العام الماضي، كان أثر النزاعات المسلحة الأكثر دمارا على الأطفال منذ عقدين، وفقا للتقرير السنوي الجديد الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقد تحققت الأمم المتحدة من 41,370 انتهاكا جسيما ضد الأطفال في 2024، بزيادة قدرها 25% عن العام 2023، الذي كان بدوره قد سجّل رقما قياسيا.
بينما كانت المجموعات المسلحة غير الحكومية مسؤولة عما يقارب نصف الانتهاكات المسجلة في تقرير العام 2024، كانت القوات الحكومية مسؤولة عن معظم الهجمات على المدارس والمستشفيات، وقتل الأطفال والتسبب بإصابات دائمة لهم، ومنع وصول المساعدات الإنسانية. وتشمل الانتهاكات الجسيمة الأخرى التي رصدتها الأمم المتحدة الاختطاف، والعنف الجنسي، وتجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوات أو الجماعات المسلحة.
سُجِّل أعلى عدد من الانتهاكات المُوثَّقة العام 2024 في إسرائيل/فلسطين، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، ونيجيريا، وهايتي. ويشكل عدد الانتهاكات المُوثَّقة في إسرائيل/فلسطين، والبالغ 8,554، أكثر من ضِعف العدد في أيِّ سياق آخر. وارتكبت القوات الإسرائيلية نحو 85% منها. فقد جوَّعت السلطات الإسرائيلية آلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة، وقتلتهم، وتسببت لهم بإصابات دائمة، وهي مسؤولة عن أفعال مستمرة تتمثل في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأفعال الإبادة الجماعية.
انخفضت الانتهاكات في أوكرانيا بشكل حاد في العام 2023، لكنها تضاعفت العام الماضي. وكانت الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات من قِبَل القوات الروسية، التي كانت مسؤولة عن 700 هجوم تقريبا على المدارس والمستشفيات، وهو أعلى رقم في أي دولة رُصدت.
يُدرج الأمين العام كل عام الحكومات والجماعات المسلحة غير الحكومية المسؤولة عن انتهاكات جسيمة في ملحق يُعرف باسم "قائمة العار". أُضيفت القوات الروسية إلى القائمة عام 2023، وأُدرجت القوات الإسرائيلية لأول مرة عام 2024. وقد تصاعدت انتهاكات كلا الطرفين منذئذ، ولم تتعاون أيٌّ من الدولتين مع الأمم المتحدة للتفاوض على خطة عمل وتنفيذها لإنهاء هذه الانتهاكات، وهي الطريقة الوحيدة – وفقا لمعايير الأمم المتحدة – لرفع أسماء الأطراف من القائمة.
أزال الأمين العام أطراف عدة من قائمته هذا العام رغم انتهاكاتها المستمرة، ومنها "الجيش الوطني الصومالي"، والحوثيون و"قوات الحزام الأمني" في اليمن.
لا ترصد بيانات الأمم المتحدة إلا جزءا ضئيلا من الانتهاكات الفعلية ضد الأطفال. ففي السودان، على سبيل المثال، ارتكبت الأطراف المتحاربة فظائع واسعة ضد الأطفال، لكن العديد من الانتهاكات لا يُبلّغ عنها أو يتم التحقق منها إطلاقا بسبب القيود المتعمدة التي تفرضها الأطراف على دخول الأطراف الإنسانية.
الأثر الفادح الذي يتكبده الأطفال جراء النزاعات المسلحة يستدعي التحرك. ينبغي لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة استخدام نفوذها - سواءً دبلوماسيا، أو من خلال الامتناع عن تسليح القوات المنتهِكة، أو من خلال التحقيق في جرائم الحرب وملاحقة مرتكبيها - لحماية الأطفال من الحرب بشكل أفضل.