سيجمع "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ" الـ 29 (كوب 29) الدول الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"، بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين ونشطاء المناخ وممثلي الشركات والمنظمات غير الحكومية. سيُعقد المؤتمر من 11 إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في باكو، أذربيجان.
يُعقد المؤتمر في ظل سجل أذربيجان المروع في حقوق الإنسان. من المهم أن يشمل المؤتمر مشاركة واسعة من المجتمع المدني ونقاشا مفتوحا دون خوف من الانتقام لتأكيد التزام الحكومات بمواجهة تغير المناخ وضمان نتائج مُرضية من المؤتمر. إلا أن عداء الحكومة الأذرية للنشاط المدني المستقل يثير مخاوف بشأن قدرة أعضاء المجتمع المدني المستقل، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين على المشاركة الهادفة في كوب 29. فيما يلي أسئلة وأجوبة تتناول الآثار الحقوقية المترتبة على كوب 29، والمخاوف الحقوقية المرتبطة بعقد المؤتمر في دولة لها تاريخ من القمع، وتعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، المساهم في تغير المناخ.
- لماذا تشكل أزمة المناخ أزمة حقوقية أيضا؟
- ما هي المخاطر الحقوقية في كوب 29؟
- كيف تتعارض خطط أذربيجان لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري مع أهداف اتفاقية باريس؟
- ما أهمية التدقيق الحقوقي في تمويل جهود مواجهة تغير المناخ في كوب 29؟
- ما هي المخاوف الحقوقية بشأن استضافة أذربيجان كوب 29؟
- ما تأثير أزمة حقوق الإنسان في أذربيجان على المجموعات البيئية؟
- لماذا تشكل المشاركة الهادفة من المجتمع المدني والشعوب الأصلية عنصرا أساسيا في تحقيق نتائج ناجحة لـ كوب 29؟
- هل قيدت مؤتمرات المناخ السابقة مشاركة المجتمع المدني؟
- ماذا ينبغي للحكومة الأذرية فعله للسماح بالمشاركة الكاملة والهادفة في كوب 29؟
- ماذا ينبغي للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ فعله للضغط على أذربيجان لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان؟
- ما هي مسؤولية أمانة اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ في دعم حقوق الإنسان في كوب 29 وما بعده؟
الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة هو من حقوق الإنسان المعترف بها عالميا. تؤثر أزمة المناخ أيضا على عديد من حقوق الإنسان الأخرى، منها الحق في الحياة، والسكن، والغذاء، والمياه.
زيادة تركيز الغازات المسببة للانحباس الحراري في الغلاف الجوي للأرض، والتي تنجم بشكل رئيسي عن حرق الوقود الأحفوري، تحبس الحرارة ولها عواقب وخيمة. يواجه الناس في العديد من الدول أصلا هذا الضرر، وستزداد سرعته وحجمه بشكل كبير وغير منتظم في المستقبل المنظور.
حذرت "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" من أن حوالي 3.5 مليار شخص يعيشون بالفعل في أماكن وأوضاع شديدة التعرض لتغير المناخ. بحلول العام 2050، من المتوقع أن يكون أكثر من مليار شخص يعيشون في الجزر الصغيرة والمجتمعات الساحلية المنخفضة معرضين لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس المتطرف.
كما يفاقم تغيّر المناخ التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية القائمة. يواجه الأشخاص ذوو الهويات المهمشة المتقاطعة والذين يعيشون أوضاعا هشة خطرا أكبر يتمثل في الوفاة، أو المعاناة من الفقر المتزايد، أو فقدان الموارد المهمة بسبب تغير المناخ. من بين الأكثر تضررا الأشخاص ذوو الدخل المنخفض، والسود والسكان الأصليون وغيرهم من غير البيض؛ والمسنون؛ والأشخاص ذوو الإعاقة؛ والمثليات/ون ومزدوجو/ات التوجه الجنسي وعابرو/ات النوع الاجتماعي؛ والنساء الحوامل وغيرهن من الأشخاص الحوامل؛ والأطفال؛ والعمال الوافدون.
تسبب إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري بتلوث الهواء على نطاق واسع، ما يضر بصحة الإنسان ويؤدي إلى زيادة درجات الحرارة العالمية. يشكل حرق الوقود الأحفوري المحرك الأساسي لأزمة المناخ، إذ يمثل أكثر من 80% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
في كوب 28 العام 2023، دعت وثيقة النتائج الرئيسية (المسماة "الجردة العالمية") الدول إلى البدء في "التحول عبر التخلي عن الوقود الأحفوري" لكنها لم تلزم الحكومات بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري خلال مهلة واضحة.
