قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على المملكة العربية السعودية أن تُفرج فوراً عن عشرة أشخاص اعتقلهم شرطتها السرية في 2 فبراير/شباط، أو أن توجه إليهم اتهامات رسمية وتُبرز ما لديها من أدلةٍ ضدهم.
والرجال جميعاً على صلةٍ بالدعوة إلى الإصلاح؛ كما أن السرية التي تحيط باعتقالهم واحتجازهم بموجب مزاعم غامضة حول تمويل الإرهاب في العراق توحي بأن للاعتقال بواعث سياسية. وترفض المباحث السماح لعائلات المحتجزين بزيارتهم، وكذلك تمنعهم من الاتصال بمحاميهم، ولم تؤكد بعدُ مكان احتجاز أحد هؤلاء الرجال.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "من جديد تحاول السلطات السعودية إسكات الإصلاحيين بدلاً من الدخول في حوارٍ حول القضايا الجدية التي يعمل عليها هؤلاء الرجال"، وأضافت: "ويعتبر سبعةٌ من هؤلاء المحتجزين من دعاة الإصلاحات السياسية والاجتماعية البارزين منذ زمنٍ طويل".
وفي 2 فبراير/شباط، داهمت قوات المباحث السعودية فيلا المحامي عصام بصراوي في جدة حيث كان يجتمع مع خمسةٍ من رفاقه المعروفين على نطاقٍ واسع بدعواتهم المتصلة بالإصلاحات السياسية والاجتماعية في السعودية؛ واعتقلت المباحث الرجال الستة جميعاً إضافةً إلى مُساعد لبصراوي الشخصي. كما تم اعتقال رفيقٌ آخر لبصراوي في سيارته بجدة، وتعرض رجلان آخران للاعتقال في المدينة المنورة. وقيدت المباحث أيدي من كانوا في الفيلا ثم نقلتهم إلى سجن جديد للمباحث يبعد 30 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من جدة قرب عِسفان، وذلك طبقاً لما قاله شخصٌ من جدة تلقى معلومات عن الاعتقال من زوجة بصراوي.
وخلال بعثة لتقصي الحقائق في المملكة العربية السعودية خلال شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، التقت هيومن رايتس ووتش أربعةً من المحتجزين العشرة، وهم سليمان الرشودي، وعصام بصراوي، وعبد الرحمن الشميري وعبد العزيز الخريجي، وكذلك محاميهم باسم عالم. ومن بين الآخرين الذين تم اعتقالهم في جدة سعود مختار الهاشمي، وموسى القرني، والشريف سيف الدين شاهين، ومُساعد بصراوي حسين الصادقي، وهو مغربي.
وتعرض سليمان الرشودي، وهو قاضٍ سابق متقدم في السن، للاعتقال أيضاً في 16 مارس/آذار 2004 على يد المباحث، ومعه 13 آخرين من دعاة الإصلاحات السياسية والدستورية البارزين. ومن بين الذين تعرضوا للاعتقال مؤخراً الطبيب الهاشمي الذي يدير ديوانيةً معروفة للنقاش الثقافي في منزله بجدة، وقالت زوجته لـ هيومن رايتس ووتش إن المباحث كثيراً ما استدعته وأمرته بالكف عن دعوة شخصيات إسلامية بارزة إلى منزله للمشاركة في النقاشات، وقالت إنه شارك قبل اعتقاله بثلاثة أيامٍ فقط في حوارٍ تلفزيوني دار حول مطالب الإصلاحيين السياسيين.
وفي 12 إبريل/نيسان 2006، كان موسى القرني، وهو واحدٌ ممن تعرضوا للاعتقال هذا الشهر، من بين أربعة رجالٍ قدموا طلبا للملك عبد الله من أجل السماح بافتتاح منظمة مجتمع مدني إسلامية تهدف إلى مناقشة "الحرية والعدل والمساواة والمواطنة والتعددية والشورة، ودور المرأة". لكن ذلك الالتماس لم يلقَ إجابةً لا من الديوان الملكي ولا من أية جهةٍ حكوميةٍ غيره.
وقال باسم عالم لـ هيومن رايتس ووتش، وهو محامي أربعة من المحتجزين، إن السلطات منعته من مقابلة موكليه على الرغم من إرساله برقيات متكررة إلى مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود. وفي 3 فبراير/شباط، نقلت وسائل الإعلام عن الناطق باسم وزارة الداخلية الفريق منصور التركي زعماً مفاده أن المعتقلين متورطون في جمع الأموال من أجل إرسال شباب سعوديين إلى "مناطق مضطربة"، لكن شيئاً لم يُعرف بعد حول وجود اتهامٍ رسمي.
وقال مصدر أن هشام بصراوي، ابن عصام بصراوي، يحاول يومياً زيارة سجن المباحث لمقابلة أبيه المقعد الذي يعتمد على مساعده الشخصي في التحرك، إلا أن محاولاته لم تُصب نجاحاً، وقالت أسماء (زوجة الهاشمي) لـ هيومن رايتس ووتش إن ضابطاً في السجن قد أنكر احتجازهم لزوجها عندما ذهبت إلى السجن في 5 فبراير/شباط. ولم تتلقَ أية معلوماتٍ عن مكانه. كما احتجز ضباط المباحث في 3 فبراير/شباط، ولمدةٍ قصيرة، أسامة الهاشمي شقيق سعود، عندما رفض السماح لهم بدخول منزل سعود من غير مذكرة تفتيش.
وهيومن رايتس ووتش تدعو وزير الداخلية السعودي إلى إخلاء سبيل هؤلاء الإصلاحيين المحتجزين. والظاهر أن ضباط المباحث يمتنعون عن التقيد بالقانون السعودي عند تنفيذ عمليات الاعتقال والتفتيش؛ فهم لم يبرزوا أية أوامر تفتيش على الرغم من أن المادة 41 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي تنص على أن تفتيش المنازل يتطلب وجود "أمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام". كما منعت المباحث المعتقلين من الاتصال بالخارج ولم يتمكن محاميهم وأفراد عائلاتهم من زيارتهم أو تلقي معلوماتٍ حول التهم الموجهة إليهم. وأما ما يدعو إلى قلقٍ أكبر فهو عدم معرفة مكان وجود سعود مختار الهاشمي.
وتنص المادة 116 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي على الحق في أن "يبلغ فوراً كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو توقيفه" وعلى المحقق (وهو الادعاء العام أيضاً في السعودية) إبلاغ الموقوف بالتهم "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق" (المادة 101)، وهو ما يجب أن يحدث خلال 48 ساعة (المادة 34). وينص ذلك النظام أيضاً على أن للمحتجز "الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه" (المادة 35). وأما التوقيف لمدة تتجاوز 24 ساعة فيتطلب "أمراً كتابياً من المحقق" (المادة 33). ويمكن أن يصدر هذا الأمر "إذا لم يأتِ [الموقوف] بما يبرئه" (المادة 34). ويجعل هذا المعيار القانون السعودي مخالفاً للمعايير الدولية التي توجب احترام الحق الأساسي في افتراض البراءة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "يبين عدم التزام المباحث بالقوانين السعودية عند اعتقالها إصلاحيين معروفين استناداً إلى أسسٍ مشكوكٍ فيها أن الاعتبارات السياسية في المملكة مازالت تعلو على سيادة القانون".
لمزيد من المعلومات عن حالة حقوق الإنسان في السعودية، يُرجى الاطلاع على:
- رسالة هيومن رايتس ووتش إلى الملك عبد بن عبد العزيز آل سعود حول إصلاح وضع حقوق الإنسان في المملكة، https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/02/07/saudia12624.htm
- مذكرة هيومن رايتس ووتش إلى حكومة المملكة العربية السعودية بشأن أولويات حقوق الإنسان في المملكة، https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/02/07/saudia12623.htm
- بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش: "المملكة العربية السعودية: صدور أحكام بحق إصلاحيين سياسيين، المطالبون بالإصلاح يعاقبون جرّاء ممارستهم حق التعبير"،
https://www.hrw.org/arabic/docs/2005/05/16/saudia10980.htm