Skip to main content

أسئلة وأجوبة: القتال بين إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول 2023

 

تتناول وثيقة الأسئلة والأجوبة التالية قضايا تتعلق بالقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) الذي يحكم القتال الحالي بين إسرائيل و"حماس"، وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة. الغرض من هذه الوثيقة هو تيسير تحليل سلوك جميع الأطراف الضالعة في النزاع لردع خروقات قوانين الحرب وتشجيع المحاسبة على الانتهاكات.

تركز هذه الوثيقة على القانون الإنساني الدولي الذي يحكم سير الأعمال القتالية. إلا أنها لا تتطرق إلى مدى توفر المبررات للهجمات أو استخدام القوة المسلحة من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة أو إسرائيل، كما هو الحال بموجب "ميثاق الأمم المتحدة". بمقتضى اختصاصنا المؤسسي، لا تتخذ "هيومن رايتس ووتش" موقفا من القضايا المتعلقة بـ " قانون مسوغات الحرب" (القانون المتعلق بالمبررات المقبولة لاستخدام القوة المسلحة)، وهدفنا الأساسي هو توثيق انتهاكات قوانين الحرب وتشجيع كافة الأطراف في نزاع مسلح على احترام قوانين الحرب (القانون الساري خلال الحرب).  

1.       ما هو القانون الإنساني الدولي المنطبق على النزاع المسلح الدائر حاليا بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة؟

2.       هل يؤثر السياق السياسي، بما في ذلك مقاومة الاحتلال واختلال موازين القوى، على التحليل بموجب القانون الإنساني الدولي؟

3.       من وماذا يمكن أن يكون هدفا مشروعا للهجوم العسكري؟

4.       هل يسمح القانون الإنساني الدولي بأخذ الرهائن؟

5.       ما هي واجبات إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة فيما يتعلق بالقتال في المناطق المأهولة بالمدنيين؟

6.       هل يتعين على الأطراف المتحاربة تحذير المدنيين مسبقا من الهجمات؟ وما الذي من شأنه أن يُعتبر تحذيرا "فعالا"؟

7.       ما هي تدابير الحماية القانونية للمستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف؟

8.       هل يجوز لإسرائيل مهاجمة المساجد أو المدارس في غزة؟

9.       هل الصواريخ التي تطلقها المجموعات الفلسطينية المسلحة على إسرائيل مشروعة؟

10.     هل من المشروع استهداف قادة الجماعات الفلسطينية المسلحة ومكاتبهم ومنازلهم؟

11.     ما المقصود بـ "العقاب الجماعي" للسكان المدنيين؟

12.     هل يتمتع الصحفيون بحماية خاصة من الهجوم؟

 13.    هل الهجمات الإسرائيلية على محطات التلفزة والإذاعة التابعة لمنظمات إعلامية إخبارية، من ضمنها التي تديرها حماس، مشروعة؟

14.     ما هي التزامات إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة تجاه الهيئات الإنسانية؟

15.     هل يبقى القانون الدولي لحقوق الإنسان ساريا؟

16.     من الذي يمكن تحميله مسؤولية انتهاكات القانون الإنساني الدولي؟

17.     هل يمكن إحالة الجرائم الخطيرة المزعومة إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

18.     ما هي سبل المساءلة الأخرى الموجودة؟

 

 

  1. ما هو القانون الإنساني الدولي المنطبق على النزاع المسلح الدائر حاليا بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة؟

يُقر القانون الإنساني الدولي بأن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة هو أنه نزاع مسلح مستمر. تخضع الأعمال القتالية الحالية والهجمات العسكرية بين إسرائيل وحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة للمعايير الأساسية التي تحكم الأعمال العدائية المتجذرة في القانون الإنساني الدولي، والتي تتألف من  قوانين المعاهدات الدولية، وتحديدا المادة المشتركة 3 من "اتفاقيات جنيف لسنة 1949"، فضلا عن القانون الإنساني الدولي العرفي الساري في ما يسمى النزاعات المسلحة غير الدولية – على النحو المنصوص عليه في "البروتوكولات الإضافية لعام 1977 لاتفاقيات جنيف". تتناول هذه القواعد سبل ووسائل القتال وتدابير الحماية الأساسية للمدنيين والمقاتلين الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية، سواء لصالح جماعات مسلحة تابعة للدولة أو غير تابعة للدولة.  

في المقام الأول من بين قواعد القانون الإنساني الدولي، هناك القاعدة التي تقضي بأن على أطراف النزاع أن تميّز في كافة الأوقات بين المقاتلين والمدنيين. لا يجوز أبدا استهداف المدنيين بالهجوم. على جميع الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر الواقع على المدنيين والأعيان المدنية، مثل المنازل والمتاجر والمدارس والمرافق الطبية، إلى الحد الأدنى. لا يجوز الهجوم إلا على المقاتلين والأهداف العسكرية. تُحظَر الهجمات التي تستهدف مدنيين، أو التي لا تميّز بين المقاتلين والمدنيين، أو التي من شأنها إلحاق أضرار غير متناسبة بالسكان المدنيين مقارنة بالمكسب العسكري المتوقّع.

بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 3 المشتركة على عدد من تدابير الحماية الأساسية للمدنيين والأشخاص الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية، مثل المقاتلين الأسرى، وأولئك الذين استسلموا أو أصبحوا عاجزين. تحظر المادة أيضا العنف ضد هؤلاء الأشخاص، وتحديدا القتل، والمعاملة القاسية، والتعذيب، بالإضافة إلى التعدي على كرامتهم الشخصية والمعاملة المهينة واللاإنسانية، وأخذ الرهائن.

  1.   هل يؤثر السياق السياسي، بما في ذلك مقاومة الاحتلال واختلال موازين القوى، على التحليل بموجب القانون الإنساني الدولي؟

لا تميّز قوانين الحرب رسميا بين أطراف النزاع على أساس اختلال موازين القوى أو معايير أخرى. تبقى المبادئ الأساسية لقوانين الحرب سارية. لا يمكن أبدا تبرير انتهاك هذه القوانين عبر استهداف المدنيين عمدا أو تنفيذ هجمات عشوائية بالإشارة إلى الظلم جراء الوضع السياسي، أو غيره من الحجج السياسية أو الأخلاقية. السماح باستهداف المدنيين في الظروف التي يوجد فيها تفاوت في القوة بين القوات المتحاربة، كما هو الحال في العديد من النزاعات، من شأنه أن يخلق استثناءً يمكنه أن يلغي فعليا قوانين الحرب.

وبالتالي، سواء استخدم أحد الأطراف المتحاربة القوة بشكل قانوني أو بما يخرق القانون الدولي، على هذا الطرف في جميع الأحوال الالتزام بقوانين الحرب.

أطراف النزاع مجبرة أيضا بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي بصرف النظر عن سلوك الأطراف المتحاربة الأخرى. انتهاكات قوانين الحرب من جانب طرف لا تبرر الانتهاكات من جانب طرف آخر. الأعمال الحربية الانتقامية، وهي عادة أعمال غير قانونية مسموح بها في ظروف محددة، محظورة ضد المدنيين أو السكان المدنيين.

  1. من وماذا يمكن أن يكون هدفا مشروعا للهجوم العسكري؟

تُقر قوانين الحرب بأنه قد يكون من غير الممكن تفادي وقوع بعض الخسائر المدنية أثناء نزاع مسلح، إلا أنها تفرض على الأطراف المتحاربة واجب التمييز في كافة الأوقات بين المقاتلين والمدنيين، واستهداف المقاتلين والأهداف العسكرية الأخرى فقط. المقومات الأساسية لهذا القانون هي "حصانة المدنيين" ومبدأ "التمييز".

يشمل المقاتلون أفراد القوات المسلحة لأحد البلدان، والقادة والمقاتلين بدوام كامل في الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. يُستهدَف هؤلاء بالهجوم في كافة الأوقات أثناء الأعمال العدائية ما لم يتم أسرهم أو يصبحوا عاجزين.  

يفقد المدنيون حصانتهم من الهجمات إذا شاركوا مباشرة في الأعمال العدائية وفقط خلال هذا المشاركة. بحسب إرشادات "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، تميّز قوانين الحرب بين أفراد القوات المقاتلة المنظمة المنتمين إلى طرف غير تابع للدولة، والذين يمكن استهدافهم خلال نزاع مسلح، والمقاتلين بدوام جزئي، والذين يعتبرون مدنيين ولا يمكن استهدافهم إلا عندما يشاركون مباشرة في أعمال عدائية فقط خلال هذه المشاركة. بالمثل، يعتبر الأفراد الاحتياطيون في الجيوش الوطنية مدنيين إلا حين يلتحقون بالخدمة، وفي تلك الحالة يصبحون مقاتلين عرضة للهجوم. المقاتلون الذين يتركون الجماعات المسلحة، وكذلك الاحتياطيون في الجيش الذين يعودون إلى الحياة المدنية، هم مدنيون إلى أن يتم استدعاؤهم مجددا إلى الخدمة العسكرية الفعلية.

لكي يعتبر الفعل الذي يقوم به شخص ما مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية، ينبغي أن يكون قادرا على إيذاء القوات المعادية بشكل وشيك وعمدا لدعم أحد أطراف النزاع المسلح. تشمل المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية التدابير المتخذة استعدادا لتنفيذ الفعل، وكذلك الانتشار في المكان الذي وقع فيه الفعل والعودة منه.

تنص توجيهات "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" أيضا على أن الأشخاص الذين لديهم حصرا وظائف غير قتالية في الجماعات المسلحة، بما فيها الأدوار السياسية أو الإدارية، أو أولئك الذين هم مجرد أعضاء أو منتسبون إلى كيانات سياسية لديها مكون مسلح، مثل حماس أو "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" أو "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، لا يجوز استهدافهم في أي وقت إلا إذا شاركوا مباشرةً في الأعمال القتالية، مثل أي مدني آخر. أي أن العضوية أو الانتماء إلى حركة فلسطينية لها مكون مسلح لا تشكل أساسا كافيا لتحديد شخص ما أنه هدف عسكري مشروع.

قوانين الحرب تحمي أيضا الأعيان المدنية، التي تُعرّف بأنها أي شيء لا يعتبر هدفا عسكريا مشروعا. تُحظر الهجمات المباشرة على الأعيان المدنية، مثل المنازل والشقق السكنية، ودور العبادة، والمستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، والمدارس، والصروح الثقافية. تصبح الأعيان المدنية أهدافا مشروعة للهجمات عند تحولها إلى أهداف عسكرية؛ أي حين تقدم مساهمة فعالة في الأعمال العسكرية ويُوفر تدميرها أو الاستيلاء عليها أو تحييدها ميزة عسكرية أكيدة، بحسب قواعد التناسب. يشمل هذا وجود عناصر من جماعات مسلحة أو قوات عسكرية في ما يعتبر عادة من الأعيان المدنية. حيثما نشأ الشك في طبيعة عين ما، ينبغي افتراض أنها عين مدنية.

تحظر قوانين الحرب الهجمات العشوائية، وهي الهجمات التي تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز. من الأمثلة على الهجمات العشوائية تلك التي لا يتم توجيهها نحو هدف عسكري محدد أو التي تستخدم أسلحة لا يمكن توجيهها نحو هدف عسكري محدد. الهجمات العشوائية المحظورة تشمل قصف مناطق بأسرها، وهي هجمات بالمدفعية وغيرها من الوسائل والتي تعامل عددا من الأهداف العسكرية المنفصلة والمتمايزة، في منطقة تضم تجمعات من المدنيين والأعيان المدنية، على أنها هدف عسكري واحد.

تُحظر أيضا الهجمات على هدف عسكري مشروع في حال انتهكت مبدأ التناسب. الهجمات غير المتناسبة هي تلك التي من المتوقع أن تتسبب بخسائر في أرواح المدنيين أو أضرار بأعيان مدنية على نحو مفرط مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة من الهجوم.

  1. هل يسمح القانون الإنساني الدولي بأخذ الرهائن؟ 

أخذ الرهائن في النزاعات المسلحة غير الدولية محظور بموجب المادة 1 (ب) من "المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف" والقانون الإنساني الدولي العرفي. يعرّف تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على المادة 3 المشتركة أخذ الرهائن على أنه "إلقاء القبض على شخص (الرهينة) أو احتجازه، مع التهديد بقتله أو بإلحاق الأذى به أو بالاستمرار باحتجازه، من أجل إكراه طرف ثالث على القيام بعمل أو الامتناع عن القيام به كشرط واضح أو ضمني لإطلاق سراح الرهينة أو سلامتها". يمكن أن يشمل ذلك الرهائن المدنيين والأشخاص الذين لا يشاركون بشكل نشط في الأعمال العدائية، مثل أفراد القوات المسلحة الذين استسلموا أو احتُجزوا. يعتبر أخذ الرهائن جريمة حرب، بموجب نصوص منها "نظام روما الأساسي" للمحكمة الجنائية الدولية، ويجب أن يعامل الأشخاص الذين يُأخذون رهائن، مثل جميع المحتجزين، معاملةً إنسانية، ولا يجوز استخدامهم دروعا بشرية.

يشير تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضا إلى أن الرهائن غالبا ما يكونون أشخاصا، مثل مدنيين لا يشكلون أي تهديد أمني، يُحتَجزون بشكل غير قانوني. مع ذلك، الاحتجاز غير القانوني ليس ضروريا لتتحقق حالة احتجاز الرهائن. فالشخص الذي قد يكون احتجازه قانونيا، مثل الجندي الأسير، قد يُستخدم رهينةً.

لا يشكل التهديد بمواصلة احتجاز شخص محتجز بشكل قانوني حالة أخذ الرهائن. مثلا، في إطار مفاوضات تبادل الأسرى، لا يُحظر بموجب القانون في الاستمرار في احتجاز شخص ما، مثل المقاتل الأسير، الذي لا يشترط القانون إطلاق سراحه. إلا أنه من غير القانوني توجيه مثل هذا التهديد ضد مدني محتجز بشكل غير قانوني.

يُحظر أخذ الرهائن بغض النظر عن الفعل الذي يهدف محتجِز الرهائن إلى فرضه. لذلك فهو يبقى غير قانوني حتى عند السعي إلى إجبار القوة المعادية على وقف السلوك غير القانوني.

  1. ما هي واجبات إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة فيما يتعلق بالقتال في المناطق المأهولة بالمدنيين؟

لا يحظر القانون الإنساني الدولي القتال في المناطق الحضرية، رغم أن وجود أعداد كبيرة من المدنيين يفرض على الأطراف المتحاربة التزامات أعلى باتخاذ خطوات لتقليص الضرر الواقع على المدنيين. غزة هي إحدى المناطق الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تُلزم قوانين الحرب الأطراف في أي نزاع باتخاذ الحيطة الدائمة أثناء العمليات العسكرية لتجنب التجمعات السكانية المدنية و"اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل الخسائر العرَضية في أرواح المدنيين والضرر الواقع على الأعيان المدنية. تشمل هذه الاحتياطات بذل كل جهد متاح للتحقق من أن ما يخضع للهجوم هو أهداف عسكرية وليس مدنيين أو أعيان مدنية، وتوفير "تحذير مسبق فعال" من الهجمات عندما تسمح الظروف، والامتناع عن شن هجوم في حال انتهاك مبدأ التناسب. وفي المناطق المأهولة التي توجد فيها مبان أو هياكل أخرى، فوق الأرض وتحتها، ينبغي للأطراف المتنازعة أن تراعي صعوبة تحديد وجود المدنيين، الذين قد لا يكون من الممكن رؤيتهم حتى بواسطة تقنيات المراقبة المتقدمة.

على القوات المنتشرة في مناطق مأهولة، بالقدر الممكن، تجنب وضع أهداف عسكرية – بما فيها المقاتلين، والذخائر، والأسلحة، والمعدات والبنية التحتية العسكرية – وسط المناطق كثيفة السكان أو بالقرب منها، والعمل على نقل المدنيين من محيط الأهداف العسكرية. ُيحظر على الأطراف المتحاربة استخدام المدنيين دروعا لحماية الأهداف أو العمليات العسكرية من الهجوم. يشير "استخدام المدنيين كدروع بشرية" إلى تعمد استخدام وجود المدنيين لإكساب قوات أو مناطق عسكرية الحصانة من الهجوم.

في الوقت نفسه، لا يُعفى الطرف المُهاجم من واجب مراعاة المخاطر التي قد يتعرض لها المدنيون، بما يشمل واجب تجنّب التسبب بأذى غير متناسب للمدنيين، لاعتباره ببساطة أن الطرف المدافع مسؤول عن وجود أهداف عسكرية مشروعة تقع ضمن المناطق السكنية أو بالقرب منها. يعني ذلك أن وجود قائد من حركة حماس أو منصة لإطلاق الصواريخ أو منشأة عسكرية تابعة لها في منطقة مأهولة بالسكان لا يبرر الهجوم على المنطقة دون الأخذ بعين الاعتبار السكان المدنيين المهددين بالخطر، بما يشمل واجب التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وقاعدة التناسب.

استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان هو من أخطر التهديدات للمدنيين في النزاعات المسلحة المعاصرة. بالإضافة إلى التسبب في إصابة المدنيين مباشرة، أدت الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة بشكل متكرر إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية، مثل الجسور وأنابيب المياه ومحطات الطاقة والمستشفيات والمدارس، أو تدميرها، ملحقة أضرارا طويلة الأمد بالمدنيين تشمل تعطيل الخدمات الأساسية. تُحدِث هذه الأسلحة تأثيرات واسعة إذا كان نطاقها التدميري واسعا، أو كانت غير دقيقة بطبيعتها، أو تطلق ذخائر متعددة في نفس الوقت. استخدامها في المناطق المأهولة يُجبر الناس على الفرار من منازلهم، ما يُفاقم الاحتياجات الإنسانية.

تشمل الأسلحة ذات النطاق التدميري الواسع تلك التي تفجّر كمية كبيرة من المواد المتفجرة وتلك التي تنشر الشظايا على مساحات واسعة، أو كلاهما. يمكن للذخائر التي تحوي كميات كبيرة من المواد المتفجرة أن تنتج شظايا تنتشر بشكل غير متوقع على مساحة واسعة وموجة انفجار قوية يمكن أن تسبب إصابات جسدية خطيرة لجسم الإنسان والبنى المادية، وتتسبب في صدمة قوية وأضرار جسدية من الحطام المتطاير، وتسبب أو تفاقِم الإصابات الأخرى أو الأمراض الموجودة. صُمّمت الذخائر التي تحوي رؤوسا حربية متشظية مسبقة التشكيل لنشر عشرات الشظايا فوق منطقة معينة، ما يجعل من الصعب أو المستحيل الحد من آثار هذا السلاح.

استخدام الأسلحة المتفجرة ذات النطاق الواسع في قطاع غزة المكتظ بالسكان، حيث يعيش أكثر 2.2 مليون فلسطيني في قطاع من الأرض طوله 41 كيلومتر ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلومتر، واستهداف البنية التحتية الحيوية أحيانا، يمكن أن يُلحِق ضررا جسيما بالمدنيين والأعيان المدنية. بالإضافة إلى ذلك، الصواريخ التي تُطلَق من غزة، وهي في الأساس غير دقيقة أو مصممة لتصيب مساحة كبيرة ومن المحتمل أن تصيب المدنيين والأعيان المدنية داخل إسرائيل، تسبب أذى بالمدنيين والأعيان المدنية يمكن التنبؤ به.  

  1. هل يتعين على الأطراف المتحاربة تحذير المدنيين مسبقا من الهجمات؟ وما الذي من شأنه أن يُعتبر تحذيرا "فعالا"؟

تشترط قوانين الحرب، ما لم تحُل الظروف دون ذلك، قيام الأطراف المتحاربة بتقديم "تحذيرات مسبقة فعالة" من الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين. ما يشكل "تحذيرا فعالا" يعتمد على الظروف. من شأن هذا التقييم أن يراعي توقيت التحذير وقدرة المدنيين على مغادرة المنطقة. التحذير الذي لا يتيح للمدنيين وقتا كافيا للرحيل إلى منطقة أكثر أمنا لا يُعتبر "فعالا".

يبقى المدنيون الذين لا يخلون المكان عقب التحذير متمتعين بكامل حماية القانون الإنساني الدولي، وإلا لكان جاز للأطراف المتحاربة استخدام التحذيرات لإحداث عمليات نزوح قسري، وتهديد المدنيين بالأذى المتعمد إذا لم يستجيبوا لهذه التحذيرات. علاوة على هذا، يعجز بعض المدنيين عن الاستجابة للتحذير بالرحيل لأسباب صحية، أو الإعاقة، أو بدافع الخوف، أو لعدم وجود مكان آخر يمكنهم الذهاب إليه. لذلك، وحتى بعد تقديم التحذيرات، يبقى من واجب القوات المهاجمة اتخاذ كافة الاحتياطات المتاحة لتجنب الخسائر في أرواح المدنيين وممتلكاتهم. يشمل هذا إلغاء الهجوم إذا اتضح أن الهدف مدني أو أن الخسائر المدنية لن تتناسب مع المكسب العسكري المتوقع.

تحظر قوانين الحرب أيضا "أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين". تندرج تحت هذا الحظر البيانات الداعية إلى إخلاء مناطق والتي لا تُشكّل تحذيرات حقيقية، بل يُراد منها تخويف السكان المقيمين أو بث الذعر في نفوسهم أو إجبارهم على ترك منازلهم لأسباب غير الحفاظ على سلامتهم. لا يحاول هذا الحظر التطرق إلى آثار الهجمات المشروعة، التي تحدث الخوف بطبيعتها، وإنما تلك التهديدات أو الهجمات الموجهة إلى مدنيين والتي لها هذا الغرض المحدد.

  1. ما هي تدابير الحماية القانونية للمستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف؟

مرافق الرعاية الصحية هي أعيان مدنية تتمتع بتدابير حماية خاصة بموجب قوانين الحرب ضد الهجمات وأعمال العنف الأخرى، ومن ضمنها التفجير، والقصف، والنهب، والدخول عنوة، وإطلاق الرصاص، والتطويق، وأي تدخل آخر بالقوة مثل حرمان المرافق عمدا من الكهرباء والمياه.

تشمل مرافق الرعاية الصحية المستشفيات، والمختبرات، والعيادات، ومواقع تقديم الإسعافات الأولية، ومراكز نقل الدم، والمستودعات الطبية والصيدلانية لهذه المرافق، سواء كانت عسكرية أم مدنية. بينما تتحول منشآت أخرى، والتي من المفترض أن تكون مدنية، إلى أهداف عسكرية حين تُستخدَم لأغراض عسكرية، لا تفقد المستشفيات حصانتها من الهجوم إلا عند استخدامها خارج نطاق وظيفتها الإنسانية، لارتكاب "أعمال ضارة بالعدو". هناك عدة أنواع من الأعمال التي لا تعد "ضارة بالعدو"، مثل وجود حراس مسلحين، أو عند العثور على أسلحة صغيرة تعود للجرحى داخل المستشفى. حتى إذا أساءت قوات عسكرية استخدام مستشفى لتخزين أسلحة أو إيواء مقاتلين أصحاء، على القوة المهاجمة إصدار تحذير لإنهاء إساءة الاستخدام، وتحديد مهلة زمنية معقول لإنهائها، وعدم المهاجمة إلا بعد عدم الاستجابة للتحذير.

بموجب قوانين الحرب، يتعين السماح للأطباء وأعضاء هيئة التمريض وغيرهم من أفراد الأطقم الطبية بالقيام بعملهم، وحمايتهم في كافة الظروف. لا يفقد هؤلاء تلك الحماية إلا إذا ارتكبوا "أفعالا ضارة بالعدو"، خارج نطاق وظيفتهم الإنسانية.

بالمثل، يجب السماح لسيارات الإسعاف وغيرها من وسائل النقل الطبي بأداء مهامها وينبغي حمايتها في كافة الظروف. تُفقَد هذه الحماية إذا استُخدمت هذه الوسائل لارتكاب أعمال ضارة بالعدو، من قبيل نقل الذخيرة أو المقاتلين الأصحاء قيد الخدمة. وكما ذُكر أعلاه، ينبغي للقوة المهاجمة إصدار تحذير بوقف إساءة الاستخدام هذه ولا يمكنها الهجوم إلا إذا لم تتم الاستجابة للتحذير.

  1. هل يجوز لإسرائيل مهاجمة المساجد أو المدارس في غزة؟

المساجد والكنائس، مثلها مثل سائر دور العبادة، والمدارس، هي أعيان مدنية مفترضة لا يجوز مهاجمتها ما لم تُستغل لأغراض عسكرية، مثل اتخاذها مقراتٍ عسكرية أو مواقع لتخزين السلاح أو الذخيرة.

ينطبق مبدأ التناسب أيضا على هذه الأعيان.

جميع الأطراف مُلزمة بإيلاء الحيطة اللازمة خلال العمليات العسكرية لتفادي الإضرار بالمدارس ودور العبادة وغيرها من الصروح الثقافية. 

  1. هل الصواريخ التي تطلقها المجموعات الفلسطينية المسلحة على إسرائيل مشروعة؟

كأطراف في النزاع المسلح، الأذرع المسلحة لحماس، والجهاد الإسلامي وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة ملزمة بالتقيد بالقانون الإنساني الدولي. استهداف المنشآت العسكرية وغيرها من الأهداف العسكرية مسموح به بموجب قوانين الحرب، لكن فقط في حال اتُخذت كافة الاحتياطات المتاحة لتجنب الإضرار بالمدنيين. تحظر قوانين الحرب على الجماعات الفلسطينية المسلحة استهداف المدنيين أو شن هجمات عشوائية أو هجمات من شأنها إحداث أضرار غير متناسبة بالمدنيين مقارنة بالميزة العسكرية المتوقعة. قادة الجماعات الفلسطينية المسلحة ملزمون أيضا باختيار وسائل الهجوم التي يُمكنهم توجيهها نحو أهداف عسكرية، وتقليل الضرر العرضي الواقع على المدنيين. إذا كانت الأسلحة المستخدمة عديمة الدقة بحيث لا يمكن توجيهها نحو أهداف عسكرية دون تشكيل مخاطر كبيرة على المدنيين، فعلى الجماعة المسلحة الامتناع عن استخدامها.

وجدت هيومن رايتس ووتش في الأعمال القتالية السابقة أن الصواريخ التي أطلقتها الجماعات الفلسطينية المسلحة – ومنها الصواريخ محلية الصنع قصيرة المدى والصواريخ المحدثة طويلة المدى، وصواريخ "غراد"، والصواريخ المستوردة من مصادر أخرى – عديمة الدقة إلى درجة أنه من غير الممكن توجيهها على نحو يميّز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية عند إطلاقها على مناطق مأهولة. يتفاقم انعدام الدقة واستحالة التوجيه نحو أهداف عسكرية في حالة الصواريخ الأطول مدى التي أُطلق بعضها إلى داخل إسرائيل.

استخدام مثل تلك الصواريخ ضد مناطق مدنية ينتهك الحظر على الهجمات المتعمدة والعشوائية. بالمثل، الطرف الذي يطلق صواريخ من مناطق مكتظة بالسكان أو يضع أهدافا عسكرية في مناطق مدنية أو بالقرب منها – معرضا بذلك المدنيين لخطر الهجمات المضادة – لا يتخذ ربما كافة الاحتياطات المعقولة لحماية المدنيين الخاضعين لسيطرته من آثار الهجمات.

  1. هل من المشروع استهداف قادة الجماعات الفلسطينية المسلحة ومكاتبهم ومنازلهم؟

يسمح القانون الدولي الإنساني باستهداف القادة العسكريين في سياق النزاعات المسلحة، بشرط ألا تخرق الميزات الأخرى للهجمات قوانين حماية المدنيين، بما فيها أن تكون متناسبة. لا يمثّل القادة السياسيون غير المشاركين في العمليات العسكرية أهدافا مشروعة للهجوم لكونهم مدنيين.

قادة الجماعات الفلسطينية المسلحة الذين يقودون قوات محاربة هم أهداف مشروعة. لكن، بما أن حماس تمارس الحكم المدني وبما يتعدى جناحها العسكري، فإن مجرد كون الفرد من قادة حماس لا يجعله بحد ذاته هدفا مشروعا للهجوم العسكري.

لا يتمتع المحاربون بالحصانة من الهجوم في منازلهم وأماكن عملهم. إلا أنه، وكما في الهجوم على أي هدف عسكري مشروع آخر، يتعين على القوة المهاجمة الامتناع عن الهجوم إذا كان من شأنه الإضرار بالسكان المدنيين على نحو غير متناسب – بما يشمل الأفراد المدنيين من عائلات المقاتلين – أو كان سيُشن على نحو لا يُميّز بين المقاتلين والمدنيين. بموجب هذا الالتزام باتخاذ كافة الاحتياطات المتاحة لتجنب الإضرار بالمدنيين، يتعين على القوة المهاجمة أيضا دراسة ما إذا كانت هناك مواقع بديلة يمكن فيها استهداف المقاتل دون تعريض مدنيين للخطر.

الهجوم على منزل مقاتل في وقت غيابه فعليا عنه من شأنه أن يشكّل هجوما غير مشروع على مرفق مدني. إذا نُفِّذ مثل هذا الهجوم غير المشروع عمدا، سيشكل جريمة حرب. المنزل المدني لا يفقد وضعه كمرفق مدني لمجرد أنه منزل مقاتل لم يكن موجودا فيه. طالما أن الهجوم يبتغي إيذاء عائلة المقاتل، فهو يُصبح أيضا شكلا محظورا من أشكال العقاب الجماعي.

يمكن استهداف الأفراد المستخدمين أو المعدات المستخدمة في العمليات العسكرية، لكن ما إذا كان ذلك يبرر تدمير مبنى كبير بالكامل حيث يمكن أن يتواجدوا يعتمد على عدم إلحاق الهجوم ضرر غير متناسب بالمدنيين أو الممتلكات المدنية.

  1. ما المقصود بـ "العقاب الجماعي" للسكان المدنيين؟

تحظر قوانين الحرب معاقبة أي فرد على جريمة غير تلك التي ارتكبها شخصيا. العقاب الجماعي مصطلح يستخدم في القانون الدولي لوصف أي شكل من أشكال الجزاءات والمضايقات العقابية، ولا يقتصر على العقوبات القضائية، بل يمتد إلى أشكال العقاب "من أي نوع، سواء كانت إدارية أو على يد الشرطة أو غير ذلك"، التي تُفرض على جماعات مستهدفة من الأشخاص لأفعال لم يرتكبوها هم شخصيا. فرض العقاب الجماعي، مثل تدمير منازل أسر المقاتلين أو أعيان مدنية أخرى مثل المباني المتعددة الطبقات كشكل من العقاب، في انتهاك لقوانين الحرب، هو جريمة حرب. تحديد ما إذا كان الهجوم أو الإجراء يرقى إلى العقاب الجماعي يعتمد على عدة عوامل، منها الجماعة المستهدفة بالإجراء والأثر العقابي للإجراء، لكن المهم بصفة خاصة هو النية الكامنة خلف أي إجراء بعينه. إذا كانت النية هي المعاقبة، كنتيجة حصرية أو رئيسية لفعل ارتكبته أطراف ثالثة، يُشكل الهجوم على الأرجح عقابا جماعيا.

  1. هل يتمتع الصحفيون بحماية خاصة من الهجوم؟

يستفيد الصحفيون ومعداتهم من الحماية العامة التي يتمتع بها المدنيون والأعيان المدنية ولا يجوز أن يكونوا أهدافا للهجوم ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية. قد يخضع الصحفيون لقيود مشروعة على الحقوق، مثل حرية التعبير أو حرية التنقل، المفروضة وفقا للقانون وفقط إلى الحد الذي تتطلبه مقتضيات الموقف بدقة. لكن لا يجوز القبض عليهم أو احتجازهم أو إخضاعهم لأشكال أخرى من العقاب أو الانتقام لمجرد قيامهم بعملهم كصحفيين.

  1. هل الهجمات الإسرائيلية على محطات التلفزة والإذاعة التابعة لمنظمات إعلامية إخبارية، من ضمنها التي تديرها حماس، مشروعة؟

مرافق الإذاعة والتلفزيون هي أعيان مدنية وتتمتع بالتالي بالحماية العامة. الهجمات العسكرية على مرافق البث المستخدمة للاتصالات العسكرية مشروعة بموجب قوانين الحرب، لكن الهجوم على محطات التلفزة والإذاعة المدنية محظور لأنها منشآت مدنية محمية وليست أهدافا عسكرية مشروعة. علاوة على هذا، إذا كان الغرض الأساسي للهجوم هو زعزعة الروح المعنوية للمدنيين أو التضييق النفسي عليهم، يعتبر ذلك أيضا من الأغراض الحربية المحظورة. لا تُعد محطات التلفزة والإذاعة المدنية أهدافا مشروعة إلا عند امتثالها لمعايير الأهداف العسكرية المشروعة، أي عند استخدامها على نحو يمثل "مساهمة فعالة في العمل العسكري" وكان من شأن تدميرها في الظروف السائدة في ذلك الوقت أن يقدم "ميزة عسكرية مؤكدة". تحديدا، يمكن أن تتحول مرافق البث المدنية التي تشغّلها حماس إلى أهداف عسكرية إذا استُخدمت، مثلا، في إرسال أوامر عسكرية أو تعزيز حملة حماس المسلحة ضد إسرائيل بشكل ملموس. إلا أن مرافق البث المدنية لا تتحول إلى أهداف عسكرية مشروعة لمجرد أنها مؤيدة لحماس أو مناوئة لإسرائيل، أو تبث تقارير خروقات قوانين الحرب من قبل طرف أو آخر. وكما تعتبر مهاجمة السكان المدنيين لزعزعة روحهم المعنوية محظورة، يُحظر أيضا مهاجمة المرافق الإعلامية التي تصوغ الرأي العام المدني عبر تغطيتها أو تتسبب بضغط دبلوماسي، إذ لا يساهم أي من النشاطين في العمليات العسكرية.

إذا تحولت المحطات إلى أهداف عسكرية مشروعة بسبب استخدامها في نقل اتصالات عسكرية، يبقى مبدأ التناسب في الهجوم واجب الاحترام. يعني هذا أن على القوات الإسرائيلية التحقق في كافة الأوقات من أن المخاطر التي يتعرض لها المدنيون جراء الهجوم لا تفوق الفائدة العسكرية الملموسة المتوقعة. عليها اتخاذ احتياطات خاصة فيما يتعلق بالمباني الواقعة في مناطق حضرية، بما في ذلك تقديم تحذيرات مسبقة بالهجوم كلما أمكن.

  1. ما هي التزامات إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة تجاه الهيئات الإنسانية؟

بموجب القانون الإنساني الدولي، يتعين على أطراف أي نزاع إتاحة وتسهيل المرور السريع دون عوائق للمعونات الإنسانية الموزعة بشكل حيادي على السكان المحتاجين. على الأطراف المتحاربة الموافقة على السماح بإجراء عمليات الإغاثة ولا يجوز لها حجب الموافقة على أسس تعسفية. يمكنها اتخاذ خطوات لضمان عدم احتواء الشحنات على أسلحة أو غيرها من العتاد العسكري. إلا أن العرقلة العمدية لإمدادات الإغاثة محظورة.

علاوة على ذلك، يُلزم القانون الإنساني الدولي الأطراف المتحاربة بضمان حرية التحرك اللازمة لأفراد هيئات الإغاثة الإنسانية كي يؤدوا وظائفهم. لا يجوز تقييد هذه الحرية إلا بصفة مؤقتة لمقتضيات الضرورة العسكرية القاهرة.

  1. هل يبقى القانون الدولي لحقوق الإنسان ساريا؟ 

يسري القانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع الأوقات، بما فيها أثناء حالات النزاع المسلح التي تسري فيها قوانين الحرب، وكذلك في أوقات السلم. إسرائيل وفلسطين طرفان في المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، بما فيها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة". تحدد هذه المعاهدات ضمانات الحقوق الأساسية، والتي يتوافق كثير منها مع أشكال الحماية التي يحق بها للمدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي (مثل حظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وعدم التمييز، والحق في محاكمة عادلة).

يسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ببعض القيود على حقوق معينة أثناء حالة الطوارئ العامة المعلنة رسميا والتي "تهدد حياة الأمة"، لكن أي انتقاص من الحقوق أثناء حالة الطوارئ العامة يجب أن يكون ذا طبيعة استثنائية ومؤقتة، ويجب أن يكون "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع"، ويجب ألا ينطوي على تمييز يكون مبرره العرق أو الدين أو أي أسس أخرى. كما يجب احترام بعض الحقوق الأساسية دائما حتى أثناء حالة الطوارئ العامة، مثل الحق في الحياة والحق في الأمان من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وحظر الاحتجاز غير المعلن، وواجب ضمان المراجعة القضائية لمشروعية الاحتجاز، والحق في محاكمة عادلة.

  1. من الذي يمكن تحميله مسؤولية انتهاكات القانون الإنساني الدولي؟

تشكّل الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، المرتكبة بنيّة إجرامية، جرائم حرب. جرائم الحرب، المدرجة ضمن أحكام "المخالفات الجسيمة" في اتفاقيات جنيف، وكقانون عرفي في النظام الأساسي لـ"المحكمة الجنائية الدولية" وغيره من المصادر، تشمل طيفا واسعا من الجرائم، ومنها الهجمات العمدية والعشوائية وغير المتناسبة التي تضر بالمدنيين، وأخذ الرهائن، واستخدام الدروع البشرية، وفرض عقوبات جماعية، من ضمن جرائم أخرى. يجوز أيضا تحميل الأفراد مسؤولية جنائية عن الشروع في ارتكاب جريمة حرب، إضافة إلى المساعدة فيها أو تسهيلها أو التحريض عليها.

قد تقع المسؤولية أيضا على المخططين لجريمة حرب أو المحرضين عليها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ملاحقة القادة العسكريين والمدنيين على جرائم حرب في إطار المسؤولية القيادية حين يعرف القادة أو كان يجب أن يعرفوا بارتكاب جرائم حرب، ولم يتخذوا تدابير كافية لمنعها أو معاقبة المسؤولين عنها.

على الدول واجب التحقيق مع الأفراد الموجودين على أراضيها المتورطين في جرائم حرب وملاحقتهم بشكل منصف.

  1. هل يمكن إحالة الجرائم الخطيرة المزعومة إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

يمكن للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الحرب المزعومة المرتكبة خلال القتال بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة. في 3 مارس/آذار 2021، فتحت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذلك تحقيقا في جرائم خطيرة مزعومة ارتُكبت في فلسطين منذ 13 يونيو/حزيران 2014. دخلت "معاهدة المحكمة الجنائية الدولية" حيز التنفيذ رسميا في فلسطين في 1 أبريل/نيسان 2015. قال قضاة المحكمة إن هذا يمنح المحكمة ولاية قضائية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. لدى المحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في هذه المنطقة، بغضّ النظر عن جنسية الجناة المزعومين.

وقّعت إسرائيل على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية لكنها لم تصادق عليها، وأعلنت في 2002 أنها لا تعتزم أن تصبح عضوا في المحكمة.

منذ 2016، دعت هيومن رايتس ووتش المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق رسمي بشأن فلسطين نظرا إلى وجود أدلة قوية على ارتكاب جرائم خطيرة هناك والمناخ السائد للإفلات من العقاب على تلك الجرائم. الأعمال القتالية الأخيرة بين حماس وإسرائيل تُسلط الضوء على أهمية التحقيق والحاجة الملحة إلى العدالة للتصدي للجرائم الخطيرة المرتكبة في فلسطين. دعت هيومن رايتس ووتش المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق مع السلطات الإسرائيلية المتورطة في الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد.

  1. ما هي سبل المساءلة الأخرى الموجودة؟

تخضع فئات معينة من الجرائم الخطيرة التي تنتهك القانون الدولي، مثل جرائم الحرب والتعذيب، لـ "الولاية القضائية العالمية"، والتي تشير إلى قدرة النظام القضائي المحلي لبلد ما على التحقيق في جرائم معينة ومقاضاة مرتكبيها، حتى لو لم يتم ارتكابها على أراضيها من قبل أحد مواطنيها أو ضده. تُلزم بعض المعاهدات، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 واتفاقية مناهضة التعذيب، الدول بتسليم أو محاكمة الجناة المشتبه بهم الموجودين داخل أراضي تلك الدولة أو الخاضعين لولايتها القضائية لأسباب أخرى. وبموجب القانون الدولي العرفي، من المتفق عليه عموما أيضا أنه يُسمح للدول بمحاكمة المسؤولين عن جرائم أخرى، مثل الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، أينما وقعت هذه الجرائم.

على المسؤولين القضائيين الوطنيين التحقيق مع المتورطين بشكل موثوق في جرائم خطيرة ومقاضاتهم، بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية ووفقا للقوانين الوطنية.

في مايو/أيار 2021، أنشأت الدول الأعضاء في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" لجنة تحقيق مستمرة لمعالجة التجاوزات والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، من أجل رصد تجاوزات القانون الدولي وانتهاكاته وتوثيقها والإبلاغ عنها، ودفع محاسبة الجناة والعدالة للضحايا، ومعالجة الأسباب الجذرية للعنف المستمر والقمع المنهجي الذي يساعد في تأجيجه.

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.