في حين كانت هذه المرة الأولى منذ أكثر من 30 عاما من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي تتخذ فيها الدول قرارا رئيسيا بذكر "الوقود الأحفوري" صراحة، إلا أن الالتزام لم يرقَ إلى المستوى المطلوب لاحتواء ارتفاع درجة الحرارة العالمية ضمن سقف 1.5 درجة مئوية وتجنب أسوأ آثار أزمة المناخ. حدث تقدم ضئيل جدا في هذا الالتزام منذ عقد كوب 28.
وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، مشاريع الوقود الأحفوري الحالية هي أصلا أكثر مما يمكن للمناخ أن يتحمله للحد من الاحتباس الحراري العالمي ضمن زيادة 1.5 درجة مئوية. مع ذلك، تواصل الحكومات السماح ببناء البنية الأساسية للوقود الأحفوري ودعمها ماليا، ولا تنظم العمليات القائمة كما يجب.
شاركت رئاسة أذربيجان لكوب 29 رؤيتها لجعل المؤتمر متماشيا مع أهداف "اتفاق باريس للحد من الانحباس الحراري العالمي" ضمن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. رغم أن الرئاسة أكدت على ضرورة أن "تسعى جميع الدول إلى تحقيق أعلى طموح ممكن، بما يتماشى مع اتفاق باريس، واستنادا إلى الجردة العالمية"، إلا أنها لم تدعُ الدول صراحة إلى التخلي عن الوقود الأحفوري.
للوفاء بالتزاماتها الحقوقية في معالجة تغير المناخ، على الحكومات في مؤتمر المناخ هذا العام ضمان انتقال عادل ومنصف من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. يمكنها فعل ذلك بتنفيذ الالتزام "بالتحول عبر التخلي عن الوقود الأحفوري" بطريقة منصفة ومحددة زمنيا وتحترم الحقوق في خططها المناخية الوطنية.
في حين أن التحرك الحكومي العاجل للحد من الانبعاثات قد ما يزال يمكنه منع أسوأ نتائج تغير المناخ، فإن درجات الحرارة ستستمر بالارتفاع حتى مع المستويات الحالية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وستشتد تأثيرات المناخ وتصبح أكثر تواترا. آثار الأحداث المناخية المتطرفة، مثل العواصف المدارية، وغيرها من التغيرات الأبطأ بدايةً، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، بدأت فعلا تجعل بعض أجزاء العالم غير صالحة للسكن.
عمليات النقل المخطط لها لمجتمعات بأكملها بعيدا عن المناطق غير الصالحة للسكن جارية بالفعل ومن المتوقع أن تزداد. لكن هناك عدد قليل إن وجد من الحماية للمجتمعات التي تخطط للانتقال في سياق تغير المناخ، والتي ينبغي اعتبارها "الحل الأخير" بعد استنفاد جميع جهود التكيف.
النهج القائم على احترام الحقوق في نقل السكان المنوي إجراؤه ضروري لضمان دعم المجتمعات في إجراء هذه التغييرات بشروطها الخاصة، ومنحها مصادر المعيشة والسكن والتعليم والرعاية الصحية نفسها التي كانت لديها سابقا أو أفضل منها.
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة أيضا تأثيرات غير متناسبة للأحداث الجوية المتطرفة، منها المخاطر الشديدة على صحتهم وحتى الموت. في الوقت نفسه، لا تفي معظم الحكومات بالتزاماتها الحقوقية المتعلقة باحترام، وحماية، وإعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في استجاباتها لأزمة المناخ، بما يشمل عدم النظر في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإدراجها في خطط التكيف مع المناخ. في مؤتمرات المناخ السابقة، سلط الناشطون ذوو الإعاقة الضوء على غياب الموارد المكيَّفة مع احتياجاتهم، ومنها نقص المعلومات بصيغ ميسّرة في نصوص المفاوضات.
حقوق المرأة، ومنها توفر الحقوق الجنسية والإنجابية بشكل منصف وبجودة عالية، تتعرض للهجوم في عديد من دول العالم. الحمل هو أحد مراحل الحياة حيث يكون الأشخاص الحوامل عرضة بشكل خاص للأضرار البيئية. مثلا، يرتبط التعرض للحرارة الشديدة وحرائق الغابات بنتائج أسوأ على صحة الأم والوليد. المجتمعات حيث رعاية صحة الأم والوليد لا تتوفر أصلا بشكل كاف هي الأكثر عرضة للأذى الناجم عن تغير المناخ، وذلك يعمق الإجحاف الناجم عن نقص الرعاية الصحية.
هناك إجماع عالمي متزايد، من أطراف تشمل "الوكالة الدولية للطاقة" والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، على أنه لكي تلبي الدول أهداف المناخ العالمية، لا يمكن أن تكون هناك مشاريع جديدة للنفط أو الغاز أو الفحم.
استثمرت أذربيجان مؤخرا في الطاقة المتجددة، لكن قطاع النفط والغاز يوفر أكثر من نصف إيرادات الحكومة. خلال اجتماع رفيع المستوى في أبريل/نيسان 2024 للتحضير لـ كوب 29، قال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن احتياطيات النفط والغاز في البلاد "هدية من الله"، ما يشير إلى أن أذربيجان يحق لها توسيع إنتاج النفط والغاز في حين يُطلب من جميع الدول التخلص التدريجي من إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه. كما أعلن عن خطط لتوسيع إنتاج الغاز، وذلك بشكل أساسي استجابة لمطالب السوق في "الاتحاد الأوروبي". الاتحاد الأوروبي مستورد رئيسي للغاز الأذري، ووقّع اتفاقية في العام 2022 لمضاعفة واردات الغاز من أذربيجان بحلول العام 2027. خلال الاجتماع نفسه، قال علييف إن أذربيجان "ستدافع عن حق" الدول الأخرى الغنية بالوقود الأحفوري في "مواصلة الاستثمارات والإنتاج لأن العالم يحتاج إليها".
على الحكومات المشاركة في كوب 29 أن تقاوم محاولات الحكومة الأذرية استخدام موقعها كمضيفة لمواصلة الضغط من أجل توسيع نطاق الوقود الأحفوري وتقويض الجهود الرامية إلى مواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان.
من المتوقع أن تحدد الحكومات في كوب 29 هدفا جديدا يتمثل في تمويل دولي متعلق بالمناخ لدعم احتياجات الدول النامية في جهود تخفيف آثار تغير المناخ والتكيّف معها. التكلفة هائلة، وكما لاحظ "البنك الدولي"، فاحتياجات التمويل المتعلقة بالمناخ أكبر كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الدول التي تساهم بشكل أقل في الاحتباس الحراري العالمي.
يقدم القانون الدولي لحقوق الإنسان إطارا أساسيا لتحقيق أهداف التمويل هذه. يُلزم "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" الحكومات بالتعاون والمساعدة الدوليين لضمان قدرة جميع الدول على الوفاء بالتزاماتها الحقوقية، والتي تشمل الحق في بيئة صحية، والعديد من الحقوق الأخرى التي تتأثر بتغير المناخ، بما فيها الصحة، والسكن، والمياه، والصرف الصحي.
تنطبق حقوق الإنسان أيضا على الجوانب الإجرائية للتمويل، وذلك يتطلب عملية شفافة، وخاضعة للمساءلة، وتشاركية. ينبغي لتدابير التمويل المتعلقة بتغير المناخ أن تشمل أيضا ضمانات احترام مبادئ حقوق الإنسان، مثل الموافقة المستنيرة من قبل جميع المجموعات المعنية والتشاور معها.
على نفس القدر من الأهمية، يؤكد الإطار الحقوقي على الحاجة إلى انتقال عادل إلى اقتصادات مستدامة بيئيا. بينما تتفاوض الدول على أهداف تمويلية جديدة، عليها الالتزام بإنهاء جميع أشكال المساندة، بما فيها الإعانات المالية والتمويل الدولي، لمشاريع النفط والغاز والفحم للتقليص السريع للانبعاثات والحد من آثار تغير المناخ. في الوقت نفسه، عليها تقديم تدابير كافية لضمان أن أي زيادات في الأسعار مرتبطة بهذه الإجراءات لا تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للناس.
قمع أذربيجان حرية التعبير والتجمع السلمي يثير مخاوف جدية حول قدرة أعضاء المجتمع المدني المستقلين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين في كوب 29 على المشاركة بشكل هادف خلال المؤتمر.
لدى السلطات الأذرية سجل طويل في قمع حرية التعبير، وتفريق الاحتجاجات السلمية بسرعة ووحشية في كثير من الأحيان، واستخدام القوانين الخبيثة والمنتهِكة لشل المنظمات غير الحكومية المستقلة. لسنوات عديدة، انتقمت السلطات من منتقدي الحكومة بسجنهم، وطال ذلك بشكل خاص من يفضح الفساد والانتهاكات الحقوقية. يواجه المنتقدون الذين يعملون على قضايا ذات حساسية سياسية مخاطر متزايدة.
أسفر قمع الأصوات المستقلة على مدى العام الماضي عن اعتقال، أو الحكم على، ما لا يقل عن 31 صحفيا مستقلا وناشطا في المجتمع المدني وأكاديميا بمختلف التهم الجنائية الزائفة. ما يزال جميعهم تقريبا محبوسين احتياطيا.
هناك عدد صغير من الناشطين البيئيين في البلاد حققوا بعض الإنجازات المهمة، لكن عليهم الحذر. نمط السلطات المستمر منذ عقود المتمثل في الانتقام من النشطاء المستقلين الذين يكشفون قضايا تعتبرها السلطات "حساسة" يثير مخاوف جدية بشأن تقييد بعض أنواع النشاط البيئي بشدة خلال كوب 29.
في يونيو/حزيران 2023، تعرض بشكل مباشر نشطاء شعبيون قلقون من المشاكل البيئية للقمع الحكومي. إذ احتج قرويون في سويودلو، وهي بلدة في غرب أذربيجان، على النفايات السامة من منجم ذهب وبحيرة نفايات يُنوى إنشاؤها. فضّت شرطة مكافحة الشغب الاحتجاج السلمي بعنف، فجرحت العشرات. قيّدت الشرطة الوصول إلى القرية لأسابيع، وطردت الصحفيين، وصادرت هواتفهم. حكمت السلطات على ثمانية قرويين بتهم إدارية لتورطهم في الاحتجاجات.
في أبريل/نيسان، اعتقلت السلطات الأذرية أنار مامدلي، المدافع المخضرم عن حقوق الإنسان، بتهمة "تهريب" زائفة بعد شهرين فقط من إنشائه "مبادرة مناخ العدالة" بهدف الدعوة إلى الحريات المدنية والعدالة البيئية في أذربيجان قبل كوب 29.
في يونيو/حزيران 2023، وفي مثال آخر على الملاحقة القضائية الزائفة، اعتقلت السلطات الباحث والاقتصادي والناشط الشهير غوباد إباد أوغلو، الذي عمل على فضح الفساد في قطاع الوقود الأحفوري في أذربيجان ودعا إلى الشفافية في الإيرادات. عاش إباد أوغلو (53 عاما) في المنفى إلى حد كبير منذ العام 2015، بعد أن أغلقت السلطات بالقوة مجموعة الأبحاث الاقتصادية التي أسسها وعمل بها. في عام 2023، بعد أسابيع قليلة من عودته إلى البلاد لزيارة والدته المريضة، ألقت الشرطة القبض عليه. وجّهت إليه تهما زائفة بالتزوير والتطرف وحبسته احتياطيا تسعة أشهر، وخلال هذه الفترة تدهورت صحته بشكل حاد، ولم توفر له السلطات الرعاية الطبية الكافية. أطلِق سراحه ليبقى في الإقامة الجبرية في أبريل/نيسان وينتظر المحاكمة حاليا. يواجه عقوبة تصل إلى السَّجن 17 عاما.
في هذه الظروف، من الصعب أن نرى كيف يمكن للمجموعات البيئية الأذرية أو الصحفيين الأذريين انتقاد سياسات المناخ المحلية والدعوة إلى تغييرها علنا. لا يمكن التقليل من التأثير المخيف المحتمل لتعامل الحكومة مع الحالات القليلة من نشاط المناخ. من يجرؤ على التحدث ضد قطاع الوقود الأحفوري في ظل هذه الظروف، في حين يوفر قطاع النفط والغاز الأذري أكثر من نصف عائدات الحكومة، يتعرض لمخاطر كبيرة.
- لماذا تشكل المشاركة الهادفة من المجتمع المدني والشعوب الأصلية عنصرا أساسيا في تحقيق نتائج ناجحة لـ كوب 29؟
العمل المناخي الذي يحترم الحقوق يستدعي أيضا المشاركة الكاملة والهادفة من الناشطين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومجموعات المجتمع المدني والشباب، وممثلي الشعوب الأصلية لضمان التدقيق في الإجراءات الحكومية والضغط من أجل تحقيق نتائج طموحة وناجحة لـ كوب 29. ويشمل ذلك من يعمل في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ والسكان الأكثر عرضة للخطر من آثار تغير المناخ.
يجب حماية حرية التعبير، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي. هذه الحقوق ضرورية لتصميم سياسات شاملة وطموحة مطلوبة بشكل عاجل لمعالجة أزمة المناخ.
