حثت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أعضاء مجلس الأمن الدولي على إنشاء بعثة للمراقبة الدولية تتولى رصد انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني التي تقع أثناء المصادمات العنيفة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفيما يلي نص الخطاب الذي وجهته المنظمة إلى مجلس الأمن.
14 نوفمبر/تشرين الثاني 2000
السادة أعضاء مجلس الأمن
إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تكتب هذا الخطاب كي تحث مجلس الأمن على اتخاذ إجراء فوري يسمح بإنشاء بعثة دولية للمراقبة تتولى رصد المواجهات العنيفة المستمرة في قطاع غزة والضفة الغربية، وإصدار التقارير بشأنها. فلقد كان للانتهاكات الخطيرة والمستمرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني دور رئيسي في إشعال فتيل هذه المواجهات واستمرارها؛ ولا بد أن يكون رصد هذه الانتهاكات وتقديم التقارير عنها هو محور صلاحيات هذه البعثة. ووجود هذه البعثة الدولية المحايدة من شأنه أن يحسِّن الوضع الأمني للمدنيين، في الوقت الذي تزوِّد فيه المجتمع الدولي بالمعلومات المستقلة الموثوق بها اللازمة لحماية المدنيين.
وقد أوفدت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" فريقين لتقصي الحقائق إلى المنطقة منذ اندلاع أعمال العنف في 29 سبتمبر/أيلول؛ وأثبتت تحقيقاتنا أن ثمة نمطاً مطرداً من الاستخدام المفرط والعشوائي للقوة المفضية إلى الموت من جانب قوات الجيش الإسرائيلي، عند تصديها لمظاهرات الاحتجاج الفلسطينية. وما فتئت تتزايد الهجمات العنيفة التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون والمواطنون الفلسطينيون على المدنيين باستخدام الأسلحة النارية والحجارة، وكثيراً ما تقع مثل هذه الهجمات بموافقة ضمنية من قبل السلطات من الجانبين. وتلجأ إسرائيل بصورة متزايدة إلى استخدام الأسلحة الثقيلة مثل المروحيات المسلحة بالصواريخ والمدافع الرشاشة، والصواريخ الخفيفة، ونيران الدبابات، رداً على نيران البنادق الفلسطينية. وتخشى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن يؤدي هذا التصعيد إلى تزايد عدد الجرحى والقتلى من المدنيين.
وهنالك سوابق ذات صلة بهذا الموضوع لنشر بعثة دولية للمراقبة أثناء هذه الأزمة؛ إذ توجد حالياً بعثة دولية صغيرة للمراقبة ذات صلاحيات محدودة في مدينة الخليل، وتعرف باسم "البعثة الدولية المؤقتة في الخليل".ويشعر سكان الخليل، وكذلك المراقبون الدوليون المستقلون، أن البعثة المذكورة قد ساهمت بصورة إيجابية في الحد من التوتر وذلك من خلال تقديمها تقارير سرية دقيقة عما يقع من الحوادث إلى السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، وإلى الحكومات المساهمة في هذه البعثة، ومن خلال كونها بمثابة منبر للنقاش بين المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. وتفيد الأنباء الواردة بأن وصول مراقبي هذه البعثة إلى ساحة الأحداث قد ساعد على نزع فتيل التوتر في عدد من المواقف الموشكة على الانفجار.
غير أن القيود الصارمة المفروضة على صلاحيات هذه البعثة كانت من العوامل التي أعاقت مفعولها، فهي تخلو من أي تركيز على انتهاكات حقوق الإنسان، فضلاً عن أنها تحظر على البعثة نشر أي نتائج تخلص إليها علناً. ولكي تكون أي بعثة للمراقبة الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة على أعلى درجة من الفعالية ينبغي أن تكون حقوق الإنسان في لب صلاحياتها، وينبغي تخويلها صلاحية إصدار التقارير عن نتائجها علناً، خاصة في غياب أي إجراءات تصحيحية من جانب السلطات المعنية، وتزويدها بالموارد الكافية للنهوض بالمهام الواقعة في إطار صلاحياتها. وتوصي منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بوضع هذه الصلاحيات قبل نشر بعثة المراقبين، وبأن تخوّل هذه الصلاحيات للبعثة، بل وتلزمها، بالقيام بالمهام التالية على وجه التحديد:
حرية رصد أوضاع حقوق الإنسان والتحقيق فيها:
· تلقي الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان من أي أشخاص أو جماعات في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، سواء أكانوا مقيمين فيها حالياً أم فيما مضى.
· حرية التنقل وزيارة أي موقع يشاء أفراد البعثة زيارته، بما في ذلك أي معتقل معروف أو مشتبه فيه.
· حرية إجراء المقابلات مع الأشخاص في سرية، بما في ذلك المعتقلون الذين لم تُوجَّه إليهم تهمة ارتكاب أي جريمة.
رصد الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية وإصدار التقارير عنها ونشرها:
· رصد سلوك قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية، والتحقيق في حوادث المضايقة أو العنف التي يتعرض لها المدنيون، إلى جانب الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأفعال التي يرتكبها الأفراد بموافقة صريحة أو ضمنية من السلطات.
· إثارة قضايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مع السلطات المعنية، والتوصية بالإجراءات التصحيحية الملائمة، بما في ذلك فصل المسؤولين عن هذه الانتهاكات أو تقديمهم للمحاكمة.
· إصدار تقارير علنية عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، ولا سيما في الحالات التي لم تتخذ فيها السلطات الإجراءات التصحيحية اللازمة.
· إصدار تقارير علنية دورية بشأن أنشطة البعثة ونتائجها.
رصد ظروف الاعتقال وإصدار التقارير عنها ونشرها:
· رصد المعاملة التي يلقاها المعتقلون من خلال الزيارات المنتظمة للسجون ومراكز الشرطة والأماكن التي يشتبه في استخدامها كمراكز للاعتقال، بما في ذلك المراكز الواقعة خارج المناطق المحتلة ولكن يُحتجز فيها الأشخاص لسبب يتعلق بالصراع الدائر.
· حرية إجراء مقابلات مع المعتقلين في سرية، بما في ذلك المعتقلون الذين لم تُوجه إليهم أي تهمة بعد.
· الاعتراض لدى السلطات عندما تمنع المراقبين من زيارة مراكز الاعتقال، أو عندما تخل ظروف الاعتقال بالمعايير الدولية.
· التوصية بالإجراءات التصحيحية اللازم اتخاذها، بما في ذلك الفصل أو المحاكمة، ونشر التقارير العلنية عن هذه الأوضاع حينما تتقاعس السلطات عن اتخاذ الإجراء التصحيحي اللازم، بما في ذلك تقديم المسؤولين للمحاكمة.
لقد سبق للمجتمع الدولي أن أوفد بعثات للمراقبة الدولية إلى مناطق الأزمات، وخطورة الوضع الراهن، فضلاً عن العواقب الإقليمية لاستمرار العنف والانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، تبرر بكل تأكيد اتخاذ مثل هذا الإجراء الآن. فمثل هذه البعثة يمكن أن تقدم صورة دقيقة للأنماط الحالية من انتهاكات حقوق الإنسان، وتساهم في استعادة مناخ يسوده الأمن والأمان للسكان المدنيين.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
كينيث روث .. ---------------------- جوانا وشلر
المدير التنفيذي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" ممثلة المنظمة لدى الأمم المتحدة