Skip to main content
Dilli Haat open air market in New Delhi, India, April 21, 2023. © 2023 Sipa via AP Images

Multiple overlapping crises are threatening human rights worldwide. The Covid-19 pandemic has claimed millions of lives

هناك أزمات متداخلة عديدة تُهدّد حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. حصدت جائحة "كوفيد 19" (’كورونا‘) ملايين الأرواح، وتسببت في خسائر غير مسبوقة في الوظائف وسُبل العيش، وعطّلت تعليم جيل من الأطفال. كشف الغزو الروسي لأوكرانيا هشاشة أنظمة الغذاء والطاقة العالميّة، وساهم في أزمة عدم المساواة وتكلفة المعيشة، والجوع، واحتمال حدوث ركود واسع. الصدمات المناخيّة المتسارعة والمتزايدة تساهم أيضا في نُدرة الموارد.

 

أدّت عقود من عدم المساواة المتزايدة إلى تقويض الهياكل السياسيّة والتضامن الاجتماعي اللازمين لمعالجة هذه الأزمات كما ينبغي. تصاعدت اللامساواة في أعقاب برامج تحرير السوق التي انتهجتها العديد من البلدان في العقود الأخيرة. رغم انخفاض التفاوت في الدخل والثروة بشكل عام بين الدول، أصبح هذا التفاوت أكثر وضوحا داخل الدول نفسها. في 2021، كان 10% من سكان العالم يستحوذون على غالبيّة الدخل العالمي، وفقا لـ"صندوق النقد الدولي".

 

قدّرت "الأمم المتحدة" أنّ أكثر من 71 مليون شخص في البلدان منخفضة الدخل وقعوا في براثن الفقر بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء والطاقة في الثلاثة أشهر الأولى فقط من 2022. في غياب تغييرات كبيرة في سياسات الحكومات والمؤسسات الدوليّة، سيكون الوضع الاقتصادي لهذا العام على الأرجح أسوأ، حسبما حذّر صندوق النقد مؤخرا.

 

من بين السياسات الأخرى، مثل الخدمات العامة الجيّدة والتنظيم المالي، يوفر الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعيّة أدوات أساسيّة لمعالجة هذه الأزمات المركّبة ومنع حصولها.

 

الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان، يعود تاريخه إلى "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" عام 1948، ومكفول في عدد من المعاهدات والدساتير. وهو على صلة وثيقة بالحق في مستوى معيشي لائق وبحقوق اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة أخرى.

 

وثيقة الأسئلة والأجوبة هذه، التي أعدّتها "مسارات التنمية" (Development Pathways) و"هيومن رايتس ووتش"، تتناول حق الإنسان في الضمان الاجتماعي وكيف يُمكن للضمان الاجتماعي الشامل أن يُساعد في حماية الناس من الهزّات الاقتصادية وغيرها من التهديدات المستجدة، بما في ذلك المخاطر المتعلقة بالمناخ، مع بناء مجتمعات عادلة تتحقق فيها جميع الحقوق. تشرح الوثيقة أيضا لماذا يتعين على أصحاب القرار توجيه سياساتهم نحو وضع أنظمة ضمان اجتماعي شاملة وتجنّب الأنظمة التي تمّ اختبارها على أساس الموارد على نطاق ضيّق.

 

 

 

أسئلة وأجوبة حول الحق في الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية

 

ما هو "الضمان الاجتماعي" و"الحماية الاجتماعيّة"؟

هل "الضمان الاجتماعي" و"الحماية الاجتماعية" من حقوق الإنسان؟

ما هي المناهج الرئيسيّة التي تتبعها الحكومات لإعمال الحق في الضمان الاجتماعي؟

لماذا يجب أن يكون الضمان الاجتماعي الذي يستهدف الفقر تكميليا فقط؟

هل أنّ "الضمان الاجتماعي الشامل" و"شبكات الأمان الاجتماعي" نفس الشيء؟

هل يُمكن وينبغي للعمّال غير الرسميين الوصول إلى الضمان الاجتماعي؟

هل ينبغي أن يشمل الضمان الاجتماعي المهاجرين واللاجئين وغير المواطنين؟

هل الضمان الاجتماعي بديل عن الأجر المعيشي؟

هل الضمان الاجتماعي بديل عن الخدمات الاجتماعيّة الجيّدة؟

هل ينبغي توفير الضمان الاجتماعي للأفراد أو الأسر؟

ما هو دور التكنولوجيا وحدودها في توفير الضمان الاجتماعي؟

هل تستطيع البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حقا توفير الضمان الاجتماعي للجميع؟

ما هو دور المؤسسات الماليّة الدوليّة وبنوك التنمية في تمويل الضمان الاجتماعي؟

كيف يساهم الضمان الاجتماعي في تعزيز العدالة الاجتماعية؟

ما الذي يُمكن أن يفعله النشطاء والمجتمع المدني حيال غياب الضمان الاجتماعي الشامل؟

 

 

 

  1. ما هو "الضمان الاجتماعي" و"الحماية الاجتماعيّة"؟

 

"الحماية الاجتماعية" و"الضمان الاجتماعي" يتعلّقان بمجموعة من السياسات والبرامج القائمة على فكرة أنّ كلّ فرد يجب أن يتمتّع بجميع حقوقه الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة في كل مراحل حياته، بغضّ النظر عن الظروف التي وُلد فيها أو الأزمات والتحديّات التي واجهها.

 

رغم أنّ مصطلح "الحماية الاجتماعيّة" صار شائعا في أجزاء من الأمم المتحدة وبعض منظمات التنمية الدوليّة، إلا أنّه لا يوجد تعريف موحّد لما يستتبعه، وغالبا ما لا يُفهم بشكل جيّد من قبل صُناع السياسات، كما يظهر غالبا في التعريفات الواسعة والفضفاضة للمصطلح في العديد من الاستراتيجيات والسياسات الوطنية بخصوص الحماية الاجتماعية للعديد من الحكومات.

 

أمّا مصطلح "الضمان الاجتماعي" فهو معرّف بشكل واضح في القانون الدولي لحقوق الإنسان على أنّه مجموعة من الاستحقاقات الفرديّة التي تحمي الشخص من انعدام الأمن في الدخل طيلة حياته، بما في ذلك أثناء مراحل الحياة العادية، مثل الشيخوخة، والبطالة، والمرض، وإنجاب الأطفال ورعايتهم.

 

في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، هناك خلط كبير بين "الضمان الاجتماعي" وأحد برامج التأمين الاجتماعي الذي يُموّل من مساهمات العمّال وأصحاب العمل. لكن من المهمّ لأصحاب القرار أن يستخدموا مصطلح "الضمان الاجتماعي" كما هو مفهوم في قانون حقوق الإنسان على أنّه يشمل مجموعة من البرامج، سواء كانت مموّلة من المساهمات أو من خلال الضرائب العامّة، التي تُعتبر ضروريّة لنسيج اجتماعي يقوم على الحقوق.

 

  1. هل "الضمان الاجتماعي" و"الحماية الاجتماعية" من حقوق الإنسان؟

 

الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان الراسخة في القانون الدولي. مثلا، تنصّ المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على العناصر الأساسية لهذا الحق:

 

لكلّ شخص، بوصفه عضوا في المجتمع، الحق في الضمان الاجتماعي، ومن حقه أن توفّر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق مع هيكل كلّ دولة ومواردها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامي شخصيته في حرية.

 

منذ ذلك الوقت، تمّ تكريس الحق في الضمان الاجتماعي على نطاق واسع في الدساتير الوطنيّة للدول وتمّ تعزيزه من خلال مجموعة من الاتفاقيات الدوليّة والأطر الأخرى. مثلا، تُعرّف اللجنة المُكلّفة بتفسير "العهد الولي الخاص بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة" هذا الحق على أنّه يشمل تسعة مجالات دعم على الأقلّ:

 

 

 

المصدر: لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: "التعليق العام رقم 19: الحق في الضمان الاجتماعي (المادة 9) (4 فبراير/شباط 2008)، https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=47d6666f2(تم الاطلاع في 24 مارس/آذار 2023).

 

تقع على الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة التزامات باحترام الحق في الضمان الاجتماعي وحمايته وإعماله في كلّ مجال من مجالات الدعم هذه، بما في ذلك من خلال إتاحة هذه البرامج وجعلها متاحة ومقبولة وقابلة للتكيّف. يتطلّب ذلك أيضا توفير امتيازات، سواء كانت نقديّة أو عينيّة، كافية من حيث الحجم والمدّة.

 

كما هو الحال مع جميع حقوق الإنسان الأخرى، يتعيّن على الحكومات أيضا إعمال الحق في الضمان الاجتماعي دون تمييز على أساس الجندر (النوع الاجتماعي) أو العمر أو الإعاقة أو العرق أو الجنسيّة أو الهجرة أو أي وضع آخر. هذا يعني أنّه يتعيّن على الدول الحرص على ألا يتسبّب تصميم وتشغيل أنظمة الضمان الاجتماعي في التمييز ضدّ أي شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، مثلا من خلال الحواجز اللغويّة والتكنولوجيّة التي يُمكن أن يترتّب عنها إقصاء فعليّ أو معاملة سلبيّة. كما هو الحال مع حقوق الإنسان الأخرى، ينبغي تكريس الحق في الضمان الاجتماعي في القانون المحلّي، وتمكين ضحايا الانتهاكات من وسيلة انتصاف فعّالة.

 

تعترف الصكوك الدوليّة الحديثة لحقوق الإنسان بالحق في الحماية الاجتماعيّة، بالإضافة إلى الحق في الضمان الاجتماعي، وهما حقان متمايزان. مثلا، كرّس بروتوكول حديث  ملحق بـ"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" كلا الحقَيْن بشكل منفصل. بحسب هذا البروتوكول، يحمي الضمان الاجتماعي من انعدام أمن الدخل الناجم عن أسباب مثل البطالة أو المرض أو الأمومة. وتشمل الحماية الاجتماعيّة جميع أشكال الضمان الاجتماعي، إضافة إلى الاستراتيجيات والبرامج التي تساعد في ضمان حدّ أدنى من المعيشة والخدمات الصحية والرعاية.

 

بهذا المعنى، تتوافق الحماية الاجتماعية مع مجموعة من السياسات والبرامج التي تحتاج الحكومات إلى وضعها للوفاء بالتزاماتها في إعمال مجموعة من الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة في جميع الظروف، مثل الحق في التعليم، والصحة، والمستوى المعيشي اللائق، الذي يشمل الحق في الغذاء، والمسكن، والماء، والصرف الصحي، من بين حقوق أخرى.

 

بالمثل، فإنّ مفهوم "أرضيّات الحماية الاجتماعيّة" [الحد الأدنى للحماية الاجتماعية]، الذي وضعته "اللجنة المعنيّة بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة" و"منظمة العمل الدوليّة"، وهي إحدى وكالات لأمم المتحدة، مستمدّ من حق الإنسان في الضمان الاجتماعي، الذي يشمل ما لا يقلّ عن أربع ضمانات تتعلّق بالضمان الاجتماعي:

 

  • الوصول إلى مجموعة السلع والخدمات المُحدّدة على المستوى الوطني، التي تكفل الرعاية الصحية الأساسيّة، بما في ذلك رعاية الأمومة، التي تلبّي معايير التوافر، وإمكانيّة الوصول، والمقبوليّة، والجودة؛
  • تأمين دخل أساسي للأطفال، على الأقل عند المستوى الأدنى المحدّد وطنيا، مما يضمن الوصول إلى التغذية، والتعليم، والرعاية، وأي سلع أو خدمات ضروريّة أخرى؛
  • تأمين دخل أساسي خلال الحياة العمليّة للأفراد، على الأقلّ عند المستوى الأدنى المحدّد وطنيا، للأشخاص غير القادرين على كسب دخل كاف، لا سيما في حالات المرض، والبطالة، والأمومة، والإعاقة؛ و
  • تأمين دخل أساسي، على الأقل عند المستوى الأدنى المحدّد وطنيا، لكبار السنّ.

 

الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعيّة في مجموعة من صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان

 

1948 – الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

  • المادة 22: "لكلّ شخص، بوصفه عضوا في المجتمع، حق في الضمان الاجتماعي".
  • المادة 25: "(1) لكلّ شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحّة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبيّة وصعيد الخدمات الاجتماعيّة الضروريّة، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه. (2) للأمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين. ولجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعيّة سواء وُلدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الإطار".

 

1951 – "ميثاق منظمة الدول الأمريكيّة"

  • المادة 45(د): "إنّ الدول الأعضاء، المقتنعة بأنّ الإنسان لا يُمكنه تحقيق تطلّعاته إلا في نظام اجتماعي عادل، وكذلك في ظلّ نموّ اقتصادي وسلام حقيقي، توافق على تكريس كل الجهود لتطبيق... سياسة ضمان اجتماعي فعّالة".

 

1952 –  "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي، رقم 102"

  • وفّرت أساسا قانونيا/مقنّنا وضمنت معايير دنيا لفروع الضمان الاجتماعي لسكان الدول الأعضاء.

 

1961 – "الميثاق الاجتماعي الأوروبي"

  • المادة 12: "يتعهّد الأطراف بإنشاء أو الحفاظ على نظام للضمان الاجتماعي.. بالحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي بمستوى مرض، على الأقل مساو لذلك اللازم من أجل التصديق على القانون الأوروبي للضمان الاجتماعي... بذل المساعي من أجل رفع نظام الضمان الاجتماعي بشكل تدريجي إلى مستوى أعلى، باتخاذ الخطوات المناسبة... من أجل ضمان المعاملة المتساوية لمواطني الأطراف الأخرى مع مواطنيها... أيا كانت الانتقالات التي يقوم بها الأشخاص المتمتعون بالحماية بين أقاليم الأطراف".
  • المادة 23: "بهدف ضمان الممارسة الفعّالة لحق المسنّين في الحماية الاجتماعية، يتعهد الأطراف... بتمكين المسنين أن يظلوا أعضاء في المجتمع بشكل كامل لأطول فترة ممكنة... لتمكين المسنين من أن يختاروا أسلوب حياتهم بحرية وأن يعيشوا حياة مستقلّة في بيئتهم المألوفة بالقدر الذي يرغبونه أو يستطيعونه... لضمان الدعم المناسب للمسنين الذين يعيشون في مؤسسات، مع احترام خصوصياتهم، والمشاركة في القرارات التي تتعلق بالظروف المعيشيّة في المؤسسة".

 

1976 – العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

  • المادة 9: "تُقرّ الدول الأطراف في هذا العهد بحق كلّ شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية".

 

1981 – "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة"

  • المادة 11(هـ): "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق ولا سيما... الحق في الضمان الاجتماعي، ولا سيما في حالات التقاعد والبطالة والمرض والعجز والشيخوخة وغير ذلك من حالات عدم الأهلية للعمل، وكذلك الحق في إجازة مدفوعة الأجر".

 

1989 – "اتفاقية حقوق الطفل"

  • المادة 26: "تعترف الدول الأطراف لكل طفل بالحق في الانتفاع من الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمين الاجتماعي، وتتخذ التدابير اللازمة لتحقيق الإعمال الكامل لهذا الحق وفقا لقانونها الوطني".

 

1990 -  "الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم"

  • المادة 27(1): "فيما يتعلّق بالضمان الاجتماعي، يتمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم في دولة العمل بنفس المعاملة التي يُعامل بها رعايا الدولة بقدر استيفائهم للشروط التي ينص عليها التشريع المنطبق في تلك الدولة والمعاهدات الثنائية ومتعددة الأطراف المنطبقة فيها".

 

1999- "البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (بروتوكول سالفادور)"

  • المادة 9(1): "لكلّ شخص الحق في الضمان الاجتماعي الذي يحميه من عواقب الشيخوخة والعجز الذي يمنعه، جسديا أو عقليا، من تأمين وسائل الوجود الكريم واللائق له. وفي حالة وفاة المستفيد، تُخصص إعانات الضمان الاجتماعي لمن يعولهم".
  • المادة 9(2): "في حالة الأشخاص الذين يتمّ توظيفهم، يغطي الحق في الضمان الاجتماعي، على الأقل، الرعاية الطبية وعلاوة أو إعانة تقاعد في حالة حوادث العمل أو المرض المهني، وفي حالة النساء، إجازة الوضع مدفوعة الأجر وبعد الولادة".

 

2008 – "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"

  • المادة 28: "تقرّ الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحماية الاجتماعية، والتمتع بهذا الحق دون تمييز بسبب الإعاقة، وتتخذ الخطوات المناسبة لصون هذا الحق وتعزيز إعماله".

 

2012 – "توصيات منظمة العمل الدولية بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية، رقم 202"

  • تُؤكد على حق الإنسان في الضمان الاجتماعي. هناك إجماع دولي جديد على الدور الحاسم للحماية الاجتماعية في تعزيز كرامة الإنسان، والتماسك الاجتماعي، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، فضلا عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.

 

2022 - البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حق المواطنين في الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي

  • المادة 3: "يؤكد أنّ الدول الأطراف ملزمة بضمان أن تكون الحماية الاجتماعية متاحة، ويُمكن الوصول إليها، وكافية، وميسورة التكلفة، وشفافة".

 

 

 

  1. ما هي النُهج الرئيسيّة التي تتبعها الحكومات لإعمال الحق في الضمان الاجتماعي؟

 

بشكل عام، هناك نهجان جامعان يُحدّدان الطريقة التي تُصمّم بها الحكومات أنظمة وبرامج الضمان الاجتماعي:

 

  • برامج تستهدف الفقر، يتمّ اختبارها من حيث الموارد، وتحاول استهداف الأشخاص على أساس دخلهم.
  • برامج شاملة، لا تقيّد الأهليّة بالاستناد إلى موارد الأشخاص، لكنها تركّز على الأهليّة الشاملة للجميع ضمن مجموعات محدّدة تشمل مراحل الحياة أو الأوضاع التي تكون فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأشخاص معرّضة للخطر بشكل خاص (مثل الأطفال، والأشخاص ذوي الإعاقة، والبالغين العاطلين عن العمل، والقائمين بالرعاية، والمسنين، إلخ).

 

النهج الشامل للضمان الاجتماعي متجذّر في فكرة وجوب توفير هذه الحماية للجميع كحق، بصرف النظر عن دخلهم، مع الإقرار بأنّ الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة هي الأكثر عرضة للخطر أثناء مراحل الحياة العادية. تعتمد أهليّة الشخص في الانتفاع ببرنامج ضمان اجتماعي شامل على ما إذا كان منتميا إلى إحدى هذه المجموعات، وليس دخله أو ثروته.

 

في المقابل، تُعطي برامج الضمان الاجتماعي التي تعتمد على استهداف الفقر أولويّة للبرامج التي تُختبر بالوسائل الماليّة والتي تُحدّد الأهليّة بناءً على الدخل أو الأصول.

 

برامج الضمان الاجتماعي الشاملة المصمّمة جيدا تجمع بين برامج مختلفة بطريقة متماسكة لإنشاء نظام متعدد المستويات يستطيع كلّ فرد فيه الوصول إلى مجموعة من الاستحقاقات، مما يضمن له مستوى معيشي لائق طوال حياته. هذا النظام متعدّد المستويات، على النحو المبين في الشكل أدناه، ينبغي أن يشمل مستوى أساسيا ممولا من الضرائب يتمّ توفيره للجميع. لكن يتعين على الدول التي فيها موارد أكبر ومؤسسات رسمية أكثر أن تدعم هذا المستوى الأساسي بمستوى ثان من مزايا الضمان الاجتماعي للذين يُساهمون في أنظمة التأمين الاجتماعي التي تديرها الدولة. يُمكن للبلدان ذات الموارد الكبيرة أن تُضيف مستوى ثالث يتكوّن من برامج طوعيّة خاصة يُمكن للأشخاص أن يساهموا فيها للحصول على مستوى أعلى من الامتيازات (مثل برنامج 401(k) investments)، التي تنظمها الدولة.

 

المصدر: Stephen Kidd, Gunnel AxelssonNycander and Holly Seglah, “Advocating for universal social security: how to win hearts and minds,” ACT Sweden and Development Pathways (February 2023), https://www.developmentpathways.co.uk/wp-content/uploads/2023/02/Advocating-for-universality_v1c.pdf (تم الاطلاع في23 مارس/آذار 2023).

يُعدّ تعزيز المستوى الأساسي المموّل من الضرائب مع تشجيع نموّ برامج التأمين الاجتماعي أمرا ضروريا لضمان الحق في الضمان الاجتماعي. مثلا، في العديد من البلدان، يُمكن للأشخاص العاملين في وظائف رسميّة ويساهمون في صناديق التأمين الاجتماعي الحصول على دعم لدخلهم، وهو ما يعكس عادة أرباحهم السابقة، لمواجهة الإعاقة أو الشيخوخة أو المرض أو مسؤوليات تقديم الرعاية أو البطالة. لكن الأشخاص الذين لم يجنوا استحقاقات كافية في نظام المساهمات يظلّون قادرين على الحصول على دخل مضمون، ربّما يتمّ تمويله من الضرائب المتصاعدة وغالبا على أساس غير مشروط، شريطة استيفاء معايير الأهليّة، مثل الحصول على معاش الشيخوخة.

رغم أنّ البرامج القائمة على استهداف الفقر يُمكن أن تلعب دورا تكميليا في أنظمة الضمان الاجتماعي، فإنّ البرامج الشاملة مهمّة لضمان تمتّع كل شخص بحقوقه دون إقصاء على أساس اختبار الوسائل الخاطئ أو التحيّز أو معايير الأهليّة الصارمة أو المعلومات القديمة.

  1. لماذا ينبغي أن يكون الضمان الاجتماعي الذي يستهدف الفقر تكميليا فقط؟

البرامج التي تستهدف الفقر تسعى إلى تحقيق مزايا للأشخاص الذين وقعوا بالفعل في براثن الفقر. يبدو أنّ المنطق الذي يحكمها واضح ومباشر: الموارد المتاحة للضمان الاجتماعي محدودة، ولذلك فاستخدامها على الوجه الأمثل يكون بتحديد الشرائح الأكثر احتياجا، ثم توجيه الموارد نحوها. لكن بيانات هذه البرامج أظهرت أنّها غالبا ما تكوم إقصائيّة وأقلّ فاعليّة مقارنة بالأنظمة الشاملة في الوصول إلى كلّ من يعيش في الفقر أو إعمال حقوق الجميع.

على مستوى الممارسة، تُعدّ محاولة استهداف الشرائح المعرّضة للخطر أمرا بالغ الصعوبة. غالبا ما يتمّ تصميم برامج الاستهداف بشكل ضيّق للغاية، وتؤدّي إلى إقصاء الكثير من الناس، بما في ذلك الأكثر فقرا. كثيرا ما يكون الحال كذلك لأنّ "الفقراء" ليسوا مجموعة ثابتة، بل إنّ الأسر تنتقل بشكل متحرّك بين تصنيفات الرفاه المجتمعي خلال فترات قصيرة. إضافة إلى ذلك، غالبا ما تكون عمليّات الاختيار مكلفة وغير دقيقة ومعرّضة لسوء الإدارة أو الفساد. وجدت أبحاث هيومن رايتس ووتش حول القروض الطارئة لصندوق النقد الدولي لكينيا وكاميرون ونيجيريا، وكذلك إكوادور ومصر ثغرات كبيرة في المعلومات التي كشفت عنها الحكومات حول كيفيّة إنفاقها للأموال، رغم التزامها بمجموعة من تدابير الشفافيّة.

الكثير من الأشخاص المؤهلين لهذه البرامج يجدون صعوبة في التقدّم للاستفادة منها أو لا يتقدّموا أصلا بسبب الوصم المرتبط بها. في نيبال، وجدت هيومن رايتس ووتش أنّ الكثير من النساء، وخاصة من مجتمعات الداليت والمسلمين، يخفن من التعرّض للتمييز عند طلب هذه المزايا. إضافة إلى ذلك، ثبت أنّ البرامج القائمة على الاستهداف تولّد استياءً لدى الأشخاص المستبعدين، ممّا يؤدي إلى تراجع الدعم العام.

غالبا ما تكون بعض منهجيات الاستهداف الأكثر شيوعا، مثل "الاختبار غير المباشر لتقصي الموارد "، معيبة. يحاول هذا النوع من الاختبارات تقدير ثروة الأسر من خلال نهج إحصائي وآلي معقّد يعتمد على تحليل المسوح الأسريّة لتحديد الخصائص الرئيسيّة لفقر الأسر، ثم تقييم هذه الخصائص وترتيبها لتحديد الأهليّة.

لكن أبحاثا أجرتها منظمة العمل الدوليّة ومسارات التنمية وجدت أن هذه الأساليب غير دقيقة للغاية وغير مجدية في تحديد المستفيدين، ويعود ذلك في جزء منه إلى أنّ البيانات المستخدمة قديمة، وإلى معايير الأهليّة الإقصائيّة أو الصارمة. كما أن التكنولوجيا لا توفر حلا مُرضيا لهذه المشاكل.

قد تتسبب معايير الأهليّة الخاصة بالبرامج التي تمّ اختبارها على أساس الموارد في تقليص الشرائح التي تتعرّض حقوقها للخطر أو عدم الاستجابة لها. مثلا، وجدت أبحاث حديثة لـ هيومن رايتس ووتش في كازخستان أنّ مسؤولي الحكومة كانوا يُدرجون دخل أفراد الأسرة الموسّعة في تقييمات الأهليّة لبرامج الضمان الاجتماعي، حتى عندما لا يكون مقدّم الطلب مستفيدا من هذا الدخل، مما يجعل الكثير من الأسر المتعثرة فاقدة للأهليّة.

الأهمّ من ذلك، كما قالت مسارات التنمية، هو أنّ الاعتماد على نموذج خيري غير قادر على بناء شعور مشترك بالضمان الاجتماعي أو غير مؤسس على حقوق جميع الناس واستهداف الفقر يؤدّي ليس فقط إلى تقويض فوائد برامج الضمان الاجتماعي وتأثيرها، وإنما أيضا إلى تقويض شعبيتها وصمودها في وجه الضغوط الرامية إلى التراجع عن الحقوق. من العبارات المشفّرة والتمييزيّة حول "ملكات الرعاية الاجتماعية" [النساء اللاتي يحصلن على رعاية اجتماعية مفرطة من خلال الاحتيال أو التلاعب] في الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي، التي استُخدمت لفرض متطلّبات العمل، إلى شيطنة "الغش في الرعاية الاجتماعية" في المملكة المتحدة، تظلّ برامج الضمان الاجتماعي التي تُركّز بطبيعتها على مساعدة الفقراء بدلا من الاستحقاقات الأخرى أكثر عرضة للتقويض.

كما أنّ هذه البرامج القائمة على الاستهداف لا تفي بالتزامات الحكومة بموجب القانون الدولي. مثلا، أوضحت اللجنة المعنيّة بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة في تعليقها العام رقم 19 (الفقرة 23) أنّه "ينبغي أن يحظى جميع الأشخاص بتغطية نظام الضمان الاجتماعي"، الذي يجب أن يكون شاملا. أوضحت اللجنة أيضا في بيان حول أرضيّات الحماية الاجتماعية سنة 2015 (الفقرة 8) أنّ عبارة "'الجميع [في التعليق العام رقم 19] تُحيل على مبدأ عالميّة حقوق الإنسان وأنّ كل فرد له وزنه". كما أعادت اللجنة التأكيد (الفقرة 5) على أنّ الحق في الضمان الاجتماعي يشمل "التأكيد مجددا على أنّ جوهر الضمان الاجتماعي إعادة التوزيع وعلى دوره في تعزيز الادماج الاجتماعي"، مما يؤكد أهميّة النماذج القائمة على إحساس مشترك بالتضامن الاجتماعي.

بالمثل، طالب البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حق المواطنين في الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي الدول الأطراف بضمان وصول شامل إلى الحماية الاجتماعية (المادة 24 ث).

قد تظلّ البرامج القائمة على استهداف الفقر تلعب دورا تكميليا في أنظمة الضمان الاجتماعي المبنيّة على أساس الفوائد الشاملة التي تحمي جميع الناس طول حياتهم، من الطفولة إلى الشيخوخة. لكنّ الأنظمة القائمة على الاستهداف والتي تُقصي الناس دون أساس من الحماية الشاملة ستترك فجوات كبيرة في الضمان الاجتماعي يُمكن أن تؤثر سلبا على حقوق العديد من الأشخاص ولا تنجح في تعزيز التضامن الاجتماعي المطلوب لمجتمع تُحترم فيه الحقوق.

  1. هل أنّ "الضمان الاجتماعي الشامل" و"شبكات الأمان الاجتماعي" نفس الشيء؟

هناك قواسم مشتركة بين الضمان الاجتماعي وشبكات الأمان الاجتماعي لكنهما يختلفان في جوانب رئيسيّة. رغم أنّ بعض شبكات الأمان قد تنطوي على مكوّن طويل الأمد، فإنّ منظمة العمل الدوليّة ترى أنّ شبكات الأمان تلعب دورا انتقاليا، أو هي بمثابة حاجز تفاعلي قصير المدى للأشخاص الذين يواجهون أحداثا اقتصادية مزعجة، مثل الكوارث الطبيعية أو النزاعات أو الأزمات الاقتصاديّة. قد تعكس أيضا فلسفة وأهدافا مختلفة، حيث تحاول شبكات الأمان الاجتماعي عادة ضمان عدم وجود أي شخص تحت خطّ الفقر وتشمل مجموعة من التحويلات غير القائمة على المساهمات، لكنها أقلّ اهتماما بعدم المساواة وبناء التضامن الاجتماعي.

يستخدم "البنك الدولي" بشكل عام مصطلح شبكات الأمان للإحالة على برامج المساعدة الاجتماعيّة المموّلة من الضرائب والتي تستهدف أصحاب الدخل الأكثر ضعفا، وليس الضمان الاجتماعي الموائم للحقوق. تشمل المساعدة الاجتماعيّة فقط جزءًا من الحماية الاجتماعيّة، وتقوم على التحويلات غير القائمة على المساهمة (أي المموّلة من الإيرادات الحكوميّة العامة، وليس من مساهمات محدّدة من الأفراد). في المقابل، تتعامل سياسات الضمان الاجتماعي الشامل مع ما يتجاوز تأثير الصدمات والتعامل مع المرحلة اللاحقة لها، وتهدف إلى القضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة الاقتصاديّة، وبناء التضامن الاجتماعي، قبل ظهور الأزمات بوقت طويلة وليس أثناء حدوثها فقط. تلعب شبكات الأمان دورا هاما في حماية حقوق الأشخاص في حالات الطوارئ أو الأزمات، لكن ينبغي أن تكون موجودة في أنظمة الضمان الاجتماعي الأوسع والمتوائمة مع حقوق الإنسان.

  1. هل يُمكن وينبغي للعمّال غير الرسميين وغير المعهودين الوصول إلى الضمان الاجتماعي؟

القواعد التي تحكم الوصول إلى العديد من أشكال الضمان الاجتماعي صُمّمت عادة للعاملين في وظائف دائمة لدى أصحاب عمل معترف بهم، وغالبا ما تُموّل من المساهمات المستمدّة من العلاقة بين صاحب العمل والعامل.

يُمكن للذين يعملون لحسابهم الخاص أو الذين تربطهم علاقات عمل غير رسميّة، مثل ما يُسمى بعمّال الوظائف المؤقتة والعمال غير الرسميين، أن يجدوا أنفسهم دون تغطية اجتماعيّة كافية. مثلا، أغلب العاملين في وظائف مؤقتة والعمّال غير الرسميين في الولايات المتحدة غير مؤهلين للحصول على تأمين ضدّ البطالة، ولا يحصلون على معاشات مرتبطة بالدخل لأنّ هذه البرامج قائمة على المساهمات، حيث يُصنّف الموظفون على أنّهم هم من يموّلها.

لكن التركيز على العاملين في القطاع الرسمي فيه تجاهل لواقع العمل. على الصعيد العالمي، يعمل أكثر من 61% من الأشخاص ممن تزيد أعمارهم عن 15 عاما بشكل غير رسمي، وفقا لتحليل نشرته منظمة العمل الدوليّة سنة 2018. لكن نسبة وجود العمل غير الرسمي ليست موزّعة بالتساوي، حيث تعمل الغالبيّة العظمى من هؤلاء العمال في مناطق معيّنة بترتيبات غير رسميّة، مثل أفريقيا (86%)، وآسيا والمحيط الهادئ (68%)، والدول العربيّة (69%). رغم أنّ أقلّ من نصف العمال في الأميركتين وأوروبا وآسيا الوسطى يعملون في وظائف غير رسميّة، فإنّ 40% من العاملين داخل الاتحاد الأوروبي هم إما غير رسميين أو يعملون لحسابهم الخاص، وهي خاصيّة أخرى للعمالة يُمكن أن تحدّ من الوصول إلى الضمان الاجتماعي.

غالبا ما يكون لإقصاء العمال غير الرسميين تأثير غير متناسب على النساء. رغم أنّ الرجال يعملون في وظائف غير رسميّة أكثر من النساء على مستوى العالم (63% مقابل 58% على التوالي)، إلا أنّ نسبة أعلى بكثير من النساء يعملن في وظائف غير رسميّة في البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط والأدنى. في جنوب آسيا، أكثر من 80% النساء في الوظائف غير الزراعية يعملن في وظائف غير رسميّة، وكذلك 74% و54% من النساء في أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية والكاريبي على التوالي. غالبا ما تعني الأعراف والفوارق القائمة على النوع الاجتماعي في المنزل أنّ أعباء شؤون المنزل وأعمال الرعاية تقع على النساء. نتيجة لذلك، كثيرا ما يقتصر عمل المرأة على الوظائف غير الرسميّة، مما يحدّ من قدرتها على الكسب والوصول إلى الضمان الاجتماعي.

يتعيّن على الحكومات اتخاذ خطوات لمراجعة العوائق القانونيّة التي تحول دون وصول العمال إلى الضمان الاجتماعي وتذليلها، بصرف النظر عمّا إذا كانوا يعملون في وظائف رسميّة أو غير رسميّة أو غير تقليديّة. بالإضافة إلى توسيع التغطية القانونيّة، يُمكن للدول تقديم حوافز مالية، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز الوصول إلى الخدمات لتشجيع الانخراط والامتثال. يتعين على الدول أيضا الاعتراف بدور أشكال الضمان الاجتماعي غير الرسميّة، وتحديد سُبل دمج البرامج التي يقودها العمال.

لتمكينهم من الحق في الضمان الاجتماعي، يتعيّن على الدول أيضا مراجعة القوانين واللوائح ذات الصلة خارج نطاق الضمان الاجتماعي، وتعديلها إذا لزم الأمر، لا سيما من خلال توضيح وتكييف نطاق القوانين لتحقيق ضمان كاف للعمّال الذين لديهم علاقات عمل مقنّعة أو غير واضحة. إضافة إلى ذلك، يُمكن للدول وضع خطط منفصلة تجمع بين عناصر التمويل الضريبي والتأمين للعمال غير الرسميين لتقليص فجوات التغطية.

  1. هل ينبغي أن يشمل الضمان الاجتماعي المهاجرين واللاجئين وغير المواطنين؟

غالبا ما يواجه غير المواطنين مشاكل كبيرة في الوصول إلى الضمان الاجتماعي. قد يُحرمون أو يكون لديهم وصول محدود إلى التغطية في بلد إقامتهم بسبب وضعهم أو جنسيتهم أو المدّة غير الكافية في العمل أو الإقامة. في نفس الوقت، يُمكن أن يفقدوا الفوائد المستحقة من برامج الضمان الاجتماعي في بلدانهم الأصليّة بسبب الغياب.

باعتباره حقا عالميا، ينطبق الحق في الضمان الاجتماعي على الجميع، بصرف النظر عن الجنسية أو وضع الهجرة، بما يتماشى مع الحق في المساواة وعدم التمييز. إضافة إلى ذلك، تنص الاتفاقيّة الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم على حق العمال المهاجرين، سواء كانوا يحملون وثائق أم لا، في الضمان الاجتماعي (المادة 27) والخدمات العامة المحددة التي ترتبط في كثير من الأحيان بالتغطية الاجتماعية، بما في ذلك الرعاية الصحيّة (المادة 28) والتعليم (المادة 30).

تعترف أنظمة حقوق الإنسان الإقليميّة أيضا بحق المهاجرين في الضمان الاجتماعي والوصول إلى الخدمات العامة. يفرض البروتوكول الأخير الملحق بميثاق الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب مثلا على الدول اعتماد تدابير تضمن لجميع المهاجرين، بما في ذلك العمال المهاجرين، التمتع بفوائد التغطية الاجتماعيّة، وإمكانية نقل الضمان الاجتماعي عبر الحدود، ومعاملة سكان بلد المقصد وبلد المنشأ على قدم المساواة. بالمثل، أكّد قرار صدر في 2019 عن "لجنة البلدان الأمريكيّة لحقوق الإنسان"، كمبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان، على حق كلّ مهاجر في الوصول إلى الضمان الاجتماعي على قدم المساواة (المبدأ 36)، وكذلك الصحة (المبدأ 35)، والتعليم (المبدأ 37)، والسكن (المبدأ 38).

  1. هل الضمان الاجتماعي بديل عن الأجر المعيشي؟

لا، الضمان الاجتماعي هو مجموعة استحقاقات فرديّة ومستقلّة عن الحق في الأجر المعيشي، الذي يتطلّب دفع أجور تضمن قدرة الشخص على دفع ثمن السلع والخدمات الضرورية لإعمال حقوق الإنسان.

يفرض العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الدول ضمان ظروف عمل عادلة ومُرضيّة، تشمل الحق في أجر معيشي (أي مكافأة مالية كافية لجميع العمال لضمان مستوى معيشي لائق). تُعتبر السياسات مثل الحدّ الأدنى للأجور هامة  لإعمال هذا الحق من خلال ضمان حصول جميع العمال على مبلغ معيّن من عملهم، سواء في القطاع العام أو الخاص. لكن حتى في البلدان التي فيها لوائح تفرض دفع أجور معيشيّة، قد يحتاج الناس إلى الضمان الاجتماعي في حالة البطالة أو الأحداث غير المتوقعة التي تمنعهم من العمل (مثل المرض).

بناءً على ذلك، قد يتطلّب ضمان حقوق الإنسان هذه أكثر من مجرّد أجر معيشي، وإنما دعم مباشر من الحكومة من خلال الضمان الاجتماعي. لكن في غياب اللوائح اللازمة الخاصة بالأجور، قد يعوّض الضمان الاجتماعي ممارسات أصحاب العمل الذين لا يدفعون أجرا معيشيا.

يتعيّن على الدول أن تضمن توفر الضمان الاجتماعي والأجور المعيشيّة لجميع العمّال، كجزء في نظام الحماية الاجتماعيّة الشامل.

  1. هل الضمان الاجتماعي بديل عن الخدمات الاجتماعيّة الجيّدة؟

لا. رغم أنّ برامج الضمان الاجتماعي قد تساعد في ضمان الوصول إلى بعض الخدمات، مثل الرعاية الصحيّة أو المساعدة في الإسكان، إلاّ أنّها ليست بديلا عن الخدمات العامّة.

ينبغي أن يكون الضمان الاجتماعي جزءًا من نهج أوسع لسياسات إعمال حقوق الإنسان. وينبغي أن يعمل بالتوازي مع نظام قويّ للخدمات العامة الجيّدة التي تساعد في توفير واستدامة الوصول إلى السلع والخدمات الضروريّة لحقوق الإنسان، مثل الماء، والصرف الصحي، والتعليم، والمساعدة الاجتماعية، من بين أمور أخرى. هناك حق إنساني في العديد من السلع والخدمات، مثل الماء والصحة والتعليم.

  1. هل ينبغي توفير الضمان الاجتماعي للأفراد أو الأسر؟

ينبغي عادة توفير الضمان الاجتماعي، من أجل المساهمة في إعمال حقوق الإنسان، للأفراد البالغين وليس الأسر بما أنّ كلّ فرد له الحق في هذه الحقوق بشكل فردي ومستقلّ. لكن ليس جميع برامج الضمان الاجتماعي مصمّمة بهذه الطريقة، حيث يركّز الكثير منها على الأسر بدلا من ذلك.

تحديد المستفيد من ذلك، سواء الشخص أو الأسرة، أمر هام لإعمال الحق في المساواة وعدم التمييز، لأن الموارد داخل الأسر غالبا ما تُوزّع بشكل غير عادل، ما قد يضع النساء في وضع غير مواتٍ، وخاصة المسنّات. مثلا، بالنسبة للبرامج التي تحوّل أموال التقاعد إلى الأسر، وليس الأشخاص، قد لا تكون مفيدة لكبار السنّ بشكل كاف. كما أنّ البرامج الموجهة إلى الأفراد قد تقلّص مخاطر العنف البدني والاقتصادي في حق النساء داخل الأسر.

لذلك ينبغي تصميم الضمان الاجتماعي بطريقة تعالج علاقات القوّة وعدم تكافؤ سلطات اتخاذ القرار داخل الأسرة، بما في ذلك على أساس الجندر والسنّ. مع ذلك، عادة ما يذهب الضمان الاجتماعي الموجّه للأطفال إلى القائمين على رعايتهم.

  1. ما هو دور التكنولوجيا وحدودها في توفير الضمان الاجتماعي؟

عملت الكثير من الحكومات على رقمنة أنظمة الضمان الاجتماعي وجعلها آلية، مثل التحويلات النقدية ومزايا المساعدات الغذائيّة وخطط التأمين الصحّي. هناك حاجة ماسّة إلى بعض الإصلاحات المرتبطة بالتكنولوجيا لتوفير ضمان اجتماعي شامل، مثل تحديث البنية التحتية الضرورية لتكنولوجيا المعلومات لتسهيل إيصال الفوائد والخدمات. لكن حتى التحسينات الضروريّة قد تتغاضى عن التفاوت الاجتماعي القائم وتعمّقه، مثل الفجوة الرقميّة. مثلا، قد يتسبب توفير التطبيقات الخاصة بالضمان الاجتماعي حصريا على الانترنت، ورقمنة المدفوعات بشكل كامل، في تسريع تسليم المساعدات النقديّة أثناء الأزمات، لكنّه قد يستبعد الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة هواتف خلوية أو الاتصال بالإنترنت، أو الذين ليس لهم معرفة رقميّة.

صارت التكنولوجيا أيضا أمرا محوريّا تستخدمه العديد من الحكومات للتحقق من هويّة الناس، وتقييم مستويات الأهليّة والمزايا، وكذلك التحقيق والبت وفرض عقوبات على التحيّل على الخدمات الاجتماعيّة.

لكن هيومن رايتس ووتش وجدت أنّ هذه الجهود قد ترفع مستوى التعقيد والتعسّف داخل الأنظمة، ما قد يمنع الناس من الوصول إلى الفوائد أو يُضفي شرعيّة على تخفيضات الضمان الاجتماعي تحت ستار الفاعليّة التكنولوجيّة. يُمكن لهذه الاستخدامات للتكنولوجيا أن تصنّف الأشخاص ذوي فرص العمل المحدودة على أنهم أقلّ استحقاقا للدعم، وتجعل المستفيدين من الضمان الاجتماعي يتحمّلون عبء دحض أخطاء التحقق من الهويّة الرقمية. قد تؤدّي النُهُج الإحصائيّة المعقّدة والآلية لاستهداف الفقر إلى إقصاء الأشخاص المحتاجين بسبب البيانات غير التمثيليّة أو غير الدقيقة.

  1. هل تستطيع البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حقا توفير الضمان الاجتماعي للجميع؟

نعم. قدرة الحكومات على تمويل الضمان الاجتماعي الشامل هي بالأساس مسألة إرادة وخيارات سياسية وليست موارد.

بحسب تحليل لمنظمة العمل الدوليّة، فإنّ أقلّ من نصف سكّان الأرض يُمكنهم الوصول إلى شكل واحد على الأقلّ من أشكال الضمان الاجتماعي. لكن هذا النقص في التغطية يتركّز أساسا في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط، التي تعاني من فجوات كبيرة في تمويل الفارق بين مستويات التمويل المتاحة والمستويات التي تحتاجها لدعم الحق في الضمان الاجتماعي ومستوى معيشي لائق.

لكن خلصت دراسة أجرتها منظمة العمل الدوليّة في 2019 إلى أنّ تكلفة سدّ هذه الفجوة في التمويل وإنشاء أرضيّات حماية اجتماعيّة عالميّة تتراوح بين 2 و6% فقط من الناتج المحلّي الإجمالي للدولة، حسب المنطقة ومجموعة الدخل التي تنتمي لها، لسدّ هذه الفجوة ووضع أرضيات حماية اجتماعيّة شاملة.

قدّمت منظمة العمل الدوليّة أيضا ارشادات مفيدة حول كيف يُمكن للحكومات ذات الدخل المنخفض والمتوسّط أن تخلق حيّزا ماليا لسدّ هذه الفجوة في التمويل عن طريق إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام الحالية، وزيادة إيرادات الضمان الاجتماعي من خلال مزيج من الضرائب والمساهمات، والمطالبة بالمساعدات والتحويلات، والقضاء على التدفقات الماليّة غير المشروعة، والتصرّف في الديْن، من بين أمور أخرى.

بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الدول مُلزمة باتخاذ خطوات بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة للإعمال التدريجي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الضمان الاجتماعي وغيره من الحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة. أكّدت لجنة الخبراء الدوليين المكلّفة بتفسير العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة (الفقرة 41) على أنّ "إعمال الحق في الضمان الاجتماعي ينطوي على انعكاسات مالية هامة للدول الأطراف [...] لكن أهميّة الضمان الاجتماعي الجوهريّة للكرامة الإنسانيّة واعتراف الدول الأطراف القانوني بهذا الحق يعنيان أنّه يجب إيلاء هذا الحق ما يستحق من أولويّة في القانون والسياسة العامة". كما لاحظت (الفقرة 13):

وثمة خيارات متاحة للحكومات لتوسيع الحيز المالي للحماية الاجتماعية حتى في أفقر البلدان، مثلا عن طريق إعادة توزيع النفقات العامة بتجديد التركيز على الإنفاق الاجتماعي، وزيادة إيرادات الضرائب، وتخفيف عبء الديون أو خدمة الديون، والتكيف مع الإطار الاقتصادي الكلي، ومكافحة تهريب الأموال، وزيادة إيرادات الضمان الاجتماعي. ولا يقل عن ذلك أهمية الأدلة التي تبين أن البلدان، تمشيا مع التزاماتها بموجب العهد، لا يمكنها عدم تخصيص ما يكفي من الموارد للحماية الاجتماعية بالنظر إلى أن هذه المخصصات تسهم في إعمال حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

لكن جمع إيرادات إضافيّة لتمويل الضمان الاجتماعي ليس مسألة خالية من المشاكل. زيادة تمويل الضمان الاجتماعي فد تؤدي إلى ارتفاع مستوى المعيشة، وزيادة الاستهلاك، وتفاقم عدم المساواة الاقتصاديّة. مع تزايد عدم الاستقرار الاقتصادي على مستوى العالم، أصبحت الإرادة السياسيّة لتخصيص الموارد اللازمة لقطاع الضمان الاجتماعي في الدول أكثر أهميّة من أيّ وقت مضى.

  1.  ما هو دور المؤسسات الماليّة الدوليّة وبنوك التنمية في تمويل الضمان الاجتماعي؟

الدول الدائنة والمقرضون الدوليون، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يلعبون دورا هاما في تمويل وتصميم أنظمة الضمان الاجتماعي، وخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض.

أدّت جائحة كورونا إلى زيادة تاريخيّة في التمويل الدولي للضمان الاجتماعي. بين أبريل/نيسان 2020 ويونيو/حزيران 2022، ضاعف البنك الدولي محفظته الخاصة بالضمان الاجتماعي، حيث قدّم  حتّى سبتمبر/أيلول 2022 30 مليار دولار أمريكي في شكل تمويل للحماية الاجتماعيّة. رغم أنّ هذا التمويل بالغ الأهميّة، إلا أنّ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أعطيا أولويّة للمقاربات المستهدفة للفقر بدلا من المقاربات الشاملة، وهذا لا يضمن حماية حقوق الإنسان.

من المعيقات الأخرى للضمان الاجتماعي الضغط الهائل الذي يُمكن أن يمارسه المقرضون الدوليّون على الدول المدينة لخفض الإنفاق العام من أجل الوفاء بالتزامات الدّيْن العام. يُمكن لبرامج صندوق النقد الدولي، على وجه الخصوص، أن تفرض قيودا صارمة على الإنفاق الحكومي، والذي غالبا ما يحدّ من استثمار الحكومات في الضمان الاجتماعي لما يُسمّى بأرضيات الإنفاق الاجتماعي، التي يحدّدها صندوق النقد الدولي.

وجد تقرير صدر حديثا عن مجموعة من المنظمات غير الحكوميّة أنّ تدابير التقشّف التي يقودها صندوق النقد الدولي ستؤثر على 85% من سكان العالم في 2023. وبينما يتفاوض صندوق النقد الدولي مع الحكومات على برامج إقراض جديدة خلال فترة الأزمة هذه، يتعيّن عليه تجنّب تقديم حوافز تقشفية ضارّة بحقوق الإنسان من خلال ضمان أن تكون أرضيات الإنفاق الاجتماعي المحدّدة كشروط للٌإقراض أكثر من كافية لتمويل برامج فعّالة للضمان الاجتماعي.

بلغ الديْن العام الخارجي في الاقتصاديات النامية مستويات قياسيّة. حوالي ثلثي البلدان منخفضة الدخل تعيش إما تحت ضغط الديون أو هي معرّضة لمخاطر كبيرة بسبب ضغط الديون، وهو رقم تضاعف منذ 2015. على المدى القريب، بينما تنتهج دول مثل الولايات المتحدة سياسات نقديّة لمحاربة تضخم الأسعار المحليّة، فإنّ زيادة أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض قد تتسبّب في تعريض البلدان التي لها ديون كبيرة إلى عجز في ميزانياتها وصعوبات في تسديد الديون.   

كما لاحظت اللجنة المعنيّة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة في بيان أصدرته في 2016 عن الديْن العام وتدابير التقشف (الفقرة 7): "للمقرضين أيضا التزامات بموجب القانون الدولي العام. فعلى غرار أيّ شخص من أشخاص القانون الدولي الآخرين، تُعتبر المؤسسات المالية الدولية، والمنظمات المالية الأخرى 'ملزمة بأي واجبات تفرض عليها بموجب القواعد العامة للقانون الدولي، أو بموجب دساتيرها أو الاتفاقيات الدولية التي هي أطراف فيها'".

من الواضح أنّه بموجب القانون الدولي، يقع على عاتق المؤسسات المالية الدوليّة والمقرضين الثنائيين التزام بتجنّب التسبب في ضرر من خلال عدم المطالبة بتخفيضات أو إعادة تصميم برامج الضمان الاجتماعي التي من شأنها تقويض الحقوق، وتوفير الكثير من الموارد التي يُمكن أن تساعد في بناء أنظمة ضمان اجتماعي شاملة ومتوائمة مع الحقوق. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الدائنة والمقرضين الدوليين الاعتراف بجميع حقوق الإنسان، بما في ذلك حق كلّ فرد في الضمان الاجتماعي.

بناءً على ذلك، فإنّ سياسات الدول الأكثر ثراءً والمؤسسات الدولية التي تمتلك جزءً كبيرا من هذا الديْن العام للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط يُمكن أن يكون لها تأثير كبير على تحقيق الضمان الاجتماعي في البلدان الأخرى. كما أنّ لديها فرصة للمساعدة في تعزيز التمويل المنصف للضمان الاجتماعي من خلال إعطاء الأولويّة لأنظمة الضمان الاجتماعي كجزء من مساعداتها الإنمائيّة الدولية وأيضا لدعم الصندوق العالمي المقترح للحماية الاجتماعيّة.

  1. كيف يساهم الضمان الاجتماعي في تعزيز العدالة المناخية؟

أزمة المناخ هي أزمة حقوقيّة تؤثر على العالم بأسره، ولكن آثارها ليست محسوسة بالتساوي. حذّرت " الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ " مؤخرا من أنّ حوالي 3.5 مليار شخص يعيشون بالفعل في سياقات شديدة التأثر بتغير المناخ. هذه المجتمعات أكثر عرضة للخطر وغالبا ما تكون غير مستعدّة للتكيّف مع الآثار السلبيّة لتغيّر المناخ. يقول الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ إنّ السبب هو "الفقر وتحديات الحوكمة ومحدوديّة الوصول إلى الخدمات والموارد العامة، والنزاعات العنيفة، والاعتماد الكبير على سبل العيش الحساسة للمناخ" وكذلك "الأنماط التاريخية والمستمرة لعدم المساواة، مثل الاستعمار".

كما أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش، فإنّ الكوارث المتصلة بالمناخ تضرّ بشكل خاص بصحّة ورفاهيّة الشعوب الأصليّة، والنساء الحوامل، والنساء، والأطفال. يساعد توسيع نطاق الضمان الاجتماعي على معالجة هذا التفاوت فيما يتعلّق بمخاطر المناخ، ويعزز صمود المجتمعات وقدرتها على التكيّف، ويُقلّص العبء الواقع على النظام الإنساني الدولي المستنزف بالفعل.

يُعتبر الضمان الاجتماعي أيضا أمرا حيويا للمساواة داخل الدول وفيما بينها. هناك حاجة إلى أنظمة ضمان اجتماعي قويّة لدعم الانتقال العادل وحماية حقوق الجميع في عمليّة إزالة الكربون من آثار إنهاء دعم الوقود الأحفوري على الأسعار. اعتمدت العديد من الحكومات على دعم الوقود الأحفوري، وخاصة دعم المستهلك، لكنّ هذه الطريقة غير ناجعة لمعالجة فقر الطاقة، حيث إنها باهظة التكلفة، وتخدم الأسر الأكثر ثراءً بشكل غير متناسب، وتزيد من أزمة المناخ.

لكن، ولحماية الحقوق، من المهمّ الاستثمار بشكل كاف في الضمان الاجتماعي، ومصادر الطاقة المتجددة، وغيرها من التدابير للانتقال إلى اقتصاد متوائم مع الحقوق، لأنّ إلغاء الدعم دون القيام بذلك يُمكن أن يضرّ بشكل غير متناسب بالأشخاص ذوي الدخل المنخفض من خلال رفع أسعار السلع والخدمات التي تُعدّ أساسية للحقوق. يُمكن أن يساعد الضمان الاجتماعي أيضا في تأمين دخل للعمال والأسر التي تعمل في الصناعات كثيفة الكربون. رغم ذلك، فإنّ 19% فقط من عمّال العالم مشمولون حاليا بتغطية البطالة.

الدول الأكثر ثراءً وأقلّ عرضة للتأثر بتغيّر المناخ وأكثر صمودا أمامه تساهم في تغيّر المناخ بشكل غير متناسب. بصرف النظر عن الحدّ من انبعاثات الكربون بشكل كبير، وتوفير المال للتخفيف من آثاره، يُمكن لهذه البلدان أن تساعد في الحدّ من آثار تغيّر المناخ على حقوق الإنسان من خلال دعم الجهود التي تبذلها البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط لبناء أنظمة ضمان اجتماعي قويّة.

  1.  ما الذي يُمكن أن يفعله النشطاء والمجتمع المدني حيال غياب الضمان الاجتماعي الشامل؟

يُعدّ المجتمع المدني المستقلّ والحركات الاجتماعيّة والحركات العمّاليّة أمرا حيويا لضمان توافق تصميم برامج الضمان الاجتماعي وتنفيذها ومراقبتها مع حقوق الإنسان على المستوى المحلّي والوطني والدولي. يُمكن للأطراف الفاعلة في المجتمع المدني المساهمة بخبرتها الفنية وبتوفير المعلومات حول مدى كفاية مستويات الفوائد أو الحواجز التي تحول دون الوصول إليها.

تشير توصية منظمة العمل الدولية بشأن أرضيات الحماية الاجتماعية (رقم 202) بشكل صريح إلى انخراط المنظمات غير الحكوميّة كشركاء أساسيين في الحوار الوطني وعمليّة الرصد. يُمكن للحوار الوطني أن يُساعد في إيجاد ضمان اجتماعي ملائم، لا سيما لحماية الأطفال والمسنين من الفقر. كما يُمكن أن يساعد رصد وقياس الأوضاع الوطنيّة ومقارنتها مع البلدان التي تمرّ بأوضاع اجتماعية واقتصادية مماثلة في خلق المساحة السياسية اللازمة للتقدّم نحو الضمان الاجتماعي الشامل.

على المستوى الدولي، يُعدّ "التحالف العالمي من أجل أرضيات الحماية الاجتماعية" مثالا على بناء الشبكات التي تدعو إلى الضمان الاجتماعي. يُجري أعضاء التحالف البالغ عددهم 110 أبحاثا وأعمال مناصرة مع الحكومات المحليّة والوطنيّة والمؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.  

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة