(بيروت،) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ أوّل قانون مدوّن للأحوال الشخصيّة في السعوديّة، الذي صدر في اليوم العالمي للمرأة في 2022، يكرّس رسميّا ولاية الرجل على المرأة. يتضمّن هذا القانون أحكاما تمييزيّة ضدّ المرأة في مسائل الزواج، والطلاق، والقرارات المتعلقة بأطفالهما.
دخل "نظام الأحوال الشخصيّة"، الذي صدر في 8 مارس/آذار 2022، حيّز التنفيذ في 18 يونيو/حزيران، ووصفه وليّ العهد محمد بن سلمان ومسؤولون سعوديون آخرون بـ"الشامل" و"التقدّمي". غير أنّ هذا القانون يرسّخ ممارسات تمييزيّة ويتضمّن أحكاما تُسهّل العنف الأسري والاعتداء الجنسي في الزواج. يستخدم القانون أيضا صياغة غامضة تمنح القضاة سلطة تقديريّة واسعة عند الفصل في القضايا، ما يزيد احتمال وجود تفسيرات غير متناسقة.
قالت روثنا بيغم، باحثة أولى في حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: "في اليوم العالمي للمرأة العام الماضي، أعلنت السلطات السعودية أنها أصدرت نظاما تقدّميا للأحوال الشخصيّة، لكنها بدل ذلك كرّست ببساطة التمييز ضدّ المرأة في النصوص القانونية. ينبغي للحكومة تعديل هذا القانون وغيره من القوانين لضمان حقوق المرأة وضمان احترام هذه الحقوق في الممارسة".
لطالما ناضلت ناشطات حقوق المرأة السعوديات من أجل سنّ نظام للأحوال الشخصيّة ينهي التمييز ضدّ المرأة. لكن السلطات لم تقدم لهن أيّ فرصة لتقديم مقترحات بهذا الشأن لأنّ مشروع القانون لم يُنشر قبل اعتماده. في السنوات الأخيرة، واجهت ناشطات حقوق المرأة السعوديات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والتعذيب، ومنع السفر.
يفرض نظام الأحوال الشخصيّة على المرأة الحصول على إذن من وليّ الأمر للزواج، وهو ما يعني أنّ هذه الممارسة القديمة صارت مقنّنة. يتعيّن على النساء المتزوّجات طاعة أزواجهنّ "بالمعروف". النفقة التي يقدمها الزوج تتوقّف تحديدا على "طاعة" الزوجة، التي قد تفقد حقها في النفقة إذا رفضت ممارسة الجنس معه أو امتنعت عن الانتقال إلى بيت الزوجيّة أو المبيت فيه، أو السفر معه "من دون عذر مشروع". ينصّ القانون أيضا على أنّه لا يجوز لكلا الزوجين الامتناع عن العلاقات الجنسية أو المعاشرة دون موافقة الزوج الآخر، ما يعني ضمنيّا الحق الزوجيّ في الجماع.
في حين أنّ الزوج يستطيع تطليق زوجته من طرف واحد، تستطيع المرأة فقط توجيه طلب إلى المحكمة لفسخ عقد الزواج لأسباب محدّدة إذا ثبت وقوع "ضرر" يتعذّر معه "بقاء العشرة بالمعروف"، في إطار هذه الأسباب. لا يحدّد القانون أشكال "الضرر" أو الأدلّة التي يُمكن تقديمها لدعم القضيّة، ما يترك للقضاة سلطة تقديريّة واسعة في التأويل والإنفاذ للحفاظ على الوضع الراهن.
يظلّ الأب هو الوليّ الأصلي للطفل، ما يحدّ من قدرة الأمّ على المشاركة الكاملة في القرارات المتعلّقة بالرفاه الاجتماعي والماليّ للطفل. لا يجوز للمرأة أن تكون وَليّة الطفل ما لم يكن ذلك بقرار من المحكمة. بخلاف ذلك، تكون لها سلطة محدودة في اتخاذ القرارات التي تتعلق برفاه طفلها، حتى في الحالات التي يكون فيها الوالدان لا يعيشان معا وتحكم فيها السلطات القضائيّة بأن يعيش الطفل مع أمّه. يستطيع الأب تعيين وصيّ بديل لأطفاله، لكن القانون لا يمنح هذه القدرة للأمّ.
هناك العديد من الأحكام في نظام الأحوال الشخصية التي تمنع النساء ضمنيّا، وخاصة الأمهات، من السعي إلى الطلاق أو الزواج مرّة أخرى. يُمكن للأب السعي إلى إنهاء حضانة الأمّ للطفل لعدم توفر "كمال الأهليّة" أو في حال اختارت الزواج بأي شخص غريب عن الطفل، "ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك". لا يُعرّف القانون هذا المصطلح، تاركا تفسيره لرئيس المحكمة.
قالت هيومن رايتس ووتش إنّ على السعوديّة ضمان احترام نظام الأحوال الشخصيّة وغيره من قوانين الأسرة السعوديّة لحقوق المرأة في الزواج والطلاق على قدم المساواة مع الرجل، وكذلك أثناء الزواج. بالإضافة إلى ذلك، بعد الانفصال أو فسخ الزواج، ينبغي أن يكون للمرأة والرجل قدرة متساوية على اتخاذ القرارات المتعلّقة بالأطفال. يجب اتخاذ القرارات المتعلّقة بالشؤون المالية للطفل، والتعليم والرعاية الصحيّة ومكان الإقامة، على أساس المصالح الفضلى للطفل حسبما تنصّ عليه المعايير الدوليّة.
تُطبّق السعوديّة تفسيرها للشريعة كقانون وطنيّ، وليس لديها قانون عقوبات مكتوب، باستثناء بعض القوانين المحدّدة. تدوين نظام الأحوال الشخصيّة هو جزء من سلسلة من التغييرات القانونية التي نُفذت مؤخرا أو ستُنفَّذ مستقبلا، ومنها مقترحات لأول قانون عقوبات مكتوب في البلاد بشأن جرائم التعزير (الخاضعة لتقدير القاضي) و"نظام الإثبات"، وهي جزء جوهري من استراتيجية "رؤية السعودية 2030".
بالإضافة إلى ذلك، عدّلت السلطات السعوديّة في يناير/كانون الثاني المادة 8 من "نظام الجنسيّة العربيّة السعوديّة"، ومنحت لرئيس الوزراء، وهو حاليا وليّ العهد الحالي محمد بن سلمان، سلطة الموافقة على طلبات الجنسيّة. وضع هذا التعديل حاجزا إضافيا في الشروط الصارمة الحالية التي يجب أن تتوفر في الأطفال المولودين لأمهات سعوديات وآباء غير سعوديين للحصول على الجنسيّة بعد بلوغهم سنّ 18 عاما. لكن الأطفال المولودين لآباء سعوديين يحصلون على الجنسية تلقائيا عند الولادة.
رغم الإصلاحات الهامة الأخرى لنظام ولاية الرجل في السنوات الأخيرة، ما تزال النساء المسجونات بحاجة إلى إذن من وليّ أمرهن لمغادرة السجن، حتى بعد انتهاء مدة العقوبة، وللحصول على بعض أشكال الرعاية الصحيّة الجنسيّة والانجابيّة. قالت نساء مطلّقات من رجال سعوديين قابلتهن هيومن رايتس ووتش إنّ الأزواج يُمكنهم عدم الموافقة على حصول الزوجة على التعليم العالي في الخارج.
قالت بيغم: "إلى أن تتمكنّ النساء السعوديات من الدفاع عن حقوقهنّ دون خوف، ويضمن القانون لهنّ حقوقا متساوية مع الرجل، سيظلّ حديث المسؤولين السعوديين عن حقوق المرأة أجوف. ينبغي للشركات الأجنبيّة والمشاهير الذين يقبضون أموالا من السلطات السعوديّة الكفّ عن تبرير تعاملهم معها بالقول إن السعودية في حققت تقدما في حقوق المرأة".
ناضلت ناشطات حقوق المرأة السعوديات لعقود من أجل قانون مدوّن للأحوال الشخصيّة، وأبلغن عن التناقضات في الأحكام التي ميّزت ضدّ المرأة. لكن لم تتوفر لهنّ أيّ فرصة لتقديم مقترحات لمشروع نظام الأحوال الشخصيّة، الذي لم يكن متاحا للعلن قبل إصداره يوم 8 مارس/آذار 2022. مُنعت عدّة ناشطات في مجال حقوق المرأة أيضا من التعليق علنا على حقوق المرأة لأنهنّ ما زلن قيد المحاكمة أو محتجزات أو حصلن على سراح مشروط بتهم ذات دوافع سياسيّة.
المدافعات عن حقوق المرأة لجين الهذلول، ونسيمه السادة، وسمر بدوي ممنوعات من السفر ويخضعن لأحكام سَجنيّة مع وقف التنفيذ، ما يسمح للسلطات بإعادتهنّ إلى السجن بسبب أي نشاط إجرامي متصوّر، بما فيه النشاط من أجل حقوق المرأة. في 2021، نشرت هيومن رايتس ووتش روايات موثوقة عن تعذيب ارتكبته سلطات السجون السعودية في حق العديد من ناشطات حقوق المرأة في 2018، بمن فيهن الهذلول، باستخدام الصعق الكهربائي، والضرب، والجلد، والتحرّش الجنسي.
ولاية الرجل والطاعة في الزواج
تنصّ المادة 157 من نظام الأحوال الشخصيّة على انتهاء الولاية عند بلوغ الشخص سنّ الرشد – 18 عاما قانونا. لكنّ نظام الأحوال الشخصية يدوّن أيضا شرط أن يكون للمرأة وليّ أمر لكي تتزوّج. تفرض المادتان 13 و15 وجود وليّ الأمر لعقد المرأة، بغضّ النظر عن سنّها أو وضعها الاجتماعي السابق. لا يحتاج الرجل إلى هذه الموافقة، ويستطيع الزواج عدّة مرّات دون أن يكون ذلك مشروطا بموافقة الزوجة أو الزوجات الحاليات. يُمكن للرجل في السعودية الزواج من أربعة نساء مرة واحدة، بينما يُمكن للمرأة الزواج من رجل واحد فقط.
تُحدّد المادة 17 ترتيب من يُمكنه أن يكون وليّ أمر المرأة، بداية بوالدها ثم التدرّج إلى أقارب ذكور مختلفين، منهم الجدّ والأخ والأعمام وأبناء العم، وأخير القاضي، في حال عدم توفر قريب مناسب (عمليا، كل القضاة السعوديين ذكور). يفرض النظام موافقة كلا الزوجين على الزواج ويحظر على وليّ المرأة الموافقة على زواج ترفضه هي. حتى إذا وافق وليّ المرأة على الزواج، يسمح القانون لأقاربها الآخرين حتى الدرجة الثالثة بالاعتراض على عقد الزواج إذا كانوا يعتقدون أنّ الرجل غير مؤهل للزواج منها – على أساس الدين أو العرف.
عندما يمنع الوليّ الأصليّ المرأة من الزواج، يُمكنها تقديم طلب إلى المحكمة فيُعيّن القاضي وليّا آخر أو يتصرّف بصفته وليّا لها لعقد الزواج. لكن هيومن رايتس ووتش وثقت ميْل القضاة السعوديين إلى ترجيح رأي وليّ الأمر من مدى ملاءمة الزواج، وقد يوافقون على رأيه ويرفضون طلبها.
بعد الزواج، تنتقل الولاية من والد المرأة إلى زوجها. بموجب المادة 42، يتعيّن على المرأة "طاعة" زوجها "بالمعروف". تنصّ المادة 42 أيضا على أن تُرضع المرأة أطفالها ما لم يكن هناك مانع. نفس هذه المادة تنصّ على حقوق متبادلة للزوجين – مثل المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام – لكنها تفرض على كليهما عدم الامتناع عن المعاشرة الزوجية، وتفرض السكن في بيت الزوجية وبقاء المرأة معه، ما يعني ضمنيا الحق في الجماع.
بموجب المادتين 45 و55، إذا امتنعت المرأة عن زوجها أو عن الانتقال إلى بيت الزوجيّة أو المبيت فيه أو السفر معه "من دون عذر مشروع"، فإنها تفقد حقها في نفقة الزوج، والتي تشمل الطعام والكسوة [اللباس] والسكن وغير ذلك من "الحاجيات الأساسيّة". قد تفقد المرأة التي تغادر بيت الزوجيّة حضانة طفلها، دون أي تفصيل، "ما لم تقتض مصلحة المحضون غير ذلك".
قالت هيومن رايتس ووتش إنّ تدوين ولاية الرجل على المرأة وطاعة الزوجة لزوجها في نظام الأحوال الشخصيّة يُسهّل العنف الأسري، بما في ذلك الاعتداء الجنسي في الزواج، ويُبرّره. شرط الحصول على موافقة الزوج/ة على الامتناع عن المعاشرة الجنسية يتعارض مع حق الإنسان في الاستقلال الشخصي، وقد يؤدّي إلى تعرّض المرأة للاعتداء الجنسي.
لا يوفر "نظام الحماية من الإيذاء" لعام 2013 حماية كاملة للمرأة في السعوديّة، فهو يعرّف الإيذاء على أنّه "كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسديّة أو النفسيّة أو الجنسيّة، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزا بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤوليّة بسبب ما يربطهما من علاقة أسريّة أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية". لم يوضّح ما هي الأعمال التي تجوز في إطار الولاية والأعمال التي تتجاوزها، كما أنه لا ينصّ صراحة على أنّ الاغتصاب الزوجي جريمة. انتقد النشطاء أيضا تقاعس السلطات السعوديّة عن تنفيذ القانون.
ينتهك العنف الجنسيّ العديد من حقوق الإنسان المحميّة والمعترف بها دوليا، مثل الحق في الحياة، وأمن الشخص، والوقاية من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وأعلى مستوى من الصحّة البدنيّة والنفسيّة يُمكن بلوغه.
ما يزال بإمكان الرجال رفع دعاوى ضدّ زوجاتهم أو بناتهم أو أقاربهم الإناث بموجب حقوق الولاية بشأن "العصيان"، التي تسببت سابقا في اعتقالهنّ وإعادتهنّ قسرا إلى منزل وليّ الأمر أو سجنهن. تقول بعض شركات المحاماة في السعوديّة إنّ النساء الآن يستطعن الاستعانة بمستشار قانوني للطعن في هذه القضايا في المحاكم في غضون 30 يوما، ما يضع النساء اللواتي لا يستطعن توفير الرسوم القانونية في وضع غير مؤات.
زواج الأطفال
لم يكن لدى السعودية حد أدنى لسن الزواج حتى يناير/كانون الثاني 2019، عندما أقر "مجلس الشورى"، الذي لديه صلاحيات استشارية، مقترحا يحدد الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 عاما، مع ترك استثناءات للفتيات في سن 15 إلى 17 عاما للزواج بموافقة المحكمة. بدلا من إزالة هذه الاستثناءات، يسمح نظام الأحوال الشخصية بزواج الأطفال في سن أدنى من ذلك.
تحدد المادة 9 السن القانوني للزواج بـ 18 عاما. إلا أن هذه المادة تخوّل المحاكم بالسماح بزواج طفل (ذكر أو أنثى) دون سن 18 عاما إذا "كان بالغا" – قد يكون السن أقل من 15 عاما – وإذا كان الزواج يحقق "مصلحة" للطفل. لا يعرّف القانون "البلوغ"، رغم أنه يُفهم عمليا بالنسبة للفتيات كإشارة إلى أول حيض. يمكن بدء إجراءات الموافقة على الزواج المبكر لدى وزارة العدل عبر الإنترنت، وتتطلب أدلة مثل السجلات الطبية لإثبات "التكافؤ" لدى الأطفال.
يشير أحدث مسح للخصائص السكانية قدمته "الهيئة العامة للإحصاء" السعودية بشأن عدد الزيجات المصنفة بحسب العمر إلى أن أكثر من 15 ألف طفل سعودي تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما تزوجوا عام 2017، والغالبية العظمى كانت من الفتيات. تواصل وسائل الإعلام المحلية الإبلاغ عن انتشار زواج الأطفال في البلاد.
ينتهك زواج الأطفال مجموعة من حقوق الإنسان وله آثار دائمة وغير متناسبة على الفتيات بعد سن المراهقة، حيث تعاني النساء والفتيات من الآثار الصحية جراء الحمل في سن صغيرة جدا أو كثرة الحمل. كما يتعارض الزواج مع قدرة الطفلة على الحصول على التعليم والاستقلالية الاقتصادية ويعرّضها للعنف الأسري والاغتصاب الزوجي.
الطلاق
يسمح نظام الأحوال الشخصية للرجل بتطليق زوجته من جانب واحد نطقا أو كتابة، مع بعض القيود. يحدد النظام الحالات التي لا يقع فيها الطلاق نُطقا (المادة 80)، بما فيها عندما يغضب الرجل لدرجة ألّا يستطيع التحكم بكلامه، ويؤكد على ضرورة وجود "نية" للنطق (المادة 81). يشترط النظام على الرجل توثيق طلاقه أمام السلطات في مدة أقصاها 15 يوما من إعلانه. إن لم يفعل ذلك، يحق للمرأة فقط تعويضا لا يقل عن الحد الأدنى لمبلغ النفقة الزوجية من تاريخ الطلاق وعلمها به (المادتان 90 و91).
إذا رغبت المرأة في الحصول على نفس الحق في تطليق زوجها من جانب واحد، يجب أن يوافق زوجها على ذلك كشرط في وثيقة الزواج عند انعقاده، وفقا للمادة 27، التي تسمح للأزواج بوضع شروط الزواج المتفق عليها. إلا أنه، عمليا، هذا الشرط غير شائع بحسب تقارير، لأنه يُنظر إليه على أنه معيب، أو لا يسمح به موظفو تسجيل الزواج الذين يرون أنه غير إسلامي.
بخلاف ذلك، ليس للمرأة الحق في الطلاق من جانب واحد. يمكن للمرأة بدل ذلك أن تطلب الطلاق على أساس الخلع، حيث يوافق زوجها على الطلاق مقابل تعويض. قد يكون التعويض أن تعيد الأموال أو التقديمات العينية التي قدمها العريس أو عائلته عندما تزوجا (المهر)، أو ممتلكات مماثلة أو مساوية للمهر الذي حصلت عليه. يمكن للمرأة أيضا أن تقدم طلبا في المحكمة لـ "فسخ" عقد الزواج، وهو ما يُفهم على نطاق واسع على أنه طلاق بسبب الضرر، ويمكن لأي من الزوجين التقدم بطلب للحصول عليه.
يؤثر شرط التعويض في طلاق الخُلع بشكل غير متناسب على النساء الآتيات من بيئة ذات دخل محدود، حيث يمكن أن يسبب إرجاع المبلغ كاملا أو جزئيا صعوبات مالية شديدة. لا تُفرض شروط مماثلة للدفع على الرجال الذين يبادرون إلى الطلاق. نظرا لأن الرجال يجب أن يوافقوا على هذا النوع من الطلاق، يمكنهم إساءة استخدام هذه السلطة للضغط على النساء لمنحهم تعويض مالي مقابل الخروج من الزيجات التي تسودها الانتهاكات.
إذا كانت المرأة عاجزة عن الدفع للخروج من الزواج أو غير راغبة في ذلك، يمكنها التقدم بطلب للفسخ، أي طلاق بسبب الضرر، بناء على عدد من الأسباب المحددة مسبقا في النظام. منها مثلا، عدم وفاء الزوج بالنفقة (المادة 107)، أو غياب الزوج عن بيت الزوجية لأكثر من أربعة أشهر (المادة 114)، أو إذا امتنع الزوج أو أقسم أنه لن يمارس الجنس مع زوجته لأربعة أشهر دون "عذر مشروع" (المادة 113).
تسمح المادة 108 للمرأة بالمبادرة بالطلاق على أساس إضرار الزوج بها بشكل "يتعذر" معه استمرار الزواج، إذا ثبت وقوع الضرر. إلا أن القانون لا يضع حدا أدنى لما يشكل ضررا أو كيفية إثباته، تاركا هذه الشروط بالكامل لتقدير القاضي. لاحظ المحامون السعوديون أن المواد السمعية والبصرية، بما فيها الصور والتسجيلات الصوتية والرسائل النصية، والتي قد تكون السجلات الوحيدة لإساءة معاملة الأزواج للنساء، قد لا يقبلها القضاة، الذين يفضلون غالبا مواد مثل التقارير الطبية وتقارير الشرطة.
قالت امرأتان متزوجتان سابقا من سعوديَّين لـ هيومن رايتس ووتش إن المحاكم لم تقبل نسخا مطبوعة من الرسائل النصية أو التسجيلات الصوتية في قضايا الطلاق. غالبا ما تعاني النساء ضحايا الاعتداء الجسدي للإبلاغ عن الحوادث إلى السلطات أو الوصول إلى الخدمات الاجتماعية أو الإجراءات القضائية دون وجود قريب ذكر، أو لعدم تشجيعهن على الإبلاغ بسبب الوصمة الاجتماعية، لا سيما إذا كان الزوج أيضا ابن عم.
إذا كان "الضرر" الذي "تتعذر" معه الحياة لا يمكن إثباته، ولكن ما يزال الخلاف قائما بين الزوجين، ينص النظام على أن على كل منهما تعيين حكم من عائلته للاستماع إلى الأسباب والنظر فيها والسعي إلى التوفيق بينها (المادة 109). يترك ذلك النساء في المواقف المؤذية عرضة للضغط من أجل المصالحة. ينص القانون على أنه إذا لم يتمكن الحكمان من التوفيق بين الزوجين، فيمكنهما التوصية بالطلاق، وإذا كانت المرأة تطالب بتعويض من الزوج، فيجب ألا يتجاوز مقداره المبلغ الذي حصلت عليه وقت الزواج (المادة 111)، ما يشكل في نهاية المطاف عقابا ماليا آخر.
بالإضافة إلى ذلك، باستثناء فترة الانتظار البالغة ثلاثة أشهر بعد الطلاق، والتي يُحظر خلالها على المرأة معاودة الزواج (فترة العدة)، لا يمنح القانون المرأة الحق في أي من أشكال الدعم المالي بعد الطلاق من زوجها السابق بغض النظر عن مساهماتها أثناء الزواج، حتى لو أن جهدها في رعاية الأطفال مكّن زوجها من الحصول على وظيفة وكسب الدخل. قد يجعل ذلك من الصعب على المرأة التي تعتمد اقتصاديا على زوجها أن تترك الزيجة التي تشهد انتهاكات.
القرارات المتعلقة بالأطفال
ينص نظام الأحوال الشخصية على أنه بعد الطلاق، يتلقى الأطفال الرعاية من "حاضن"، ويكون الحاضن بالترتيب الأم أولا، ثم الأب، ثم أم الأم، ثم أم الأب، أو من تعينه المحكمة لمصلحة الطفل (المادة 127). يجب أن يكون الحاضن ذا أهلية كاملة، وقادرا على تربية الطفل وحفظه ورعايته، وسليما من الأمراض (المادة 125).
إلا أن النساء لا يُشجَّعنَ فعليا على الزواج مرة أخرى إذا كان لديهن أطفال يعيشون معهن. تنص المادة 126 على أنه لا يجوز للمرأة أن تتزوج من رجل غريب عن الولد الموجود في حضانتها إلا إذا كان ذلك في "مصلحة" الطفل، لكن النظام لا يعرّف هذا المصطلح. يمكن للأب أن يسعى إلى إنهاء حضانة الأم لأطفالها على أساس أنها لم تعد حاضنة ذات "أهلية" أو لأنها تزوجت مجددا. لا يوجد بند يسمح للأم بالاعتراض على الحضانة إذا اختار والد الطفل الزواج مرة أخرى.
إذا أرادت امرأة لديها أطفال يعيشون معها أن تتزوج مرة أخرى، فلا يمكنها فعل ذلك إلا إذا لم يكن بإمكان أي شخص آخر رعايتهم أو إذا كانوا سيتضررون بالانفصال عنها، ويجب أن يوافق زوجها الجديد صراحة على معيشة أطفالها في بيتها. يمكن للرجل إلغاء هذه الموافقة في أي وقت "متى لحقه ضرر"، بغض النظر عما إذا كان ذلك سيضر بالأطفال. من ناحية أخرى، يمكن للرجل أن يُسكِن أطفالا من زيجات سابقة، ووالديه، وغيرهم من الأشخاص الذين يتولى إعالتهم في منزل الزوجية دون موافقة زوجته طالما أنه "لا يلحق الزوجة ضرر من ذلك".
قد يفقد أي شخص "الحق في الحضانة" إذا انتقل مع الطفل إلى مكان لا يعتبر في "مصلحة المحضون" (المادة 128)، وهو أمر غير محدد. غياب مبادئ توجيهية واضحة بشأن ما يشكل "مصلحة المحضون" يفسح المجال لتفسيرات قضائية لهذا النص قد تضر بالأم وكذلك الطفل.
بالإضافة إلى ذلك، وبغض النظر عما إذا عُينت المحكمة المرأة "حاضنا" على طفلها، ينص القانون على أن يظل والد الطفل الولي الأول، ما يشمل الإشراف على مصالح الطفل وإدارة شؤونه المالية. لا يمكن للمرأة أن تكون وصية على الأطفال ما لم تعينها المحكمة. يجوز للآباء تعيين أوصياء بديلين لأطفالهم، لكن القانون لا يمنح الأمهات القدرة نفسها.
في محاولة لتوسيع نطاق واجبات الوصاية على الأطفال لمنح المزيد من المساواة للنساء، تبنت الحكومة تعديلات لقوانين أخرى في العامين 2016 و2019 تسمح للأمهات اللواتي لديهن حق الحضانة الأولية على أطفالهن بتقديم طلب للحصول على جوازات سفر ووثائق مهمة أخرى للأطفال، وطلب الإذن لسفر الطفل دون الحاجة إلى موافقة ولي الأمر الذكر. مع ذلك، وثّقت هيومن رايتس ووتش أن تطبيق هذه الشروط يبدو غير متسق.
الالتزامات الحقوقية الدولية
لا تتسق القيود الناشئة عن نظام ولاية الرجل مع التزامات السعودية الدولية في مجال حقوق الإنسان. تنص "اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو)، التي صادقت عليها السعودية عام 2000، على وجوب اتخاذ الحكومات جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، بما يشمل ضمان تمتع المرأة بحقوق مماثلة لحقوق الرجل في الزواج، وأثناء الزواج، والحصول على الطلاق.
تدعو "اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة"، المسؤولة عن مراقبة امتثال الدول لاتفاقية سيداو، في "التوصية العامة رقم 29" بشأن الزواج والعلاقات الأسرية وفسخ الزواج وإنهاء العلاقات الأسرية، الحكومات إلى الاعتراف بقيمة المساهمات غير المباشرة، بما فيها غير المالية، التي تقدمها الزوجة في الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج. كما تُلزم سيداو الحكومات بضمان تمتع النساء والرجال بنفس الحقوق والمسؤوليات في الأمور المتعلقة بأطفالهم حيث تكون الأولوية لمصالح الأطفال.
تذكر العديد من الحقوق المنصوص عليها في سيداو أهمية الحق في الاستقلالية الذاتية في ممارسة المرأة حقوقها، لا سيما حق المرأة في الأهلية القانونية المماثلة للرجل في الشؤون المدنية (المادة 15)، والحق في حرية التنقل وحرية الاختيار فيما يتعلق بمحل إقامتها (المادة 15.4)، وكذلك نفس شروط الوصول والحق في عدم التمييز في التعليم والعمل (المادتان 10 و11 على التوالي).
تتطلب المادة 18 من "اتفاقية حقوق الطفل" الأممية، والتي صادقت عليها السعودية عام 1996، أن يتمكن كلا الوالدين من المشاركة في "تربية الطفل ونموه". تقول "لجنة اتفاقية حقوق الطفل" إن القرارات المتعلقة بالشؤون المالية للطفل، وتعليمه، ورعايته الصحية، ومكان إقامته يجب أن تُتخذ أولا على أساس المصلحة الفضلى للطفل، كما هو محدد في القانون الدولي لحقوق الإنسان. تُلزم المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل الحكومات بحماية الأطفال من سوء المعاملة، والثغرة القانونية التي تسمح بزواج الأطفال تنتهك هذا الشرط.
صادقت السعودية على "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" في العام 1997. تقرّ "لجنة مناهضة التعذيب"، المسؤولة عن مراقبة التزام الدول باتفاقية مناهضة التعذيب، ولجنة سيداو إن العنف ضد المرأة، بما فيه العنف الأسري والاغتصاب الزوجي، يشكل انتهاكا للحقوق الأساسية للفرد في الحياة، والحرية، والحماية من التعذيب.