للوفاء بالتزاماتهم الحقوقية، ينبغي لمضيفي مؤتمرات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، بمن فيهم أذربيجان والأمانة العامة للاتفاقية، احترام الحقوق الإنسانية لجميع المشاركين، بما يشمل حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي داخل موقع المؤتمر الرسمي وخارجه.
لكن ممثلي المجتمع المدني والشعوب الأصلية لطالما ناضلوا من أجل حقهم في المشاركة في مفاوضات المناخ. ففي كوب 25 في كاتوفيتشي، منعت الحكومة البولندية بعض نشطاء المناخ من دخول البلاد وفتشت بعضهم في غرفهم الفندقية. في كوب 26 في غلاسكو بإسكتلندا، طُلب من المراقبين الذين سعوا لحضور للفعاليات حضوريا "الانضمام عبر الإنترنت"، ليكتشفوا بعد ذلك أن الفعاليات لم تكن على الإنترنت. خلال كوب 27 في شرم الشيخ، فرضت الحكومة المصرية قيودا تعسفية على تسجيل المجموعات الحقوقية والنشطاء، وكثّفت المراقبة والاحتجاز، وضايقت نشطاء المناخ، ومنعت دخول ناشط واحد على الأقل، ثم رحّلته لاحقا.
كوب 28 في الإمارات شابته قيود غير مسبوقة على حرية التعبير من قبل أمانة اتفاقية الأمم المتحدة داخل "المنطقة الزرقاء" التي تديرها الأمم المتحدة.
أعلنت الحكومة الأذرية التزامها بأن يشمل كوب 29 الجميع، مضيفة أن "رئاسة كوب 29... تعمل على ضمان سماع أصوات الجميع والنظر في وجهات النظر وإدماجها حتى نتمكن من تحقيق نتائج شاملة تستند إلى حلول مشتركة".
على السلطات الأذرية وضع هذا الالتزام موضع التنفيذ من خلال تعزيز بيئة تمكّن من إجراء نقاشات تشمل جميع الأطراف بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وغيره من الجوانب الرئيسية لمعالجة تغير المناخ. عليها السماح لمجموعات المجتمع المدني بالضغط من أجل التدقيق في العمل المناخي قبل المؤتمر وأثناءه وبعده.
على الحكومة تغيير مسارها المعهود في الانتقام من المنتقدين، بدءا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفيين والنشطاء الذين اعتُقلوا وسُجنوا بتهم مسيّسة. على السلطات الأذرية الإفراج فورا عن أنار مامدلي، المدافع المخضرم عن حقوق الإنسان الذي أنشأ مبادرة مناخ العدالة قبل كوب 29، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه. كما عليها إسقاط التهم الموجهة إلى الدكتور غوباد إباد أوغلو والسماح له بمغادرة البلاد لتلقي العلاج الطبي.
على أذربيجان الإعلان أنها ستسمح لنشطاء المناخ بالتجمع السلمي خلال كوب 29. على الحكومة دعم المجموعات المستقلة بدل تقييدها، بسبل تشمل مراجعة التشريعات التي تقيّد المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام.
- ماذا ينبغي للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ فعله للضغط على أذربيجان لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان؟
على الدول الأعضاء التأكيد على أهمية وجود مجتمع مدني مزدهر ومستقل للضغط من أجل اتخاذ إجراءات مناخية طموحة. عليها الضغط على الحكومة الأذرية، علنا وسرا، لاحترام التزاماتها الحقوقية والإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين تعسفا.
وقعت الأمانة اتفاقية استضافة مؤتمر المناخ الـ 29 مع حكومة أذربيجان في 26 أغسطس/آب 2024، لكنها لم تعلن مضمونها.
على الأمانة العامة إعلان مضمون اتفاقية الاستضافة وضمان أنها "تُظهر أغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وكذلك الالتزامات ذات الصلة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما نصت على ذلك أطراف اتفاقية المناخ في قرار صدر في يونيو/حزيران 2023.
كما شجعت الأطراف الأمانة العامة على مواصلة دعم "قانون حقوق الإنسان وضمان سلامة وكرامة وسلامة جميع المراقبين في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ". ينبغي للأمانة العامة أن تدعو الحكومة الأذرية إلى احترام التزاماتها الحقوقية لتسهيل عقد مؤتمر مناخي يحترم الحقوق واتخاذ إجراءات سريعة في حال عدم قيام الحكومة بذلك.