Skip to main content

 

طفل فلسطيني يجري قرب جدار الفصل الإسرائيلي في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة. يحيط جدار الفصل بالكامل بالمدينة التي يقطنها أكثر من 55 ألف فلسطيني © "وكالة الصحافة الفرنسية/"غيتي إيميدجز"

أطلقت الحكومة الإسرائيلية برنامجا تجريبيا في يوليو/تموز، مدفوعة بجائزة كبيرة، وهي انضمامها إلى برنامج مرغوب للإعفاء من التأشيرة الأمريكية، ضمن سعيها المستميت لتحقيق مكاسب في العلاقات العامة بمواجهة الاحتجاجات الشعبية. يسهّل البرنامج على الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية السفر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يمنح عددا صغيرا من الفلسطينيين جزءا صغيرا من حقهم في حرية التنقل.

 كإسرائيلية وأميركية يهودية متزوجة من لاجئ فلسطيني يعيش في الضفة الغربية المحتلة، أَشعَرني هذا التطور الغريب بمزيج من الفرح والغضب.

أولا، الفرح. قبل ثلاثة أسابيع، وضعنا المناشف والألعاب في سيارتنا لقضاء يوم على شاطئ يافا. للوصول إلى هناك، كان علينا أن نمر بنقطة تفتيش على بعد ثلاثة كيلومترات داخل الضفة الغربية، عند بوابة في الجدار الذي يمنع دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل وأجزاء من الضفة الغربية يقتصر الدخول إليها على الإسرائيليين.

أنزلت زوجي قرب فتحة في السياج على جانب الطريق الترابي المؤدي إلى نقطة العبور الفلسطينية، وعبرت الجانب الإسرائيلي من نقطة التفتيش مع طفلينا. أخضعني حارس الأمن للتصنيف العرقي، إذ قال لي مبتسما "صباح الخير" للتحقق من لهجتي العبرية، وسمح لنا بالمرور. من المدهش أنهم سمحوا لزوجي بالعبور سيرا على الأقدام، بفضل جواز السفر الأمريكي الذي حصل عليه مؤخرا.

خلال معظم السنوات الـ 11 الماضية، عشنا معا في الضفة الغربية المحتلة. في تلك الفترة، لم يُسمح لزوجي بدخول إسرائيل إلا في مناسبات قليلة، رغم أن والديه ولدا على الساحل الجنوبي لإسرائيل، وفرّا عندما كانا طفلين عام 1948، عندما اقترب الجيش الإسرائيلي من قريتهما. لم يُسمح لوالديه بالعودة إلى ديارهما، كجزء من السياسة الإسرائيلية للحفاظ على التفوق السكاني اليهودي.

نشأ زوجي في مخيم للاجئين في غزة، وما تزال عائلته تعيش هناك. تمكن من الانتقال إلى الضفة الغربية، لكن لم يُسمح له بالانضمام إليّ في إسرائيل، ولا حتى عندما دخلت ابنتنا المولودة حديثا المستشفى لشهر في تل أبيب. كما لم يُسمح له بالتنقل بين غزة والضفة الغربية بسبب القيود الصارمة. لم يلتق أطفالنا قط بجدتهم، التي تعيش على بعد 90 كيلومتر.

كجزء من صفقة الإعفاء من التأشيرة، قالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستسمح للمواطنين الأمريكيين بزيارة أقاربهم من الدرجة الأولى في غزة مرة واحدة في السنة. نتيجة لذلك، قد يُسمح لزوجي برؤية والدته المسنة للمرة الأولى منذ 11 عاما.

الآن، الغضب الذي أشعر به. رغم التنازلات المقدمة إلى عدد قليل نسبيا من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، ما يزال 5 ملايين فلسطيني آخرين في غزة والضفة الغربية محرومين من حقهم في حرية التنقل في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما لا يزال 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجل والمتحدرين منهم، الذين يعيشون خارج المناطق التي عاشوا فيها هم أو عائلاتهم حتى العام 1948، محرومين من حقهم في العودة إلى الأراضي التي أصبحت تشكّل الآن إسرائيل. منح تأشيرات لعدد ضئيل من اللاجئين الفلسطينيين أمر مثير للغضب، لأنه ينبغي ألا معاملتهم كسياح في أرضهم.

سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى الإعفاء من التأشيرة الأمريكية، لكنه كان بعيد المنال حتى الآن لسببين رئيسيين. أولا، يشترط القانون الأمريكي ألا يزيد معدل رفض التأشيرة لمواطني الدول المشاركة في البرنامج عن 3%، لكن الولايات المتحدة رفضت وسطيا 6% من الطلبات الإسرائيلية. انخفض معدل الرفض بسبب انخفاض السفر أثناء الجائحة، ما أدى إلى فرصة استثنائية للتأهّل.

ثانيا، يتطلب برنامج الإعفاء من التأشيرة من الدول الأعضاء السماح بدخول المواطنين الأمريكيين بدون تمييز. لكن السلطات الإسرائيلية تفرض قيودا صارمة على تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بمن فيهم الفلسطينيون الأمريكيون، بينما تسمح بالزيارة لمواطنين أمريكيين آخرين.

تُميّز الحكومات الإسرائيلية أيضا بشكل معتاد ضد المواطنين الأمريكيين من أصل عربي أو مسلم الذين يسعون للدخول إلى إسرائيل أو الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وغزة، وأولئك الذين يتحدثون عن الحقوق الإنسانية للفلسطينيين. قبيل الموافقة الأمريكية المتوقعة على الإعفاء من التأشيرة في الأسبوع المقبل، ستتراجع الحكومة الإسرائيلية عن جزء صغير من هذه القيود. أفادت تقارير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شكر الرئيس جو بايدن على هذه البادرة المبتغاة خلال اجتماعهما الأربعاء في نيويورك، بينما كان معارضو سياسات نتنياهو يتظاهرون خارج الفندق الذي نزل فيه.

استعداد الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية في إسرائيل للتنازل الآن عن السياسات المتعنتة مقابل سفر المواطنين الإسرائيليين دون تأشيرة يظهر النفوذ الأمريكي على سلوك السلطات الإسرائيلية. لذلك أشعر بالأمل أيضا.

تخيلوا مدى التغييرات الإيجابية الممكنة إذا استجابت الحكومة الأمريكية لدعوات تعليق دعمها العسكري السنوي لإسرائيل البالغ 3.8 مليار دولار، طالما تستمر السلطات الإسرائيلية في السياسات والممارسات التمييزية التي تقول منظمات حقوق الإنسان وخبراء القانون وحتى بعض الباحثين الإسرائيليين البارزين إنها وصلت إلى حد الفصل العنصري.

تمتلك الولايات المتحدة كل هذا النفوذ. ينبغي لها استخدام هذا النفوذ للضغط على السلطات الإسرائيلية لدفعها إلى احترام حق الفلسطينيين، مثل جدة أطفالي، في السفر بحرية بين غزة والضفة الغربية، ودخول إسرائيل ليس كسياح، بل كلاجئين عائدين إلى وطنهم.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.