(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية تهدد بإعادة المدافعة عن حقوق الإنسان والحائزة على "جائزة نوبل للسلام" نرجس محمدي إلى السجن لقضاء ما تبقى من عقوبتها الجائرة، كوسيلة للضغط عليها لوقف نشاطها الحقوقي. على السلطات إنهاء مضايقاتها المستمرة فورا، والإفراج غير المشروط عنها وعن جميع المعتقلين تعسفا بسبب نشاطهم الحقوقي.
تقضي نرجس محمدي حكما بالسَّجن 13 عاما وتسعة أشهر بتهم مستندة إلى عملها الحقوقي. أُطلِق سراحها من سجن إيفين في 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد أن علّقت السلطات تنفيذ حكم سجنها 21 يوما. تخضع حاليا لعلاج طبي لحالات صحية مختلفة وجاء الإفراج المؤقت عنها بعد أشهر من حرمانها من الرعاية الطبية. في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعادت السلطات محمدي إلى السجن، خلافا للتوجيهات الطبية، بعد خضوعها لعملية جراحية لإزالة آفة عظمية من ساقها يُشتبه في أنها سرطانية.
قال فيديريكو بوريلو، المدير التنفيذي الانتقالي في هيومن رايتس ووتش: "استفادت نرجس محمدي من الإفراج القصير عنها لمواصلة نشاطها وتسليط الضوء على الوضع الحقوقي المزري في إيران. تهديد السلطات الإيرانية بإعادتها إلى السجن هو تذكير قوي بالسياسة التي لا تسمح بأي معارضة. السلطات الإيرانية ملزمة قانونا بالإفراج غير المشروط عن نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل، وجميع المعتقلين تعسفا، وضمان حصول كل من تحتجزه على رعاية طبية كافية وفي الوقت المناسب".
سابقا في مارس/آذار 2025، التقت محمدي افتراضيا مع بوريلو لمناقشة وضع حقوق الإنسان في إيران. لفتت محمدي الانتباه إلى الأزمة الحقوقية في البلاد، ولا سيما التصعيد المروع في استخدام السلطات عقوبة الإعدام والقمع المستمر بحق المدافعين عن حقوق الإنسان. كما وصفت معاملة السجناء السياسيين، بما يشمل حرمانهم من الرعاية الطبية، والتعذيب وسوء المعاملة، الذي يشمل الحبس الانفرادي المطول لانتزاع اعترافات قسرية. شددت محمدي على أهمية مواصلة التدقيق الدولي في السجل الإيراني المزري في حقوق الإنسان.
قبل أشهر من إطلاق سراحها المؤقت، كان لدى محمدي حالات صحية مختلفة، منها أمراض القلب، وآلام حادة في الظهر والركبة، وانزلاق غضروفي في العمود الفقري. رفضت السلطات منحها الرعاية الطبية الكافية رغم النداءات المتكررة.
رفضت محمدي العودة إلى سجن إيفين في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، عندما انتهى تعليق سجنها المؤقت. في 28 ديسمبر/كانون الأول، قدم محاميها طلبا إلى "منظمة الطب الشرعي"، التابعة للقضاء الإيراني، لتمديد التعليق، بما يتماشى مع التوجيهات الطبية. وفقا لمعلومات تلقتها هيومن رايتس ووتش، وافقت منظمة الطب الشرعي على طلبها، لكن السلطات ضغطت عليها للعودة إلى السجن.
قال أطباء محمدي إنها بحاجة إلى ستة أشهر على الأقل خارج السجن لضمان حصولها على فحوصات ورعاية طبية شاملة ومنتظمة.
تتبع السلطات الإيرانية سياسة راسخة في حرمان السجناء من الرعاية الطبية الكافية وفي الوقت المناسب في محاولة لمعاقبتهم وإسكاتهم، لا سيما المعتقلين تعسفا بتهم مسيّسة تتعلق بالأمن القومي. ما يزال عشرات السجناء السياسيين محرومين من الرعاية الطبية الكافية وفي الوقت المناسب، كالعلاج المتخصص في المستشفيات. منهم زينب جلاليان، وهي سجينة سياسية كردية حُكم عليها بالسجن المؤبد؛ وفاطمة سبهري، التي عُرفت بتوجيه انتقادات جريئة إلى المرشد الأعلى وحُكم عليها بالسَّجن 18 عاما؛ والناشطة في الحقوق المدنية راحله راحمي بور (72 عاما)؛ والناشطة الكردية المحكومة بالإعدام وريشه مرادي؛ والسجين السياسي الكردي مطّلب أحمديان. كما حرمِت مهْوَش ثابت، العضوة السابقة في قيادة الطائفة البهائية في إيران والتي تقضي حاليا إجازة مرضية، من الرعاية الطبية لفترة طويلة، وما تزال معرضة لخطر الإعادة إلى السجن.
بموجب "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء"، ينبغي نقل السجناء المرضى الذين يحتاجون إلى علاج متخصص إلى مؤسسات متخصصة أو مستشفيات مدنية. قد يرقى حرمان المعتقلين من الرعاية الطبية إلى مستوى التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي. بحسب توثيق "منظمة العفو الدولية"، توفي في بعض الحالات سجناء حُرموا من الرعاية الطبية اللازمة أثناء احتجازهم، ما يُشكّل حرمانا تعسفيا من الحياة.
قال بوريلو: "سياسة السلطات الإيرانية البغيضة بحرمان المعتقلين والسجناء من الرعاية الطبية قد تُفضي إلى الموت. على المجتمع الدولي محاسبة إيران على تجاهلها الصارخ ليس للحق في الحرية فحسب، بل أيضا حق محتجزيها في الحياة".