طالبت هيومن رايتس ووتش رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي بالأمر بالإفراج عن العتيبي الذي احتجزته دائرة المخابرات العامة الأردنية في حبس انفرادي لما يناهز فترة العامين ونصف العام، وهذا في رسالة موجهة من المنظمة إليه. وأوضحت هيومن رايتس ووتش في هذا رسالة التي جاءت في 10 صفحات تفصيلاً أن احتجاز العتيبي تعسفي بسبب التهم الزائفة المتغيرة من الحين للآخر الموجهة إليه، ولحرمانه من مشاورة محاميه على النحو اللائق، والتأخر دون تفسير في تقديم العتيبي إلى المحاكمة.
الاعتقال التعسفي الأول
في 28 ديسمبر/كانون الأول 2004، خلُصت محكمة أمن الدولة إلى أن العتيبي ليس مذنباً لنقص الأدلة في القضية المعروفة باسم قضية المفرق، وشملت تهمة التآمر لمهاجمة جنود أميركيين في المفرق عام 2002. وبعد اعتقال واستجواب دائرة المخابرات العامة للعتيبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بشأن قضية المفرق، قضى عامين في احتجاز سابق للمحاكمة في سجني السواقة وقفقفة. إلا أن بعد تبرئته من القضية، أعادته دائرة المخابرات العامة إلى الاحتجاز دون توجيه اتهامات إليه في 27 ديسمبر/كانون الأول 2004، ودون أي سند قانوني لاحتجازه. وأطلقت دائرة المخابرات العامة سراحه بعد ستة أشهر، في 28 يونيو/حزيران 2005.
إعادة الاعتقال
لم يتمتع العتيبي بالحرية إلا لأيام معدودة. فقد أعادت قوات الأمن توقيفه في بيته بالرصيفة بعد منتصف الليل في 6 يوليو/تموز، بعد أسبوع واحد من إطلاق سراحه. وفي 5 يوليو/تموز كان قد أدلى بحوار على قناة الجزيرة الفضائية وتكلم إلى الصحفيين حول دعمه للمتمردين في العراق واختلافاته معهم. وقد اعتقلته قوات الأمن مع بدء عرض المقابلة المُسجلة معه على الجزيرة. ولم يُقدم مسؤولو دائرة المخابرات العامة مذكرة اعتقال للعتيبي لدى القبض عليه، بل أخذوه مباشرة إلى مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة في عمان، وهو ما زال هناك إلى الآن.
الاتهام
تباينت مزاعم الحكومة الخاصة بالاتهامات الموجهة إلى العتيبي، والمبرِرة لتوقيفه المتجدد، عبر العامين الماضيين. فمنذ توقيفه في 6 يوليو/تموز 2005 لم يتم إحراز أي تقدم من حيث توجيه اتهامات رسمية إليه لمحاكمته بموجبها.
الاتصال بجماعات إرهابية
في البداية، قال نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة مروان المعشر في يوليو/تموز 2005 إن الحكومة اعتقلت العتيبي مجدداً بناء على اتهامات بالتآمر؛ لأنه أجرى اتصال هاتفي بمن قال عنهم المعشر إنهم جماعات إرهابية في الأردن وخارجها. إلا أن بعد عامين ونصف العام، لم تبدأ الحكومة في محاكمته بناء على هذه الاتهامات.
وفيما يتعلق بهذه المزاعم، قال العتيبي لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتصل إلا بابنته وشقيقته اللتان تقيمان بالولايات المتحدة. كما قال العتيبي إن إثر إعادة اعتقاله، لم يستجوبه محققو دائرة المخابرات العامة بشأن اتصالاته بالجماعات الإرهابية الدولية أو الأردنية. ويمكن التحقق بسهولة من تسجيلات المكالمات، ولهذا يسهل إثبات إتمام الاتصال من عدمه للتثبت مما إذا كان ثمة اتصال يُجرّمه، دون التأخر لمدة عامين ونصف العام في المحاكمة.
المعايير القانونية
ما زال من غير الواضح إن كان لدى السلطات الأردنية بالفعل أي دليل ضد العتيبي بشأن اتصاله غير القانوني بأشخاص مشتبه في كونهم إرهابيين أو بمنظمات تراها الحكومة الأردنية إرهابية. وكل من القانون الأردني والدولي يتطلبان وجود اشتباه أو سبب معقول وقت التوقيف مفاده أن المشتبه به قد ارتكب عملاً إجرامياً. ويجب أن يكون مثل هذا السبب على دليل مادي ما. ودون سبب أساسي كهذا، يُعتبر التوقيف تعسفياً، كما يبدو في هذه الحالة.
وبموجب المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تم نشره بالجريدة الرسمية الأردنية في يونيو/حزيران 2006، وبهذا أصبح سارياً منذ ذلك التاريخ: "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه". ولكي يكون التوقيف معقولاً، فيجب أن يكون الدليل المتوافر كافياً لإثبات وجود أسس منطقية للاعتقاد بارتكاب المشتبه به لفعل إجرامي.1
وينص قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على أنه من أجل تنفيذ مذكرة توقيف، فعلى مسؤول إنفاذ القانون، أو كما في حالتنا هذه، المدعي العام الذي أصدر مذكرة التوقيف أن يكون لديه ""أساسٍ كافٍ لاتهام" المشتبه به بارتكاب جريمة. والمادة 114.1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية جاء فيه أنه "يجب توافر الدليل على ارتكاب الفعل المنسوب إليه [المتهم]" لكي يصدر المدعي العام مذكرة توقيف. ولم يقدم المدعي العام دليلاً، والذي يجب بموجب القانون أن يتوافر وقت توجيه الاتهام. ولم يصدر المدعي العام غير مذكرة التوقيف.
وقد أضاف الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة إلى تعريفه للاحتجاز التعسفي الحالات التي "يستحيل فيها تواجد أي أساس قانوني يبرر الحرمان من الحرية".2
التحريض على العنف
في ديسمبر/كانون الأول 2006 قدمت الحكومة مبررات جديدة لاحتجازها العتيبي. وكتب اللواء محمد الذهبي مدير دائرة المخابرات العامة إلى هيومن رايتس ووتش يخطرنا بأن العتيبي "محتجز من قبل دائرة المخابرات العامة للتحريض على العنف وهو لهذا متهم بالتآمر لارتكاب أعمال إرهابية". ولم يأت الخطاب على ذكر مزاعم الحكومة الأولية بأن العتيبي قد اتصل بجماعات إرهابية مُخاِلفاً القانون.
والادعاء الجديد بالتحريض على العنف، وليس الاتصال بجماعات إرهابية، الذي يعتبر سبباً لتوقيف العتيبي، يبدو أنه نابع من المقابلة التي أجراها العتيبي على الجزيرة في اليوم السابق على إعادة اعتقاله. وقال العتيبي لـ هيومن رايتس ووتش إنه قبل إطلاق سراحه في 28 يونيو/حزيران 2005، حاول محققو دائرة المخابرات العامة أن يستخلصوا منه تعهداً بالرجوع علناً عن معتقداته السياسية والدينية كشرط لإطلاق سراحه، وهو الأمر الذي رفضه. كما قال إن دائرة المخابرات العامة لم تضع قيوداً على تحدثه علناً قبل إطلاق سراحه، وإن أبدى محققوه تفضيلاً قوياً لأن يجري مقابلة على قناة العربية السعودية، وليست منافستها القطرية؛ الجزيرة.
وقال محمد عصام العتيبي، ابن عصام العتيبي، لـ هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/أيلول 2005 إن المحققون سألوا أباه فقط بشأن مقابلة الجزيرة أثناء استجوابه إثر إعادة اعتقاله في 5 يوليو/تموز 2005. وأكد العتيبي هذا لـ هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2007. وطبقاً للعتيبي فقد عرضه مسؤولو دائرة المخابرات العامة على المدعي العسكري فواز العتوم خلال ستة أيام من اعتقاله، لكن العتوم لم يسأله إلا أن يوقع بياناً يؤكد فيه ما قاله في مقابلة الجزيرة. ودون تفسير أدخل اتهام التآمر لارتكاب أعمال إرهابية. ولم تحقق دائرة المخابرات العامة أو الادعاء مع العتيبي بعد هذا.
المعايير القانونية
توجد نسخة كتابية من مقابلة الجزيرة متوافرة علناً، وتحديد ما إذا كان العتيبي قد حرض على العنف، وهو الفعل المحظور بموجب قانون الإنسان الدولي باعتباره كلاماً محظوراً، يجب أن يشمل تقييماً لتحريضه المباشر والفوري ضد أشخاص بعينهم واحتمال وقوع هذا العنف بحقهم.
ودون توافر دليل على أن العتيبي حرض على العنف في المقابلة المعنية، فإن توقيفه على أساس التحريض ينتهك أيضاً حقه في حرية التعبير. وقد ضم الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في تعريفه للاحتجاز التعسفي الحالات التي "ينتج فيها الحرمان من الحرية عن ممارسة الحقوق أو الحريات"، مثل الحق في حرية التعبير.3
التآمر لارتكاب أعمال إرهابية
ينقص اتهام التآمر الموجه للعتيبي المصداقية والدليل الداعم له. والتآمر لارتكاب أعمال إرهابية هو الاتهام الأكثر شيوعاً بحق الأشخاص المعتقلين من قبل دائرة المخابرات العامة، كما لاحظت هيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها في أغسطس/آب 2007. ويبدو أنه الاتهام الأكثر مرونة الذي يستخدمه الادعاء لتوفير أساس رسمي لمذكرة التوقيف.
المعايير القانونية
أوضح التشريع الأردني ضرورة تواجد عدة شروط لثبوت ارتكاب جريمة التآمر. وقد حكمت محكمة النقض في قضية رقم 499 لعام 1999 بأن المادة 107 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني المجرم للتآمر يتطلب انطباقها 1) توافر الاتفاق، 2) إبرام الاتفاق بين شخصين أو أكثر، 3) أن يكون الغرض من الاتفاق هو ارتكاب جرم ضد أمن البلاد، و 4) أن يشمل الاتفاق تحديداً لسبل تنفيذ الغرض من التآمر. وقد جاء في الحكم أيضاً أن في قضية التآمر لارتكاب أعمال إرهابية، يجب أن يُظهر المتآمرون المعرفة والإرادة اللازمة لارتكاب أعمال إجرامية للوفاء بالعنصر الخاص بالنية الإجرامية. 4
ومن الصعب تخيل إمكانية الإثبات القانوني لتورط العتيبي في التآمر لارتكاب أعمال إرهابية لمجرد مشاركته في مقابلة مُسجلة على شاشة التلفزيون.
لحرمان من المحاكمة العاجلة
بغض النظر عن طبيعة الاتهامات الموجهة ضدهم، يحق لجميع المتهمين إتمام المحاكمات على نحو عاجل. وفي 4 ديسمبر/كانون الأول 2007، يكون العتيبي قد أتمّ عامين وخمسة أشهر قضاها في الاحتجاز انتظاراً للمحاكمة، دون أدنى بادرة من الادعاء بالانتقال إلى المحاكمة، على الرغم من التأكيدات المتكررة بأن الادعاء مستمر في جمع الأدلة.
وفي سبتمبر/أيلول 2006 أوضح المسؤولون الأردنيون أنهم ما زالوا يحاولون العثور على دليل يدعم الاتهامات الموجهة إلى العتيبي. وقال علي برجاق رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بدائرة المخابرات العامة لـ هيومن رايتس ووتش إن دائرة المخابرات مستمرة في التحقيق في أدلة القضية. وفي الوقت نفسه، قال المدعي العسكري رائد أزمقنا لـ هيومن رايتس ووتش، فيما يتصل بهذه القضية، إن خدمات الاستخبارات الأجنبية لا سريعة بالقدر الكافي في توفير المعلومات. وكرر زميله فواز العتوم هذا الزعم لـ هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2007.
المعايير القانونية
فيما قد توفر الجهود القائمة لجمع الأدلة الأساس القانوني لاستمرار احتجاز بانتظار المحاكمة، فعلى الحكومة أن تفي بمعايير معينة، بموافقة من القضاء، لهذا الاحتجاز القائم. فعلى الادعاء إظهار أنه لا يؤخر بذل الجهود اللازمة، ويجب أن تقوم محكمة بتقييم ما إذا كان الادعاء سيتسنى له الحصول على الدليل الذي يزعم أنه يسعى إليه، وما إذا كان التأخير يبرر الحرمان القائم من الحرية، وهو الأمر الذي يجب أن يظل دوماً استثناءً (انظر أدناه: الحرمان من حق الطعن في شرعية الاحتجاز).
والمادة 9.3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تعطي المحتجز المتهم بارتكاب عمل إجرامي الحق في "أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه". وفي التعليق العام رقم 8 المفسر للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قالت لجنة حقوق الإنسان "بخصوص كامل مدة الاحتجاز بانتظار المحاكمة... يجب أن يكون الاحتجاز السابق على المحاكمة استثناء وقصير قدر الإمكان". والمادة (ج) 14.3 من العهد الدولي جاء فيها أن لكل شخص الحق في أن "يحاكم دون تأخير لا مبرر له".
الاتهامات الموجهة إلى العتيبي المقدمة والمفسرة سابقاً من قبل المسؤولين الحكوميين تستدعي التساؤل إلى أقصى حد حول موقف الحكومة من استمرارها في السعي لجمع الأدلة. والشك في جدية الحكومة يُضاعف منه عدم قدرة العتيبي على مشاورة محامٍ ومن الاطلاع على ملف الادعاء الخاص به.
الحرمان من مشاورة محامي
يزعم العتيبي أنه حين مثل أمام المدعي العام في يوليو/تموز 2005 طلب حضور محامي، وهو صالح العرموطي نقيب المحامين الأردنيين، لكن المدعي العام رفض طلبه. ثم أصر العتيبي على إضافة عبارة "ليس مسموحاً لي بحضور محامي معي" إلى أقواله التي أدلى بها للمدعي العام قبل أن يوقع على الأقوال. ووافق المدعي ثم قام بالتوقيع. لكن العتيبي استمر في الإضراب عن الطعام للمطالبة بتمثيل من قبل محامي، إلا أنه لم ينجح في تحقيق طلبه.
وبعد عامين تقريباً، في أبريل/نيسان 2007، شرع العتيبي ثانية في الإضراب عن الطعام مطالباً بمشاورة محامي وفي رؤية أباه الذي كان يعاني من مرض خطير. وطبقاً للعتيبي، رفض طلبه حبيس سمير الحنيني نائب رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بدائرة المخابرات العامة. وبعد استمرار العتيبي في الإضراب لعدة أسابيع عرض رئيس المحققين علي برجاق السماح للعتيبي بمقابلة والده إذا هو كف عن المطالبة بمحامي. وقيل إن مسؤول آخر بدائرة المخابرات وهو هيثم [الاسم الكامل غير متوافر] قدم العرض نفسه.
وفي ذلك الحين كانت أسرة العتيبي قد استعانت بالمحامي ماجد اللفتاوي ليمثله. وعلى الرغم من أن اللفتاوي قد ذهب إلى مكتب المدعي العام مرات عديدة للحصول على إذن تمثيل العتيبي، فقد رفض المدعي العام السماح له بمقابلة موكله، زاعماً أن عليه الحصول على طلب من المحتجز نفسه.
وأخبر محمد العتيبي هيومن رايتس ووتش بأن أسرته أخطرت مسؤولاً بدائرة المخابرات العامة، وطلبت منه أن يخبر مدير مركز احتجاز دائرة المخابرات لكي يعرض العتيبي على المدعي العام، ويقع مقره على مسافة قريبة، لكي يخطر المدعي ثانية بطلبه بتمثيل اللفتاوي له كمحامي. إلا أن مدير مركز الاحتجاز رفض وقال إن المدعي العام هو الذي يجب أن يطلب المقابلة مع المحتجزين وليس مسؤولي دائرة المخابرات العامة. ويوضح هذا المثال المشقة البالغة في التقدم بطلب رسمي للتمثيل من قبل محامي، والتي يتكبدها محتجزي دائرة المخابرات العامة.
وطبقاً للعتيبي، فقد وافقت دائرة المخابرات العامة أخيراً على طلبه بتمثيل محامي له حين استمر في إضرابه عن الطعام، وعرضوه على مكتب المدعي العام شريطة ألا يعين اللفتاوي محامياً له، بل محامٍ آخر. ثم اتصل المدعي العام العتوم باللفتاوي، وقال له العتيبي إنه لا يريد أن يمثله، وأضاف سريعاً، "فأنا تحت الضغط"، وفي هذه اللحظة انقطعت المكالمة. ثم اتصل المدعي العام بأسرة العتيبي، وقال لهم العتيبي إنه بحاجة لمحامٍ آخر. وأعطوه اسماً آخر هو ياسر التعمري. ورفض المدعي العام طلب العتيبي في ذلك الحين بالتكلم إلى أبيه على الهاتف. وتوفي أبوه بعدها بفترة قصيرة.
وبعد فترة قصيرة تمكن التعيبي من توكيل التعمري بمكتب المدعي العام. وفي ذلك الحين، وطبقاً للعتيبي، استبعد العتوم الورقة التي كتب فيها العتيبي "ليس مسموحاً لي بحضور محامي معي" وفتح ملفاً جديداً. وبرغم أن العتيبي رهن احتجاز مستمر دون محاكمة منذ 6 يوليو/تموز 2005، وفي احتجاز شبه مستمر منذ 28 ديسمبر/كانون الأول 2004، فقد سجلت دائرة المخابرات العامة تاريخ احتجازه بدءاً من 16 أبريل/نيسان 2007 طبقاً لسجل المحتجزين الحاليين الذي عرضته دائرة المخابرات العامة على هيومن رايتس ووتش.
وعلى الرغم من السماح له أخيراً بتوكيل محامي في 19 أبريل/نيسان 2007، فلا يتمكن العتيبي من مشاورة محاميه فعلياً وليس معه رقم هاتفه. ولم يقابل المحامي غير مرة واحدة.
ويتلقى العتيبي زيارات أسبوعية منتظمة من أسرته، وتستغرق الزيارات أحياناً زمناً أطول من زيارات المحتجزين الآخرين.
المعايير القانونية
جاء في المبدأ 17 من مجموعة المبادئ المتعلقة بالاحتجاز أنه يحق للشخص المحتجز "الحصول على مساعدة محام... وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته". والفشل في توفير حقوق إجراءات التقاضي السليمة للمحتجزين قد يشكل احتجازاً تعسفياً. وشرحت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتضع تفسيرات آمرة للعهد، شرحت في مراجعتها لأحد القضايا أنه "لا تجوز المساواة بين "التعسف" و"خلافاً للقانون"، بل يجب تفسير التعبير الأول تفسيراً أوسع بحيث يشمل عناصر عدم الوجاهة وعدم العدل وعدم قابلية التوقع والتدابير القانونية السليمة"5 وفي تعليقه الآمر على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أضاف مانفريد نوفاك عناصر عدم العدل وعدم قابلية التوقع وانتفاء العقلانية والتقلب وعدم التناسب في معاني التعسف.6
وقيام مسؤولو دائرة المخابرات العامة والادعاء العسكري بإعاقة حق العتيبي في مشاورة محامي لا يمكن وصفه إلا بأنه غير عقلاني وغير مناسب وينطوي على التقلب وعدم العدل.
الحرمان من الحق في الطعن في شرعية الاحتجاز
قدم ياسر التعمري، الذي تعاون مع ماجد اللفتاوي، إلى الادعاء طلباً بخروج العتيبي بكفالة في 26 أبريل/نيسان، لكن لم يتم الرد على الطلب. وفي 3 مايو/أيار تقريباً قدم المحامي طلباً آخر بالخروج بكفالة إلى محكمة أمن الدولة، التي لها حق نظر جريمة التآمر لارتكاب أعمال إرهابية. ومحكمة أمن الدولة هي أيضاً السلطة القضائية التي لها الحق، بعد مرور 6 أشهر، في تقرير بقاء المحتجزين رهن الاحتجاز قبل المحاكمة. ولم ترد المحكمة بدورها على الطلب. وفي 17 مايو/أيار تقريباً رفع المحامي دعوى إلى محكمة النقض لمطالبة محكمة أمن الدولة بالرد. وفي 13 أغسطس/آب ذهب اللفتاوي إلى محكمة النقض لأنه لم يصله رد منها. وعرف أن محكمة النقض طلبت من المدعي العسكري ملف العتيبي في 15 يوليو/تموز تقريباً، لكنها لم تتلق رداً. وفي أغسطس/آب 2007 قال المدعي العسكري العتوم لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتلق أبداً طلباً من المحكمة بالاطلاع على ملف العتيبي.
المعايير القانونية
تعطي المادة 9.4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للمحتجز الحق في " الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني".
ولا يوجد في القانون الأردني ما ينص على قضايا تحديد شرعية الاحتجاز للسماح للمحتجز بالطعن في شرعية احتجازه. بل تحل طلبات الكفالة محل جلسات تحديد شرعية الاحتجاز، باعتبار هذا السبيل القانوني الوحيد للحصول على الحرية بانتظار المحاكمة.
وفي الأردن يحدد المدعي العام وليست محكمة مستقلة ومحايدة، البقاء في الاحتجاز، وله سلطة تقرير الكفالة لفترة تصل إلى ستة أشهر في الجنايات.
إلا أن مكتب المدعي العام ليس الجهة المسؤولة عن تحديد منح الكفالة أو مراجعة شرعية الاحتجاز. فالادعاء الأردني ليس مستقلاً أو محادياً. فمن الناحية الإدارية يتبع المدعي العسكري بمحكمة أمن الدولة التسلسل القيادي العسكري، وهو جزء من السلطة التنفيذية. كما أن المدعي ليس محايداً على الإطلاق، بما أن دوره في محاكمة المتهم هو إدانته. وقامت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالنظر في حالة نظام قانوني مشابه، وإن كان دور الادعاء فيه أكثر محدودية في واقع الأمر، وقالت إنه: "لم يثبت إمكانية اعتبار أن المدعي لديه الموضوعية والحيادية المؤسسية المطلوبة لاعتباره مسؤول مخول طبقاً للقانون بممارسة السلطة القضائية، بالمعنى المذكور في المادة 9.3 من العهد".7
والاستحالة العملية لحصول العتيبي على مراجعة قضائية مستقلة لشرعية احتجازه هو عامل آخر يسهم في تأكيد تعسفية احتجازه وانتهاك حقوقه الخاصة بإجراءات التقاضي السليمة. وبالاقتران بعدم قدرته على مشاورة محاميه بشكل فعال، فهذه الانتهاكات تستوفي معايير الاعتقالات التعسفية من الدرجة الثالثة كما جاء في تعريفها من قبل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة: "حين لا تتم مراعاة المعايير الدولية المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة بشكل كلي أو جزئي... إلى درجة تعطي الحرمان من الحرية صفة تعسفية". 8
ظروف الاحتجاز
مقارنة بالسجون الأردنية العادية الستة (الموقر، وسواقة، والبلقاء، وقفقفة، والعقبة، والجويدة) التي زارتها هيومن رايتس ووتش، تعتبر الظروف المادية في مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة أفضل. وبشكل عام فإن الزنازين نظيفة وأحجامها مناسبة وتحظى بصيانة جيدة.
إلا أن محتجزي مركز احتجاز دائرة المخابرات يتعرضون لنظام صارم من الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي ورهن الحجز الانفرادي. ويتم وضع المحتجزين في زنازين انفرادية ويقومون بممارسة النشاط اليومي منفردين. كما أنه ليس مسموحاً لهم بالتحدث إلى سجناء آخرين في الزنازين المجاورة، أو إصدار أية أصوات مسموعة وهم في زنازينهم أو في فناء التمرين. وليس مسموحاً لهم حتى بالتحدث إلى الحراس، بخلاف ذكر المعلومات الضرورية. وظروف احتجاز كهذه قد ترقى إلى مرتبة المعاملة السيئة بل وحتى التعذيب، خاصة أن على المحتجزين تحملها لفترات مطولة.
وقد تعرض العتيبي لهذه القيود الصارمة على التفاعل الاحتماعي لأكثر من عامين ونصف العام. وأثناء هذه الفترة (بخلاف الأيام القليلة التي أفرج عنه فيها)، لم يتكلم إلا مع المحققين، وأثناء الزيارات العائلية، والزيارات المتباعدة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمركز الوطني لحقوق الإنسان.
وتتطلب المعايير الدولية ألا يتم فرض هذه الأشكال من العزل إلا بعد التيقن من عدم توافر أساليب أقل وطأة للوفاء بالغرض المطلوب. كما تتطلب مراجعة منتظمة وشفافة للعزل في الاحتجاز.9 وقالت اللجنة إن الحجز الانفرادي المطول يُمكن أن يُشكِّل معاملة سيئة:
إن مبدأ التناسب يستدعي إحداث التوازن بين المطلب الخاص بموقف الاحتجاز القائم وفرض الحجز الانفرادي، والذي يمكن أن تكون له تبعات بليغة الضرر على الشخص المعني. والحجز الانفرادي يمكن أن يعتبر في بعض الظروف معاملة لاإنسانية أو مهينة، وفي أي ظرف من الظروف، فكل أشكال الحجز الانفرادي يجب ألا تستمر إلا لأقل فترة ممكنة من الزمن.10
ويسمح القانون الأردني لمراكز الإصلاح والتأهيل، الذي يبدو من الممارسة العملية أن دائرة المخابرات العامة لا تتبع أحكامه الخاصة بالاحتجاز، بحد أقصى من الحجز الانفرادي يبلغ سبعة أيام دون زيارات.11
1 الأمم المتحدة، حقوق الإنسان في إدارة النظام العدلي: دليل إرشادي للقضاة والادعاء والمحامين عن حقوق الإنسان، (نيويورك وجنيف: الأمم المتحدة، 2003)، الفصل الخامس: "حقوق الإنسان والاعتقال، والاعتقال السابق للمحاكمة والاحتجاز الإداري"، صفحة 174.
2 الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، "الشكاوى الفردية والطعون المستعجلة والمداولات، على: http://www.ohchr.org/english/issues/detention/complaints.htm (تمت الزيارة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2007).
3 الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، "الشكاوى الفردية والطعون المستعجلة والمداولات، على: http://www.ohchr.org/english/issues/detention/complaints.htm (تمت الزيارة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2007).
4 محكمة النقض، القسم الجنائي، "الحكم 499 لعام 1999، المجلة القضائية، صفحة 475/7.
5 وثيقة رقم 458/1991 "آيه دبليو ميكونغ ضد الكاميرون" (تم تبني الآراء في 21 يوليو/تموز 1994)، في UN doc. GAOR, A/49/40 (vol. II) صفحة 181، فقرة 9.8
6 مانفريد نوفاك، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: تعليق على العهد ، (كيل أم رين: إن بي إنجيل، 1993)، صفحة 172.
7 لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وثيقة رقم 521/1992، "كولمين ضد المجر" (تم تبني الآراء في 22 مارس/آذار 1996)، في UN doc. GAOR, A/51/40 (vol. II) صفحة 81 فقرة 11.3، مذكورة في: "الأمم المتحدة: حقوق الإنسان في إدارة القضاء، صفحة 189" وقالت اللجنة: "من اللصيق بالممارسة الملائمة للسلطة القضائية أن تمارسها جهة مستقلة وموضوعية ومحايدة فيما يتصل بالقضايا التي تتعامل معها". قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 1998، أوضح فهمها لمعنى الاستقلالية المطلوبة في المراجعة القضائية للاحتجاز: "على المسؤول أن يكون مستقلاً عن السلطة التنفيذية والأحزاب... وقت البت في شأن الاحتجاز... وإذا ظهر في ذلك الوقت أن المسؤول قد يتدخل لاحقاً في الملاحقة الجنائية بالنيابة عن سلطة الادعاء، فاستقلاليته وحياده قد يكونان موضع شك". المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قضية أسينوف وآخرون ضد بلغاريا، الحكم في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1998، تقارير 1998 – VIII، صفحة 3298، فقرة 146.
8 الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، "الشكاوى الفردية والطعون المستعجلة والمداولات، على: http://www.ohchr.org/english/issues/detention/complaints.htm (تمت الزيارة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2007).
9 اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، تقرير عن حكومة أيسلندا أثناء زيارة إلى أيسلندا، أجريت الزيارة بين 6 و12 يوليو/تموز 1993، ستراسبورغ، فرنسا، 28 يونيو/حزيران 1994، CPT/Inf (94) 8 صفحة 26، على: http://www.cpt.coe.int/documents/isl/1994-08-inf-eng.htm#II.B.3 (تمت الزيارة 8 يونيو/حزيران 2006).
10 اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، التقرير العام الثاني، CPT/Inf(92)3 صفحة 20.
11 مادة د.38 قانون رقم 9 لعام 2004، عن مراكز الإصلاح والتأهيل، منشور في الحريدة الرسمية، رقم 4656، 9 أبريل/نيسان 2004، صفحة 2045.