(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن السلطات المصرية اعتقلت العشرات لدعوتهم إلى الاحتجاجات وقيّدت الحق في الاحتجاج في الأيام السابقة لقمة المناخ "كوب 27"، ما يهدد نجاح القمة.
أضافت السلطات إجراءات أمنية في شرم الشيخ، المدينة التي تحوي منتجعات سياحية والتي سيعقد فيها المؤتمر، تشمل فرض تركيب كاميرات داخل جميع سيارات الأجرة، والسماح للأجهزة الأمنية بمراقبة السائقين والركاب. فرضت السلطات كذلك إجراءات معقدة غير مبررة للتسجيل داخل ما يسمى "المنطقة الخضراء" خارج مكان انعقاد مؤتمر كوب، والتي كانت مفتوحة في القمم السابقة للجمهور الأوسع للتعامل مع قضايا المناخ والسماح بالتفاعل مع المشاركين في القمة.
قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "اتضح مع وصول المشاركين في "كوب27"، أنه ليس لدى الحكومة المصرية نية لتخفيف إجراءاتها الأمنية التعسفية والسماح بحرية التعبير والتجمع. ينبغي للسلطات المصرية ألا تمد قمعها لحقوق الإنسان إلى المساحة التي ستُعقد فيها القمة".
في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أفادت وسائل إعلام مصرية أن السلطات المصرية اعتقلت العشرات منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول لدعوتهم إلى احتجاجات مناهضة للحكومة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني خلال المؤتمر. يواجه بعض المعتقلين، بحسب ما ورد، تهم "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" و"الانضمام إلى جماعة إرهابية". وأفادت وسائل إعلام محلية أن عدد المعتقلين آخذ في الارتفاع.
في 31 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت السلطات المصرية ناشط المناخ الهندي أجيت راجاغوبال أثناء انطلاقه في رحلة سيرا على الأقدام لثمانية أيام من القاهرة إلى شرم الشيخ لتسليط الضوء على أزمة المناخ. أطلقت السلطات سراحه في اليوم التالي بعد احتجاجات دولية.
كثّفت السلطات في الأيام الأخيرة نقاط التفتيش التابعة للشرطة في وسط القاهرة وحول الشوارع الحيوية في المدينة بحسب وسائل إعلام محلية، وأوقفت الأشخاص تعسفيا وأجبرتهم على تسليم هواتفهم لإجراء تدقيق غير دستوري في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي. أقامت السلطات مثل هذه الحواجز مرارا حول الفعاليات الكبرى في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى عشرات الاعتقالات التعسفية.
أعلنت السلطات أيضا عن قيود كبيرة على الاحتجاجات والمسيرات العامة. قال محافظ جنوب سيناء خالد فودة في 22 أكتوبر/تشرين الأول، خلال مقابلة تلفزيونية، إن الاحتجاجات العامة على خلفية كوب27 لن يُسمح بها إلا في المنطقة المخصصة للاحتجاجات، ما يؤكد إعلان وزير الخارجية المصري في مارس/آذار. بثت قناة "صدى البلد" المصرية في مقابلة مصورة مسجلة مع المحافظ لقطات لما بدا أنها منطقة احتجاج داخل المنطقة الخضراء. قال المحافظ: "لن يُسمح لأحد بدخولها باستثناء المسجلين".
نشر موقع "كوب27" على الويب إرشادات قبل بدء المؤتمر، حول الاحتجاجات والمظاهرات التي تتطلب من المنظمين تقديم إخطار قبل 36 ساعة والكشف عن الغرض من الاحتجاج أو التظاهرة، وتاريخها، والجهة المنظمة، ونقطة الاتصال المعينة مع نسخة من شارة المؤتمر. يمكن الاحتجاج أو المسير فقط بين الساعة 10 صباحا و5 مساء خلال ساعات عمل الموقع. أما بالنسبة للمسيرات في أي مكان آخر، في شرم الشيخ، فعلى المنظمين تقديم إشعار قبل 48 ساعة إضافة إلى التفاصيل الأخرى.
كما أعلنت السلطات عن خطط مراقبة شاملة. وقال المحافظ خلال المقابلة التلفزيونية ذاتها إن السلطات تركّب كاميرات مراقبة في جميع سيارات الأجرة البالغ عددها 800 في شرم الشيخ، مدعيا أن هذا الإجراء ضروري "لمراقبة سلوك السائق" مع السائحين والزوار، و"ليس لمراقبة الناس".
قال إنه بحلول أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، ستكون قرابة 500 سيارة أجرة خاضعة لمراقبة الكاميرات التي تحتفظ بالتسجيلات الصوتية والمرئية لما يحدث داخل سيارة الأجرة ومتصلة بـ "مرصد أمني" تديره وزارة الداخلية المصرية سيئة الصيت. ولم يشر إلى متى يمكن الاحتفاظ بهذه التسجيلات وما هي القوانين التي تنظم مثل هذه المراقبة الضخمة، والتي يبدو أنها تنتهك حق الإنسان الدولي في الخصوصية.
أصدرت الحكومة المصرية في 24 أكتوبر/تشرين الأول، تطبيقا للهواتف الذكية للحاضرين في "كوب27" يتطلب من المستخدمين تقديم معلومات شخصية، مثل أرقام جوازات سفرهم. يتطلب التطبيق، بناء على تحليل أولي أجرته منظمتان محليتان لحقوق الإنسان، الوصول إلى كاميرا الهاتف، والميكروفون، والموقع، والاتصال بـ "بلوتوث". يمكن مشاركة جميع المعلومات التي يجمعها التطبيق مع أطراف ثالثة. المعلومات الواسعة النطاق تزيد مدى المراقبة وتثير مخاوف متعلقة بالخصوصية.
كما أعلنت السلطات عن خطط من شأنها في الواقع تقييد وصول عامة الناس إلى مناقشات المناخ في شرم الشيخ. أعلنت الحكومة المصرية في 24 أكتوبر/تشرين الأول، عن عملية تسجيل عبر الإنترنت لـ "المنطقة الخضراء". تتطلب عملية التسجيل من مقدم الطلب تقديم معلومات شخصية تشمل أرقام جوازات السفر والإشارة إلى المجموعة المشاركة التي ينتمي إليها، ما يسد الطريق أمام المهتمين بالحضور الذين لا ينتمون إلى وسائل الإعلام أو أي مجموعة مشاركة.
حذرت هيومن رايتس ووتش ونحو عشر منظمات أخرى من أن القيود المستمرة من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ سنوات على التجمع، وتكوين الجمعيات، والعمل المستقل ستعيق فعليا المشاركة الهادفة من جانب المنظمات غير الحكومية والصحفيين خلال المؤتمر، ما يحول دون تحقيق النجاح والنتائج الطموحة لقمة المناخ.
وقّعت حوالي 1,400 مجموعة من مختلف مناطق العالم وشخصيات عامة من 80 دولة على عريضة أعدتها 12 منظمة مصرية لرفع القيود.
قال خمسة مقررين خاصين "للأمم المتحدة" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، في بيان إن مصر "يجب أن تضمن السلامة والمشاركة الكاملة لجميع مكونات المجتمع المدني" في "كوب27" بعد "موجة من القيود الحكومية على المشاركة التي أثارت مخاوف الانتقام من النشطاء".
يضمن القانون الدولي لكل فرد الحق في المشاركة الحرة، والنشطة، والهادفة في الشؤون العامة على المستويات الدولية، والوطنية، والإقليمية، والمحلية. يرتبط الحق في المشاركة ارتباطا وثيقا بحقوق الإنسان الأخرى مثل الحق في التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، وحرية التعبير.
قال كوغل: "اعتقال المصريين لمجرد دعوتهم إلى الاحتجاجات قبل أيام قليلة من مؤتمر كوب27 ليس مجرد انتهاك لحرية التعبير والتجمع، بل رسالة مباشرة للمشاركين في المؤتمر بأن عليهم الخضوع".