قالت هيومن رايتس ووتش اليوم وقبيل زيارة وزير الخارجية الليبي للولايات المتحدة إنه على الرغم من أن بعضاً من التحسن قد طرأ في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، فإن الرعايا الليبيين ما زالوا يعانون من انتهاكات حقوقية جسيمة. وذكرت هيومن رايتس ووتش تحديداً غياب حرية الصحافة وحظر المنظمات المستقلة وتعذيب المحتجزين واستمرار احتجاز السجناء السياسيين.
ومن المقرر أن يقابل وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلجم نظيرته الأميركية كونداليزا رايس في واشنطن اليوم؛ 3 يناير/كانون الثاني 2008. وقد تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا الغنية بالنفط، وتركزت العلاقات على الصلات في مجال الأعمال والتجارة ومكافحة الإرهاب، وهذا منذ نبذ ليبيا للإرهاب ولبرامج التسلح بأسلحة الدمار الشامل. واستأنفت كلتا الدولتان العلاقات الدبلوماسية الكاملة في عام 2006 إثر انقطاع للعلاقات استمر 27 عاماً.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إننا نرحب بتحسن العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة، لكن ليس على حساب السجناء السياسيين وضحايا التعذيب وغيرهم من الليبيين الذين يكابدون الانتهاكات". وتابعت قائلة: "قد يكون الدافع وراء العلاقة هو عقود النفط والجهود الخاصة بمكافحة الإرهاب، لكن يجب أن تشمل العلاقة أيضاً محادثات جادة حول تحسين حالة حقوق الإنسان وحكم القانون".
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش ثلاث حالات تم فيها "اختفاء" السجناء السياسيين، خلال فترة الثمانية عشر شهراً المنصرمة. وتم ذكر حالاتهم وحالات أخرى لانتهاكات حقوق الإنسان تفصيلاً في تقرير ملخص أصدرته هيومن رايتس ووتش اليوم، بعنوان "ليبيا: حقوق الإنسان في خطر" (https://www.hrw.org/english/docs/2008/01/03/libya17674.htm).
ويوثق أحد أجزاء التقرير استمرار احتجاز رجلين ليبيين دون توجيه اتهامات إليهما، وهذا بعد عودتهما إلى ليبيا على يد الحكومة الأميركية، بعد أن كانا في خليج غوانتانامو. وقد أرسلت الولايات المتحدة – جزئياً بناء على وعود ليبية بالمعاملة الإنسانية – محمد عبد الله منصور الريمي إلى ليبيا في ديسمبر/كانون الأول 2006، وتبعته بإرسال سفيان إبراهيم حمد حمودة في سبتمبر/أيلول 2007.
ولم تمد الحكومة الليبية هيومن رايتس ووتش بالمعلومات عن أي من الرجلين، على الرغم من تكرر مطالبات هيومن رايتس ووتش بها. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها زارتهما في 25 ديسمبر/كانون الأول في مركز احتجاز خاص بقوات الأمن الليبي، في حضور مسؤولين ليبيين ومسؤولين من مؤسسة القذافي للتنمية، وهي منظمة شبه رسمية يديرها ابن معمر القذافي؛ سيف الإسلام. وكل من الرجلين رهن الاحتجاز يواجهان اتهامات غير معروفة، لكن تردد إنهما لم يتعرضا للاعتداء البدني، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية.
والواضح أن أي من الرجلين لم يشاور محامٍ. وأسرة الريمي خارج ليبيا حسب قول وزارة الخارجية الأميركية، لكن أسرة حمودة كان مقرراً لها أن تزوره للمرة الأولى في 27 ديسمبر/كانون الأول.
وجاء في بيان أصدرته مؤسسة القذافي للتنمية في 2 يناير/كانون الثاني أن المؤسسة زارت الريمي وحمودة، وأن أسرة حمودة سُمح لها فيما بعد بزيارته.
ولم تطلع هيومن رايتس ووتش على أحوال أي من الرجلين ولا يمكنها تأكيد مزاعم وزارة الخارجية الأميركية أو مؤسسة القذافي للتنمية. وغياب قدرة هيومن رايتس ووتش على مقابلة الرجلين أو الاتصال بهما هي في حد ذاتها مبعث قلق؛ حسب قول سارة ليا ويتسن.
وطبقاً لتقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2006 عن حقوق الإنسان في ليبيا، فإن تقارير "التعذيب، والاحتجاز التعسفي والحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي ما زالت تمثل مشكلة". وأساليب التعذيب تشمل:
ربط الأشخاص بالسلاسل إلى الجدار لساعات، والضرب بالهراوات، والصعق بالكهرباء، ووضع الكلابات في الظهر، وسكب عصير ليمون في الجراح المفتوحة، وكسر الأصابع وترك المفاصل تلتئم دون رعاية طبية، والخنق بالحقائب البلاستيكية، والحرمان من النوم والطعام والمياه لفترات مطولة، والتعليق من المعاصم والتعليق في قضيب مولج بين الركبتين والمرفقين، والحرق بالسجائر والتهديد بمهاجمة الكلاب والضرب على القدمين.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش مزاعم بالتعذيب في تقريرها الذي صدر عام 2006 عن ليبيا بعنوان "الكلام مقابل الأفعال: حاجة ليبيا الملحة للإصلاح الحقوقي" (https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/01/25/libya13096.htm). وأفاد 15 محتجزاً من الـ 32 شخصاً الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في السجون الليبية بأنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاستجواب على أيدي العناصر الأمنية خلال السنوات الأخيرة الماضية.
وقد وثقت أبحاث هيومن رايتس ووتش عن الضمانات الدبلوماسية بشأن المعاملة الإنسانية – التي تسعى الحكومات للحصول عليها حين تعيد الأشخاص إلى الدول التي يتعرض فيها المحتجزون بشكل منهجي للمعاملة السيئة – كيف أنها لا توفر ما يكفي من حماية ضد الإساءة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "أعادت الولايات المتحدة محتجزي غوانتانامو إلى ليبيا بناء على وعود بالمعاملة الإنسانية تعهدت بها حكومة تتهمها الحكومة الأميركية بممارسة التعذيب". وتابعت: "والزيارات التي يقوم بها المسؤولون الأميركيون من الحين للآخر لا تضمن أن المحتجزين لا يتعرضون للمعاملة السيئة".
وقد "اختفى" ثلاثة سجناء سياسيين في ليبيا على مدى الـ 18 شهراً الماضية، حسبما ذكرت هيومن رايتس ووتش في التقرير الملخص. واعتقلت الحكومة الليبية رجلين في فبراير/شباط 2007 كجزء من مجموعة أكبر، إثر تخطيط الرجلين لمظاهرة سلمية بمناسبة الذكرى السنوية للاعتداء المميت على المتظاهرين في بنغازي عام 2006. ويخضع 12 محتجزاً منهم على الأقل للمحاكمة حالياً ويمكن أن يُحكم عليهم بالإعدام جراء الزعم بالتخطيط لقلب نظام الحكم وحيازة أسلحة والاجتماع بمسؤولين أجانب. إلا أن اثنين آخرين – هما عبد الرحمن القطيوي وجمعة بوفايد – مفقودان منذ اعتقالهما.
والسجين المفقود الثالث، وهو فتحي الجهمي، رهن الاحتجاز منذ مارس/آذار 2004، حينما أجرى مقابلات في الإعلام الدولي ينتقد فيها الزعيم الليبي مُعمر القذافي. وبدأت محاكمته في أواخر عام 2005، لكنها توقفت فجأة، ولم تقدم الحكومة أية معلومات عنه أو هي أعلنت عن اتهامات موجهة ضده. وطبقاً لأسرة الجهمي، فالحكومة ترفض زيارتهم له منذ أغسطس/آب 2006 ولا يعرفون إن كان على قيد الحياة أو إن كان قد مات.
ولم تتم الإجابة على مطالبات متكررة للحكومة الليبية بالإحاطة بمعلومات عن مصير المفقودين الثلاثة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على الولايات المتحدة ألا تساعد مجموعة صغيرة من المسؤولين الليبيين على الاستفادة من فرص وصلات العمل الأفضل بينما غالبية الليبيين ما زالوا يعانون من الفساد والانتهاكات". وأضافت قائلة: "ويجب أن يأتي تحسين أحوال حقوق الإنسان قبل أي صفقات للنفط".
وفي 1 يناير/كانون الثاني أصبحت ليبيا عضواً غير دائم في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وحصلت على رئاسة المجلس طيلة فترة الشهر القادم.
للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش الملخص "ليبيا: حقوق الإنسان في خطر"، يُرجى زيارة: https://www.hrw.org/english/docs/2008/01/03/libya17674.htm