قالت هيومن رايتس ووتش في رسالة وجهتها اليوم إلى الملك عبد الله، أن على السعودية أن توقف حملتها، والتي شنتها في جميع أرجاء المملكة، لاعتقال الأحمديين من أصول باكستانية وهندية وغيرها وترحيلهم بسبب معتقداتهم الدينية.
وقد قامت السلطات السعودية حتى الآن باعتقال 56 من أتباع الطائفة الأحمدية غير السعوديين، بمن فيهم رضّع وأطفال صغار، ورحّلت ثمانية منهم على الأقل إلى الهند والباكستان دون توجيه أية تهمة. وهناك عددٌ آخر من الأحمديين، الذين يقيمون في المملكة بشكل قانوني، ويعيشون في الخفاء أو غادروا البلاد بمحض إرادتهم حفاظاً على سلامتهم. والأحمديون في السعودية هم جماعة صغيرة من العمال الأجانب من الهند والباكستان بالأساس، وهم يعتبرون أنفسهم مسلمين ويتبعون تعاليم ميرزا غلام أحمد، وهو إصلاحي إسلامي من القرن التاسع عشر. كما ويتعرض الأحمديون للاضطهاد أيضاً في كل من باكستان وبنغلاديش.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "إن اضطهاد الحكومة السعودية للأحمديين بسبب ديانتهم، يحول المملكة إلى نموذج لعدم التسامح الديني"، وأضافت بأنه "يتعين على الملك عبد الله أن يضع على الفور حداً لهذه الحملة والتحقيق مع المسئولين عن موجة الاعتقالات والترحيل".
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول، اعتقلت عناصر الشرطة الدينية 49 أحمدياً من إحدى المضافات في جدة، حيث دأبوا منذ أشهر على الاجتماع لأداء صلاة الجمعة وعقد اللقاءات الاجتماعية. وفي 5 و6 و8 يناير/كانون الثاني، قامت قوات الأمن السعودية باعتقال 5 آخرين من الأحمديين في جدة وجبيل والدمام. ومعظم الأحمديين المحتجزين يعملون في المملكة منذ سنين عديدة.
ونقلت الشرطة الدينية مجموعة الأحمديين الذين تم اعتقالهم في جدة، إلى مخفر الشرطة في تمير، حيث قضى الرجال والأطفال ليلتهم تحت الحراسة في إحدى الشرفات المكشوفة. وقد ضمت المجموعة 14 طفلاً منهم رضيع في الشهر الثامن من العمر. ثم عمدت السلطات السعودية إلى نقلهم إلى سجن بريمان، حيث مكثوا مدة 12 يوماً مع حوالي 400 من السجناء المدانين بجرائم مختلفة، كانوا يتناولون خلالها طعاماً سيئ التحضير. واستطاع كفلاؤهم السعوديون إطلاق سراح الجميع باستثناء أربعة، وذلك بانتظار ترحيلهم من البلاد.
ومن الواضح، طبقاً لما ذكره أحد ضباط الشرطة في جدة للمحتجزين، أن الاعتقالات تمت بناء على أوامر الأمير نايف وزير الداخلية، واستهدفت الأحمديين بسبب انتمائهم الديني.
وقد قام أحد محققي المباحث بسؤال عبد السميع، وهو أحمدي تم اعتقاله في جبيل يوم 8 يناير/كانون الثاني "كم عدد الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعتكم في المدن الأخرى وما هي أسماؤهم؟" ثم سأله المحقق عن أسماء محددة.
ويحمي القانون الإنساني الدولي حرية الأديان، ومنها "حرية تغيير الديانة أو العقيدة، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة" (المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). وقيام الحكومة السعودية باعتقال واحتجاز أعضاء الجماعة الأحمدية لمجرد انتمائهم الديني يشكل انتهاكاً جسيماً لهذا الحق.
وأكد المسئولون السعوديون لحكومة الولايات المتحدة في يوليو/تموز 2006 أن المملكة ستحترم حق العبادة الخاصة، ومقابل ذلك قررت الولايات المتحدة عدم فرض عقوبات على انتهاكات المملكة لحرية الأديان.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على الحكومة الأمريكية ألا تغض الطرف عن انتهاكات السعودية للحرية الدينية"، مضيفة بأن "هذه الاعتقالات تُشكِّل مؤشراً واضحاً على عدم تسامح المملكة مع حرية العبادة".
وبالإضافة لهذا، يشكل بعض هذه الاعتقالات خرقاً لالتزامات السعودية تجاه اتفاقية حقوق الطفل التي تُلزِم المملكة "باتخاذ جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل ... أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم". كما تطلب الاتفاقية بأن يكون احتجاز الأحداث هو الملجأ الأخير (المادة 37-ب).
وقال دبلوماسي هندي لـ هيومن رايتس ووتش بأن مسئولين قنصليين زاروا المحتجزين الأحمديين من أصل هندي؛ إلا أن الدبلوماسيين الباكستانيين والسوريين لم يزوروا مواطنيهم المحتجزين.
وقالت سارة ليا ويتسن: "تعرض مواطني دولة في الخارج للاضطهاد الديني كفيل بأن يقرع جرس الإنذار لدى أي دبلوماسي لتلك الدولة". وتابعت تقول بأن "حكومات بعض الدول مثل الهند والباكستان يجب أن تثير قضية الاضطهاد مع السلطات السعودية على الفور".
وطالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة السعودية بإنهاء حملة الاضطهاد الديني بحق الأحمديين، وأكدت على وجوب أن تقوم الحكومة بإطلاق سراح جميع الأشخاص الذين تم اعتقالهم خلال هذه الحملة، وأن توقف عملية ترحيلهم، وتعيد قبول من تم ترحيله. ويتعين على المملكة أن تعلن التزامها العلني باحترام حرية الأديان وحرية التجمع السلمي لأداء الصلاة مع آخرين، كما عليها أن تقدم من حرّضوا على الاضطهاد الديني وساهموا فيه إلى العدالة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على الملك عبد الله أن يتحرك بسرعة كي يظهر للعالم أن اضطهاد الأقليات الدينية ليس من سياسات الحكومة السعودية".
للحصول على معلومات عن العربية السعودية والأحمديين، يُرجى الاطلاع على:
رسالة إلى الملك عبد الله في أكتوبر/تشرين الأول 2006 تطالب بالعفو عن إسماعيليٍّ محكومٍ بالإعدام: https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/10/10/saudia14373.htm
شهادة هيومن رايتس ووتش أمام الكونغرس الأمريكي بصدد حرية الأديان في المملكة العربية السعودية: http://commdocs.house.gov/committees/intlrel/hfa24596.000/hfa24596_0f.htm
تقرير حول اضطهاد جماعة الأحمدية في بنغلاديش صدر في يونيو/حزيران 2005: https://www.hrw.org/reports/2005/bangladesh0605
الفصل الخاص بالباكستان في تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي لعام 2007: https://www.hrw.org/englishwr2k7/docs/2007/01/11/pakist14756.htm