بعد وقت قصير من غزو روسيا الأخير لأوكرانيا، ورد أن دائرة الهجرة الدانماركية طلبت من 98 بلدية تقييم قدرتها على استقبال لاجئين أوكرانيين. كانت الدائرة نفسهاقد بدأت مؤخرا سحب الإقامة من لاجئين سوريين، في محاولة منها لإجبارهم على العودة إلى سوريا، مؤكدة أن بعض الأماكن هناك أصبحت آمنة.
الأسبوع الماضي، شاركتُ في مؤتمر صحفي في كوبنهاغن لأبيّن أن نزع الحماية المؤقتة عن اللاجئين السوريين الآتين من دمشف أو ريف دمشق هو قرار خاطئ. عرضنا نتائج "هيومن رايتس ووتش" الأخيرة التي تظهر كيف لا يزال السوريون يواجهون الخطر ويعيشون في بلد مدمّر، وأحد أسباب ذلك هو القوات الروسية نفسها التي ترتكب اليوم انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في أوكرانيا. المفارقة بارزة جدا. في السنوات القليلة الماضية، كانت الدنمارك في طليعة الدول الأوروبية في سن قوانين سياسات خبيثة تمنع الأفراد من طلب اللجوء. وأعلنت أن سياستها لا تسمح باللجوء إطلاقا. وعلى رأس هذه السياسات ما يُعرف بـ "قانون المجوهرات"، الذي يسمح للحكومة بمصادرة ممتلكات طالبين اللجوء، بما فيها مجوهراتهم، لتمويل إقامتهم. أوضحت الحكومة الدنماركية أن اللاجئين الأوكرانيين سيُعفون من هذا القانون.
في تحول مارسته دول أخرى، عزت الحكومة سياسة الباب المفتوح في وجه الأوكرانيين إلى كون الحرب قريبة وأن أوكرانيا "جارة أوروبية".
في حين أن المعاملة الدنماركية للاجئين الأوكرانيين جديرة بالثناء، فإن التذرع بالتضامن الأوروبي لا يبرر المعاملة المختلفة للاجئين السوريين، الذين جُرد بعضهم من حقوقهم الأساسية وأجبروا على البقاء في مراكز الترحيل، حيث تُركوا في مأزق مؤلم أمام خيار العيش محرومين من حق العمل والحصول على التعليم، أو العودة إلى سوريا الأسد.
ليس هناك من لاجئ "سيئ": المعاملة الدنماركية غير المتكافئة بحق طالبي اللجوء ممن هم بعظمهم سود أو سمر وغير مسيحيين وغير أوروبيين تخاطر بإدامة هذه الأسطورة. على الدنمارك استغلال هذه اللحظة لكبح بعض سياساتها الخاصة باللجوء الأكثر تقييدا، وإعادة الحماية المؤقتة لجميع اللاجئين السوريين، وتوسيع احتضانها للاجئين الأوكرانيين ليشمل آخرين أيضا. أي شيء دون ذلك سيؤدي إلى نظام يميّز بين مستويين من اللاجئين بدون سبب موضوعي.