجردين من رواتب التقاعد الحق في رؤية الدليل المقدم ضدهم والطعن فيه. كما أن خطر الفصل الجماعي لأسباب سياسية، كما حدث على يد الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث، ما زال كبيراً لأن القانون الجديد لا ينص على تشكيل اللجنة الجديدة باعتبارها جهة مستقلة مُشكلة من أشخاص مختارين بناء على الكفاءة والأمانة. وأخيراً، فالقانون لا يحدد تاريخاً نهائياً لإتمام اللجنة لمهامها؛ مما يفتح المجال لعملية استبعاد الأشخاص سياسية الطابع دون أجل مسمى، ومما يوفر أيضاً للحكومات القادمة فرصة استخدام أحكام القانون الجديد في معاقبة أو مضايقة منتقديها أو خصومها.

وفي البيان الذي تم الإدلاء به إعلاناً عن الموافقة على القانون الجديد، اعترف مجلس الرئاسة بوجود "تحفظات على بنود عديدة من شأنها أن تعرقل مشروع المصالحة الوطنية"، وتعهد بالسعي لإجراء تعديلات. وندعو مجلس الرئاسة لأن يفي بتعهده هذا بغية تحسين درجة الالتزام بحقوق إجراءات التقاضي السليمة ولمزيد من التركيز على المسؤولية الفردية. وهذه التغييرات ضرورية، ليس فقط لمنع العقاب الجماعي دون محاكمات بموجب إجراءات موجزة وإنصاف الأشخاص الذين يتعرضون لهذا العقاب، بل هي أيضاً ضرورية لكونها سابقة إيجابية لاحترام الحقوق الفردية وسيادة القانون في العراق.

إجراءات وتعديلات اجتثاث البعث
إن أحكام القانون الجديد الأساسية تعدل من إجراءات اجتثاث البعث التي تمت المبادرة باتخاذها بموجب الأمر رقم 1 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة بتاريخ 16 مايو/أيار 2003، الذي تم تنفيذه على يد لجنة اجتثاث البعث. وهذه الأحكام القانونية أثرت على كل الأشخاص من أعلى عدة مستويات بحزب البعث، وكذلك المستويات الإدارية العليا في الوزارات وغيرها من المؤسسات العامة. ونص أمر تالٍ لسلطة الائتلاف المؤقتة، وهو مذكرة 7 بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، على أن مجلس حكم العراق عليه أن يضع إجراءات لتحديد الانتماء الحزبي والتورط في العمل بالهيئات الأمنية في الحقبة البعثية وطالب بالإخطار المسبق بالحق في الطعن في قرارات الفصل. والأحكام الأساسية بالقانون الجديد – بما فيها تلك التي توضح أسس الفصل وتوسيع راتب التقاعد والأحكام الخاصة بعملية الطعن – تضم بعض العناصر الإيجابية. إلا أنها لا تتصدى للمشكلة الأساسية، وهي أن إجراءات اجتثاث البعث لم تفرق بين الأشخاص المنتمين للحزب لأسباب متعلقة بالعمل والمهنة والمنتمين إليه لأسباب شخصية؛ على جانب، والمسؤولين عن أو المتواطئين في انتهاكات حقوق إنسان جسيمة؛ على الجانب الآخر.

وتدعم هيومن رايتس ووتش الجهود الخاصة بضمان كون الأشخاص في مواقع السلطة بالمؤسسات العامة بعيدين عن التورط في انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، فسبل تحقيق هذه الغاية يجب أن تكون متسقة مع سيادة القانون واحترام الحقوق الفردية. ويجب أن تستند العقوبات على أدلة بأن الفرد ارتكب أو تواطأ في ارتكاب انتهاكات جسيمة. ويجب أن يحدد مُحكِّم محايد مدى المسؤولية الفردية، وهذا في ظروف علنية يمكن فيها للمشتبه به أن يطّلع على الدليل المقدم ضده وأن يطعن في صدق هذا الدليل. ويجب أن تشمل هذه الإجراءات ضمانات لتفادي سوء استخدام عمليات الفصل لدوافع سياسية، ولضمان مراعاة إجراءات التقاضي السليمة أثناء منح العفو عن الأشخاص.

مطلوب مراجعات هامة... مقترحات ممكنة التنفيذ
إلى حد كبير، لا يتصدى القانون الجديد – الذي وافق عليه المجلس الرئاسي – لبواعث الاهتمام هذه. بل هو يستمر في الاعتماد على العضوية الجماعية بدلاً من الأفعال أو القدرات الشخصية، كأساس للفصل والحرمان من حقوق راتب التقاعد، وهي سمة تأتي في عكس اتجاه جهود دعم الحقوق الشخصية وسيادة القانون في العراق. ولا ينص القانون الجديد على آلية للفصل تضمن للأفراد ضمانات الإنصاف الأساسية. ولا تضم الأحكام القانونية المنشئة للجنة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة أية سبل لإبعاد التأثير السياسي عن هذه الجهة ولتفادي استغلالها لأغراض سياسية بحتة.

وندعو مجلس الرئاسة للاستعانة بسلطاته للموافقة على تعيين أشخاص باللجنة يكون تواجدهم فيها بناء على الكفاءة والقدرات المهنية، وليس الولاء السياسي أو الانتماء الطائفي، وهذا للحد من فرص إساءة استخدام القانون الجديد كأداة للتصفيات السياسية. وعلى نحو مماثل، فثمة ضمانات مطلوبة لضمان أن مكتب الادعاء المُشكل للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها أعضاء سابقون بالحزب وإحالتهم للمقاضاة، لا يستغل هذا العمل لأغراض سياسية. وسوف يساعد تشكيل هذا المكتب كهيئة مستقلة عن اللجنة على ضمان حياده، وهذا أحد الأساليب التي يمكن اتباعها.

وينبغي أن تشمل التعديلات الأخرى مد فترة التقدم بطلبات إعادة التوظيف والحصول على راتب التقاعد، وفترة النظر في الطعون. والفترة الحالية التي تتراوح بين 60 إلى 90 يوماً للتقدم بطلب الحصول على راتب التقاعد أو إعادة التوظيف ليست بالفترة الكافية، وهي تتجاهل المخاوف التي قد تكون حالياً لدى المتقدمون بالطلبات بشأن تعريف أنفسهم لهيئة حكومية باعتبارهم أعضاء بالحزب. والفترات الزمنية القصيرة للتقدم بالطلبات والحكم في الطعون – 30 و60 يوماً على التوالي – يمكن أن تؤثر سلباً أيضاً على استقلال الهيئة القائمة بالنقض، وهذا بالحد من قدرتها على مراجعة القضايا التي تنظرها على النحو المناسب. فضلاً عن أن المطلب الخاص بأن تقدم اللجنة نتائج عملها للبرلمان كل أربعة أشهر، يجب أن يشمل أن تكون هذه التقارير ربع السنوية علنية.

كما ندعو مجلس الرئاسة للتوصية بإجراء تعديل ينص على وضع موعد أقصى لإتمام اللجنة عملها؛ وهذا للحد من فرصة وقوع سوء استخدام عملية فصل الأشخاص بدوافع سياسية.

وتشكركم هيومن رايتس ووتش على اهتمامكم بهذه القضايا، وترحب بردكم على أي من المقترحات أثناء نظركم في إجراء تعديلات على القانون. وقد أصدرنا هذه التوصيات بدافع من الاهتمام باتباع إجراءات التقاضي السليمة وبأن تكون المسؤولية الشخصية هي المحرك لتنفيذ هذا القانون، وإسهاماً في سيادة القانون بالعراق بشكل عام.

مع خالص التقدير والاحترام،

/s/

جو ستورك
المدير لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.