Skip to main content

حقوق الإنسان ينبغي أن تتصدر جدول أعمال المحادثات بين المملكة المتحدة والبحرين

في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لزيارة يقوم بها أحد كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية للبحرين، دعت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إلى إدراج أوضاع حقوق الإنسان في هذا البلد، التي تبعث على القلق البالغ، على جدول أعمال جميع الاجتماعات المزمع إجراؤها مع كبار المسؤولين البحرينيين. فمن المقرر أن يقوم ديريك فاتشيت، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية وشؤون الكمنولث، بزيارة للبحرين تبدأ يوم الاثنين 14 سبتمبر/أيلول وتستمر لمدة يومين

فقد شهدت أوضاع حقوق الإنسان في البحرين تدهوراً خطيراً منذ بدء الاضطرابات السياسية الحالية في أواخر عام 1994؛ وتشمل الانتهاكات التي مُنيت بها حقوق الإنسان الاعتقال التعسفي، والتعذيب، وحالات الوفاة في الحجز، والمحاكمات الجائرة، ووضع القيود على حرية التعبير وحرية تكوين الجمـعيات.
فمنذ بدء الاضطرابات التي تشهدها البلاد حالياً لقي ما لا يقل عن سبعة أشخاص حتفهم أثناء اعتقالهم، أو عقب الإفراج عنهم؛ وكان آخر الضحايا نوح خليل عبد الله آل نوح، البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً، والذي توفي بعد يومين من اعتقاله في 19 يوليو/تموز.

وقد حثت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" البحرين على تعيين مدعٍ مستقل للتحقيق في ادعاءات التعذيب وحالات الوفاة في الحجز، واتخاذ التدابير التي تكفل حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
وجدير بالذكر أن البحرين أعلنت في الشهر الماضي أنها ستسمح للفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة بزيارة البلاد، وتعيد النظر في تحفظها على المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب، مما يسمح للجنة مناهضة التعذيب بإجراء تحقيقات سرية بشأن ادعاءات التعذيب في البحرين.
ويقول هاني مجلي المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان":
"نحن نثني على إقرار الحكومة بأن التعذيب والاعتقال التعسفي يمثلان مشكلة في البحرين؛ ولكن لا ينبغي أن يلقى مواطنون بحرينيون حتفهم أولاً قبل أن تبدي الحكومة استعدادها لاتخاذ إجراء ما".
وحثَّ مجلي البحرين على المسـارعة بإعلان رفع تحفظها على المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وتحديد تاريخ لزيارة الفريق العامل.
كما انتقد مجلي الخطوات التي اتخذتها البحرين هذا العام لزيادة القيود الشديدة المفروضة على الحق في حرية تكوين الجمعيات، وبالأخص سعي الحكومة البحرينية لتضييق الخناق على أنشطة جمعية المحامين البحرينيين.
وفي هذا الشأن يقول هاني مجلي:
"ربما كانت جمعية المحامين آخر مكان في البحرين يمكن أن يلتقي فيه الناس للحديث عن المشاكل التي تواجه هذا البلد؛ وإذا كان المحامون البحرينيون يتعرضون للتخويف لتكميم لأفواههم على هذا النحو، فأي أملٍ هناك في أن يعرب المواطنون العاديون عن آرائهم؟".
وتأتي زيارة فاتشيت قبل يومين من انعقاد جلسة قضائية أمام إحدى المحاكم الخاصة يوم 16 سبتمبر/أيلول للنظر في الطعن المقدم من مجلس الإدارة المنتخب لجمعية المحامين في قرار الحكومة بحله والاستعاضة عنه قسراً بمجلس مؤلف من أعضاء معينين من مؤيدي الحكومة.
ونوجز فيما يلي وصفاً لحالات الوفاة أثناء الاعتقال، والإجراءات التي اتُّخذت ضد جمعية المحامين، وبعض التوصيات المقدمة من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إلى الحكومة البحرينية.

الوفيات في الحجز
تلقت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أنباءً عما لا يقل عن سبع حالات وفاة ناجمة عن التعذيب، أو سوء المعاملة، أو الإهمال الطبي الذي تعرض له المعتقلون في البحرين منذ بدء الاضطرابات في ديسمبر/كانون الأول 1994.
وكان آخر الضحايا الذين لقوا حتفهم في الحجز شابٌ في الثالثة والعشرين يُدعى نوح خليل عبد الله آل نوح، ورد أنه كان في صحة جيدة عندما اعتقله أفراد قوات الأمن البحرينية في منطقة النعيم بالمنامة يوم 19 يوليو/تموز 1998. وعندما أُعيد جثـمان نوح لذويه في 21 يوليو/تموز، كانت آثار التعذيب بادية عليه، فيما ورد، مما يدل على أنه تعرض للتعذيب أثناء اعتقاله.
ومن الحالات الأخرى التي وقعت حديثاً حالة الشيخ علي النكاس، وهو عالم دين شيعي ضرير في نحو الخمسين من عمره، توفي في 29 يونيو/حزيران 1997 في سجن القلعة بالمنامة، حيث ظل معتقلاً بمعزل عن العالم الخارجي منذ القبض عليه في 23 إبريل/نيسان 1997؛ وعبد الزهراء إبراهيم عبد الله، البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، والذي توفي يوم 6 يونيو/حزيران 1997، بعد خمسة أيام من القبض عليه أثناء مصـادمات مع قوات الأمن في قرية السنابس؛ وبشير عبد الله أحمد فاضل، الذي أعيدت جثته إلى ذويه لدفنها في 18 مايو/أيار 1997، بعد يومين من اعتـقاله أثناء هجوم قامت به قوات الأمن في قرية الديه. وقد ذكر بعض شهود العيان الذين شهدوا واقعتي القبض على عبد الزهراء وبشير أن كليهما تعرض للضرب عند القبض عليه.

تشديد القيود على حرية تكوين الجمعيات: جمعية المحامين
بالرغـم من أن الدستور البحريني يكفل حرية تكوين الجمعيات في البحرين، فإن المرسوم التشريعي رقم 21 لسنة 1989 يتضمن نصاً فضفاضاً متمثلاً في المادة 18 التي تحظر على المنظمات الخوض في السياسة، مما يشـكِّل انتهاكاً لأحد الحقوق المعترف بها دولياً، وهو حق الأشخاص في الانخراط في أنشطة سياسية سلمية والمشاركة في الشؤون العامة.
وحتى وقت قريب، بدت جمعية المحامين البحرينيين وكأنها مستثناة من هذا الحظر الشامل، حيث دأبت على عقد "اجتماعات داخلية" داعيةً غير المحامين إليها. وفي أواخر يناير/كانون الثاني 1998، نظمت الجمعية ندوة عن مؤتمر طهران ومؤتمر الدوحة وأصدائهما في المنطقة؛ وورد أن قوات الأمن قامت في أعقاب الندوة بالتحقيق مع العاملين في الجمعية بشأن الأشخاص الذين حضروا الندوة وتحدثوا فيها؛ كما قام وزيرا العدل والداخلية، كلٌ على حدة، باستجواب رئيس جمعية المحامين عباس هلال بشأن هذه الندوة.
وفي 28 فبراير/شباط، قام وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبد النبي الشعلة بحلّ مجلس الإدارة المنتخب للجمعية، وإلغاء اجتماعها العام المقرر انعقاده في 19 مارس/آذار؛ وهو الاجتماع الذي كان من المزمع انتخاب مجلس إدارة جديد للجمعية خلاله. وفي نفس اليوم، أصدر الوزير المرسوم رقم 4 لسـنة 1998، اتهم فيه الجمعية بانتهاك المادة 18 من المرسوم رقم 21 لسنة 1989، وعيَّن مجلس إدارة جديداً كلفه برفع توصـيات بشأن إصـلاح الجمعية. ونص المرسوم على مد فترة ولاية مجلس إدارة الجمعية المعيَّن لمدة عام تلقائياً، ما لم تُعقد انتخابات جديدة في غضون الأحد عشر شهراً الأولى من تشكيله.
وقدّم أكثر من سبعين من أعضاء الجمعية طعناً قانونياً في قرار الحكومة، ومن المقرر أن يُنظَر في 16 سبتمبر/أيلول أمام محكمة خاصة يرأسها الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة، رئيس محكمة أمن الدولة. وورد أن وزير العمل التقى بالمحـامين الذين تقدموا بالطعن لحملهم على التراجع عن الدعوى، والموافقة على طلب تصريح مسبق من السلطات قبل ثلاثة شهور من القيام بأي نشاط من أنشطة الجمعية، بما في ذلك الاجتماعات الداخلية، والامتناع عن المشاركة في أي نشاط سياسي. كما طلب من المحامين إبقاء هذه الاجتماعات في طي الكتمان.
ورغم الالتماسات المتكررة من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، لم تكشف الحكومة البحرينية النقاب حتى الآن عن أي أدلة تؤيد اتهامها لجمعية المحامين بمخالفة المرسوم 21 لسنة 1989، أو أي قوانين أو مراسيم أخرى تحكم أنشطتها؛ ولم توضح الحكومة ما هي الأنشطة التي اعتبرتها مخالفات خطيرة للقانون إلى الحد الذي يستوجب حل المجلس المنتخب قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المقرر لانتخاب أعضاء المجلس.

التوصيات
نظراً لتدهور الأوضاع فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، وتواتر أنباء حالات الوفاة في الحجز، وتعرض المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تحث الحكومة البحرينية على القيام بما يلي:

تعيين مدعٍ مستقل يتولى التحقيق في حالات الوفاة بين المعتقلين التي زُعم أن قوات الأمن تسببت فيها، فضلاً عن أعمال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة التي ارتكبها، فيما زُعم، ضباط جهاز التحقيق الخاص، وإدارة التحقيقات الجنائية، وقوات الأمن العام. ويجب أن تكون لهذا المدعي سلطة إصدار تقرير علني عن نتائج تحقيقاته، وإقامة الدعوى الجنائية ضد أي مسؤول تتبين مسؤوليته عن إصدار الأوامر بارتكاب أعمال التعذيب، أو غيرها من الأفعال المفضية إلى الموت بغير حق، أو القيام بهذه الأفعال، أو التغاضي عنها.
تعديل القوانين والمراسيم التي تحد بصورة مفرطة من قدرة المواطنين على ممارسة حقهم في حرية التعبير وحـرية تكوين الجمعيات، مثل المادة 18 من المرسوم التشريعي رقم 21 لسنة 1989، بحيث تصبح هذه التشريعات متمشية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
التوقف فوراً عن جميع المساعي الرامية لتقويض جمعية المحامين، أو إعاقتها عن ممارسة أنشطتها المشروعة باعتبارها جمعية مهنية شرعية.
*****
منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" هي منظمة تُعنَى بحماية حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم.

وتساند المنظمة ضحايا الانتهاكات ودعاة حقوق الإنسان، بهدف تقديم الجناة إلى ساحة العدالة، ومنع صنوف التمييز، وتعزيز الحريات السياسية، وحماية الأشخاص من الممارسات غير الإنسانية في وقت الحرب. وتعمل المنظمة على تقصي انتهاكات حقوق الإنسان وكشفها ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها. وتطالب المنظمة حكومات العالم ومن بيدهم مقاليد السلطة بوضع حد للممارسات التي تهدر حقوق الإنسان، وباحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتتطلع المنظمة إلى كسب تأييد الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بأسره من أجل تعزيز الحقوق الإنسانية للبشر كافةً وإعلاء شأنها.
وتتألف الهيئة التنفيذية للمنظمة من:
كينيث روث، المدير التنفيذي؛ سوزان أوزنوس، المديرة المساعدة؛ ميشيل ألكسندر، مديرة التنمية؛ سينثيا براون، مديرة البرامج؛ باربرا جوليلمو، مديرة الشؤون الإدارية والمالية؛ باتريك مينجز، مدير المطبوعات؛ جيري ليبر، المستشار الخاص؛ لوتي لايخت، مديرة مكتب المنظمة في بروكسل؛ سوزان أوزنوس، مديرة الاتصالات؛ جميرا رون، المستشارة القانونية؛ ويلدر تايلر، المستشار العام؛ جوانا ويشلر، ممثلة المنظمة لدى الأمم المتحدة. ورئيس الهيئة التنفيذية هو روبرت ل. برنستين، ونائب رئيس الهيئة هو إدريان و. ديويند.
وقد أُنشئ قسم الشرق الأوسط في المنظمة في عام 1989، بهدف رصد مدى مراعاة حقوق الإنسان المعترف بها دولياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والعمل على تعزيز الالتزام بهذه الحقوق وإعلاء شأنها. ويتألف القسم من: هاني مجلي، المدير التنفيذي للقسم؛ إريك غولدستين، مدير البحوث؛ جو ستورك، مدير الدعاية والحملات؛ فرجينيا ن. شيري، المديرة المساعدة؛ كلاريسا بنكومو وإلاهي شريفبور هيكس ونجلاء سماقية، باحثات؛ جورجينا قبطي وعوالي سمارة، مساعدتان إداريتان. ورئيس اللجنة الاستشارية هو غاري سيك، ونائبا رئيس اللجنة هما ليزا أندرسون وبروس راب.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة