Skip to main content

بالإضافة إلى إغلاق غزة، قد تُجمَّد المساعدات للفلسطينيين أيضا

في خضمّ الأزمة الإنسانيّة، قطعُ هذا الشريان الحيوي سيكون مدمّرا

رجال فلسطينيون يحملون الخبز أثناء سيرهم في شارع تعرض للقصف العنيف في مدينة غزة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023. © 2023 محمود حمس أ ف ب عبر غيتي إيمجز

هذا الأسبوع، وبعد أن قصفت غزّة من الجو في أعقاب هجمات "حماس" القاتلة في نهاية الأسبوع الفائت، عمدت الحكومة الإسرائيليّة أيضا إلى قطع الكهرباء والوقود والماء والغذاء عن غزّة، في ما وصفته بـ"الحصار الشامل". نفد الوقود اللازم لمحطّة توليد الكهرباء الوحيدة في غزّة فأغلقت. بدون وقود أو كهرباء، تقطّعت خدمة الانترنت أيضا، وقد تتعطّل معها آبار ضخّ المياه في المنطقة. هذه الأعمال قد تفاقم الوضع في غزّة، التي تعيش في ظروف مزرية أصلا بعد 16 عاما من القيود المدمّرة. في هذا السياق، فإنّ التصريحات الأخيرة لبعض الحكومات الأوروبيّة بشأن تجميد مساعدات التنمية لفلسطين تبعث على قلق عميق.

تتحمّل السلطات الإسرائيليّة، القوّة المحتلّة لغزّة بموجب القانون الدولي، واجب ضمان تلبية الاحتياجات الأساسيّة للسكّان. لكن بدلا من ذلك، دأبت هذه السلطات منذ 2007 على إدارة غزة كـ"سجن في الهواء الطلق"، وفرضت قيودا كاسحة على حركة الأشخاص والبضائع. في أعقاب هجمات نهاية الأسبوع، تضيّق السلطات الإسرائيلية جدران السجن أكثر فأكثر.

قتل مهاجمو حماس الناس في منازلهم، ونفذوا مجزرة بحق مشاركين في مهرجان موسيقي، واختطفوا أطفالا ومسنّين وآخرين. يشكّل إطلاق النار على المدنيّين بشكل متعمّد وأخذهم رهائن جرائم حرب، ويجب تقديم مرتكبي هذه الفظائع إلى العدالة.

لكنّ حرمان جميع سكّان غزّة من الكهرباء والوقود بسبب أعمال ارتكبها أفراد هو شكل من أشكال العقاب الجماعي. قال وزير الطاقة والبنية التحتيّة الإسرائيلي بوضوح إنّ الهجمات الأخيرة لحماس "وراء قرارنا بوقف تدفق الماء والكهرباء والوقود". هذه التكتيكات هي جرائم حرب، شأنها شأن استخدام التجويع كسلاح حرب.

سبق أن أكّدت "المحكمة الجنائيّة الدوليّة" أنّ ولايتها تنطبق على الجرائم المرتكبة في الأعمال العدائيّة الحاليّة. على المجتمع الدولي تقديم دعم عمليّ وسياسي لإجراء تحقيقات.

بسبب القصف الجوّي العشوائي الذي تنفذه إسرائيل، لم تعد المستشفيات ملاذات آمنة، بالإضافة إلى افتقارها إلى الأماكن الشاغرة، وعجزها عن معالجة المرضى، ونقص العديد من الأدوية فيها.  وثّقت "منظمة الصحّة العالميّة" 22 هجوما على منشآت صحيّة في غزّة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. والأمر نفسه ينطبق على مخيّمات اللاجئين، والمدارس، ومجمّعات الأمم المتحدة، التي تعرّضت جميعها للقصف في الأيام الأخيرة.

ردّا على موجة العنف التي أطلقتها حماس، علّقت كل من الدنمارك (13 مليون دولار)، والسويد (5 مليون دولار)، وألمانيا (131 مليون دولار)، والنمسا (20 مليون دولار) برامج مساعداتها التنمويّة الثنائيّة، التي تشمل أيضا تمويل الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة ومنظمات المجتمع المدني. في المقابل، شرعت المملكة المتحدة في مراجعة برامجها التنمويّة دون تعليق مدفوعاتها أو وقفها.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار الاتحاد الأوروبي إلى أنّ مساعداته التنمويّة المستمرّة ستخضع لمراجعة لتجنّب أي دعم حتى غير مباشر لحماس. أوضح منسّق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الثلاثاء أنّ "الأغلبيّة الكبرى للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي" تفضّل استمرار الدعم للسلطة الفلسطينيّة، وأكّد أنّ أيّ مراجعة ستكون سريعة ولن تؤثر على المدفوعات المستحقّة. وأضاف أنّه "لا يعتقد" أنّ تمويل الاتحاد الأوروبي قد يكون صبّ في "الأنشطة الإرهابيّة" لحماس.

تمويل المساعدات الإنسانيّة لا يبدو مهدّدا في الوقت الحالي، لكن عمليّا ليس هناك أيّ مساعدات تدخل إلى غزّة الآن. أفادت تقارير أنّ إسرائيل هدّدت أيضا بمنع دخول المساعدات الإنسانيّة عبر مصر.

الحقيقة هي أنّ منفذي هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأوّل لن يتحمّلوا على الأرجح وطأة تجميد المساعدات من قبل ألمانيا، والنمسا، والسويد، وغيرهم. فقد صُنِّفَت حماس منظمّةً إرهابيّة منذ وقت طويل، ولم تكن مؤهلة للحصول على أيّ مساعدات في كل الأحوال. بدلا من ذلك، فإنّ هذه المراجعات والتعليقات تهدّد بإبطاء المساعدات المقدّمة إلى منظمات المجتمع المدني والسلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة، ومعاقبة ملايين المدنيين الفلسطينيين، الذين يواجهون أصلا قمعا وعنفا غير مسبوقين.

يبدو أنّ بعض المانحين اضطرّوا إلى التحقق بشكل أكثر من معمّق مما إذا كانت مساعداتهم ستصل إلى جيوب حماس، رغم أن المختصّين وحتى مؤيّدي المراجعات يُشكّكون في إمكانية حدوث ذلك بسبب الضمانات القائمة. لكن عليهم عدم وقف المدفوعات أو تسليم المساعدات أثناء هذه المراجعات، فالوقوف ضدّ هجوم حماس لا يستوجب قطع شرايين الحياة الأساسيّة للشعب الفلسطيني.


 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة