Skip to main content

المملكة العربية السعودية: وضع سجين مريض عقلياً في الحجز الانفرادي

السلطات لا تقدم العناية والإشراف الكافيين لنزيل انتحاري

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على سلطات السجون السعودية أن توفر فوراً الإشراف والرعاية الطبية التخصصية لهادي آل مطيف، وهو إسماعيلي نال الحكم بالإعدام عام 1996 في محاكمة غير عادلة؛ بسبب مزاعم بتحقيره النبي محمد. وقد سبق لهادي، الذي أكد التشخيص الطبي بأنه مصاب باضطراب نفسي، أن حاول الانتحار مرتين الشهر الماضي بعد وضعه في الحجز الانفرادي.

في 13 يناير/كانون الثاني قامت سلطات سجن نجران العام بوضع هادي في الحجز الانفرادي، كعقوبة بسبب اتصاله مع قناة الحر الفضائية التي تدعمها الحكومة الأميركية، وإرساله لها شريط فيديو عن حالته، تم بثه في 22 يناير/كانون الثاني.

وبعد خمسة أيام من الحجز الانفرادي، في 18 يناير/كانون الثاني حاول آل مطيف الانتحار لأول مرة بابتلاع أجسام معدنية، وبعد ثلاثة أيام من خضوعه لعملية جراحية لإخراج تلك الأجسام، أعاده مسؤولو السجن إلى الحجز الانفرادي؛ وفي 25 يناير/كانون الثاني حاول الانتحار ثانية وتم نقله إلى المستشفى على وجه السرعة. وبعد يومين أعادته سلطات السجن إلى الحجز الانفرادي مرة أخرى. وتفيد التقارير بأنه لم يتلق علاجاً نفسياً لا في المستشفى ولا في السجن، رغم أن أحد المستشفيات الحكومية شخصته عام 1999 بالإصابة باضطراب نفسي.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من تقديم الرعاية الطبية المناسبة لسجين مصاب باضطراب نفسي، رمت السلطات السعودية هادي آل مطيف في الحجز الانفرادي"، وتابعت تقول بأن "على الحكومة إطلاق سراح هذا الرجل فوراً وأن تسمح له بطلب العناية الطبية التي يحتاجها".

وقد تدهورت حالة هادي العقلية كثيراً منذ سجنه عام 1993؛ وفي عام 1999، وجد فريق متخصص في مستشفى الطائف النفسي، الذي أقام فيه هادي ستة أشهر، أن هذا الأخير "غير مسؤول عن تصرفاته"، وتم تشخيصه بأنه مصاب بالاكتئاب منذ طفولته. ومنذئذ، حاول هادي الانتحار عدة مرات، ولكنه لم يتلق أية عناية نفسية. كما رفض مسؤولو السجن أن يسمحوا لأبويه وأخوته برؤيته في المستشفى أو في السجن طوال السنوات الماضية.

في ديسمبر/كانون الأول قال آل مطيف لـ هيومن رايتس ووتش عن طريق الهاتف أن أمله ضعيف في الإفراج عنه. وفي أكتوبر/تشرين الأول، كتبت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى الملك عبد الله توثق لمحاكمته غير العادلة، وطلبت من الملك العفو عنه. وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بدا أن الملك قد أعفى عن آل مطيف؛ وبدأت سلطات السجن إجراءات الإفراج عنه، لكنها أعادته بعدئذ إلى الزنزانة دون أي تفسير، وأفرجت عن سجين آخر في قضية مشابهة بدلاً عنه. وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني أخطر الملك عبد الله هيومن رايتس ووتش أن المحكمة الملكية تتابع القضية.

في عام 1996، حكم القاضي محمد العسكري في محكمة نجران على آل مطيف بالإعدام لأنه تلفظ في ديسمبر/كانون الأول 1993، على حد ما زُعم، بعبارة اعتبرتها المحكمة مهينة للنبي محمد، وأبدى هذا القاضي، مع غيره من القضاة في دعوى الاستئناف في العربية السعودية التي يحكمها السنة، معاملة تمييزية ضد الأقلية الإسماعيلية الإسلامية التي ينتمي إليها آل مطيف، وهي أحد اتجاهات الشيعة، كما وثّقت هيومن رايتس ووتش في رسالتها إلى الملك؛ وكانت محاكمة آل مطيف غير منصفة إلى حد كبير ولم يلتزم القضاة فيها بأهم معايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي.

فعلى سبيل المثال، لم يتلق آل مطيف حكماً مكتوباً يبين أسباب الحكم عليه بالإعدام. وبعد أن أخبرت المحكمة الملكية هيومن رايتس ووتش في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني بأن هناك حكماً مكتوباً، طلب أخوه علي من المحكمة الملكية نسخة منه في أوائل ديسمبر/كانون الأول. ولكن رغم أن مسؤولي المحكمة أخبروه أن هناك ملف باسم آل مطيف في المحكمة (رقم 109036، بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 (20/10/1427 هـ)، إلا أنهم لم يسلموه أي حكم.

وقالت سارة ليا ويتسن: "لقد استخفت الحكومة السعودية بالعدالة في محاكمة آل مطيف"، مضيفة بأنه "بدلاً من التمادي في هذا، على الحكومة الإفراج عنه فوراً".

وينص القانون الإنساني الدولي على مبادئ تكفل تلقي السجناء المرضى عقلياً على علاج نفسي مناسب وتسمح لهم بالتواصل مع العالم الخارجي، كما تفرض هذه المبادئ قيوداً على الإجراءات التأديبية مثل الحجز الانفرادي. وعليه فإن وضع آل مطيف في الحجز الانفرادي وعدم تقديم عناية نفسية تخصصية له يشكل انتهاكاً لهذه المبادئ.

وقد كررت هيومن رايتس ووتش دعوتها الملك عبد الله العفو والإفراج عن آل مطيف. وعلى الحكومة السعودية إخراجه فوراً من الحجز الانفرادي وتقديم العناية الطبية له أثناء وبعد الاعتقال، كما جددت هيومن رايتس ووتش دعوتها الملك عبد الله العفو عن آل مطيف؛ لأن محاكمته لم تكن عادلة.

لمزيد من المعلومات عن المملكة العربية السعودية وأوضاع السجون، يرجى زيارة:

ملحق

تضع معايير حقوق الإنسان الدولية أحكاماً ومبادئ من أجل العلاج الطبي للسجناء وتواصلهم مع العالم الخارجي، ومن أجل ضبط الإجراءات التأديبية كالحجز الانفرادي.

والوسائل الرئيسية هي:
• مجموعة مبادئ من أجل حماية جميع الأفراد الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن؛
• أحكام معايير الحد الأدنى الصادرة عن الأمم المتحدة من أجل معاملة السجناء؛
• ضمانات تؤمن حماية حقوق الذين يواجهون حكم الإعدام.

1- المعالجة الطبية

يقول المبدأ 24 من مجموعة المبادئ بأن "يجب إجراء فحص طبي كامل للمعتقل أو السجين بأسرع ما يمكن بعد استلامه في مكان التوقيف أو السجن، وبعد ذلك يجب تقديم الرعاية الطبية والعلاج حينما تقضي الضرورة. ويجب أن تكون الرعاية والعلاج الطبيان مجانيين".

وقد أفادت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها أن وضع السجناء المرضى عقلياً في حجز انفرادي يزيد من خطورة إقدامهم على الانتحار: "تتم غالبية حوادث الانتحار في الإصلاحيات حين يتم عزل السجين عن طاقم موظفي السجن وعن زملائه السجناء. وعليه فإن العزل أو الزنازين الانفرادية ... يمكن أن تزيد خطر الانتحار". وفي الحالات التي يحاول فيها "السجناء العدوانيون والذين يمكن أن يؤذوا أنفسهم" الانتحار، يُوصى "ببرامج تعزز الرقابة اللصيقة عليهم والدعم الاجتماعي والحصول على مراجع نفسية اجتماعية". [منع الانتحار: مرجع لمسؤولي السجن. الاضطرابات العقلية والسلوكية، قسم الصحة العقلية، منظمة الصحة العالمية (جنيف، 2000) ص 10 و11].

وتنص المادة 22 من أحكام معايير الحد الأدنى على "(1) يجب أن يكون في كل مؤسسة خدمات لموظف طبي مؤهل واحد على الأقل يكون لديه بعض المعرفة بالطب النفسي. ويجب أن تشمل الخدمات الطبية [...] وسائل التشخيص النفسي، وفي الحالات المناسبة، معالجة حالات الاضطراب العقلي. (2) يجب نقل السجناء المرضى الذين يحتاجون إلى معالجة تخصصية إلى مؤسسات متخصصة أو إلى مشافي مدنية.

وتنص المادة 82 من الأحكام نفسها على أن السجناء المحكومين "الذين يعانون من أمراض أو اضطرابات عقلية أخرى يجب مراقبتهم ومعالجتهم في مؤسسات متخصصة بإدارة طبية".

2- التواصل مع العالم الخارجي

ينص المبدأ 19 من مجموعة المبادئ السجين على منح "حق الزيارة من قبل أفراد أسرته بشكل خاص وحق التراسل معهم وحق الحصول على فرصة كافية للتواصل مع العالم الخارجي وأن يخضع لظروف وتقييدات معقولة كما هو محدد في القانون أو النواظم القانونية".

وجاء في إحدى النشرات الصادرة عن مديرية السجون السعودية أن "تواصل السجين مع العالم الخارجي يشكل برنامج رعاية في غاية الأهمية".

وتنص الضمانات المتعلقة بالمحكومين بالإعدام على أنه "من حق أي محكوم بالإعدام أن يسعى للحصول على العفو الذي يمكن منحه في جميع حالات الحكم بالإعدام". وأيضاً: "لن يُنفذ حكم الإعدام أثناء القيام بأي إجراء يتعلق بالعفو..".

3- القيود المفروضة على الإجراءات التأديبية

ينص المبدأ 16 من مجموعة المبادئ على أن " لا يجب إنكار حق تواصل المعتقل أو السجين مع العالم الخارجي، ولاسيما مع أسرته أو محاميه، أكثر من بضعة أيام".

ويقضي المبدأ 30 من مجموعة المبادئ بأن "1- أنماط السلوك التي تشكل مخالفات انضباطية من قبل السجين خلال فترة سجنه وتحديد العقوبة التأديبية التي يمكن إنزالها به ومدتها يجب أن تكون محددة في القانون أو النواظم القانونية وأن تكون منشورة في حينها. 2- من حق السجين أن يتكلم وأن يسمع إليه قبل اتخاذ الإجراء التأديبي. ومن حقه رفع الإجراء المتخذ بحقه إلى السلطات الأعلى للدراسة".

وبموجب المادة 20 من قانون السجن والاحتجاز السعودي الصادر عام 1978 فلسلطات السجن أن تضع السجين في الحجز الانفرادي لمدة 15 يوماً إذا خرق "قانون السجن" (ويمكن للحاكم المحلي أن يضاعف هذه المدة في حال تكرر الخرق) ويشير إلى التعليمات التنفيذية لعام 1978 لتحديد "الأحكام القضائية على فرض العقوبات". ولكن الوجيز القانوني الرسمي يحذف هذه التعليمات التنفيذية.

وتنص المادة 32 من أحكام معايير الحد الأدنى على أن "(1) عقوبة الحجز في مكان ضيق أو عقوبة إنقاص الوجبات لا يمكن فرضها ما لم يقم المسئول الطبي بفحص السجين والموافقة كتابياً على أنه يمكن أن يتحمل هذه العقوبة. (2) وكذا الحال بالنسبة لأية عقوبة يمكن أن تضر جسدياً أو عقلياً بالسجين [...] (3) على المسؤول الطبي أن يزور يومياً السجناء الذين يقضون مثل هذه العقوبات وأن يقدم النصح للمدير إذا كان يرى أن إنهاء العقوبة أو تغييرها ضروري بدواعي الصحة العقلية والجسدية.

4- حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام

وتنص الضمانات على أنه "يمكن فرض عقوبة الإعدام فقط حين تكون إدانة الشخص المتهم واضحة وبأدلة قاطعة لا تترك مجالاً لأي تفسير مختلف للوقائع". كما تنص على أنه "لا يمكن تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد قرار نهائي تصدره محكمة مختصة بعد دعوى قانونية توفر كافة الضمانات الممكنة لضمان محاكمة عادلة، [...] بما في ذلك حق أي مشتبه به أو متهم بجريمة يمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام في الحصول على المساعدة القانونية الكافية في كل مراحل الدعوى".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة