Skip to main content
تبرعوا الآن

البحرين: السلطات تقمع احتجاجات مؤيدة لفلسطين

امتداد للقمع المزمن ضد المعارضة واعتقال أطفال

متظاهر يحمل العلم الفلسطيني خلال مظاهرة تدعم الفلسطينيية في غزة، في الدراز، البحرين، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023. © 2023 حمد محمد/رويترز

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات البحرينية اعتقلت وضايقت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 العشرات، بينهم أطفال، ممن شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في مختلف أنحاء البلاد، وكذلك من شاركوا في أنشطة مناصرة لفلسطين عبر الإنترنت.

جاءت الاحتجاجات ردا على الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة في غزة التي فاقمت الأزمة الإنسانية في أعقاب الهجمات التي شنتها "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول وقتلت مئات المدنيين في إسرائيل. بحسب منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" (أمريكيون من أجل الديمقراطية)، اعتقلت السلطات البحرينية بحلول 15 ديسمبر/كانون الأول 57 شخصا تقريبا، بينهم 25 طفلا على الأقل، لأسباب متصلة بالاحتجاجات. واستُهدف أيضا شخص واحد على الأقل بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. وفقا للمنظمة نفسها، ما زال لم يُطلق بعد سراح 36 شخصا، بينهم 23 طفلا. أكدت هيومن رايتس ووتش خلال مقابلات اعتقال المتظاهرين والأطفال.

قالت نيكو جعفرنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش: "فعّلت السلطات البحرينية آلتها القمعية ضد الانتقادات السلمية لحكمها الاستبدادي، بل أيضا ضد البحرينيين الذين يتظاهرون تضامنا مع الفلسطينيين. يُشكّل سجن الصبية جرّاء نشاطهم السلمي مصدر قلق بالغ".

قابلت هيومن رايتس ووتش أمهات ثلاثة أطفال وشخص عمره 18 عاما تم اعتقالهم. تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى ناشطَيْن يعملان مع منظمات المجتمع المدني البحرينية، وراجعت صورا وفيديوهات للاحتجاجات، وكذلك صورا تشير إلى استخدام السلطات القوة العنيفة ضد المتظاهرين، بما فيهم طفل.

قال أحد الناشطين إن الشرطة لم تحتجز أي متظاهر خلال الأسبوعين الأولين من الاحتجاجات، لكنها استدعت بعض المتظاهرين إلى مراكز الشرطة للاستجواب. قال الناشط إنه بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بدأت شرطة مكافحة الشغب باستخدام الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، والهراوات، والخرطوش ضد المتظاهرين، وبدأت أيضا باعتقال المتظاهرين واحتجازهم.

راجعت هيومن رايتس ووتش صورا قدمها إليها باحثون تُظهر كدمات وجروح على أجساد المحتجزين، نتيجة انتهاكات الشرطة على ما يبدو. قال أحد الناشطين إنه في إحدى الحالات، ضرب خمسة من شرطة مكافحة الشغب بشكل مبّرح رجلا اعتقلوه و"وضعوا ركبهم على قفصه الصدري ودهسوا رأسه بأحذيتهم".

دعت السلطات في 13 نوفمبر/تشرين الثاني و20 ديسمبر/كانون الأول بعض الأشخاص للاستجواب نتيجةَ منشوراتهم المؤيدة لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم إبراهيم شريف. شريف شخصية معارضة بحرينية وناشط سياسي معروف، سبق أن سُجن خمس سنوات في العام 2011 بتهمة مشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية. قُبض على شريف بعد نشره منشور ينتقد قرار البحرين بالانضمام إلى تحالف من عدة دول للرد على هجمات الحوثيين في اليمن على السفن في البحر الأحمر. قال أحد الناشطَيْن إن السلطات رفضت"لأسباب أمنية" طلبين لتنظيم مسيرات، واحدة على امتداد طريق عام والثانية في حديقة عامة.

قالت إحدى النساء إن ابنها البالغ من العمر 15 عاما اعتُقل رغم عدم مشاركته في أي احتجاجات. قالت إن ابنها خرج لتناول العشاء مع أصدقائه ليلة 27 أكتوبر/تشرين الأول واعتُقل لاحقا ليلتها. أخبرها أنه كان ثمة  احتجاج في المنطقة التي كان يتناول فيها العشاء وأنه في طريقه إلى منزله عندما ألقيت زجاجة "مولوتوف". قُبض عليه وأصدقائه وسط الحشد واعتقلتهم شرطة مكافحة الشغب. أضافت، "لا يوجد سبب لاعتقاله. دمّر هذا الاعتقال العشوائي مستقبله".

قُبض عليه يوم الجمعة، وانقطعت أخباره حتى اتصل بها يوم الأحد ليعلمها بأنه سيُنقل من مركز شرطة سترة إلى مركز احتجاز "الحوض الجاف" الذي يضم أطفالا وبالغين دون سن 21 عاما قبل المحاكمة. قالت، "اتصلت به قبل عشر دقائق بين الساعة 8:00 و8:30 [ليلة الجمعة] وأخبرني أنه كان في متجر مثلجات، ثم اتصلت به مرة أخرى بعد الساعة 8:30 [ليلا] ولم يرد".

قالت ثلاث نساء أخريات إن أبناءهن اعتُقلوا أثناء مشاركتهم في مسيرات مؤيدة لفلسطين في مناطق مختلفة من البحرين.

قالت والدة صبي عمره 17 عاما إن ابنها اعتُقل في مسيرة يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني، ونُقل إلى مركز احتجاز الحوض الجاف. لم يتمكن من الاتصال بوالدته إلا عند وصوله إلى المركز في اليوم التالي وأخبرها أنه لم يأكل أي شيء منذ اعتقاله في الليلة السابقة.

قالت إن السلطات اتهمت ابنها بحيازة زجاجة مولوتوف وحضور احتجاج، لكن نفى ابنها حيازة زجاجة المولوتوف.

قالت والدة صبي عمره 16 عاما، قُبض عليه في 10 نوفمبر/تشرين الثاني أثناء مظاهرة، إن السلطات لم تخبرها أو تخبر ابنها بالتهم الموجهة إليه.

لم يُسمح لعائلات الصِبية الثلاثة بزيارتهم أثناء الاحتجاز. قالت والدة الفتى البالغ من العمر 17 عاما إن ابنها قال لها، "مكتوب على جدران السجن أن الزيارات ممنوعة"، وإنه لم يُسمح لأسرتها بإرسال ملابس أو أشياء أخرى لابنها. أضافت أن لدى ابنها قطعة معدنية في ذراعه "جرّاء حادث" كان من المفترض أن يُزيلها، لكنه لم يتمكن من ذلك لأنه محتجز.

في حين أن حالة الصِبية وطريقة معاملتهم في السجن غير واضحة، لعدم قدرتهم على التحدث بحرية إلى أسرهم أو محاميهم، ذكر أحد الناشطين أن السلطات عذبت أولئك الذين اعتقلوا أثناء الاحتجاجات، بمن فيهم الأطفال. كما أفادت أمريكيون من أجل الديمقراطية أن بعض المعتقلين "تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي لانتزاع الاعترافات بالقوة". سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش التعذيب على أيدي عناصر الأمن البحرينيين، بما في ذلك تعذيب الأطفال. 

قالت الأمهات إن احتجاز أبنائهن مُدّد من دون تفسير أو محاكمة.

قالت والدة الصبي البالغ من العمر 17 عاما إن ابنها "كان من المفترض في البداية أن يُحتجز لمدة أسبوع"، لكن كان يُمدد حبسه كل مرة كان يُعرض فيها أمام النيابة العامة.

قالت والدة الفتى البالغ من العمر 16 عاما إن أسرتها لم توكل محاميا لأن "الجميع أخبرنا أن المحامي لن يفعل شيئا سوى تزويدنا بالمعلومات المتعلقة بتمديد الاحتجاز".

رغم أن لدى الصبيين البالغين من العمر 17 و15 عاما محامون، قالت والدة الصبي البالغ من العمر 17 عاما إن النيابة العامة غيرت موعد اللقاء بدون إبلاغه أو إبلاغ محاميه، "وحضر بدون تمثيل قانوني". ولم يتلق أي من المحامين أي وثائق تعدد الاتهامات.

قُبض على الشاب البالغ من العمر 18 عاما ذات مساء خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين، ثم أُطلق سراحه صباح اليوم التالي بدون توجيه اتهامات إليه. قالت والدته إنه عندما اعتقله عناصر الشرطة، قالوا له إنهم كانوا يراقبونه: "أخذته [الشرطة] في سيارة جيب وتجولوا في بلدتنا [مشيرين إلى المنازل مع ذكر من يقطنوها] ليُظهروا له أنهم يعرفون كل شيء. وأخبروه أيضا أنهم يعرفون ماذا يعمل شقيقه وأنهما يعملان معا".

قالت إن الشرطة جعلت ابنها يتعهد قبل إطلاق سراحه بأنه لن يحضر أي احتجاج مرة أخرى: "منذ أن قُبض عليه... تتعقبه الشرطة طوال الوقت في العمل وفي المنزل، وحتى أنهم يرسلون إليه رسائل نصية ويتصلون به ليسألونه إذا كان ينوي الذهاب للاحتجاج".

لا يجوز احتجاز القُصّر إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.

طبّعت البحرين العلاقات مع إسرائيل في العام 2020. قمعُ السلطات البحرينية للخطاب المؤيد للفلسطينيين هو أحدث مثال على قمع السلطات الممنهج لحرية التعبير، والتجمع، والمعتقد. ومؤخرا، حكمت السلطات البحرينية على 13 رجلا بالسَّجن بعد محاكمة جائرة، وُجِّهت فيها التهم إلى الرجال ردا على اعتصام سلمي في السجن. وقد تعرض العديد من النشطاء الحقوقيين للسَّجن ظلما منذ مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في العام 2011، وحُرموا من الرعاية الطبية، رغم ظروفهم الصحية الطارئة.

البحرين ليست وحيدة في قمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين، إذ قامت دول عديدة في "الاتحاد الأوروبي"، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بقمع الخطاب والمنظمات المؤيدة للفلسطينيين، وفي بعض الحالات حظرتها بشكل تام، وهي أفعال تشكل انتهاكات صارخة لحرية التعبير.

قالت جعفرنيا: "تخشى حكومة البحرين المطالب العادلة لشعبها لدرجة أنها لا تستطيع حتى استيعاب الأطفال الذين يحتجّون من أجل حرية الآخرين، ناهيك عن حريتهم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة