قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم أن معلوماتٍ جديدة بشأن جريمة قتل أدت إلى إعدام أحد المشتبه بهم في عام 2000 تقدم سبباً جديداً الاغاء عقوبة الإعدام في الاردن. لقد فشل نظام العدالة الأردني فشلاً مأساوياً بشأن تهمة القتل الموجهة إلى بلال موسى، الذي جرى إعدامه بسبب تلك الجريمة استناداً إلى اعترافاتٍ يُرجّح أنها انتزعت تحت التعذيب، بينما تمت تبرئة رجلٍ آخر اعترف طوعاً بارتكاب نفس الجريمة.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: "تبين هاتان القضيتان فشل النظام القضائي الأردني في التدقيق الأساسي في الحقائق، حتى في أخطر القضايا. ويجب أن يستجيب الأردن فوراً إلى دعوة الملك عبد الله لإلغاء عقوبة الإعدام لمنع وقوع أحداثٍ مأساوية من هذا النوع في المستقبل".
ففي 27 أبريل/نيسان 2000، أمرت محكمة الجرائم الخطيرة في عمان بإعدام بلال موسى بسبب جريمة قتل ناجح الخياط عام 1995، وذلك رغم ادعاء بلال موسى بتعرضه للتعذيب لانتزاع الاعترافات منه، ورغم انعدام وجود أية صلة ظاهرة له بالضحية. لكن نفس المحكمة برّأت، في 26 سبتمبر/أيلول 2005، زهير الخطيب الذي يصرّ على أنه هو القاتل الحقيقي.
وقد أدان القضاة بلال موسى بقتل تسعة أشخاص آخرين خلال أربع سنوات، وذلك اعتماداً على نفس الاعترفات المشكوك فيها. وقد عجِز الادعاء عن تقديم أية أدلة تربط بين موسى وبين مقتل الخياط أو غيره من الضحايا. ولم تستند المحكمة إلا إلى الاعترافات التي جرى انتزاعها تحت التعذيب، وذلك طبقاً لشهادةٍ أدلى بها أمام المحكمة شاهدٌ قال أنه سمع صراخ موسى جراء الضرب الذي تعرّض له أثناء الاستجواب.
ولم يبدِ موسى أي اعتراض بشأن القضية الحادية عشر، والتي ادعى فيها أنه قتل صديقاً له كان يعتدي جنسياً على زوجته سوزان إبراهيم. وقد كانت سوزان أيضاً مدَّعى عليها في القضايا المرفوعة ضد موسى. لكن المحكمة امتنعت عن التحقيق في ادعاء موسى وزوجته بتعرضهما للتعذيب.
وقد تم إعدام موسى شنقاً في سجن سواقة الواقع جنوبي عمان في 7 ديسمبر/كانون الأول 2000. كما أدانت المحكمة زوجته سوزان إبراهيم بجريمة القتل أيضاً، لكنها خففت العقوبة إلى الحبس المؤبد مع الأشغال الشاقة. وقد توفيت سوزان في السجن بعد أشهرٍ قليلة على إعدام زوجها.
وفي 15 مايو/أيار 2005، أي بعد خمس سنوات من إغلاق ملف هذه القضية التي عرفت شهرةً كبيرة، أدان اثنان من نفس قضاة محكمة الجرائم الخطيرة زهير الخطيب بقتل الخياط واثنين آخرين. وطبقاً لسجلات المحكمة، فإن الخطيب قد اعترف طوعاً ومن تلقاء نفسه بقتل الخياط رغم أن الشرطة كانت تلاحقه بجريمتي قتلٍ لا علاقة لهما بجريمة قتل الخياط؛ وقد اعترف الخطيب بتلك الجريمتين أيضاً.
قالت ويتسن: "تشير قضية الخياط إلى خطر الاعتماد على اعترافات مشكوك فيها دون وجود أدلة أخرى تبين الحقيقة. ومن المحزن أن التدقيق الشديد في الأدلة ورغبة المحكمة في إثبات الحقيقة كانا غائبين عن هذه القضايا".
وعندما تبينت المحكمة أنها كانت قد حكمت على موسى بالإعدام في نفس القضية، فقد أحالت القضية إلى محكمة التمييز التي أعادتها إلى المحكمة الابتدائية لإعادة النظر فيها.
وفي 26 سبتمبر/أيلول، تراجعت محكمة الجرائم الخطيرة عن قرارها بإدانة الخطيب بقتل الخياط قائلةً بأن اعترافات موسى أكثر اتفاقاً مع وقائع القضية ومتجاهلةً ادعاء موسى بأن الشرطة قد أملت عليه اعترافاته. ومن الواضح أن رفض المحكمة لاعترافات الخطيب الطوعية بارتكاب جريمة قتل الخياط لم يستند إلا إلى إدراكها أنها قد أعدمت رجلاً لنفس الجريمة.
لقد أصدرت هذه المحكمة قرارها ثلاث مرات بشأن هوية قاتل ناجح الخياط. وقد شارك اثنان من قضاة هيئة المحكمة الثلاثة في هذه القرارات كلها. واستناداً إلى نفس الوقائع تماماً، وجد القضاة أن الخطيب "مذنب" في المرة الأولى، ثم وجدوه "غير مذنب" في المرة الثانية. ورغم انعدام وجود أدلة مؤيدة، ومع ادعاء الخطيب انتزاع الاعترافات منه عبر التعذيب، فقد قرر القضاة أنه مذنبٌ وأمروا بإعدامه.
قالت ويتسون: "لا يجوز تكليف القضاة الذين اعتمدوا على اعترافات موسى والخطيب في البداية، دون تدقيقٍ حقيقي في الأدلة، بإعادة النظر في قرار الحكم؛ فلابد من وجود تحقيق مستقل".