Skip to main content

تونس: أوقفوا المضايقات ضد رئيس "جمعيّة القضاة التونسيين"

أشخاص يدخلون إلى قصر العدالة في تونس، الجمعة في 26 مايو/أيار 2017.  © 2017 حسين دريدي/"آيه بي إيمادجز"

في 21 أوت/آب، من المقرّر أن يمثل القاضي أنس الحمادي، رئيس "جمعية القضاة التونسيين، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالكاف، بتُهمة "تعطيل حرّية العمل" على خلفية إضراب القضاة في العام 2022، بحسب ما قالت اليوم سبع منظمات تُعنى بحقوق الإنسان.

تدعو المنظّمات الحقوقية الموقّعة أدناه السلطات التونسية إلى إسقاط التّهم الموجَّهة ضدّ أنس الحمادي ووقف جميع أشكال المضايقات بحقّ القضاة الذين يمارسون حقوقهم في حريّة التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات بشكلٍ سلمي.

هذه الملاحقة المسيَّسة وحملات الاستهداف المستمرّة التي تطال رئيس جمعية القضاة التونسيين تشكل أعمال انتقاميّة ضدّ موقف الجمعيّة الصريح المناهض للاعتداء على استقلال القضاء والتدخّل الممنهَج للسلطة التنفيذية في السلطة القضائية، مع الإشارة إلى أنّ هذا الوضع قائم منذ استيلاء الرئيس على السلطة في 25 جويلية/تموز 2021، وفقا لما أفادت به المجموعات.

منذ جويلية/تموز 2021، بدأ استهداف الحمادي، الذي يعمل في محكمة الاستئناف بالمنستير، إلى جانب قضاة آخرين في ظلّ ما بدا أنّه حملة تشهير، ثم اتُّخذت بحقّه إجراءات تأديبية تعسّفية وأُقيمَت ضدّه دعوى جنائية. وبدأت السلطات تُصعِّد مضايقاتها ضدّ الحمادي بعد أن شاركَ في تنظيم إضراب للقضاة في جوان/حزيرام 2022 - بصفته رئيس جمعية القضاة التونسيين - احتجاجا على عزل الرئيس التونسي قيس سعيّد لـ 57 قاضيا ووكيلا للجمهورية. وقامت المفتشية العامة لوزارة العدل باستدعاء الحمادي بشكلٍ خاص مرارا وتكرارا لاستجوابه بشأن أنشطته النقابية.

في جويلية/تموز 2022، طلبت النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بالمنستير من "المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء" رفع الحصانة القضائية عن الحمادي للسماح بملاحقته قضائيا بتهم جنائيّة تتعلّق بـ "تعطيل العمل" و"تحريض" قضاة آخرين في محكمة المنستير على الإضراب.

وجاء الطلب إثر شكوى قدّمها أحد المحامين تتعلّق بأحداث 13 جوان/حزيران 2022، عندما تدخّل الحمادي سلميا خلال جلسة استماع بمحكمة المنستير ليطلب من القاضي تعليق عمله والانضمام إلى الإضراب، ولبّى القاضي هذه الدعوة بشكل إيجابي وفقا لما قاله فوزي معلاوي، أحد محامي الحمادي. واستمرّ إضراب القضاة أربعة أسابيع بين جوان/تموز وجويلية/تموز 2022.

وفي 20 سبتمبر/أيلول 2022، رفع المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء الحصانة القضائية عن الحمادي. بعد ذلك، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، فتحَ وكيل النيابة لدى المحكمة الابتدائية بالمنستير تحقيقا جنائيا ضدّه بموجب الفصل 136 من المجلّة الجزائية التونسية بتهمة التسبُّب "بالعنف أو الضرب أو التهديد أو الخزعبلات في توقف فردي أو جماعي عن العمل"، وهي جريمة يُعاقَب عليها بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مالية.

في أوت/آب 2022، اتّخذ المجلس الأعلى المؤقت للقضاء إجراء تأديبيا بحقّ الحمادي استنادا إلى الادّعاءات نفسها. واستدعى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الحمادي في مارس/آذار 2023 لجلسة استماع تأديبية كان من المقرّر عقدها مبدئيا في 16 ماي/أيار 2023 ثم أُرجئ موعدها إلى 26 سبتمبر/أيلول 2023.

الحمادي مُستَهدَف لدفاعه المشروع والسلمي عن استقلال القضاء. وأفادت المجموعات بأنّها محاولةٌ واضحة لتوجيه رسالة صريحة مفادها أنّه لن يتمّ التسامح مع كلّ من يتحدّى سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

سلوك الحمادي وعمل جمعية القضاة التونسيين محميّان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما المواد 19 و21 و22 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وتحديدا‏‏ ما يتعلّق بالحقّ في حريّة التعبير والتجمّع السلمي وتكوين الجمعيات على التوالي. وتنصّ "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية" على ما يلي: "تكون للقضاة الحرية في تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية استقلالهم القضائي، وفي الانضمام إليها".

الخلفية

أعرب المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات عن قلقهما بشأن استهداف الحمادي، وذلك في بيانٍ أرسلاه إلى الحكومة التونسية في 22 أوت/آب 2022.

ورفع المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الحصانة القضائية عن أنس الحمادي، غير أنّه لم يُبلغه بالقرار رسميا وخطّيا كما يقتضي القانون بحسب ما أفاد به الحمادي. ونظرا لعدم توفّر قرار رسمي خطّي، لم يتمكّن الحمادي من الطعن فورا بقرار رفع حصانته القضائية لدى المحكمة الإدارية، ويشكّل ذلك انتهاكا لحقّه في الحصول على سبيل انتصاف فعّال. ولم يتمكّن من الحصول على نسخة من قرار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء سوى عندما حصل على نسخة عن ملفّ القضية من المحكمة الابتدائية بالمنستير في ديسمبر/كانون الأول 2022، علما أنّ هذا الأمر ضروري للاستئناف.

في ديسمبر/كانون الأول 2022، طعن الحمادي بقرار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء برفع حصانته أمام المحكمة الإدارية، مطالبًا بتعليقه الفوري. بموجب القانون التونسي، يتمّ النظر في طلبات تعليق القرارات الإدارية بناءً على إجراء عاجل، ويتمّ الفصل فيها عمليا خلال أشهر قليلة، بحسب المحامين. غير أنّ طلب الحمادي لا يزال معلَّقا.

وفي فيفري/شباط 2023، قرّر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس نقل القضية المرفوعة ضد الحمادي من محكمة المنستير إلى المحكمة الابتدائية بالكاف.

في 1 جوان/حزيران 2022، أصدر الرئيس سعيّد المرسوم عدد 35 لسنة 2022، مانحا نفسه الصلاحية التي تُخوّله فصل القضاة ووكلاء الجمهورية بإجراءات موجزة من دون اتباع الإجراءات الواجبة. وأصدر في اليوم نفسه مرسوما ثانيا يقضي بإقالة 57 قاضيا ووكيلا للجمهورية، متهما إيّاهم بالفساد.

القانون التونسي يكفل الحقّ في الإضراب. والفصل 36 من دستور العام 2014، الذي كان ساريا عندما نُفِّذَ إضراب جوان/حزيران -جويلية/تموز 2022، قد ضمنَ الحقّ النقابي للجميع باستثناء الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي والديوانة. أمّا دستور العام 2022 الذي دخل حيّز التنفيذ في أوت/آب، فحرمَ القضاة من حقّهم في الإضراب.

المنظمات الموقعة:

الأورو-متوسطية للحقوق

الرابطة الدولية للقضاة

اللجنة الدولية الحقوقيين

محامون بلا حدود

معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط

المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة