Skip to main content

السودان: لا بد من مراقبة وقف إطلاق النار في دارفور

الإقليم في أمسِّ الحاجة للأمن والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن وقف إطلاق النار في إقليم دارفور، غربي السودان، يمثل خطوة أولى جديرة بالترحيب، ولكنه بحاجة لرصد دولي فوري وصارم منعاً لوقوع كارثة إنسانية ولاستمرار نزوح المدنيين.

وتهدف هذه الهدنة الإنسانية إلى وقف صراع استمر لمدة 15 شهراً بين الحكومة السودانية و جماعتين من المتمردين تعرفان باسم "حركة/جيش تحرير السودان" و"حركة العدالة والمساواة"؛ وقد أبرم اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة من الحكومة الكندية، وتم التوقيع عليه في العاصمة التشادية نجامينا في 8 أبريل/نيسان الجاري تحت إشراف دولي؛ ويسري الاتفاق لمدة 45 يوماً قابلة للتجديد بصورة تلقائية. كما وافقت أطراف الاتفاق على السعي للتوصل لتسوية سياسية في وقت لاحق.
وقالت جيميرا روني، الباحثة المعنية بالسودان في منظمة هيومن رايتس ووتش
"بدون تركيز أنظار المجتمع الدولي على هذه القضية، فمن المستبعد أن تقوم الحكومة بنزع أسلحة الميليشيات العربية وحلها، أو إعادة إرساء الأمن في المناطق الريفية، أو ضمان سلامة النازحين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم قبل موسم الزراعة - وهذه كلها معايير حاسمة لأي تحسن في الأوضاع؛ ولن تقوم الحكومة بمعالجة قضية النزوح التي تسببت فيها إلا تحت ضغوط دولية مستمرة ومكثفة".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الجيش السوداني والميليشيات قد أحرقت القرى، وقامت بقتل واغتصاب واختطاف المئات من المدنيين، وأجبرت مئات الآلاف على الرحيل عن ديارهم، وهو نمط من الانتهاكات يبلغ حد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وبالرغم من هذه الانتهاكات المنهجية الواسعة النطاق، فإن اتفاق وقف إطلاق النار يفتقر إلى آلية دولية واضحة لرصد الهجمات المستمرة على المدنيين، وحرية دخول المنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية؛ بل لا يرد في الاتفاق أي ذكر لرصد حقوق الإنسان على الإطلاق.

وقالت روني
"إن غياب عنصر الرصد عيبٌ لافت للنظر باعتبار أن الأزمة الإنسانية التي يلوح شبحها في الأفق هي نتيجة مباشرة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفتها الحكومة وميليشيات 'جنجويد' العربية الموالية لها".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن حملة الحرق والتدمير المتعمد التي تنتهجها الحكومة السودانية ظلت تزداد شراسة ووحشية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية. وقد تم توثيق الهجمات المشتركة التي تشنها القوات الحكومة وميليشيات "جنجويد" بناءً على أدلة ثابتة؛ فقد أرغم مئات الآلاف من المدنيين النازحين على الفرار من ديارهم إلى مخيمات ومستوطنات تقع في محيط المدن الرئيسية بدارفور ومناطق اللاجئين في شرقي تشاد؛ وينتمي هؤلاء النازحون إلى نفس الجماعات العرقية الإفريقية التي ينحدر منها معظم أعضاء حركة التمرد - وهي الفور والمساليت وزغاوة.

وتشير أبحاث هيومن رايتس ووتش والأنباء الواردة من دارفور إلى أن الميليشيات تواصل اعتداءاتها على المدنيين حتى بعد فرارهم إلى المخيمات والمدن الكبيرة؛ إذ ما برحت الأنباء تتواتر من المخيمات والمستوطنات الخاضعة لسيطرة الميليشيات عن تعرض المدنيين النازحين لحوادث الإعدام الفوري، والاغتصاب، والسلب والنهب.
وقالت روني
"ما لم يتم توفير الحماية للمدنيين النازحين، وزيادة المساعدات الإنسانية المقدمة لهم إلى حد كبير، فثمة خطر في أن يهلكوا بسبب الأوبئة أو من جراء مجاعة من صنع الإنسان؛ ولكن يجب على المجتمع الدولي أن يتحقق من أن مساعداته الإنسانية لا تفضي إلى ترسيخ حالة النزوح وإدامتها".
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن استمرار الحكومة السودانية في منع جميع المنظمات الإنسانية من دخول المنطقة - مما يُعد انتهاكاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي - وتعليماتها الخاصة بالإغاثة، التي تنطوي على عراقيل متعمدة، قد ساهمت بالفعل في تدهور الوضع الصحي والغذائي للنازحين. وقد تصاعدت التقديرات بشأن عدد الأشخاص الذين يحتاجون للمعونات الغذائية وغيرها من معونات الطوارئ، خلال الفترة 2004-2005، حتى تجاوزت المليون؛ ومن بينهم اللاجئون والمهجرون وغيرهم من المتضررين من الصراع.

ومما يثير قلق منظمة هيومن رايتس ووتش أن الحكومة السودانية لم تدخل في اتفاق وقف إطلاق النار إلا لأنها قد قطعت شوطاً بعيداً في عملية التهجير القسري للجماعات العرقية المستهدفة من المناطق الريفية؛ والخشية الآن أن تسعى الحكومة للتلاعب بالمعونات الإنسانية على نحو يجبر المهجرين على البقاء في المخيمات التي ترعاها الحكومة، ويمنعهم من العودة إلى مواطنهم لفلاحة أراضيهم. وتشير بعض الأنباء الواردة إلى أن جماعات عرقية منافسة من أصول عربية بدأت تستوطن في القرى والأراضي التي طُرد منها أهاليها الأفارقة عنوة.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن ميليشيات "جنجويد" لا تزال تسيطر على مساحة كبيرة من المنطقة الريفية، حيث تقيم نقاط التفتيش ولا تسمح للمدنيين باجتيازها للوصول إلى قراهم إلا بعد دفع مبالغ مالية. كما تقطع هذه الميليشيات الطريق على المدنيين الفارين الذين يحاولون اللجوء إلى تشاد طلباً للأمان.

وجدير بالذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار يلزم الحكومة السودانية بـ"تحييد" الميليشيات في دارفور، بيد أن مثل هذا الالتزام ليس له مدلول واضح؛ فبدلاً من نزع أسلحة هذه الجماعات وحلها، هناك مؤشرات توحي بأن الحكومة السودانية قد تسعى لدمجها في صفوف القوات المسلحة السودانية، وليس مؤدى هذه الخطوة سوى التأكيد على ما تنعم به هذه الجماعات من حصانة تجعلها بمأمن من أي عقاب، وترسيخ سيطرتها الفعلية على بعض مناطق دارفور.

ومنذ فبراير/شباط 2003، قامت الحكومة بتجنيد وتسليح الآلاف من أعضاء الميليشيات العربية من المنطقة لمكافحة حركة من المتمردين الذين ينتمي معظمهم إلى ثلاث جماعات عرقية، هي زغاوة والفور والمساليت. وينص الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان 2004، على "السماح للمنظمات الإنسانية بسرعة الوصول إلى السكان المعوزين في دارفور بلا قيد أو شرط"، ومن المفترض أن يعقبها المزيد من المفاوضات ابتغاء التوصل لـ"تسوية نهائية للصراع".

للحصول على مزيد من المعلومات، انظر تقرير "النيران تشتعل في دارفور: الفظائع المرتكبة في غربي السودان" في الموقع التالي:

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة