(بيروت، 8 فبراير/شباط 2022) - قال "معهد البحرين للحقوق والديمقراطية" و"هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات البحرينية تحتجز ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 14 و15 سنة في مركز لرعاية الأطفال. لم تعطِ السلطات هؤلاء الأطفال أو عائلاتهم أي تبرير مكتوب لاحتجازهم لأسابيع، ورفضت طلبات الأهالي الحضور أثناء استجواب أبنائهم أو زيارتَهم.
احتُجز الأطفال، وهم من منطقة سترة، بأمر من مكتب النائب العام في منشأة "بيت بتلكو لرعاية الطفولة" في ضاحية السيف، والتي يصفها موقع شبكي حكومي بأنها "مؤسسة (...) لرعاية الأطفال مجهولي الوالدين والأيتام وأطفال الأسر المتصدعة حتى سن الخامسة عشر". يبدو أن جرائم الأطفال المزعومة حدثت في ديسمبر/كانون الأول 2020 أو يناير/كانون الثاني 2021، عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 13 و14 عاما، بحسب ما تذّكره الأطفال من استجواباتهم. يزعم بيان صادر عن مكتب النيابة العامة، أن الأطفال ألقوا زجاجات حارقة ألحقت أضرارا بسيارة قرب مركز للشرطة..
قال بيل فان إسفلد، المدير المشارك في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "في العام الماضي روّجت البحرين لإصلاحاتها القانونية الخاصة بالأطفال، لكن حبس الأطفال في دار للأيتام بدلا من السجن لا يمثل تحسنا عندما يكون احتجازهم تعسفيا أصلا. معاملة هؤلاء الأولاد هي بمثابة اختبار لاحترام حقوق الأطفال في البحرين، والسلطات البحرينية فشلت في هذا الاختبار حتى الآن".
يحدد قانون العدالة الإصلاحية للأطفال لسنة 2021 في البحرين الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية في 15 عاما، لكنه يسمح للسلطات "بوضع الطفل في مؤسسة للرعاية الاجتماعية" لفترات أسبوعية قابلة للتجديد "إذا اقتضت الحاجة".
استدعت النيابة العامة الأطفال، وهم من ثلاث عائلات، لأول مرة لاستجوابهم في يونيو/حزيران 2021. استُجوِب بعضهم ثماني مرات على الأقل، واحتُجِزوا أحيانا طوال الليل في مركز للشرطة، قبل توقيفهم، بحسب الوالدين من عائلتين. قال أحد أفراد العائلة: "تلقينا اتصالا من مركز شرطة سترة لإحضارهم، ومن هناك أخذوهم إلى مكتب النائب العام دون السماح لي بالذهاب معهم. لم يُسمح لي قط بحضور الاستجوابات. قالوا إنني بحاجة إلى إذن من النيابة. لم نكن نعرف حتى طبيعة الجرائم [المزعومة]".
قال والد طفل آخر إن المزاعم تغيرت على مدار الاستجوابات، بحسب ما ذكر له ابنه: "أولا كان الأمر يتعلق بحرق إطار، ثم تحول إلى هجوم ضد مركز للشرطة، ثم إلى إلقاء زجاجة حارقة. أخبرني ابني أنهم عندما سألوه سؤالا صرخوا في وجهه حتى لا يكذب. قال الأب إنه قال لمدير مركز شرطة سترة: "هؤلاء أطفال، لا تدمروا مستقبلهم"، لكن المدير رد: "ابنك مخرب".
في 27 ديسمبر/كانون الأول، استدعت النيابة العامة خمسة من الأطفال واعتقلتهم. ألقي القبض على السادس في 9 يناير/كانون الثاني.
نُقل الأطفال في البداية من مركز الشرطة إلى "دار الكرامة" التي يصفها موقع شبكي حكومي بأنها "دار لرعاية المتسولين والمشردين"، ثم نُقلوا في 5 يناير/كانون الثاني إلى بيت بتلكو. جدد النائب العام أمر اعتقالهم أسبوعيا، وكان آخر تجديد في 2 فبراير/شباط. قالت إحدى الأقارب في مقابلة تلفزيونية: "نحن نُصدم في كل مرة يجددون فيها اعتقالهم. لسنا قادرين أن نوفر لأولادنا أمان ولا حرية".
توجه والد أحد الأطفال إلى كِلي المرفقين وطلب مقابلة ابنه، لكن طلبه قوبل بالرفض دون أي تفسير. ناشد النائب العام ومكتب النيابة العامة إطلاق سراح ابنه، "لكنهم تجاهلوه"، على حد قوله. "يقولون: لا تقلق، إنهم في مركز رعاية"، لكنهم يسمحون له بمكالمة هاتفية واحدة فقط [في الأسبوع]، ولا يسمحون له بتلقي زيارات [عائلية]. إنه معتقل بالفعل. إنه وراء أبواب موصدة".
قال رجل آخر إن السلطات في المركزين أخبرته أن الزيارات العائلية ممنوعة "بأمر من مكتب النائب العام". يُسمح للأطفال بمكالمة هاتفية واحدة مدتها 10 دقائق كل يوم إثنين.
قال محامي دفاع خمسة من الأطفال إنهم "متهمون بالحصول على زجاجات حارقة وصنعها، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هناك حادثة معينة منسوبة إليهم، أو إذا كانوا متهمين باستخدامها". لم يُبلَغ المحامي بالأساس القانوني أو السبب وراء احتجاز الأطفال في بيت بتلكو. قال إنه في جلسة الاستماع في 24 يناير/كانون الثاني، نُقل الأطفال إلى المحكمة وهم يرتدون قمصانا وكان واضحا أنهم يعانون من البرد، لكن الاختصاصي الاجتماعي والقاضي لم يستجيبا لما أُثير بشأن حاجتهم إلى ملابس أكثر دفئا.
لم تصدر النيابة العامة بيانا حول القضية حتى 1 فبراير/شباط، وقد راجعته المنظمتان الحقوقيتان. جاء فيه أن النيابة أمرت باعتقال الأطفال بتهمة إلقاء زجاجات حارقة على مركز شرطة سترة، مما أدى إلى تضرر سيارة مدنية، وتم تمديد احتجازهم في انتظار إحالتهم إلى محكمة العدالة الإصلاحية للطفل. تواصل والد أحد الأطفال مع المنظمتين الحقوقيتين لإطلاعهما على البيان، قائلا إن فيه معلومات عن القضية أكثر مما تلقته العائلات.
قالت المنظمتان إن على البحرين مراجعة القانون رقم (4) لسنة 2021 بشأن العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة لينص بوضوح على حق الأطفال في حضور والديهم ومحاميهم أثناء الاستجوابات، والطعن في حرمانهم من الحرية. يتعيّن على البحرين أيضا إلغاء ما ينص عليه ذلك القانون من أن الأطفال الذين يشاركون في التجمعات العامة غير المرخص لها يمكن اعتبارهم "معرضين للخطر" ومن ثمّ حرمانهم من حريتهم.
يحظر القانون الدولي احتجاز الأطفال إلا إذا لزم الأمر كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة، بسبب الضرر الكامن ومخاطر الانتهاكات. لم توضح السلطات سبب ضرورة احتجاز الأطفال الذين استجابوا مرارا عند استدعائهم. يتعارض احتجازهم أيضا مع توجيهات "اليونيسف" للحكومات بفرض حظر على احتجاز الأطفال أثناء جائحة فيروس "كورونا" (كوفيد-19).
قال سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديموقراطية: "الحقيقة هي أنه إذا كانت حكومة البحرين لا تحب أطفالك، يمكنها أخذهم واحتجازهم ولن يتم إخبارك بالسبب. على حلفاء البحرين المطالبة بالإفراج عن هؤلاء الأولاد الستة. حتى إن كانت هذه الدول تفضل عدم الخوض في موضوع حقوق الإنسان، فإن إيذاء الأطفال يقوّض استقرار البحرين".