Skip to main content

حقوق الإنسان مهددة بما أن السعودية "المرشحة الوحيدة" لاستضافة كأس العالم 2034

نُشر في: Forbes
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (يسار)، ورئيس الفيفا جياني إنفانتينو(وسط)، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان(يمين) يشاهدون مباراة للمجموعة أ في استاد البيت في الدوحة، قطر، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. © 2022 سيبا عبر أسوشيتد بريس إيمدجز

في 2013، عقد جيروم فالكي، الأمين العام لـ" الاتحاد الدولي لكرة القدم" (الفيفا)، آنذاك مؤتمرا صحفيا أوضح فيه استراتيجية الفيفا لاختيار مضيفي كأس العالم: "سأقول شيئا جنونيا، لكن وجود قدر أقل من الديمقراطية هو أفضل في بعض الأحيان لتنظيم كأس العالم. ...عندما يكون لديك رئيس دولة قوي جدا يمكنه اتخاذ القرار، كما قد يفعل بوتين في 2018... يكون الأمر أسهل بالنسبة لنا نحن المنظمين".

أُدين فالكي في وقت لاحق في سويسرا بالفساد، لكن تفضيل الاتحاد الدولي لكرة القدم الواضح للعمل مع المستبدين لا يزال قائما وتجلى كليا هذا الأسبوع، عندما أدى دعم رئيس الفيفا جياني إنفانتينو إلى منح استضافة كأس العالم للرجال 2034 إلى السعودية.

في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أصبحت السعودية "المرشحة الوحيدة" لاستضافة كأس العالم 2034، عندما انسحبت أستراليا، الدولة الوحيدة التي كان لديها ملف منافس محتمل. ما زال يتعين على الفيفا الموافقة على منح استضافة كأس العالم في اجتماع يُعقد العام المقبل، لكن ليس هناك شك في النتيجة بوجود مرشح واحد فقط.

ستكون بطولة كرة القدم الأكثر شهرة الخطوة الأكبر حتى الآن التي تُكلل جهود "تلميع السمعة بالرياضة" التي تبذلها السعودية. المملكة الغنية بالنفط مصممة على شراء التأثير الإيجابي لاستضافة الحدث الأكبر والأكثر شعبية في عالم الرياضة، أملا منها في أن يُسفر ذلك عن التخلص من سمعتها السيئة في مجال حقوق الإنسان. السعودية هي بطلة العالم في الاستعانة بالفعاليات الرياضية لتلميع سمعتها، حيث تدفع مبالغ طائلة مقابل حقوق استضافة الفعاليات الرياضية الضخمة وتستحوذ على فرق ودوريات بأكملها لشراء منافع الارتباط بالرياضات الشعبية، بما في ذلك سباقات الفورمولا 1 ودوري "رابطة لاعبي الغولف المحترفين" (’بي جي أيه‘).

رغم تعهد الفيفا بدعم حقوق الإنسان ومعايير العمل في اختيار المضيفين، من المقرر أن تمنح حق تنظيم مباريات 2034 دون إيلاء العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان – وهو أمر غير ممكن أصلا بسبب قمع الحكومة السعودية. ترفض الفيفا التعلم من دروس التاريخ الحديث التي بيّنت أن منح حق استضافة أكبر حدث رياضي لدى الاتحاد دون تدابير لحماية الحقوق يمكن أن يكون كارثيا على العمال الذين يبنون البنية التحتية للبطولة ويخدمونها.

عندما تستضيف حكومات لا تحترم سيادة القانون أو حرية الصحافة أو حماية العمال هذه الفعاليات، كما حدث مع كأس العالم في روسيا عام 2018 ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية في الصين عام 2008،  كانت النتيجة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مثل اعتقال الصحفيين والتمييز ضد الرياضيين والمشجعين من مجتمع الميم ووفاة الآلاف من العمال الوافدين.

عندما اختارت الفيفا قطر لاستضافة كأس العالم في 2010، لم تبذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان بشأن الظروف الخطيرة التي يعيشها ملايين العمال الوافدين الذين كانت هناك حاجة إليهم لبناء الملاعب والفنادق، والذين يعملون بموجب نظام الكفالة.

في 2022، أصبحت بطولة كأس العالم قطر الأكثر ربحا على الإطلاق بالنسبة للفيفا، لكنها كانت أيضا الأكثر دموية. حيث تُظهر الإحصائيات القطرية الرسمية أن 15,021 غير قطري لقوا حتفهم في البلاد بين 2010 و2019، وهي الفترة التي بنيت فيها البنية التحتية الرئيسية لكأس العالم لكرة القدم. وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف واجه العمال الوافدون، الذين بنوا البنية التحتية للفيفا بقيمة 220 مليار دولار لكأس العالم 2022، انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الحرارة والرطوبة الشديدتين، وسرقة الأجور، ورسوم التوظيف الباهظة. قال عامل بناء سابق: "كان العرق ينساب من أحذيتنا أثناء العمل [في قطر]".

لدى السعودية مناخ مماثل، وأكثر من ستة أضعاف عدد العمال الوافدين. تقول وثائق عطاءات الفيفا إن هناك حاجة إلى وجود 14 ملعبا لاستضافة البطولة التي تضم 48 فريقا، ويعمل ما يقدر بنحو 13.4 مليون عامل وافد في البناء أو غيره من وظائف قطاع الخدمات منخفضة الأجر دون حماية تذكر لحقوق الإنسان.

تحظر السعودية أيضا النقابات العمالية والإضرابات والاحتجاجات.

يتضمن سجل حقوق الإنسان في السعودية سجن العشرات من النشطاء والمعارضين بسبب انتقاداتهم السلمية، وقمع المجتمع المدني، فضلا عن قمع حقوق المرأة في ظل نظام ولاية الرجل، وقتل مئات المهاجرين على الحدود السعودية اليمنية، والتي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. فرضت المحاكم السعودية أحكاما بالسجن لعقود على مواطنين سعوديين بسبب تغريدات.

تعتبر ممارسة الجنس خارج إطار الزواج والعلاقات المثلية جرائم يعاقب عليها القانون بعقوبات تشمل الإعدام.

لا توجد في السعودية حرية إعلامية مستقلة، وهي مطلب أساسي لمضيفي كأس العالم. قبل خمس سنوات، قام عملاء سعوديون بقتل وتقطيع أوصال الكاتب الصحفي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي، الذي كان ينتقد الحكومة السعودية.

لم تُعتمد إصلاحات حقوق الإنسان في الفيفا إلا بعد فضيحة فساد واسعة النطاق بشأن بيع الأصوات في آخر نسختين لكأس العالم، والتي أطاحت بالرئيس السابق سيب بلاتر في 2015.

في 2016، تبنت الفيفا "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" وعيّنت موظفين في مجال حقوق الإنسان. في 2017، نشرت الفيفا سياسة جديدة لحقوق الإنسان تعِد بتوفير الحماية في عملياتها العالمية. وضعت الفيفا أيضا متطلبات جديدة مهمة في مجال حقوق الإنسان لبطولة كأس العالم 2026 التي ستقام في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، مدعية أن "التزامات حقوق الإنسان ملزمة لجميع هيئات ومسؤولي الفيفا".

لكن الفيفا تجاهلت معايير حقوق الإنسان الخاصة بها في بطولتي كأس العالم اللتين منحت حق استضافتهما لروسيا وقطر والبطولة التي ستمنح حق استضافتها الآن للسعودية. تواصلت هيومن رايتس ووتش مع الفيفا في فبراير/شباط وأكتوبر/تشرين الأول لطلب تفاصيل بشأن العناية الواجبة بحقوق الإنسان والتشاور مع الأطراف المعنية قبل منح السعودية حق استضافة كأس آسيا وكأس العالم للأندية. لكن الفيفا لم ترد.

تتطلب قواعد حقوق الإنسان الخاصة بالفيفا من المترشحين لاستضافة كأس العالم "التعامل مع الجهات المعنية في مجال حقوق الإنسان" والسماح بمراقبة مستقلة لحقوق الإنسان داخل البلاد. كان ينبغي لهذا المطلب وحده أن يثير مخاوف جدية بشأن فكرة استضافة السعودية لكأس العالم.

العديد من المدافعين الحقوقيين الشجعان في البلاد يقبعون في السجون أو في المنفى، وهم غير موجودين للمساعدة في تلبية هذا المطلب، مما يوضح أن الفيفا لم يكن لديها أبدا نية الالتزام بتعهداتها.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة