Skip to main content

منظمات حقوقية تُرحّب بتحديث قاعدة بيانات "الأمم المتحدة" للشركات التي تُسهّل الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الصادر عن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان"، وتدعو إلى تنفيذ كامل وسنوي للتفويض

بركان، الواقعة في الضفة الغربية المحتلة، هي مستوطنة سكنية إسرائيلية ومنطقة صناعية تستضيف نحو 120 مصنعا تصدر نحو 80 بالمائة من سلعها إلى الخارج. في الخلفية بلدة قروة بني حسن الفلسطينية. © 2004 ديفيد سيلفرمان

بعد الإصدار الذي طال انتظاره، نُرحّب بالنشر الأخير لتحديث قاعدة بيانات "الأمم المتحدة" للشركات التي تسهل الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الصادر عن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" (المفوضية) في 30 يونيو/حزيران 2023. يُمثّل هذا الإصدار خطوة إيجابية هامة، ومن الضروري إجراء التحديثات المستقبلية سنويا، ما يضمن توفّر معلومات دقيقة وشاملة لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

ينص قرار "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" 31/36، المُعتمد في 2016، بوضوح على ضرورة تحديث قاعدة بيانات الأنشطة التجارية سنويا، ومن ثم التفكير في الإصدار المنتظم للتقارير وإضافة الشركات وإزالتها من قاعدة البيانات، بحسب المقتضى. لكن التقرير الأول صدر بموجب هذا التفويض في 2018، ولم يُقدّم سوى ملخصا لمنهجية قاعدة البيانات. بعدها بعامين، في 2020، صدرت قاعدة البيانات نفسها لأول مرة، ولم تنشر المفوضية أي تحديثات إضافية حتى 30 يونيو/حزيران 2023. لو نُفذّ التفويض بشكل صحيح، لشهد هذا العام التقرير الموضوعي السابع لقاعدة البيانات، وليس الثاني.

خلال سنوات، حاد التنفيذ الكامل لتفويض قاعدة البيانات عن مساره، ويرجع ذلك أساسا إلى عدم توفر الإرادة السياسية والمعوقات البيروقراطية الظاهرة. ظهرت هذه التحديات في بيئة شديدة الضغط، حيث أبدت دول معينة عداءها لتنفيذ التفويض. أدى ذلك إلى حماية إسرائيل والشركات التي تستفيد من أعمال إسرائيل غير المشروعة دوليا أو تساهم فيها من مسؤولياتها القانونية الدولية، وبالتالي، ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات.

أدى القصور المزمن في تنفيذ هذا التفويض إلى الإضرار بنزاهة ومصداقية كل من المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان. إن تجاهل تفويض المجلس إلى حد كبير، خصوصا طوال هذه الفترة الممتدة، غير مقبول، ويشكل سابقة خطيرة. نحن نتفهم أن عملية إعداد الميزانية قد تكون معيبة في البداية، حيث لم تراعي نطاق الأنشطة الجارية بما يكفي. لكن هذا الخلل يكمن في عملية إعداد الميزانية نفسها، وليس ضمن القرار أو التفويض الصادر عن المجلس. إذا كانت المشكلة تتعلق بقيود الميزانية، كان من الممكن، بل وينبغي، إيجاد حل إداري لمعالجتها بشكل مناسب.

في هذا السياق، نرحب بأن المفوضية السامية نشرت أخيرا تحديثا في 30 يونيو/حزيران. ويسعدنا أن نرى أنه، وفقا لتحليل التقرير، ربما توقفت 15 شركة عن القيام بنشاط يستوجب الإبلاغ خلال الفترة المشمولة بالتقرير، على الرغم من ملاحظة أن بعض الشركات قد تكون عدّلت هيكل أعمالها لتجنب الوقوع ضمن تعريف النشاط الواجب الإبلاغ عنه. يوضح ذلك التأثير الكبير لقاعدة البيانات في تشجيع الامتثال للقانون الدولي وتعزيز. لكننا نشعر بالقلق من أن المفوضية لم تدرج الشركات الجديدة التي بدأت خلال الفترة المشمولة بالتقرير نشاطا يجب الإبلاغ عنه. لا يتماشى هذا النهج الأحادي الجانب مع واجب تقديم تحديث شامل إلى المجلس ويُجازف بانتهاكه على يد الجهات التجارية الساعية إلى تجنب إدراجها.

لا يمكن استمرار الوضع الراهن المتمثل في التنفيذ غير الكافي لهذا التفويض الأساسي.

لذا، نحث المفوضية والدول المشاركة في مجلس حقوق الإنسان على العمل بسرعة لإيجاد حل يسمح بالتنفيذ الكامل للتفويض الحالي الوارد في القرار 31/36، مع مواعيد نهائية واضحة ومنتظمة لتقديم التقارير، مبنية على تمويل مستدام للعمل اللازم. ولهذا الغرض، نُرحّب بمبادرة "البعثة الفلسطينية" لطرح قرار في الدورة الحالية للمجلس، لتسهيل التنفيذ الكامل والمنتظم للتفويض المنصوص عليه في قرار مجلس حقوق الإنسان 31/36. ونحث جميع الدول على الانضمام لدعم هذه المبادرة، لضمان نزاهة تفويضات المجلس، وإظهار التزامها بحماية حقوق الإنسان وتعزيز المساءلة على الصعيد العالمي.

قاعدة البيانات أداة أساسية لتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني وحمايتها. في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما هو الحال في حالات الفصل العنصري والاحتلال العسكري، أتاح غياب المساءلة لدولة الاحتلال، إسرائيل، بممارسة أنشطة تنتهك القانون الدولي مع إفلات شبه كامل من العقاب. وسمح ذلك أيضا للعديد من الأطراف الخاصة، ومنها الشركات، بالمساهمة في الانتهاكات الحقوقية الجسيمة والاستفادة منها، أحيانا دون قصد. خلص تقرير 2013 الصادر عن "اللجنة الدولية لتقصي الحقائق" المكلّفة من الأمم المتحدة بالتحقيق في تداعيات الاستيطان الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني، إلى أن "المؤسسات التجارية، بشكل مباشر وغير مباشر، مكّنت بناء المستوطنات وازديادها، وسهّلتهما واستفادت منهما". أضر ذلك بحياة ملايين الفلسطينيين وساهم في انتهاكات القانون الدولي. يمكن لقاعدة البيانات، إذا نُفّذت بشكل صحيح، أن تكون أداة فعالة في دعم الشركات في تقييم أنشطتها وتنفيذ العناية الحقوقية الواجبة المعزَّزة، وأن تكون مثالا ومرجعا في أوضاع أخرى.

 

الجهات المؤيدة:

  • الخدمات الدولية لحقوق الإنسان
  • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  • منظمة العفو الدولية
  • مؤسسة الحق
  • هيومن رايتس ووتش

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.